قبل سنة أعلن أحدهم بأنه المهدي المنتظر، وطوال التاريخ البشري إدعى الكثير من البشر النبوة والمسيانية والمهدية، والكثير منهم فشل وقليل منهم تمكن من خلق أنصار وخاض الحروب، بعضهم شُنق أو قطع راسه وبعضهم أضحى زعيماً يورث الحكم من نسله، وبعضهم همش فسقط من ذاكرة التاريخ، وهكذا.
غير أن النبوة ليست مسألة يسيرة، لا في زماننا هذا ولا في قديم التاريخ. إذ أن النبوة تُحمّل من يزعمها تكاليف وأعباء عالية، ففضلاً عن الذكاء تحتاج لإيمان من يدعيها بأنه نبي حقاً، لكي يتمكن من إتِّباع تعاليمه التي يفرضها على الناس. فلا نبوة بلا تعاليم، ولا يمكنك أن تضع تعاليم وتكون أنت أول من يخرقها. كما تحتاج النبوة إلى طقوس باعتبار تلك الطقوس حبل يربط بين السماء والأرض. وعلى من يزعم النبوة أن يكون أكثر من يلتزم بما يفرضه على نفسه. والنبوة باختصار تحتاج لمشروع، تماما كمشروع المرشحين لحكم الدولة، ببرنامج واضح، لأن الناس إنما يتبعون النبي لكي يخرجهم من شعورهم بالضياع والتخبط إلى التنظيم والاستقرار النفسي، لذلك لا بد للنبي من تأسيس أنساق وأنظمة وحفر مسارات، بغض النظر عن منطقيتها أو عدم منطقيتها.
ويحتاج من يزعم النبوة إلى اختيار المكان والزمان المناسبين، لكي لا يتم شنقه قبل أن يستمتع بتبجيل تابع واحد. وفي العموم، فيجب على من يزعم النبوة أن يُقدِّر الموقف جيداً ويقرأ الواقع قراءة عقلانية سليمة بلا أدنى عاطفة، وأن يعرف من أين يبدأ وكيف سينتهي. لكن الأهم من كل ما سبق هو الالتزام. إن التزامك بأخذ الدواء كل يوم سيقيك من تفاقم المرض، تنظيفك لحاسبك سيقلل من عطبه، تزييتك لمكنة السيارة سيحميك من انهيارها المفاجئ وأنت في الطريق. والإلتزام بتمارينك الرياضية سيجعلك بطلاً. وهكذا النبوة، يجب أن يكون مدعيها متمعاً بإرادة الإلتزام منذ البداية وإلا فليصرف النظر عنها. كذلك؛ فمن أهم أعباء النبوة هو اختلاق أعداء. فالنبوة تفشل إن لم تواجه بعدو، ولكن على من يختلق العدو أن يكون متأكداً من قدرته على السيطرة على معاركه قبل أن يبتدئها. فليس من الجيد أن تقع في الشرك كما وقعت فيه جان دارك أو مسيلمة وسجاحة. أهمية الأعداء هو خلق صراع، والصراع يخلق الإعلام والإعلام يزيد من انتشار الدعوة، والسجال الفكري، ويخلق أنصار وأعداء بعيدين لا يعرفهم حتى مدعي النبوة نفسه. هناك نبوات باردة، وهي نبوات لا تسعى إلى التوسع ولا الانتشار، وهي تظهر غالباً في شكل طائفة صغيرة، أو داخل قبيلة بدائية، وقد تتوسع قليلاً، ولكنها لن تحظى -بدون الصراع- بالكونية والدولية. وباختصار ستظل هذه الديانة وأصحابها في حالة تهميش مستمر، وقد تتناقص لأن عوامل تفلت أتباعها منها أقوى من عوامل تماسكهم فيها. لذلك يمكننا تلخيص تكاليف النبوة في:
١- ذكاء مدعي النبوة.
٢- إيمانه بأنه نبي حقاً.
٣- خلق مشروع أو برنامج وطقوس.
٤- الإلتزام بتلك الطقوس.
٥- تقدير الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي في المكان والزمان حيث تنطلق الدعوة.
٦- اختلاق العدو..
٧- التأسيس لمعارك مسيطر عليها.
٩- وضع خطة مرنة.
١٠- التقييم المستمر لحركة الدعوة.
١١- إصلاح الأخطاء والبناء للمستقبل.
وكل عام وأنتم بخير
غير أن النبوة ليست مسألة يسيرة، لا في زماننا هذا ولا في قديم التاريخ. إذ أن النبوة تُحمّل من يزعمها تكاليف وأعباء عالية، ففضلاً عن الذكاء تحتاج لإيمان من يدعيها بأنه نبي حقاً، لكي يتمكن من إتِّباع تعاليمه التي يفرضها على الناس. فلا نبوة بلا تعاليم، ولا يمكنك أن تضع تعاليم وتكون أنت أول من يخرقها. كما تحتاج النبوة إلى طقوس باعتبار تلك الطقوس حبل يربط بين السماء والأرض. وعلى من يزعم النبوة أن يكون أكثر من يلتزم بما يفرضه على نفسه. والنبوة باختصار تحتاج لمشروع، تماما كمشروع المرشحين لحكم الدولة، ببرنامج واضح، لأن الناس إنما يتبعون النبي لكي يخرجهم من شعورهم بالضياع والتخبط إلى التنظيم والاستقرار النفسي، لذلك لا بد للنبي من تأسيس أنساق وأنظمة وحفر مسارات، بغض النظر عن منطقيتها أو عدم منطقيتها.
ويحتاج من يزعم النبوة إلى اختيار المكان والزمان المناسبين، لكي لا يتم شنقه قبل أن يستمتع بتبجيل تابع واحد. وفي العموم، فيجب على من يزعم النبوة أن يُقدِّر الموقف جيداً ويقرأ الواقع قراءة عقلانية سليمة بلا أدنى عاطفة، وأن يعرف من أين يبدأ وكيف سينتهي. لكن الأهم من كل ما سبق هو الالتزام. إن التزامك بأخذ الدواء كل يوم سيقيك من تفاقم المرض، تنظيفك لحاسبك سيقلل من عطبه، تزييتك لمكنة السيارة سيحميك من انهيارها المفاجئ وأنت في الطريق. والإلتزام بتمارينك الرياضية سيجعلك بطلاً. وهكذا النبوة، يجب أن يكون مدعيها متمعاً بإرادة الإلتزام منذ البداية وإلا فليصرف النظر عنها. كذلك؛ فمن أهم أعباء النبوة هو اختلاق أعداء. فالنبوة تفشل إن لم تواجه بعدو، ولكن على من يختلق العدو أن يكون متأكداً من قدرته على السيطرة على معاركه قبل أن يبتدئها. فليس من الجيد أن تقع في الشرك كما وقعت فيه جان دارك أو مسيلمة وسجاحة. أهمية الأعداء هو خلق صراع، والصراع يخلق الإعلام والإعلام يزيد من انتشار الدعوة، والسجال الفكري، ويخلق أنصار وأعداء بعيدين لا يعرفهم حتى مدعي النبوة نفسه. هناك نبوات باردة، وهي نبوات لا تسعى إلى التوسع ولا الانتشار، وهي تظهر غالباً في شكل طائفة صغيرة، أو داخل قبيلة بدائية، وقد تتوسع قليلاً، ولكنها لن تحظى -بدون الصراع- بالكونية والدولية. وباختصار ستظل هذه الديانة وأصحابها في حالة تهميش مستمر، وقد تتناقص لأن عوامل تفلت أتباعها منها أقوى من عوامل تماسكهم فيها. لذلك يمكننا تلخيص تكاليف النبوة في:
١- ذكاء مدعي النبوة.
٢- إيمانه بأنه نبي حقاً.
٣- خلق مشروع أو برنامج وطقوس.
٤- الإلتزام بتلك الطقوس.
٥- تقدير الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي في المكان والزمان حيث تنطلق الدعوة.
٦- اختلاق العدو..
٧- التأسيس لمعارك مسيطر عليها.
٩- وضع خطة مرنة.
١٠- التقييم المستمر لحركة الدعوة.
١١- إصلاح الأخطاء والبناء للمستقبل.
وكل عام وأنتم بخير