تحدث الشاعر القدير سامي أبو بدر في قصائد ديوانه" بوح" عن الحلم والرؤى ،ويعرض هذا المقال لما قاله في ذلك مع إطلالة بيانية سريعة على ما قاله في ذلك :
ليس للحلم الْمَهزومِ في القَلِب سوى مصر :
يشبه أبو بدر الحلم بإنسان مهزوم مبينا أنه ليس للحلم الْمَهزومِ في القَلِب سوى مصر حيث يبين في قصيدة" أَحيانًا" وفي هذا نجد (الاستعارة المكنية ) التي توضح لنا جليا مدى حب أبناء مصر في الغربة لها حيث حيث يقول :
ويُسْكِرُ رُوحِيَ الخَجْلَى
شَذَا وَرْدِكْ
كَفَانا مَا اقْتَرَفْنا مِن خَطَايَانَا
فإنَّ ذُنوبَنا تَزْدَادُ
في بُعدِكْ
وليسَ لِحُلْمِيَ الْمَهزومِ
في قَلِبي
سِواكِ لِتُطفِئِي -رِفقًا-
جَوَى صَدِّكْ(1)
الصُّبحَ مُطَّلِعٌ علَى سِر الشاعر يُراقِبُ آهاته مِن وَراءِ الْحُلْمِ ..
في قصيدة "ما وَراءَ الحُلْم": يبين أبو بدر أن الصُّبحَ مُطَّلِعٌ علَى سِره يُراقِبُ مِن وَراءِ الْحُلْمِ ..وتتجلى الصورة البيانية في أسمى صورها حيث نجد اطلاع الصبح على سر الشاعر ،وفي هذا يقول أبو بدر :
مَساءُ الحُزنِ يا سَلمَى
مَساءُ الدَّمعِ ...
في عَيْنَيْكِ يَقتُلُنِي
ويَنزِفُ مِن حَنايَايَا
أَمَانِيَّ الَّتي ذَهبَتْ سُدًى
في خَلْوَةِ السَّلوَى
بلا أُفُقٍ يُبَشِّرُني
بأنَّ الصُّبحَ مُطَّلِعٌ
علَى سِرِّي
يُراقِبُ مِن وَراءِ الْحُلْمِ ..
آهَاتِي
ويَكتُمُ غَيظَهُ كَمَدًا
علَى حَالِي
التي باءَتْ بخُسرَانٍ
وقدْ أَلِفَتْ خَسَارتَها
ولَمْ يَشفعْ لهَا
أَنِّي قَضَيْتُ العُمْرَ
أَعدُو مُثْقَلًا بالشَّوْقِ
نَحوَكِ .. مُرهَقَ الرِّئَتَيْنِ
أَمْشِي ...
حافِيَ القَدَمَيْنِ
مُضطَّربًا علَى شَوْكِ النَّوَى
لَمَّا تَمادَيْتِ ارتِحَالاً
واغتِرابًا عن شَواطِئَ
لمْ تَزَلْ
تَحكِي (حَوادِيتِ) البَراءَةِ
في طُفُولَتِنا
فيَدْمَى القَلبُ
والكَلِماتُ
تَقْطُرُ مِن مَواجِعِنا
حَنينًا
لِلحَكَايَا الضَّاحِكاتِ (2)
في ظل الغربة سماء الوطن لم تصغ لأحلام وآلام الشاعر :
يبين أبو بدر أنه في ظل الغربة سماء الوطن لم تصغ لأحلام وآلام الشاعر على سبيل الاستعارة المكنية ،ولقد برع أبو بدر من خلال ذلك في بيان مشاعر المصريين في غربتهم تلك المشاعر الحزينة لفراق الوطن حيث يقول أبو بدر :
الآنَ يا سَلمَى سَماؤُكِ
لمْ تَعُدْ تُصغِي لأحلامِي وآلامِي
ورُحتُ بِرَغمِ
ما أَخفَيتُ مِنْ جَزَعٍ
وما أَظهَرْتُ مِن جَلَدٍ
أَعَدُّ ثَوانِيَ السَّاعَاتِ
عَلَّ الليلَ
يَعبُرُ فِي هُدُوءٍ
فَوقَ أُغْنِيَتي السَّقِيمَةِ
دُونَما وَجَلٍ يُؤَرِّقُها
كأنَّ السُّهدَ
مَأمُورٌ بنَجْوَاهُ
لِيَبقَى فِي مَدَاري
لا تُغادِرُني سَدائِلُهُ
وأَذَّنَ في الْمَدَى صَوتٌ
لِيَنعَى ما نَظَمْتُ
مِنَ القَصِيدِ علَى جِدَارِ
صَبابَتي يومًا
ويُعلِنَ أنَّني الْمَخدُوعُ
في ظَنِّي
وكُنتُ أَظُنُّ ..
كُنتُ أَظُنُّ أنَّكِ لنْ تَعُودِي
مَرَّةً أُخرَى ..
وأَنِّي قدْ أَمُوتَ غَدًا
وهَا قدْ عُدتِ يا سَلمَى.(3)
طلب الشاعر من مصر أن تكون حُلمًا تَرَاءَى له في منامه
في ظل الغربة يطلب الشاعر من مصر أن تكون حُلمًا تَرَاءَى له في منامه، وفي هذا استعارة مكنية حيث صور الشاعر مصر بالحلم حيث يقول في قصيدة "احتِواء":
طَوَيْتُ الأفُقَ مُنطَلِقًا
إلَيْكِ
لَعلَّ الرُّوحَ تَهدَأُ
فِي يَدَيْكِ
فأُطْفِئَ في الحَشَا
وَجَعًا تَلَظَّى
وأَبرَأَ مِن خَسَاراتِي ،
لَدَيْكِ
تَعِبْتُ
وأرهَقتْ قَلبي شُطُوطٌ
وما اسْتَأْنَسْتُ إلا ...
شَاطِئَيْكِ
وأنَهَكَتِ الخُطَا
مِليونُ آَهٍ
تَقُصُّ حِكايَتي لَيلًا
عَليْكِ
وما لِيَ غَيرُ جَفنِكِ
يَحتَوينِي
فتَرْعَانِي
رَحَائِمُ مُقْلَتَيْكِ
فكُونِي لِي كَما حُلْمٌ
تَرَاءَى
ومُدِّي في الْمَدَى لِي
رَاحَتَيْكِ(4)
السفر ثَلاثِينَ حُلْمًا للنهل مِنْ حَوض مصر العذب:
طلب السفر ثَلاثِينَ حُلْمًا للنهل مِنْ حَوض مصر العذب وقد أجاد أبو بدر في إظهار مشاعر المصريين في الغربة مبينا أن مصر هي أغنية المغتربين المطربة حيث يقول في قصيدة" سَفَر " :
وكيفَ يَضيقُ الْمَدَى باغتِرَابي
وكُنتُ أُغَرِّدُ:
مَا أَرْحَبَهْ؟!
أَمَا آنَ لِلقلبِ أنْ يَستريحَ
وأنْ يَعزفَ الشِّعرَ
لا يَكتُبَهْ؟
يَجفُّ المِدادُ
وكُلُّ القصَائِدِ صَرْعَى
على الأرْفُفِ الْمُتْعَبَةْ
ولَيلٌ تَمادَى
يُسَطِّرُ للصُّبحِ
ألْفًا منَ الأسْطُرِ الْمُرعِبَةْ
ولمْ تَهنأِ الرُّوحُ
حِينَ أفَاقَتْ
علَى صَرْخةِ الأضْلُعِ
الغَاضِبَةْ
أمُوتُ ..
لأشْهدَ أنَّ الدُّمُوعَ
الَّتي ودَّعَتْنِي هُنا
كاذِبَةْ
وأشهدَ أنَّ المَواثِيقَ
تَمضِي ..
إلى غَيرِ غايَاتِها الطَّيِّبَةْ
فأذْكُرُ أنِّيَ
ذاتَ انْتِشاءٍ
جَعلتُكِ أُغْنِيَتِي الْمُطرِبَةْ
نَسَجْتُ القَوافَيَ
عِقدًا فَريدًا
علَى صَدرِ فاتِنَتِي الراغِبَةْ
وسَافرْتُ فِيها
ثَلاثِينَ حُلْمًا
لأنهَلَ مِنْ حَوضِها أَعْذَبَهْ
يُعاجِلُنِي كُلَّ وِرْدٍ
سُؤالٌ ...
ولمْ أَلْقَ يَومًا لَهُ أَجْوِبَةْ
إلامَ تُرَاودُني
مِن بَعيدٍ ...
ونَبضُكَ يَخفَقُ مِنْ مَقرَبَةْ؟
فلا البُعدُ يُنسِي
ولا القُربُ يَشفِي
ومَا بينَ ذاكَ وذَا مِن شَبَهْ
فَأدْرَكْتُ
أنَّ النِّهايةَ لاحَتْ
وأيْقنتُ أنَّ الْمُنَى خَائِبةْ(5)
جمال مصر يطفئ نار الحلم المهزوم في قلب الشاعر :
من خلال توظيف الاستعارة من خلال تشبيه مصر بإنسان يطفئ نار الحلم يبين الشاعر سامي أبو بدر أن جمال مصر يطفئ نار الحلم المهزوم في قلب الشاعر مما يخف آلام الغربة عنه ؛ حيث يقول في يقول في قصيدة "أَحيانًا":
كأنَّ الصُّبحَ مُختالٌ علَى خَدِّكْ
وأغصانَ الرُّبا تَنسابُ
مِن قَدِّكْ
ومَا لِبهائِكِ الأخَّاذِ مِن جَدوَى
إذا لمْ يَكْتَسِ التَّزيينُ
مِن رُشدِكْ
عَهِدتُّكِ لا تَهابينَ الهَوَى أبَدًا
ويَعجزُ حَاجبُ العُشَّاقِ
عَن رَدِّكْ
وكُنتِ إذَا دَعاكِ الشَّوقُ
أحيانًا .. إليَّ
يَئِنُّ ذَاكَ الشَّوقُ مِن وَجدِكْ
فتَشفِينَ الفُؤادَ الصَّبَّ
مِن وَلَهٍ
ويُسْكِرُ رُوحِيَ الخَجْلَى
شَذَا وَرْدِكْ
كَفَانا مَا اقْتَرَفْنا مِن خَطَايَانَا
فإنَّ ذُنوبَنا تَزْدَادُ
في بُعدِكْ
وليسَ لِحُلْمِيَ الْمَهزومِ
في قَلِبي
سِواكِ لِتُطفِئِي -رِفقًا-
جَوَى صَدِّكْ(6)
لَحنَ الأمانِي تؤنس الشاعر طَويلًا علَى وَتَرٍ مِن بَقايَا الرُّؤَى:
في قصيدة (بقايا رؤى )يبين أبو بدر أن لَحنَ الأمانِي يؤنس الشاعر طَويلًا علَى وَتَرٍ مِن بَقايَا الرُّؤَى ونجد البيان المعبر عن حب المصريين لمصر فللأماني لحن يؤنس ولبقايا الرؤي وتر ،حيث يقول :
ومَهما قَسَوْتِ
سَأبقَى أُحِبُّكْ .
لأنَّكِ ..
أنتِ اختِصارُ الدُّروبِ
الَّتي نازَعَتْني كَيانِي
وقِبْلةَ قلبِ الفَتَى
حِينَ يَدفَعُهُ الشَّوقُ
طَوْعًا وكَرهًا
وقُبْلَةَ أنفاسِهِ البائِسَةْ.
فلا تَعبَثِي ...
بانْهِزامِي أمَامَكِ
إنِّي –ورَبِّي– أُحِبُّكْ
لأنَّ الْمَساءَ يَمُرُّ بِبابكِ
والطَّيرُ
تُنشِدُ أُهْزُوجَةَ الرَّوْحِ
عندَ الْتِقاءِ الْمَدَى بالشَّفَقْ
سَيَرحلُ مِن خاطِرَيْنا الأرَقْ
ونَعزِفُ لَحنَ الأمانِي الَّتي
آَنَسَتْنا طَويلًا
علَى وَتَرٍ مِن بَقايَا الرُّؤَى
واختِيالِ الأصِيلِ
لِنُنهِيَ سَطْوَةَ ...
هذا النهارِ الكَئِيبِ
وتَبتَسِمَ الأوْجُهُ العابِسَةْ
أنا لَنْ أَمَلَّ انبهارَكِ
في لَحظةِ الانتصار
ولن أسْتَظلَّ بغيرِ جَناحِكِ
فَوقَ وَمِيضِ التَّدانِي
وإِنْ صَالَنِي مِنكِ نَارْ
فيَكْفِيني
أنِّي اكْتَوَيْتُ بِنارِكْ
وأنَّكِ في غُربَتِي آَنِسَةْ(7)
مضِي الْحُلْمُ بِنا في مَوْكبِ العاشِقينَ
فها نحن نجد البيان في أروع صوره فالحلم يمضي وللعاشقين موكب حيث يتحدث الشاعر عن مضِي الْحُلْمُ بِنا في مَوْكبِ العاشِقينَ حيث يقول في قصيدة "بوْحُ الجدَاول" :
هُنا كانَ أوَّلُ ما بَيْنَنا
هُنا كانَ أولُ عَزفٍ لَنا
هُنا النَّهرُ
يَكتُبُ كلَّ الحَكايا
علَى ضَفَّتَيْهِ
ويَغزِلُ مِنها القَصَائدَ
يُرسِلُها فِي الْمَدَى
عَلَّها تَلتَقِي ... والدُّمُوعُ
التي ذَرَفَتْها الصَّبايَا
وأفْئِدةٌ بالجَوَى مُتْرَعَةْ
وكُنَّا هُنا نَستَبيحُ الجَمالَ
وتلكَ الظِّلالَ التي آنَسَتْنا
وبَوحُ الجَداوِلِ مَا أرْوَعَهْ
يُهَدهِدُ فِينا الجِراحَ
التي أَرهَقَتْنا
فنَغْدُو...
نُغَنِّي أهَازيجَنا الوَادِعَةْ
وكُنَّا نَخُطُّ حُروفَ الغَرامِ
علَى جِذعِ كَافُورَةٍ فارعَةْ
ونَلهُو ...
كَطِفلَينِ بينَ الْمُروجِ
ونَجرِي وراءَ الفَراشَاتِ
نَرقُصُ فوقَ النَّجِيلِ
وأَعْيُنُنا تَسْتَحِي
مِنْ بَراءَتِنا الرَّائِعةْ
ويَمضِي بِنا الْحُلْمُ
في مَوْكبِ العاشِقينَ
ولَمْ يأذِنِ النَّخلُ لِي
أنْ أُغامِرَ دُونَكِ
مَهما تَدَلَّى العَنانُ
إلَى كَفِّيَ الطَّامِعَةْ
فَدُونَكِ ...
كُلُّ مَواسِمِ قَلبِي خَريفٌ
وكُلُّ الليالِي سُهادٌ
وأَخْيِلَةٌ مُفْزِعَةْ
وكَيفَ لِمَنْ تَملِكينَ قَواربَهُ
أنْ يُصارِعَ...
مَوْجَ المُحِيطِ وحِيدًا
وأنتِ المَجادِيفُ والأشْرِعَةْ؟
فمُدِّي يَديْكِ
لِيَنْبُعَ مِنْ رَاحَتَيْكِ
فُراتُ ارْتِوَائِي
فتَشفَى السِّقامُ
ويَهدأُ رَوْعِيَ
لَمَّا يَجِنُّ الظَّلامُ
وتَعبَثُ بِي لَهْفةٌ مُوجِعَةْ
وإيَّاكِ أنْ تَسْتَحِلِّي التَّمَنُّعَ
يا نَشوَةَ الرُّوحِ بينَ الحَنايَا
فَأَبْغَضُ ذَنْبٍ إلَى القلْبِ صَدّْ
وبَيْنِي وبَينَكِ
مَهْما تَمادَيْتِ فِي البُعدِ .. وَعدْ
أُحِبُّكِ .. لا شَيْءَ بَعدْ
ونَفْسِي ِبرَغمِ الجَفَا
لَمْ تَزَلْ قَانِعَةْ(8)
الشِّعرُ احْتِمالٌ لا يُجَاوزُ حُلْمَنا ...وإِنِ اسْتَبَدَّ بِنا الحَنِينُ:
الشِّعرُ احْتِمالٌ لا يُجَاوزُ حُلْمَنا ...وإِنِ اسْتَبَدَّ بِنا الحَنِينُ(استعارة مكنية )حيث يقول في قصيدة (كِبرياءُ عاشِقٍ قَرَويٍّ) :
لا تَحْسَبِي
دَمْعِي انْكِسَارَا
أَوْ أَنَّهُ سَالَ اعْتِذارَا
لِي أَلْفُ قَلْبٍ فِي الحَنَايَا
قَدْ أَحَبَّتْ أَلْفَ فَاتِنَةٍ
وكُنَّ علَى مَشَارفِها سُكَارَى
لا تَحسَبِي أَنِّي أَتَيْتُكِ
عَازفًا لَحْنَ التَّوَسُّلِ
فوقَ أوتَارِ الهَوَى
أنَا لا أزَالُ أُعَانِقُ الجَوْزَاءَ
في عَلْيَائِهِ
أتَوَسَّدُ الأفلاكَ
مِنْ فَلَكٍ إلَى فَلَكٍ
وتِلكَ نُجُومُها حَوْلِي حَيَارَى
سَأظَلُّ أَنْعَمُ بالنَّوَى
وأَقاوِمُ ...
الشَّوقَ الْمُرَاوِدَ لِلْفُؤَادِ
بِكِبرِياءِ العَاشِقِ القَرَوِيِّ
لا أَخْشَى انْهِيَارَا
لا تَسْألِينِي مَا أَصَابَكَ
إنَّها تَرْنِيمَةُ الوَلَدِ الشَّقِيِّ
إذا يُناجِيهِ البَرَاحُ
فيَرْحَلُ الهَدَجَانُ مِنْ أَنْفاسِهِ
ويَرُومُ فِي لَيْلِ الشِّتَاءِ
لِكُلِّ حَالِكَةٍ نَهارَا
وطَفِقْتُ أَمْحُو
مَا تَناثَرَ فوقَ أَرْصِفَةِ الْمَدَائِنِ
مِنْ فُصُولِ رِوايَتِي العَذْرَاءِ
أَجْمَعُ مَا تَبَعْثَرَ مِنْ شَتاتِي
بَينَ أَلْسِنَةِ العَذَارَى
والعُمْرُ كُلُّ العُمْرِ يَسْبِقُنِي
إلَى الفَصْلِ الأخِيرِ
مُرَاوِغًا طَرْفَيَّ
حِينَ تَوَجَسَتْ عَيْنايَ
خَوْفًا مِنْ خُطَاهُ
علَى شَفَا جُرحِي
لِيُسْدِلَ فَوقَ صَرْخَتِهِ سِتارَا
مَنْ قَالَ ...
يَجْزِمُ بِانْحِسَارِ النَّبْضِ
فِي أحشَائِنا
"مَا الحُبُّ إلا لِلحَبيبِ الأوَّلِ"؟..
الشِّعرُ احْتِمالٌ
لا يُجَاوزُ حُلْمَنا ...
وإِنِ اسْتَبَدَّ بِنا الحَنِينُ
أو اسْتَجَارَ بِرُكْنِهِ مِليُونُ قَيْسٍ
أوْقَدُوا لِلْعِشْقِ نَارَا(9)
(1)سامي أبو بدر :ديوان بوح الجداول.. دائرة الثقافة/ الشارقة- الإمارات ،2021م ،" قصيدة أَحيانًا"،ص49
(2)قصيدة "ما وَراءَ الحُلْم":،ص 14-15
(3)قصيدة "ما وَراءَ الحُلْم":،ص 14-15
(4)قصيدة ""احتِواء":":،ص 5
(5)نفسه ،" قصيدة سفر ،ص29-32
(6)نفسه ،" أَحيانا"، ص 48-49
(7)قصيدة (بقايا رؤى )،ص 50-51-52
(8)قصيدة ("بوْحُ الجدَاول")،ص 33-36
(9)قصيدة ("كِبرياءُ عاشِقٍ قَرَويٍّ ")،ص 37- 40
ليس للحلم الْمَهزومِ في القَلِب سوى مصر :
يشبه أبو بدر الحلم بإنسان مهزوم مبينا أنه ليس للحلم الْمَهزومِ في القَلِب سوى مصر حيث يبين في قصيدة" أَحيانًا" وفي هذا نجد (الاستعارة المكنية ) التي توضح لنا جليا مدى حب أبناء مصر في الغربة لها حيث حيث يقول :
ويُسْكِرُ رُوحِيَ الخَجْلَى
شَذَا وَرْدِكْ
كَفَانا مَا اقْتَرَفْنا مِن خَطَايَانَا
فإنَّ ذُنوبَنا تَزْدَادُ
في بُعدِكْ
وليسَ لِحُلْمِيَ الْمَهزومِ
في قَلِبي
سِواكِ لِتُطفِئِي -رِفقًا-
جَوَى صَدِّكْ(1)
الصُّبحَ مُطَّلِعٌ علَى سِر الشاعر يُراقِبُ آهاته مِن وَراءِ الْحُلْمِ ..
في قصيدة "ما وَراءَ الحُلْم": يبين أبو بدر أن الصُّبحَ مُطَّلِعٌ علَى سِره يُراقِبُ مِن وَراءِ الْحُلْمِ ..وتتجلى الصورة البيانية في أسمى صورها حيث نجد اطلاع الصبح على سر الشاعر ،وفي هذا يقول أبو بدر :
مَساءُ الحُزنِ يا سَلمَى
مَساءُ الدَّمعِ ...
في عَيْنَيْكِ يَقتُلُنِي
ويَنزِفُ مِن حَنايَايَا
أَمَانِيَّ الَّتي ذَهبَتْ سُدًى
في خَلْوَةِ السَّلوَى
بلا أُفُقٍ يُبَشِّرُني
بأنَّ الصُّبحَ مُطَّلِعٌ
علَى سِرِّي
يُراقِبُ مِن وَراءِ الْحُلْمِ ..
آهَاتِي
ويَكتُمُ غَيظَهُ كَمَدًا
علَى حَالِي
التي باءَتْ بخُسرَانٍ
وقدْ أَلِفَتْ خَسَارتَها
ولَمْ يَشفعْ لهَا
أَنِّي قَضَيْتُ العُمْرَ
أَعدُو مُثْقَلًا بالشَّوْقِ
نَحوَكِ .. مُرهَقَ الرِّئَتَيْنِ
أَمْشِي ...
حافِيَ القَدَمَيْنِ
مُضطَّربًا علَى شَوْكِ النَّوَى
لَمَّا تَمادَيْتِ ارتِحَالاً
واغتِرابًا عن شَواطِئَ
لمْ تَزَلْ
تَحكِي (حَوادِيتِ) البَراءَةِ
في طُفُولَتِنا
فيَدْمَى القَلبُ
والكَلِماتُ
تَقْطُرُ مِن مَواجِعِنا
حَنينًا
لِلحَكَايَا الضَّاحِكاتِ (2)
في ظل الغربة سماء الوطن لم تصغ لأحلام وآلام الشاعر :
يبين أبو بدر أنه في ظل الغربة سماء الوطن لم تصغ لأحلام وآلام الشاعر على سبيل الاستعارة المكنية ،ولقد برع أبو بدر من خلال ذلك في بيان مشاعر المصريين في غربتهم تلك المشاعر الحزينة لفراق الوطن حيث يقول أبو بدر :
الآنَ يا سَلمَى سَماؤُكِ
لمْ تَعُدْ تُصغِي لأحلامِي وآلامِي
ورُحتُ بِرَغمِ
ما أَخفَيتُ مِنْ جَزَعٍ
وما أَظهَرْتُ مِن جَلَدٍ
أَعَدُّ ثَوانِيَ السَّاعَاتِ
عَلَّ الليلَ
يَعبُرُ فِي هُدُوءٍ
فَوقَ أُغْنِيَتي السَّقِيمَةِ
دُونَما وَجَلٍ يُؤَرِّقُها
كأنَّ السُّهدَ
مَأمُورٌ بنَجْوَاهُ
لِيَبقَى فِي مَدَاري
لا تُغادِرُني سَدائِلُهُ
وأَذَّنَ في الْمَدَى صَوتٌ
لِيَنعَى ما نَظَمْتُ
مِنَ القَصِيدِ علَى جِدَارِ
صَبابَتي يومًا
ويُعلِنَ أنَّني الْمَخدُوعُ
في ظَنِّي
وكُنتُ أَظُنُّ ..
كُنتُ أَظُنُّ أنَّكِ لنْ تَعُودِي
مَرَّةً أُخرَى ..
وأَنِّي قدْ أَمُوتَ غَدًا
وهَا قدْ عُدتِ يا سَلمَى.(3)
طلب الشاعر من مصر أن تكون حُلمًا تَرَاءَى له في منامه
في ظل الغربة يطلب الشاعر من مصر أن تكون حُلمًا تَرَاءَى له في منامه، وفي هذا استعارة مكنية حيث صور الشاعر مصر بالحلم حيث يقول في قصيدة "احتِواء":
طَوَيْتُ الأفُقَ مُنطَلِقًا
إلَيْكِ
لَعلَّ الرُّوحَ تَهدَأُ
فِي يَدَيْكِ
فأُطْفِئَ في الحَشَا
وَجَعًا تَلَظَّى
وأَبرَأَ مِن خَسَاراتِي ،
لَدَيْكِ
تَعِبْتُ
وأرهَقتْ قَلبي شُطُوطٌ
وما اسْتَأْنَسْتُ إلا ...
شَاطِئَيْكِ
وأنَهَكَتِ الخُطَا
مِليونُ آَهٍ
تَقُصُّ حِكايَتي لَيلًا
عَليْكِ
وما لِيَ غَيرُ جَفنِكِ
يَحتَوينِي
فتَرْعَانِي
رَحَائِمُ مُقْلَتَيْكِ
فكُونِي لِي كَما حُلْمٌ
تَرَاءَى
ومُدِّي في الْمَدَى لِي
رَاحَتَيْكِ(4)
السفر ثَلاثِينَ حُلْمًا للنهل مِنْ حَوض مصر العذب:
طلب السفر ثَلاثِينَ حُلْمًا للنهل مِنْ حَوض مصر العذب وقد أجاد أبو بدر في إظهار مشاعر المصريين في الغربة مبينا أن مصر هي أغنية المغتربين المطربة حيث يقول في قصيدة" سَفَر " :
وكيفَ يَضيقُ الْمَدَى باغتِرَابي
وكُنتُ أُغَرِّدُ:
مَا أَرْحَبَهْ؟!
أَمَا آنَ لِلقلبِ أنْ يَستريحَ
وأنْ يَعزفَ الشِّعرَ
لا يَكتُبَهْ؟
يَجفُّ المِدادُ
وكُلُّ القصَائِدِ صَرْعَى
على الأرْفُفِ الْمُتْعَبَةْ
ولَيلٌ تَمادَى
يُسَطِّرُ للصُّبحِ
ألْفًا منَ الأسْطُرِ الْمُرعِبَةْ
ولمْ تَهنأِ الرُّوحُ
حِينَ أفَاقَتْ
علَى صَرْخةِ الأضْلُعِ
الغَاضِبَةْ
أمُوتُ ..
لأشْهدَ أنَّ الدُّمُوعَ
الَّتي ودَّعَتْنِي هُنا
كاذِبَةْ
وأشهدَ أنَّ المَواثِيقَ
تَمضِي ..
إلى غَيرِ غايَاتِها الطَّيِّبَةْ
فأذْكُرُ أنِّيَ
ذاتَ انْتِشاءٍ
جَعلتُكِ أُغْنِيَتِي الْمُطرِبَةْ
نَسَجْتُ القَوافَيَ
عِقدًا فَريدًا
علَى صَدرِ فاتِنَتِي الراغِبَةْ
وسَافرْتُ فِيها
ثَلاثِينَ حُلْمًا
لأنهَلَ مِنْ حَوضِها أَعْذَبَهْ
يُعاجِلُنِي كُلَّ وِرْدٍ
سُؤالٌ ...
ولمْ أَلْقَ يَومًا لَهُ أَجْوِبَةْ
إلامَ تُرَاودُني
مِن بَعيدٍ ...
ونَبضُكَ يَخفَقُ مِنْ مَقرَبَةْ؟
فلا البُعدُ يُنسِي
ولا القُربُ يَشفِي
ومَا بينَ ذاكَ وذَا مِن شَبَهْ
فَأدْرَكْتُ
أنَّ النِّهايةَ لاحَتْ
وأيْقنتُ أنَّ الْمُنَى خَائِبةْ(5)
جمال مصر يطفئ نار الحلم المهزوم في قلب الشاعر :
من خلال توظيف الاستعارة من خلال تشبيه مصر بإنسان يطفئ نار الحلم يبين الشاعر سامي أبو بدر أن جمال مصر يطفئ نار الحلم المهزوم في قلب الشاعر مما يخف آلام الغربة عنه ؛ حيث يقول في يقول في قصيدة "أَحيانًا":
كأنَّ الصُّبحَ مُختالٌ علَى خَدِّكْ
وأغصانَ الرُّبا تَنسابُ
مِن قَدِّكْ
ومَا لِبهائِكِ الأخَّاذِ مِن جَدوَى
إذا لمْ يَكْتَسِ التَّزيينُ
مِن رُشدِكْ
عَهِدتُّكِ لا تَهابينَ الهَوَى أبَدًا
ويَعجزُ حَاجبُ العُشَّاقِ
عَن رَدِّكْ
وكُنتِ إذَا دَعاكِ الشَّوقُ
أحيانًا .. إليَّ
يَئِنُّ ذَاكَ الشَّوقُ مِن وَجدِكْ
فتَشفِينَ الفُؤادَ الصَّبَّ
مِن وَلَهٍ
ويُسْكِرُ رُوحِيَ الخَجْلَى
شَذَا وَرْدِكْ
كَفَانا مَا اقْتَرَفْنا مِن خَطَايَانَا
فإنَّ ذُنوبَنا تَزْدَادُ
في بُعدِكْ
وليسَ لِحُلْمِيَ الْمَهزومِ
في قَلِبي
سِواكِ لِتُطفِئِي -رِفقًا-
جَوَى صَدِّكْ(6)
لَحنَ الأمانِي تؤنس الشاعر طَويلًا علَى وَتَرٍ مِن بَقايَا الرُّؤَى:
في قصيدة (بقايا رؤى )يبين أبو بدر أن لَحنَ الأمانِي يؤنس الشاعر طَويلًا علَى وَتَرٍ مِن بَقايَا الرُّؤَى ونجد البيان المعبر عن حب المصريين لمصر فللأماني لحن يؤنس ولبقايا الرؤي وتر ،حيث يقول :
ومَهما قَسَوْتِ
سَأبقَى أُحِبُّكْ .
لأنَّكِ ..
أنتِ اختِصارُ الدُّروبِ
الَّتي نازَعَتْني كَيانِي
وقِبْلةَ قلبِ الفَتَى
حِينَ يَدفَعُهُ الشَّوقُ
طَوْعًا وكَرهًا
وقُبْلَةَ أنفاسِهِ البائِسَةْ.
فلا تَعبَثِي ...
بانْهِزامِي أمَامَكِ
إنِّي –ورَبِّي– أُحِبُّكْ
لأنَّ الْمَساءَ يَمُرُّ بِبابكِ
والطَّيرُ
تُنشِدُ أُهْزُوجَةَ الرَّوْحِ
عندَ الْتِقاءِ الْمَدَى بالشَّفَقْ
سَيَرحلُ مِن خاطِرَيْنا الأرَقْ
ونَعزِفُ لَحنَ الأمانِي الَّتي
آَنَسَتْنا طَويلًا
علَى وَتَرٍ مِن بَقايَا الرُّؤَى
واختِيالِ الأصِيلِ
لِنُنهِيَ سَطْوَةَ ...
هذا النهارِ الكَئِيبِ
وتَبتَسِمَ الأوْجُهُ العابِسَةْ
أنا لَنْ أَمَلَّ انبهارَكِ
في لَحظةِ الانتصار
ولن أسْتَظلَّ بغيرِ جَناحِكِ
فَوقَ وَمِيضِ التَّدانِي
وإِنْ صَالَنِي مِنكِ نَارْ
فيَكْفِيني
أنِّي اكْتَوَيْتُ بِنارِكْ
وأنَّكِ في غُربَتِي آَنِسَةْ(7)
مضِي الْحُلْمُ بِنا في مَوْكبِ العاشِقينَ
فها نحن نجد البيان في أروع صوره فالحلم يمضي وللعاشقين موكب حيث يتحدث الشاعر عن مضِي الْحُلْمُ بِنا في مَوْكبِ العاشِقينَ حيث يقول في قصيدة "بوْحُ الجدَاول" :
هُنا كانَ أوَّلُ ما بَيْنَنا
هُنا كانَ أولُ عَزفٍ لَنا
هُنا النَّهرُ
يَكتُبُ كلَّ الحَكايا
علَى ضَفَّتَيْهِ
ويَغزِلُ مِنها القَصَائدَ
يُرسِلُها فِي الْمَدَى
عَلَّها تَلتَقِي ... والدُّمُوعُ
التي ذَرَفَتْها الصَّبايَا
وأفْئِدةٌ بالجَوَى مُتْرَعَةْ
وكُنَّا هُنا نَستَبيحُ الجَمالَ
وتلكَ الظِّلالَ التي آنَسَتْنا
وبَوحُ الجَداوِلِ مَا أرْوَعَهْ
يُهَدهِدُ فِينا الجِراحَ
التي أَرهَقَتْنا
فنَغْدُو...
نُغَنِّي أهَازيجَنا الوَادِعَةْ
وكُنَّا نَخُطُّ حُروفَ الغَرامِ
علَى جِذعِ كَافُورَةٍ فارعَةْ
ونَلهُو ...
كَطِفلَينِ بينَ الْمُروجِ
ونَجرِي وراءَ الفَراشَاتِ
نَرقُصُ فوقَ النَّجِيلِ
وأَعْيُنُنا تَسْتَحِي
مِنْ بَراءَتِنا الرَّائِعةْ
ويَمضِي بِنا الْحُلْمُ
في مَوْكبِ العاشِقينَ
ولَمْ يأذِنِ النَّخلُ لِي
أنْ أُغامِرَ دُونَكِ
مَهما تَدَلَّى العَنانُ
إلَى كَفِّيَ الطَّامِعَةْ
فَدُونَكِ ...
كُلُّ مَواسِمِ قَلبِي خَريفٌ
وكُلُّ الليالِي سُهادٌ
وأَخْيِلَةٌ مُفْزِعَةْ
وكَيفَ لِمَنْ تَملِكينَ قَواربَهُ
أنْ يُصارِعَ...
مَوْجَ المُحِيطِ وحِيدًا
وأنتِ المَجادِيفُ والأشْرِعَةْ؟
فمُدِّي يَديْكِ
لِيَنْبُعَ مِنْ رَاحَتَيْكِ
فُراتُ ارْتِوَائِي
فتَشفَى السِّقامُ
ويَهدأُ رَوْعِيَ
لَمَّا يَجِنُّ الظَّلامُ
وتَعبَثُ بِي لَهْفةٌ مُوجِعَةْ
وإيَّاكِ أنْ تَسْتَحِلِّي التَّمَنُّعَ
يا نَشوَةَ الرُّوحِ بينَ الحَنايَا
فَأَبْغَضُ ذَنْبٍ إلَى القلْبِ صَدّْ
وبَيْنِي وبَينَكِ
مَهْما تَمادَيْتِ فِي البُعدِ .. وَعدْ
أُحِبُّكِ .. لا شَيْءَ بَعدْ
ونَفْسِي ِبرَغمِ الجَفَا
لَمْ تَزَلْ قَانِعَةْ(8)
الشِّعرُ احْتِمالٌ لا يُجَاوزُ حُلْمَنا ...وإِنِ اسْتَبَدَّ بِنا الحَنِينُ:
الشِّعرُ احْتِمالٌ لا يُجَاوزُ حُلْمَنا ...وإِنِ اسْتَبَدَّ بِنا الحَنِينُ(استعارة مكنية )حيث يقول في قصيدة (كِبرياءُ عاشِقٍ قَرَويٍّ) :
لا تَحْسَبِي
دَمْعِي انْكِسَارَا
أَوْ أَنَّهُ سَالَ اعْتِذارَا
لِي أَلْفُ قَلْبٍ فِي الحَنَايَا
قَدْ أَحَبَّتْ أَلْفَ فَاتِنَةٍ
وكُنَّ علَى مَشَارفِها سُكَارَى
لا تَحسَبِي أَنِّي أَتَيْتُكِ
عَازفًا لَحْنَ التَّوَسُّلِ
فوقَ أوتَارِ الهَوَى
أنَا لا أزَالُ أُعَانِقُ الجَوْزَاءَ
في عَلْيَائِهِ
أتَوَسَّدُ الأفلاكَ
مِنْ فَلَكٍ إلَى فَلَكٍ
وتِلكَ نُجُومُها حَوْلِي حَيَارَى
سَأظَلُّ أَنْعَمُ بالنَّوَى
وأَقاوِمُ ...
الشَّوقَ الْمُرَاوِدَ لِلْفُؤَادِ
بِكِبرِياءِ العَاشِقِ القَرَوِيِّ
لا أَخْشَى انْهِيَارَا
لا تَسْألِينِي مَا أَصَابَكَ
إنَّها تَرْنِيمَةُ الوَلَدِ الشَّقِيِّ
إذا يُناجِيهِ البَرَاحُ
فيَرْحَلُ الهَدَجَانُ مِنْ أَنْفاسِهِ
ويَرُومُ فِي لَيْلِ الشِّتَاءِ
لِكُلِّ حَالِكَةٍ نَهارَا
وطَفِقْتُ أَمْحُو
مَا تَناثَرَ فوقَ أَرْصِفَةِ الْمَدَائِنِ
مِنْ فُصُولِ رِوايَتِي العَذْرَاءِ
أَجْمَعُ مَا تَبَعْثَرَ مِنْ شَتاتِي
بَينَ أَلْسِنَةِ العَذَارَى
والعُمْرُ كُلُّ العُمْرِ يَسْبِقُنِي
إلَى الفَصْلِ الأخِيرِ
مُرَاوِغًا طَرْفَيَّ
حِينَ تَوَجَسَتْ عَيْنايَ
خَوْفًا مِنْ خُطَاهُ
علَى شَفَا جُرحِي
لِيُسْدِلَ فَوقَ صَرْخَتِهِ سِتارَا
مَنْ قَالَ ...
يَجْزِمُ بِانْحِسَارِ النَّبْضِ
فِي أحشَائِنا
"مَا الحُبُّ إلا لِلحَبيبِ الأوَّلِ"؟..
الشِّعرُ احْتِمالٌ
لا يُجَاوزُ حُلْمَنا ...
وإِنِ اسْتَبَدَّ بِنا الحَنِينُ
أو اسْتَجَارَ بِرُكْنِهِ مِليُونُ قَيْسٍ
أوْقَدُوا لِلْعِشْقِ نَارَا(9)
(1)سامي أبو بدر :ديوان بوح الجداول.. دائرة الثقافة/ الشارقة- الإمارات ،2021م ،" قصيدة أَحيانًا"،ص49
(2)قصيدة "ما وَراءَ الحُلْم":،ص 14-15
(3)قصيدة "ما وَراءَ الحُلْم":،ص 14-15
(4)قصيدة ""احتِواء":":،ص 5
(5)نفسه ،" قصيدة سفر ،ص29-32
(6)نفسه ،" أَحيانا"، ص 48-49
(7)قصيدة (بقايا رؤى )،ص 50-51-52
(8)قصيدة ("بوْحُ الجدَاول")،ص 33-36
(9)قصيدة ("كِبرياءُ عاشِقٍ قَرَويٍّ ")،ص 37- 40