خالد محمد مندور - شغاف القلب.. "سيبي العيال تاكل يا عزيزة"

هكذا صاح محمود مرسى راشد محتجا محاولا أيقاف عزيزة عن سؤال أولاد اختها اثناء تناولهم الغذاء، ولكن هل يمكن أيقاف عزيزة؟
سؤال صعب الإجابة علية، فعزيزة تحظى بحب عظيم ليس فقط من أولاد أختها، بل أيضا من ملك عبد العزيز وزوجها محمد مندور، فملك الأخيرة في الترتيب بين أخواتها تحب عزيزة الثانية في الترتيب وائتمنتها على الخمسة اثناء سفرها مع الزوج لأجراء جراحة خطيرة في المخ.
ومحمد مندور لا يحبذ التدخل فصاحبة السؤال هي عزيزة وما أدراك من هي عزيزة، ولكن محمد مندور فلاح قراري ويعرف جيدا أن محمود راشد لن يسكت، هذا الحكيم المثقف الودود اللطيف، صديق الأطفال، كل الأطفال، الذي يحبه ويقدره محمد مندور، ويتدخل محمود راشد فتتوقف عزيزة، مؤقتا!
والغريب أن الأطفال لا ينتابهم الانزعاج من أسئلة عزيزة، بل فقط القلق من الا تكون أجابتهم صحيحة، فهم يعرفون جيدا انها أسئلة من شغاف قلب خالتهم المعروف ان ما في قلبها على طرف لسانها.
كبيرة مفتشي اللغة الإنجليزية بوزارة التربية والتعليم وزوجها عميد كلية الالسن الذي أفسدها!!، هكذا اعتقاده كما صرح به، فلقد تعاطف مع الطلاب المتفوقين فبدأ في تعينهم معيدين وارسلهم في بعثات دراسية لنيل الدكتوراة برغم قناعاته ان أفضل من يعلم اللغة هم أبناؤها، لذلك أصبح على قناعة انه أفسد كلية الالسن!
وينضم للتنظيم الطليعي، ولم لا فهو وطني أصيل ومصر تحاول الخروج من هزيمة 67، ويصبح من مجموعة سامي شرف، وتأتى انتخابات مجلس النواب سنة 1969 في أعقاب بيان ثلاثين مارس ويطلب منة الترشح، فيعتذر، فلقد أكتشف حجم التدخل الحكومي ويصاب بصدمة تجعله ينسحب تدريجيا، بدون اعلان، من التنظيم الطليعي.
ويقسم ابن ملك، في مأتم والدة، ان مجموعة في امتحان الثانوية العامة في العام القادم سيكون 90% ليصبح من أوائل الثانوية العامة تكريما لوالدة، فماذا يفعل لحل مشكلة الإنجليزي؟ فلا توجد مشكلة في باقي المواد، بصرف النظر عن ميوله الشخصية، فهو يعرف جيدا أن الرياضيات والطبيعة سيعوضون أي نقص في باقي المواد، فبرغم انه كان يتلقى دروسا خصوصية في الإنجليزي، في العاميين السابقين، فان اقصى ما استطاع الحصول علية هو 36 من 50.
ويسال عزيزة ماذا يفعل؟
فتناوله كما هائلا من القصص الإنجليزية المبسطة في عدد كلماتها وفى تركيب الجملة بمستويات متعددة، ثم عدد كبيرا من القصص التي تحتوي الكلمات الشائعة الاستخدام بدون تبسيط في تركيب الجملة، ثم عددا أخرا من القصص الاصلية، وتطلب منة القراءة بدون البحث عن معاني الكلمات.
فيا لها من مهمة سهلة لابن ملك المدمن على القراءة، فيلتهم الكتب في الاجازة الصيفية ويتوقف عن نيل الدروس الخصوصية، ويتفاجأ أن نمرته في الامتحان التجريبي بلغ 46 وهو ما يتجاوز كثيرا هدفه ب 40 نمرة فقط، فيسأل المدرس وهو متشكك، فيؤكد له المدرس ان هذا هو مستواه، فلا يصدقه، ولكنها نفس النمرة التي حصل عليها في الامتحان الفعلي، ويتحقق سحر عزيزة!
ولان عزيزة لا يمكن ايقافها فهي تطلب من ابن ملك وردا صناعيا لتزيين غرف الاستقبال وهي في السادسة والثمانين، بعد وفاة والدته، فيحتج محمود راشد وهو يقترب من التسعين، فما فائدة الورد وهم يستعدون للمغادرة، ولكنها عزيزة التي تصر وتطلب منة السكوت فهي تطلب من ابنها وردا، متسائلة الست أبنى؟ فيجيب ابن ملك، طبعا، ويحضر الورد.
وتطلب عزيزة طلبا واحدا، بعد الورد، وهى توزع أظرفة صغيرة على أبناء اخواتها، الذهب القليل الذى تملكه للبنات، والصور الشخصية للأولاد، طلبا صعبا جدا وبسيطا كذلك، ان نتذكرها ما دمنا أحياء، فينفجر ابن ملك باكيا بدون صوت حتى لا تدرك ما فعلته به وينزعج الجميع ويطلب منهم أبن ملك الهدوء وهو يبكى حتى لا تتنبه فلقد ضعف نظرها كثيرا ، وما زال يبكى وهو يكتب .
وها هو أبن عزيزة وملك يتذكرها من شغاف قلبه فهو لا ينسى وعدا أو فضلا.


تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...