أ. د. لطفي مَنْصور - من صالونِ ميّ زيادة

ميّ زيادة شاعرةٌ وكاتبةٌ عظيمةٌ، لها عشراتُ الكتبِ، وُلِدّتْ في الناصرةِ، ثمَّ انتقلتْ إلى لبنانَ، ثم حطَّتْ رِحالَها في مصرَ منذُ عشرينيّاتِ القرنِ الماضي. واتَّصَلَتْ مع أدباءِ مصرَ مثلِ طه حسين وعباس محمود العقاد والشاعرِ إسماعيل صبري، والشرقاوي وغيرِهِمْ. وجعلتْ من بيتها صالونًا للأدبِ والشعر ِ، وكانَ الأدباءُ يلتَقُونَ بها كلَّ يومِ ثلاثاءَ.
أُولِعَ أُدَباءُ مصرَ بميٍّ بأدبِها وشعرِها وبجمالِها أيضًا. الكلّ كان يخطبُ وُدَّها، ومنهم مَنْ طلبها للزَّواجِ وألحُّوا عليها، وهي عازفةٌ عنهم في هذه المسألةِ. ولها معهم نوادرُ كثيرةٌ، كانتْ تدفعُهْمْ بكلِّ رِقَّةٍ، وتقولُ لهم: واللهِ إنِّي أُحِبُّكُمْ جميعًا فهل أستطيعُ ان أكونَ زوجة لكلّ مَنْ أحبُّهم؟ نَحْنُ شركاءُ في حبّ الأَدَبِ وهو الذي يجمعُنا، وفي نساء مصرَ نساءٌ اكثرُ مني جمالا فتزوجوا منهن.
الشّاعِرُ الكبيرُ إسماعيل صبري كان يعشقُها بلا حدودٍ فَقالَ فيها:
رُوحِي على دورِ بعضِ الحَيِّ حائمَةٌ
كظامئِ الطيرِ توّاقًا إلى الماءِ
إنْ لمْ أُمَتِعْ بِمَيٍّ ناظِرَيَّ غدًا
أنكَرْتُ صُبْحَكَ يا يَومَ الثلاثاءِ
أما العقادُ فكانَ يخاطِبُها بكلمة (أنتي). فقالت له يومًا: لماذا لا تقول: أنْتِ ؟ فقال: أنا لنْ أكسِرَكِ حتى في اللغة.
العقادُ كان عَزَبًا وَراوَدَها مرّاتٍ ومرّات على الزواجِ فرفضتْ.
وأخيرًا انكشفَ عشقُ ميٍّ وإذا بها كانتْ تعشقُ جبرانَ خليل جبران عِشْقًا عظيمًا وهو يبادلُها مثلَ هذا الحبِّ، ولم تَرَهُ ولمْ يرَها. كشفّ لنا ذَلِكَ رسائلُهما التي تبادلاها.
وماتَ جبرانُ وَلَحِقَهُ العقادُ وماتََتْ ميٌّ ولمْ يتزوَّجْ أيٌّ منهم.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...