ابراهيم عبد القيوم جيب الله - قراءة في رواية " شاخيتو"

بوابة بوهين الضائعة.

الكاتب ممدوح ابارو صدرت له ثلاث روايات وله إسهامات مقدرة في مجال النقد.
عنوان الرواية يشير إلي الملكة "اماني شاخيتو"آخر ملوك المملكة الكوشية في بوهين"حلفا" وهي منطقة اثرية غمرتها مياه بحيرة النوبة.
استهل الكاتب روايته بإستهلالين الأول بمقولة:
إلي كل الباحثين عن الحقيقة ثقوا بأنفسكم، فهي في ذاكرة التاريخ المتجدد.
و الإستهلال الثاني كان نشيد ابادماك
هذا الإستهلال يحفز همة القارئ و توقعاته علي انه امام فعل روائي له علاقة بتاريخ المملكة الكوشية.
تقع الرواية بفصولها الأربع في107صفحة. جاءت الفصول الأربع معنونة:
الفصل الأول: وهم الحقيقة.
الفصل الثاني:
الوان قشيبة.
الفصل الثالث:
الوجه الآخر للخديعة.
الفصل الأخير:
اصل الحكاية و منتهاها.
قدم لكل فصل من هذه الفصول بمقطع شعري.
بنية الشكل الفني للرواية بزمنها و شخوصها تشكلت في فضائها الروائي العام بقرية السواقي شمال السودان مع وجود عدة أمكنة مكملة لهذا الفضاء : متحف الفن بسويسرا-زيوخ
-المتحف القطري. واشنطون/وكالة ناسا الفضائية).
إستطاع الكاتب أن يعزز بنية الفضاء الراوائي بتقنية تداخل الأمكنة في بعضها البعض وكذلك تداخل الفضاءات الزمنية في في بعضها و هي تقنية مكنت لتماسك الفضاء الروائي العام.
تعدد الأمكنة اتاح للكاتب أن ينوع و يعدد الحكايات ذات الصلة بالمضمون العام و هذا التعدد و التنوع يعرف بالخاصية الثانية للحبك المركبة و كنا قد اشرنا في محاضرة سابقة ان الخاصية الأولي للحبكة المركبة تبدأ فيها الأحداث من النهاية ثم يتم إستعراض الأحداث التي ادت إليها.
تعدد و تنوع الحكايات في هذه الرواية في النهاية إلتقت في نقطة وهي قرية السواقي أمام معقل آخر اللممالك الكوشية(بوابة و معبد بوهين)و هو شبيه بالتعدد و التنوع الذي جاء في رواية "زقاق المدق" لنجيب محفوظ و في النهاية تجمعت الحكايات المتنوعة بتعدد أماكنها في الزقاق نفسه.
في الشِق الثاني للفضاء الروائي بعد الأمكنة نأتي للعنصر الأهم و هو الشخوص تمكن الكاتب من بنائها علي مستوي يناسب الأدوار الموكلة إليها فتكثف البناء و أكثر ما تكثف في شخصية "صفوت عبد الحكيم" إبن اخ عمدة قرية السواقي خريج كلية الآداب قسم الفلسفة المهتم بالتاريخ الكوشي و إهتمامه بزيارة المواقع الأثرية في شمال السودان، حتي صارت هذه الشخصية رمزا للسيادة الوطنية تدافع عن المكتسبات و المقدرات الوطنية و الإرث الحضاري القديم.
بالإضافة لشخصية صفوت عبد الحكيم أكمل الكاتب الشخصيات التي تمثل و جه الخير في القرية اهتم ببناء شخصية "عباس الهباش" و شخصية "منير موسي" و شخصية " أماني ادروب".
بذات الإهتمام الفني في بناء هذه الشخصيات إهتم ببناء الشخصيات التي تمثل وجه الشر في القرية و هم( العمدة منصور/محجوب/حامد ادروب/حسني الهمجاوية) و لعلنا نلاحظ التكافؤ في العدد لدي المجموعتين "ثلاث رجال و انثي" مع إختلاف الفعل و النوايا لكلاهما.
ثمة شخصيات ثانوية لها دور مكمل في فضاء الرواية( من وكالة ناسا الفضائية سامي غريب/فريدريك دي سوسير).
تناولت الرواية الصراع بين التكنولوجيا ممثلة في كالة ناسا الفضائية و المعتقدات التاريخية القديمة ممثلة في معبد بوهين، ذلك بعد أن إنبعث ضوء من المعبد التقطته اجهزة ناسا التكنولجية المتقدمة.
من إنبعاث هذا الضوء وصلت الحبة ذروتها ليتابع المتلقي و بدرجة عالية من التشويق في إتجاه حل عقدة الرواية المتمثلة في إناء المعبد الفخاري (إناء التعميد) و الذي تحطمت منه قطعتين قطعة موجودة في متحف الفن بسويرا و القطعة الأخري في قطر متحف الدوحة. الملكة اماني شاخيتو كانت تري في ضم هاتين القطعتين إلي القطعة الكبيرة الموجودة داخل المعبد - تري -انه سيقضي علي قوي الشر من العالم السفلي بإحياء الإله "آمون". و تري و كالة ناسا أن ضم هاتين القطعتين سيقلب موازين العلم و إنتصار الخرافة و المعتقدات القديمة.
افادت الروية من تقنية إستلهام مواقف و شخصيات تاريخية و مقاربتها بشخصيات معاصرة فكان المختارون الأربع للمعبد من قبل اماني شاخيتو هم"صفوت عبد الحكيم/عباس الهباش/منير موسي و أماني أدروب" و اوكلت الملكة مهمة إحضار القطعة الموجودة في متحف الدوحة لعباس الهباش و قطعة متحف سويسرا لمنير موسي و حراسة بوابة المعبد لصفوت عبد الحكيم و اماني ادروب تكون مع الملك ذلك بعد ان منحتهم قوة غيبية خفية. نجح عباس و منير في إحضار القطعتين وبذلك تفوقا بالسبق علي فريق ناسا.
قبل ان ترش الملكة الماء المقدس من الإناء الفخاري لإحياء الإله آمون اعلنت أن تقتل اماني ادروب العذراء كقربان للآله و وعدت ان الإله آمون سيعيدها للحياة بعد ثواني. قتلت اماني ادروب و رشت الماء المقدس علي تابوت الإله آمون و لكنه لم يحرك ساكنا لأن أماني لم تك عذراء و كان حبيبها عباس الهباش قد سلبها عذريتها من قبل، فشلت خطة الملكة و إنهار المعبد و قضي بمن فيه، و من ثم تنتقل الرواية بالمتلقي إلي خاتمتها بمشهد بطولي استشهادي قاده صفوت عبد الحكيم خارج المعبد مع اهل قرية السواقي للتصدي للقوة الأمنية التابعة لوكالة ناسا التي ستهاجم المعبد، في معركة غير متكافئة إستشهد جميع اهل القرية، حدثت هزة و إنشقت الأرص و إبتلعت الجميع كأن لم تك هناك قرية إسمها السواقي.
ابراهيم عبد القيوم جيب الله "أبو منذر"

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...