ثلاثة أمور حدثت أخيراً في الجزائر، في ظرف أقل من أسبوعين، ومثل هذا قد يحدث في أي بلد مغاربي أو عربي آخر، لكن هذه الأمور الثلاثة مقلقة وتدعو إلى التساؤل وتتطلب قرع ناقوس الخطر مرات ومرات، كل ذلك حتى لا يدخل البلد في منطقة الزوابع والتوابع.
أيها الناس، إن الفتنة نائمة، فاتركوها نائمة، وسنوات الموت والدمار لا تزال حاضرة، وضحاياها لم تندمل جراحهم بعد.
الفتنة نائمة فاتركوها نائمة ولا تنفخوا على النار.
أول الأمور الثلاثة هذه، هو منع مسلسل "حب الملوك" الذي كان يبث على قناة "النهار" الخاصة، وتوجيه إنذار لقناة "الشروق" على "بعض ما ورد" في مسلسل "بابور اللوح"، هذا المنع وهذا الإنذار جاءا من هيئة سلطة ضبط السمعي البصري، وهي هيئة الرقابة في الجزائر، لا لشيء سياسي خطير أو قضية أمنية قد تمس بركائز الدولة ومؤسساتها، إنما لأن "أحدهم" لم تعجبه "نظرة" ممثل مصوّبة على جسد ممثلة، يحدث هذا في لقطة تمثيل، نحن في الخيال والسينما أيها السادة!
ولأن هذا الواحد "مهووس جنسياً"، وهذا مرض مستشرٍ بشكل فاضح في مجتمعنا للأسف، فقد ثارت ثائرته ووصل الأمر إلى مساءلة الوزير من قبل البرلمان عن هذه "اللقطة" التي "خدشت حياء البرلماني" و"هددت" أخلاق الجزائر والجزائريين، وجراء ذلك وللاستثمار السياسي والأيديولوجي، تحركت قوافل كتائب "الذباب الإلكتروني الأزرق"، ففاضت وسائل التواصل الاجتماعي بمثل هذا اللغط، والبكاء على مصير الدين الإسلامي وعلى وجود "الله" سبحانه وتعالى الذي أصبح مهدَّداً في الجزائر جراء هذه "النظرة" أو هذه "القبلة"، وكأننا في مجتمع "الآلهة" و"الأنبياء"، لا مجتمع البشر بما فيهم من خير وشر، من ضعف وقوة، من استقامة ورذيلة.
إن مثل هذا التنازل من قبل أعضاء سلطة الضبط السمعي البصري، الذين أعرف بعضهم وأكنّ لهم احتراماً كبيراً، لصالح هذه الأصوات الخارجة عن التاريخ وعن العقل، سيجرّ البلد إلى تنازلات أخرى خطيرة، وسيجرّ الثقافة والفن بشكل عام إلى مربع الرداءة ويجعل دائرة حرية التعبير تضيق أكثر فأكثر، وهو ما يبحث عنه أعداء الجمال والفن والأدب.
الأمر الثاني من هذه الثلاثة: هو ما حدث في مشدالة وهي إحدى الدوائر التابعة لولاية البويرة الواقعة على بعد حوالى 150 كلم جنوب شرقي مدينة الجزائر العاصمة، حيث أقدمت مجموعة من الشباب على إحياء حفل موسيقي في الساحة العامة وسط المدينة، وهي الساحة التي عادة ما تقام فيها التظاهرات الفنية وغيرها من التجمعات الشعبية الجماهيرية، وهذا النشاط الفني كان مرخصاً من قبل السلطات المحلية، وأقيم في الليل بعد الانتهاء من صلاة التراويح التي تُقام في مسجد الهداية الذي كان في الأساس كنيسة أيام الاستعمار وتم تحويله وتوسيعه وموجود مقابل الساحة العمومية، هذا الحفل دفع الإمام وعبر مكبّر صوت المسجد إلى سبّ وشتم المحتفلين، مستعملاً قاموساً غير أخلاقي.
وقد أثار كلام الإمام المجتمع في البويرة وفي الجزائر عامة، بين مستنكر ومؤيد، وغرقت مرة أخرى وسائل التواصل الاجتماعي بشلال من خطابات الكراهية، وكادت أن تثير فتنة في المنطقة وفي البلد لولا حكمة بعض المتدخلين الذين هدّأوا الأمر.
إن الذين ثاروا ضد هذا الاحتفال والمحتفلين والمتفرجين واعتقدوا بأنه مس بالإسلام أو بالمسلمين، لم ينتبهوا ولم ينددوا بالعملية الإجرامية التي حدثت قبل أقل من أسبوع وعلى بعد حوالى 80 كيلومتراً من هذه الساحة التي أقيمت حولها القيامة، على بعد ثمانين كلم من هذه الساحة تعرضت سيدة في الثلاثين من عمرها وابنتها التي تبلغ من العمر ثماني سنوات لاغتصاب جنسي مزدوج من قبل أحد الوحوش الآدمية، لكن لا أحد فتح ميكروفون المسجد وخطب في المؤمنين مندداً بهذا الوحش، الذي قُبض عليه من قبل الأمن، ولا أحد حرّك بيادقه الإلكترونية للتنديد بمثل هذا العمل الإجرامي ضد هذه المرأة وطفلتها.
إن رمضان الكريم الذي عرفه الجزائريون لم يكُن يوماً ضد الفرح والاحتفال، ولم يكُن يوماً ضد الاختلاف والتعدد، بل كان رحمة وثقافة روحية وأخلاقاً عالية، يعيد المؤمن إلى علاقته العميقة والحميمة مع ربه، من دون تمظهر أو رياء أو استثمار سياسي أو أيديولوجي، وهو ما درج عليه آباؤنا وأجدادنا منذ القدم.
أيها السادة، الدولة هي حارسة تخوم الوطن وليست حارسة باب الجنة أو باب جهنم.
ثالث هذه الثلاثة، هو هذا البيان الغريب والمستفز الذي وقّعه عدد من "الجمعيات" التي تدّعي بأنها تنتمي إلى المجتمع المدني "الشريف" في مدينة وهران، وكأن هناك بالمدينة مجتمعاً مدنياً آخر غير شريف! والتي تطالب فيه بمنع إقامة حفل الفنان العالمي الكبير لونيس آيت منقلات في قاعة المغرب بوهران، المبرمج مساء اليوم.
أمر حزين جداً ومثير للغضب أن يصدر مثل هذا البيان الحاقد والعنصري في مدينة كوهران التي ستكون نهاية يونيو (حزيران) المقبل، عاصمة البحر المتوسط باستضافتها دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط.
هذه المدينة المضيافة والمفتوحة والمتعددة والمتسامحة، مدينة الجميع وللجميع، مدينة رينات الوهرانية والريميتي وأحمد وهبي وبلاوي الهواري وعبد القادر علولة وولد كاكي وسيراط بومدين وبلاحة بوزيان والصايم الحاج وإيف سان لوران والمكي نونة والشيخ المهاجي والشيخ الزبير وأحمد صابر وبلّمو والشاب خالد وعمار بلحسن وعبد القادر جغلول والإخوة مدين وملياني الحاج ومحمد آدار... مدينة عاشت عبر السنين فضاء للتعايش والحب والاختلاف والاحترام والاجتهاد، بعيداً من أي حس عنصري أو ثقافة جهوية، بل إنها من المدن الجزائرية والمتوسطية القليلة التي لا يشعر الغريب فيها بغربته نهائياً.
إن مثل هذا البيان العنصري الخطير، الذي تطالب فيه هذه المجموعة الشاذة بمنع إقامة سهرة فنية للفنان الجزائري القبائلي العالمي لونيس آيت منقلات الذي له جزء من عائلته تعيش منذ عشرات السنين في هذه المدينة، بحجة أنه ينتمي إلى تنظيم الماك، هو دعوة صريحة إلى الفتنة تريدها هذه المجموعة، وهي بذلك ترغب بجرّ المدينة والبلد إلى مربّع سنوات العشرية السوداء، وربما قد نسي هؤلاء أو تناسوا ما خسرته هذه المدينة المتعددة والحضارية من خيرة أبنائها الذين راحوا ضحية الإرهاب، إذ تم اغتيال كل من: المسرحي الكبير عبد القادر علولة والأستاذ الجامعي عبد الرحمن فار الذهب والشاب حسني ورشيد بابا أحمد وبختي بن عودة وجمال الدين زعيتر وتم تهجير مئات المثقفين منها.
إن الدولة المعاصرة هي المسؤولة أولاً وقبل كل شيء عن أمن المواطن وليس عن أمن الله، الله تبارك وتعالى الذي ليس بحاجة إلينا، بل نحن الذين بحاجة إليه.
إذا كانت الدولة المعاصرة هي المسؤولة عن الأمن في بيوت الله، فهي مسؤولة قبل ذلك عن أمن المواطنين في بيوتهم، كي يعيشوا بحريتهم وكرامتهم.
يجب أن تكون الدولة المعاصرة المركزية، دولة مؤسسات الحق والقانون، قوية قادرة على الضرب على يد المتاجرين بالدين الحنيف الذي ليس سلعة سياسية أو تجارية، وإذا ما حصل وأن تنازلت لهم في هذه الجولة مرة واحدة، فستكون هناك تنازلات ولمرات أخرى، وبمثل هذا المسلسل من التنازلات، سنجد البلد يزحف شيئاً فشيئاً نحو الهاوية، نحو أفق عشرية دموية أخرى، لا أحد يريدها لهذا البلد الجميل.
إن الدولة المعاصرة المركزية هي حامية حرية التعبير وحرية الفنون ومن يسمح لنفسه بمنع فنان له وزنه العالمي، فإنه يريد أن يعود بالبلد إلى القرون الوسطى، ولن يستفيد من ذلك سوى المتربصين بالجزائر من كل الجهات، إننا في بلد يعترف باللغة الأمازيغية لغة وطنية ورسمية، فلا داعي لإثارة السؤال حول التعددية وحق الاختلاف في بلد كبير وموحد: الجزائر.
لا تحيوا الفتنة من قبرها، إنها رميم!
* (المقال الأسبوعي المنشور بأندبندت اللندنية الخميس 21 أبريل 2022
أيها الناس، إن الفتنة نائمة، فاتركوها نائمة، وسنوات الموت والدمار لا تزال حاضرة، وضحاياها لم تندمل جراحهم بعد.
الفتنة نائمة فاتركوها نائمة ولا تنفخوا على النار.
أول الأمور الثلاثة هذه، هو منع مسلسل "حب الملوك" الذي كان يبث على قناة "النهار" الخاصة، وتوجيه إنذار لقناة "الشروق" على "بعض ما ورد" في مسلسل "بابور اللوح"، هذا المنع وهذا الإنذار جاءا من هيئة سلطة ضبط السمعي البصري، وهي هيئة الرقابة في الجزائر، لا لشيء سياسي خطير أو قضية أمنية قد تمس بركائز الدولة ومؤسساتها، إنما لأن "أحدهم" لم تعجبه "نظرة" ممثل مصوّبة على جسد ممثلة، يحدث هذا في لقطة تمثيل، نحن في الخيال والسينما أيها السادة!
ولأن هذا الواحد "مهووس جنسياً"، وهذا مرض مستشرٍ بشكل فاضح في مجتمعنا للأسف، فقد ثارت ثائرته ووصل الأمر إلى مساءلة الوزير من قبل البرلمان عن هذه "اللقطة" التي "خدشت حياء البرلماني" و"هددت" أخلاق الجزائر والجزائريين، وجراء ذلك وللاستثمار السياسي والأيديولوجي، تحركت قوافل كتائب "الذباب الإلكتروني الأزرق"، ففاضت وسائل التواصل الاجتماعي بمثل هذا اللغط، والبكاء على مصير الدين الإسلامي وعلى وجود "الله" سبحانه وتعالى الذي أصبح مهدَّداً في الجزائر جراء هذه "النظرة" أو هذه "القبلة"، وكأننا في مجتمع "الآلهة" و"الأنبياء"، لا مجتمع البشر بما فيهم من خير وشر، من ضعف وقوة، من استقامة ورذيلة.
إن مثل هذا التنازل من قبل أعضاء سلطة الضبط السمعي البصري، الذين أعرف بعضهم وأكنّ لهم احتراماً كبيراً، لصالح هذه الأصوات الخارجة عن التاريخ وعن العقل، سيجرّ البلد إلى تنازلات أخرى خطيرة، وسيجرّ الثقافة والفن بشكل عام إلى مربع الرداءة ويجعل دائرة حرية التعبير تضيق أكثر فأكثر، وهو ما يبحث عنه أعداء الجمال والفن والأدب.
الأمر الثاني من هذه الثلاثة: هو ما حدث في مشدالة وهي إحدى الدوائر التابعة لولاية البويرة الواقعة على بعد حوالى 150 كلم جنوب شرقي مدينة الجزائر العاصمة، حيث أقدمت مجموعة من الشباب على إحياء حفل موسيقي في الساحة العامة وسط المدينة، وهي الساحة التي عادة ما تقام فيها التظاهرات الفنية وغيرها من التجمعات الشعبية الجماهيرية، وهذا النشاط الفني كان مرخصاً من قبل السلطات المحلية، وأقيم في الليل بعد الانتهاء من صلاة التراويح التي تُقام في مسجد الهداية الذي كان في الأساس كنيسة أيام الاستعمار وتم تحويله وتوسيعه وموجود مقابل الساحة العمومية، هذا الحفل دفع الإمام وعبر مكبّر صوت المسجد إلى سبّ وشتم المحتفلين، مستعملاً قاموساً غير أخلاقي.
وقد أثار كلام الإمام المجتمع في البويرة وفي الجزائر عامة، بين مستنكر ومؤيد، وغرقت مرة أخرى وسائل التواصل الاجتماعي بشلال من خطابات الكراهية، وكادت أن تثير فتنة في المنطقة وفي البلد لولا حكمة بعض المتدخلين الذين هدّأوا الأمر.
إن الذين ثاروا ضد هذا الاحتفال والمحتفلين والمتفرجين واعتقدوا بأنه مس بالإسلام أو بالمسلمين، لم ينتبهوا ولم ينددوا بالعملية الإجرامية التي حدثت قبل أقل من أسبوع وعلى بعد حوالى 80 كيلومتراً من هذه الساحة التي أقيمت حولها القيامة، على بعد ثمانين كلم من هذه الساحة تعرضت سيدة في الثلاثين من عمرها وابنتها التي تبلغ من العمر ثماني سنوات لاغتصاب جنسي مزدوج من قبل أحد الوحوش الآدمية، لكن لا أحد فتح ميكروفون المسجد وخطب في المؤمنين مندداً بهذا الوحش، الذي قُبض عليه من قبل الأمن، ولا أحد حرّك بيادقه الإلكترونية للتنديد بمثل هذا العمل الإجرامي ضد هذه المرأة وطفلتها.
إن رمضان الكريم الذي عرفه الجزائريون لم يكُن يوماً ضد الفرح والاحتفال، ولم يكُن يوماً ضد الاختلاف والتعدد، بل كان رحمة وثقافة روحية وأخلاقاً عالية، يعيد المؤمن إلى علاقته العميقة والحميمة مع ربه، من دون تمظهر أو رياء أو استثمار سياسي أو أيديولوجي، وهو ما درج عليه آباؤنا وأجدادنا منذ القدم.
أيها السادة، الدولة هي حارسة تخوم الوطن وليست حارسة باب الجنة أو باب جهنم.
ثالث هذه الثلاثة، هو هذا البيان الغريب والمستفز الذي وقّعه عدد من "الجمعيات" التي تدّعي بأنها تنتمي إلى المجتمع المدني "الشريف" في مدينة وهران، وكأن هناك بالمدينة مجتمعاً مدنياً آخر غير شريف! والتي تطالب فيه بمنع إقامة حفل الفنان العالمي الكبير لونيس آيت منقلات في قاعة المغرب بوهران، المبرمج مساء اليوم.
أمر حزين جداً ومثير للغضب أن يصدر مثل هذا البيان الحاقد والعنصري في مدينة كوهران التي ستكون نهاية يونيو (حزيران) المقبل، عاصمة البحر المتوسط باستضافتها دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط.
هذه المدينة المضيافة والمفتوحة والمتعددة والمتسامحة، مدينة الجميع وللجميع، مدينة رينات الوهرانية والريميتي وأحمد وهبي وبلاوي الهواري وعبد القادر علولة وولد كاكي وسيراط بومدين وبلاحة بوزيان والصايم الحاج وإيف سان لوران والمكي نونة والشيخ المهاجي والشيخ الزبير وأحمد صابر وبلّمو والشاب خالد وعمار بلحسن وعبد القادر جغلول والإخوة مدين وملياني الحاج ومحمد آدار... مدينة عاشت عبر السنين فضاء للتعايش والحب والاختلاف والاحترام والاجتهاد، بعيداً من أي حس عنصري أو ثقافة جهوية، بل إنها من المدن الجزائرية والمتوسطية القليلة التي لا يشعر الغريب فيها بغربته نهائياً.
إن مثل هذا البيان العنصري الخطير، الذي تطالب فيه هذه المجموعة الشاذة بمنع إقامة سهرة فنية للفنان الجزائري القبائلي العالمي لونيس آيت منقلات الذي له جزء من عائلته تعيش منذ عشرات السنين في هذه المدينة، بحجة أنه ينتمي إلى تنظيم الماك، هو دعوة صريحة إلى الفتنة تريدها هذه المجموعة، وهي بذلك ترغب بجرّ المدينة والبلد إلى مربّع سنوات العشرية السوداء، وربما قد نسي هؤلاء أو تناسوا ما خسرته هذه المدينة المتعددة والحضارية من خيرة أبنائها الذين راحوا ضحية الإرهاب، إذ تم اغتيال كل من: المسرحي الكبير عبد القادر علولة والأستاذ الجامعي عبد الرحمن فار الذهب والشاب حسني ورشيد بابا أحمد وبختي بن عودة وجمال الدين زعيتر وتم تهجير مئات المثقفين منها.
إن الدولة المعاصرة هي المسؤولة أولاً وقبل كل شيء عن أمن المواطن وليس عن أمن الله، الله تبارك وتعالى الذي ليس بحاجة إلينا، بل نحن الذين بحاجة إليه.
إذا كانت الدولة المعاصرة هي المسؤولة عن الأمن في بيوت الله، فهي مسؤولة قبل ذلك عن أمن المواطنين في بيوتهم، كي يعيشوا بحريتهم وكرامتهم.
يجب أن تكون الدولة المعاصرة المركزية، دولة مؤسسات الحق والقانون، قوية قادرة على الضرب على يد المتاجرين بالدين الحنيف الذي ليس سلعة سياسية أو تجارية، وإذا ما حصل وأن تنازلت لهم في هذه الجولة مرة واحدة، فستكون هناك تنازلات ولمرات أخرى، وبمثل هذا المسلسل من التنازلات، سنجد البلد يزحف شيئاً فشيئاً نحو الهاوية، نحو أفق عشرية دموية أخرى، لا أحد يريدها لهذا البلد الجميل.
إن الدولة المعاصرة المركزية هي حامية حرية التعبير وحرية الفنون ومن يسمح لنفسه بمنع فنان له وزنه العالمي، فإنه يريد أن يعود بالبلد إلى القرون الوسطى، ولن يستفيد من ذلك سوى المتربصين بالجزائر من كل الجهات، إننا في بلد يعترف باللغة الأمازيغية لغة وطنية ورسمية، فلا داعي لإثارة السؤال حول التعددية وحق الاختلاف في بلد كبير وموحد: الجزائر.
لا تحيوا الفتنة من قبرها، إنها رميم!
* (المقال الأسبوعي المنشور بأندبندت اللندنية الخميس 21 أبريل 2022