مسرحية "روميو وجولييت" مشهورة عالميًّا، وبسبب كتابة شكسبير هذه المسرحية عن هذين العاشقين صارا أشهر عاشقين في العالم، وكثيرًا ما يضرب المثل بكل عاشقين متيمين في الحب بهما، أما قيس بن الملوح الملقب بمجنون ليلى ومعشوقته ليلى فهما أشهر عاشقين في الثقافة العربية، وكان لجمع الأصفهاني لأخبارهما في كتاب "الأغاني" ما جعل قصة عشقهما تشيع كثيرًا، وحين كتب شوقي عنهما مسرحية "مجنون ليلى" زاد تسليط الضوء عليهما
في البيئة العربية، وقد صارا أهم عاشقين عند العرب، وكثيرًا ما يضرب المثل لكل عاشقين في العالم العربي بهذين العاشقين القديمين قيس وليلى.
والحقيقة أن هناك أوجه تشابه كثيرة بين مسرحية "مجنون ليلى" لشوقي ومسرحية "روميو وجولييت" لشكسبير، وهذا التشابه يعود لقراءة شوقي مسرحية "روميو وجولييت" وتأثره بها، ولا يخفى على الناقد الحصيف أن مسرحية "روميو وجولييت" كانت حاضرة في وعي ولا وعي شوقي خلال إعداده لمسرحية "مجنون ليلى"، وكتابته إياها؛ لما بينهما من تشابه كبير، فكل مسرحية منهما عن عاشقين جمع بينهما الحب على الرغم من الخلافات العائلية بينهما، وتتسع هذه الخلافات العائلية في مسرحية "روميو وجولييت" لشكسبير، فهي تعود لسنوات طويلة بين أسرة مونتاغيو التي ينتمي لها روميو، وأسرة كابيوليت التي تنتمي لها جولييت، وقد جرت في مدينة فيرونا بإيطاليا - كما جاءفي مسرحية "روميو وجولييت" لشكسبير - ثلاثة حروب أهلية بسبب تلك العداوة بين هاتين العائلتين.
أما في مسرحية "مجنون ليلى"، فإننا نرى قيس وليلى من قبيلة واحدة، ولكن قيس اكتسب عداء أسرة ليلى بسبب أنه شَبَّبَ بها في شعره، وكان
من عادة أهل البادية في نجد آنذاك - في العصر الأموي - ألا يزوجوا الشخص من الفتاة التي شَبَّبَ بها في شعره؛ حتى لا يُظَن أن زواجه بها كان سترًا لفضيحة تحدث عنها في شعره.
ولا تنفع أي وساطة من قبل روميو لإيقاف العداوة بين أسرته وأسرة جولييت بعد أن وقع في غرامها، ولا يحدث هذا الصلح بينهما الا بعد موتهما الذي هز زعيمي هاتين العائلتين- وأحدهما والد روميو والآخر والد جولييت - وجعلهما يسعيان أخيرًا للصلح بين هاتين العائلتين.
أما قيس فلم تفلح كل الوساطات التي استعان بها لإصلاح ما أثاره شعره من تشبيب بليلى، ورفضه أهلها من أجل ذلك.
واستعان كل من شكسبير وشوقي بمصادر تاريخية في مسرحيتيهما عن هؤلاء العشاق، أما شكسبير فاستعان بالملحمة التاريخية "روميو وجولييت" لأرثر بروك في صياغته مسرحية "روميو وجولييت"، واستعان شوقي بما كتبه الأصفهاني - على وجه الخصوص - عن قيس بن الملوح وعلاقته بليلى العامرية وما قاله من شعر فيها.
ومن الواضح أن أصول قصة عشق روميو وجولييت وقصة عشق قيس وليلى قد تداخل فيها الواقعي بالخيالي، وكان للرّواة والكتاب شأن في إظهار قصة العشق الكبيرة لديهم، وجاء شكسبير بعد ذلك ليجعل قصة عشق روميو وجولييت أشهر قصة عشق في العالم كله، وجعل شوقي بمسرحيته "مجنون ليلى" قصة عشق قيس وليلى أشهر قصة عشق في العالم العربي عبر عصوره المختلفة.
ويلاحظ أن المقدمة المنطقية لهاتين المسرحيتين واحدة، وهي أن الحب العظيم يتحدى كل شيء بما في ذلك الموت، وفي مسرحية "روميو وجولييت" يحب روميو جولييت، وتبادله نفس العاطفة، ويتحديان كل العقبات التي تقف أمامهما، ومنها عداوة أسرتيهما، وينتهي الأمر بهما للموت، فيظن روميو أن جولييت قد انتحرت، ولم يكن يعلم أنها قد أخذت - عن طريق القس - مخدرًا يجعلها تبدو ميتة، وأنها ستفيق منه بعد قليل، ويقتل روميو نفسه بالسم، وحين ترى جولييت روميو منتحرًا بجوارها في المقبرة التي أعدت لها حين ظُنَّ أنها قد ماتت - تقوم بقتل نفسها بخنجر، وبهذا نرى أن الموت لم يباعد بينهما،
بل جعلهما يموتان معًا في مكان واحد، وبسبب موتهما تم الصلح بين عائلتيهما
- كما ذكرت هذا من قبل-.
وكذلك نرى في مسرحية "مجنون ليلى" قيس يحب ليلى حبًّا شديدًا، وتبادله هي نفس العاطفة، وتفرق بينهما عادات أهل البادية في عدم تزويج الشاعر من الفتاة التي شبب بها في شعره، وتخضع ليلى حينًا لإحساسها بالواجب نحو قبيلتها على حساب عاطفة حبها لقيس، فترفضه حين توسط له ابن عوف أمين الصدقات عند والدها، ولكنها تندم على هذا التصرف بعد ذلك، وتتألم كثيرًا بعد أن تزوجت شخصًا آخر غير قيس، وتمرض من شدة حبها لقيس وبعده عنها، وتموت، وحين يعلم قيس بموتها يقف بجوار قبرها متألمًا، ثم يأتيه الموت، ويدفن بجوارها، وكأن هذين العاشقين بذلك قد تحدى حبهما كل شيء بما في ذلك الموت.
ونرى في كل مسرحية من هاتين المسرحيتين بعض المواقف التي تدل على شدة عشق كل عاشقين فيهما أحدهما للآخر، وصار موقف روميو في مسرحية "روميو وجولييت" وهو واقف أسفل شرفة جولييت يبثها غرامه، من أشهر المشاهد الغرامية التي تذكر في تصوير حال العشاق، وتأثر بعض كتاب الدراما والشعر والرسامين بهذا الموقف الذي صوره شكسبير في تلك المسرحية، وكذلك كان موقف قيس- في مسرحية "مجنون ليلى" - وهو يأتي ليلى في حيها عند خيمتها متحججًا بطلب الحطب والنار ليراها، ثم حديثه العاطفي معها في ذلك الموقف - من أشهر المواقف الغرامية التي صورت في المسرح العربي، وتأثر
بهذا الموقف بعض الشعراء، وبعض كتاب الدراما، كما نرى في مسرحية
"ليلى والمجنون" لصلاح عبد الصبور، وفيلم "الآنسة ماما" الذي كتب حوارهأبو السعود الإبياري، ولحن ذلك الموقف المحاكي للموقف الذي ذكرناه في مسرحية"مجنون ليلى" - الفنان المبدع محمد فوزي.
ومن أهم أوجه الاختلاف بين مسرحية "روميو وجولييت" ومسرحية "مجنون ليلى" أن مسرحية "روميو وجولييت" مسرحية عالمية، وآثارها كبيرة
في الأدب والفن في العالم، أما مسرحية "مجنون ليلى" فتأثيرها منحصر في البيئة العربية والفارسية والهندية فقط.
وأيضًا من أهم أوجه الاختلاف بين هاتين المسرحيتين أن شخصية روميو في مسرحية "روميو وجولييت" شخصية فيها ميزات البطل في أنه جريء، ولديه قدرة على دخول أشد المواجهات في سبيل الفتاة التي يحبها وفي سبيل كرامته؛ وقد قتل روميو تيبالت ابن عم جولييت حين قتل صديقه مركيشيو، وكان من أثر ذلك أن صدر قرار من أمير فيرونا بنفيه خارجها، ولم يمضِ غير ليلة على زواجه السري من جولييت الذي تم بعون القسيس الذي رأى أن هذا الزواج يمكن أن يقرب بين عائلتي هذين العاشقين اللتين باعدت بينهما العداوة سنوات طويلة.
أما قيس في مسرحية "مجنون ليلى" فهو شخص يفتقد صفات البطولة، وهو غالبًا ما يُرَى فاقدًا وعيه بسبب حبه الشديد لليلى، وبعده عنها، وقد أصيب بلوثة من الجنون كانت تعتاده من حين لآخر بسبب ذلك الحب الشديد، ومنعه عن ليلى، لا سيما بعد زواجها من ورد.
ولا يقوم قيس بمواجهة منافسيه في حب ليلى، بل يواجههم أشخاص من أصدقائه بالنيابة عنه، ولا شك أن تلك الصورة لقيس جعلت المشاهد لا يشعر أنه شخص من لحم ودم؛ مما يفقده كثيرًا من تعاطف المشاهد له.
ومن أوجه الخلاف أيضًا بين هاتين المسرحيتين - ويعد هذا الخلاف في صالح مسرحية "مجنون ليلى" لشوقي - أننا نرى قيس في مسرحية "مجنون ليلى" لا يحب أي امرأة غير ليلى، فهي عشقه منذ الطفولة، وأمله الكبير طوال حياته، أما روميو في مسرحية "روميو وجولييت" لشكسبير فكان يحب فتاة أخرى قبل حبه لجولييت؛ هي روزالين،وذهب روميو للحفلة التنكرية التي يقيمها كابيوليت والد جولييت؛ لأنه عرف أن تلك المحبوبة ستكون متواجدة فيها، ولكنه في تلك الحفلة يرى جولييت، فيهيم حبًّا فيها، وينسيه حبه لها حبه السابق لروزالين.
وتعد مسرحية "روميو وجولييت" من المسرحيات التي كتبها شكسبير في المرحلة الثانية من مراحل تأليفه المسرحي التي اصطلح عليها النقاد، وكانت بعدها المرحلة الثالثة التي كتب فيها روائع مآسيه، مثل:"مأساة هاملت" و"الملك لير" و"عطيل"، وكانت المرحلة الاولى له في كتابة بعض المسرحيات التاريخية، وختم كتاباته المسرحية بكتابة مسرحيات تجمع بين التراجيديا والكوميديا، مثل: مسرحية "العاصفة".
ومسرحية "روميو وجولييت" نرى فيها بعض الأحداث التي تقوم على المصادفة، كعدم وصول الشخص الذي أرسله القس لروميو ليخبره بأن جولييت لم تمت، ولكنها مخدرة لوقت معين، في حين يصل اليه تابع له أخبره أن جولييت قد ماتت؛ لأنه لم يكن يعلم أنها مخدرة فقط.
وأيضًا من المصادفات في هذه المسرحية أننا نرى روميو يعتقد أن جولييت قد ماتت، فينتحر قبيل ان تقوم من نومها بعد انتهاء أثر المخدر الذي تناولته، وكذلك لا يظهر القس لروميو وهو أمام قبرها؛ ليعرفه بأنها لم تمت، ولكنه يظهر قبل ذلك، وبعد ذلك.
ونرى في مسرحية "مجنون ليلى" لشوقي عدة مواقف ضعيفة، وكان الأولى تعديلها أو حذفها، ومن ذلك المشهد الأول في هذه المسرحية الذي تظهر فيه ليلى مع بعض بنات البادية وهن يتسامرن مع بعض الشباب أمام خيام أهل ليلى، وهو موقف يتعارض مع تقاليد العرب في البادية قديمًا وحديثًا، وكذلك هو موقف فيه فكاهة تتعارض مع الأجواء المأساوية لهذه المسرحية.
وأيضًا كان مجيء قيس لوادي الجن في الفصل الرابع من هذه المسرحية مما لا أهمية له فيها، والأولى حذفه منها، فهو لا يضيف جديدًا للحدث الرئيس في المسرحية، بل إنه يوقف الحركة بها.
وبعد، فهذه نظرة سريعة على أوجه التشابه والاختلاف بين هاتين المسرحيتين الخالدتين، وإن كنّا مع ذلك لا نجهل المسافات الكبيرة بينهما في الجودة والشهرة العالمية اللتين تصبان في جانب مسرحية "روميو وجولييت" لشكسبير.
في البيئة العربية، وقد صارا أهم عاشقين عند العرب، وكثيرًا ما يضرب المثل لكل عاشقين في العالم العربي بهذين العاشقين القديمين قيس وليلى.
والحقيقة أن هناك أوجه تشابه كثيرة بين مسرحية "مجنون ليلى" لشوقي ومسرحية "روميو وجولييت" لشكسبير، وهذا التشابه يعود لقراءة شوقي مسرحية "روميو وجولييت" وتأثره بها، ولا يخفى على الناقد الحصيف أن مسرحية "روميو وجولييت" كانت حاضرة في وعي ولا وعي شوقي خلال إعداده لمسرحية "مجنون ليلى"، وكتابته إياها؛ لما بينهما من تشابه كبير، فكل مسرحية منهما عن عاشقين جمع بينهما الحب على الرغم من الخلافات العائلية بينهما، وتتسع هذه الخلافات العائلية في مسرحية "روميو وجولييت" لشكسبير، فهي تعود لسنوات طويلة بين أسرة مونتاغيو التي ينتمي لها روميو، وأسرة كابيوليت التي تنتمي لها جولييت، وقد جرت في مدينة فيرونا بإيطاليا - كما جاءفي مسرحية "روميو وجولييت" لشكسبير - ثلاثة حروب أهلية بسبب تلك العداوة بين هاتين العائلتين.
أما في مسرحية "مجنون ليلى"، فإننا نرى قيس وليلى من قبيلة واحدة، ولكن قيس اكتسب عداء أسرة ليلى بسبب أنه شَبَّبَ بها في شعره، وكان
من عادة أهل البادية في نجد آنذاك - في العصر الأموي - ألا يزوجوا الشخص من الفتاة التي شَبَّبَ بها في شعره؛ حتى لا يُظَن أن زواجه بها كان سترًا لفضيحة تحدث عنها في شعره.
ولا تنفع أي وساطة من قبل روميو لإيقاف العداوة بين أسرته وأسرة جولييت بعد أن وقع في غرامها، ولا يحدث هذا الصلح بينهما الا بعد موتهما الذي هز زعيمي هاتين العائلتين- وأحدهما والد روميو والآخر والد جولييت - وجعلهما يسعيان أخيرًا للصلح بين هاتين العائلتين.
أما قيس فلم تفلح كل الوساطات التي استعان بها لإصلاح ما أثاره شعره من تشبيب بليلى، ورفضه أهلها من أجل ذلك.
واستعان كل من شكسبير وشوقي بمصادر تاريخية في مسرحيتيهما عن هؤلاء العشاق، أما شكسبير فاستعان بالملحمة التاريخية "روميو وجولييت" لأرثر بروك في صياغته مسرحية "روميو وجولييت"، واستعان شوقي بما كتبه الأصفهاني - على وجه الخصوص - عن قيس بن الملوح وعلاقته بليلى العامرية وما قاله من شعر فيها.
ومن الواضح أن أصول قصة عشق روميو وجولييت وقصة عشق قيس وليلى قد تداخل فيها الواقعي بالخيالي، وكان للرّواة والكتاب شأن في إظهار قصة العشق الكبيرة لديهم، وجاء شكسبير بعد ذلك ليجعل قصة عشق روميو وجولييت أشهر قصة عشق في العالم كله، وجعل شوقي بمسرحيته "مجنون ليلى" قصة عشق قيس وليلى أشهر قصة عشق في العالم العربي عبر عصوره المختلفة.
ويلاحظ أن المقدمة المنطقية لهاتين المسرحيتين واحدة، وهي أن الحب العظيم يتحدى كل شيء بما في ذلك الموت، وفي مسرحية "روميو وجولييت" يحب روميو جولييت، وتبادله نفس العاطفة، ويتحديان كل العقبات التي تقف أمامهما، ومنها عداوة أسرتيهما، وينتهي الأمر بهما للموت، فيظن روميو أن جولييت قد انتحرت، ولم يكن يعلم أنها قد أخذت - عن طريق القس - مخدرًا يجعلها تبدو ميتة، وأنها ستفيق منه بعد قليل، ويقتل روميو نفسه بالسم، وحين ترى جولييت روميو منتحرًا بجوارها في المقبرة التي أعدت لها حين ظُنَّ أنها قد ماتت - تقوم بقتل نفسها بخنجر، وبهذا نرى أن الموت لم يباعد بينهما،
بل جعلهما يموتان معًا في مكان واحد، وبسبب موتهما تم الصلح بين عائلتيهما
- كما ذكرت هذا من قبل-.
وكذلك نرى في مسرحية "مجنون ليلى" قيس يحب ليلى حبًّا شديدًا، وتبادله هي نفس العاطفة، وتفرق بينهما عادات أهل البادية في عدم تزويج الشاعر من الفتاة التي شبب بها في شعره، وتخضع ليلى حينًا لإحساسها بالواجب نحو قبيلتها على حساب عاطفة حبها لقيس، فترفضه حين توسط له ابن عوف أمين الصدقات عند والدها، ولكنها تندم على هذا التصرف بعد ذلك، وتتألم كثيرًا بعد أن تزوجت شخصًا آخر غير قيس، وتمرض من شدة حبها لقيس وبعده عنها، وتموت، وحين يعلم قيس بموتها يقف بجوار قبرها متألمًا، ثم يأتيه الموت، ويدفن بجوارها، وكأن هذين العاشقين بذلك قد تحدى حبهما كل شيء بما في ذلك الموت.
ونرى في كل مسرحية من هاتين المسرحيتين بعض المواقف التي تدل على شدة عشق كل عاشقين فيهما أحدهما للآخر، وصار موقف روميو في مسرحية "روميو وجولييت" وهو واقف أسفل شرفة جولييت يبثها غرامه، من أشهر المشاهد الغرامية التي تذكر في تصوير حال العشاق، وتأثر بعض كتاب الدراما والشعر والرسامين بهذا الموقف الذي صوره شكسبير في تلك المسرحية، وكذلك كان موقف قيس- في مسرحية "مجنون ليلى" - وهو يأتي ليلى في حيها عند خيمتها متحججًا بطلب الحطب والنار ليراها، ثم حديثه العاطفي معها في ذلك الموقف - من أشهر المواقف الغرامية التي صورت في المسرح العربي، وتأثر
بهذا الموقف بعض الشعراء، وبعض كتاب الدراما، كما نرى في مسرحية
"ليلى والمجنون" لصلاح عبد الصبور، وفيلم "الآنسة ماما" الذي كتب حوارهأبو السعود الإبياري، ولحن ذلك الموقف المحاكي للموقف الذي ذكرناه في مسرحية"مجنون ليلى" - الفنان المبدع محمد فوزي.
ومن أهم أوجه الاختلاف بين مسرحية "روميو وجولييت" ومسرحية "مجنون ليلى" أن مسرحية "روميو وجولييت" مسرحية عالمية، وآثارها كبيرة
في الأدب والفن في العالم، أما مسرحية "مجنون ليلى" فتأثيرها منحصر في البيئة العربية والفارسية والهندية فقط.
وأيضًا من أهم أوجه الاختلاف بين هاتين المسرحيتين أن شخصية روميو في مسرحية "روميو وجولييت" شخصية فيها ميزات البطل في أنه جريء، ولديه قدرة على دخول أشد المواجهات في سبيل الفتاة التي يحبها وفي سبيل كرامته؛ وقد قتل روميو تيبالت ابن عم جولييت حين قتل صديقه مركيشيو، وكان من أثر ذلك أن صدر قرار من أمير فيرونا بنفيه خارجها، ولم يمضِ غير ليلة على زواجه السري من جولييت الذي تم بعون القسيس الذي رأى أن هذا الزواج يمكن أن يقرب بين عائلتي هذين العاشقين اللتين باعدت بينهما العداوة سنوات طويلة.
أما قيس في مسرحية "مجنون ليلى" فهو شخص يفتقد صفات البطولة، وهو غالبًا ما يُرَى فاقدًا وعيه بسبب حبه الشديد لليلى، وبعده عنها، وقد أصيب بلوثة من الجنون كانت تعتاده من حين لآخر بسبب ذلك الحب الشديد، ومنعه عن ليلى، لا سيما بعد زواجها من ورد.
ولا يقوم قيس بمواجهة منافسيه في حب ليلى، بل يواجههم أشخاص من أصدقائه بالنيابة عنه، ولا شك أن تلك الصورة لقيس جعلت المشاهد لا يشعر أنه شخص من لحم ودم؛ مما يفقده كثيرًا من تعاطف المشاهد له.
ومن أوجه الخلاف أيضًا بين هاتين المسرحيتين - ويعد هذا الخلاف في صالح مسرحية "مجنون ليلى" لشوقي - أننا نرى قيس في مسرحية "مجنون ليلى" لا يحب أي امرأة غير ليلى، فهي عشقه منذ الطفولة، وأمله الكبير طوال حياته، أما روميو في مسرحية "روميو وجولييت" لشكسبير فكان يحب فتاة أخرى قبل حبه لجولييت؛ هي روزالين،وذهب روميو للحفلة التنكرية التي يقيمها كابيوليت والد جولييت؛ لأنه عرف أن تلك المحبوبة ستكون متواجدة فيها، ولكنه في تلك الحفلة يرى جولييت، فيهيم حبًّا فيها، وينسيه حبه لها حبه السابق لروزالين.
وتعد مسرحية "روميو وجولييت" من المسرحيات التي كتبها شكسبير في المرحلة الثانية من مراحل تأليفه المسرحي التي اصطلح عليها النقاد، وكانت بعدها المرحلة الثالثة التي كتب فيها روائع مآسيه، مثل:"مأساة هاملت" و"الملك لير" و"عطيل"، وكانت المرحلة الاولى له في كتابة بعض المسرحيات التاريخية، وختم كتاباته المسرحية بكتابة مسرحيات تجمع بين التراجيديا والكوميديا، مثل: مسرحية "العاصفة".
ومسرحية "روميو وجولييت" نرى فيها بعض الأحداث التي تقوم على المصادفة، كعدم وصول الشخص الذي أرسله القس لروميو ليخبره بأن جولييت لم تمت، ولكنها مخدرة لوقت معين، في حين يصل اليه تابع له أخبره أن جولييت قد ماتت؛ لأنه لم يكن يعلم أنها مخدرة فقط.
وأيضًا من المصادفات في هذه المسرحية أننا نرى روميو يعتقد أن جولييت قد ماتت، فينتحر قبيل ان تقوم من نومها بعد انتهاء أثر المخدر الذي تناولته، وكذلك لا يظهر القس لروميو وهو أمام قبرها؛ ليعرفه بأنها لم تمت، ولكنه يظهر قبل ذلك، وبعد ذلك.
ونرى في مسرحية "مجنون ليلى" لشوقي عدة مواقف ضعيفة، وكان الأولى تعديلها أو حذفها، ومن ذلك المشهد الأول في هذه المسرحية الذي تظهر فيه ليلى مع بعض بنات البادية وهن يتسامرن مع بعض الشباب أمام خيام أهل ليلى، وهو موقف يتعارض مع تقاليد العرب في البادية قديمًا وحديثًا، وكذلك هو موقف فيه فكاهة تتعارض مع الأجواء المأساوية لهذه المسرحية.
وأيضًا كان مجيء قيس لوادي الجن في الفصل الرابع من هذه المسرحية مما لا أهمية له فيها، والأولى حذفه منها، فهو لا يضيف جديدًا للحدث الرئيس في المسرحية، بل إنه يوقف الحركة بها.
وبعد، فهذه نظرة سريعة على أوجه التشابه والاختلاف بين هاتين المسرحيتين الخالدتين، وإن كنّا مع ذلك لا نجهل المسافات الكبيرة بينهما في الجودة والشهرة العالمية اللتين تصبان في جانب مسرحية "روميو وجولييت" لشكسبير.