خير جليس عباس محمود العقاد - يا كتبي أشكو ولا أغضب

يا كتبي أشكو ولا أغضب
ما أنت من يسمع أو يعتب
يا كتبي أورثتني حسرة
هيهات لا تنسى ولا تذهب
يا كتبي ألبست جلدي الضنى
لم يغنِ عني جلدك المذهب
كم ليلة سوداء قضيتها
سهران حتى أدبر الكوكب
كأنني ألمح تحت الدجى
جماجم الموتى بدت تخطب
والناس إما غارق في الكرى
أو غارق في كأسه يشرب
أو عاشق وافاه معشوقه
فنال من دنياه ما يرغب
أو سادر يحلم في ليله
بيومه الماضي وما يعقب
ينتفع المرء بما يقتني
وأنت لا جدوى ولا مأرب
إلا الأحاديث وإلا المنى
وخبرة صاحبها متعب
لا رحم الرحمن فيمن مضى
من علم العالم أن يكتبوا
شكوتها والعمر في فجره
فكيف بي لما دنا المغرب
لما دنا المغرب صالحتها
تلك التي تشكي ولا تغضب
تلك التي قلت لها مرة
والقلب دامٍ والحشا ملهب
يا كتبي أورثتني حسرة
هيهات لا تنسى ولا تذهب
يا كتبي ألبست جلدي الضنى
لم يغنِ عني جلدك المذهب
فالآن يا كتبي تعالي لمن
أخبثُ شيء عنده طيب
ما أنت شر من عناء المنى
وهي التي في صدقها تكذب
ما أنت أقسى من شقاء الهوى
وهو الذي في لهوه يتعب
ما أنت أغلى ثمنًا إن غلا
من جوهر يكنز أو يعطب
ما أنت في سكر وفي متعة
أخلى من السم الذي يشرب
ويحك إنا نحن من معشر
يسبق فينا الدور أو يعقب
غدًا سنمسي كلنا ما لنا
في العيش إلا رفك المترب
فليت لي إذ أنا تحت الثرى
جمجمة ثرثارة تخطب
رهطًا من القراء يرضونني
رضاي عن بلواك إذ أغضب
يا كتبي ما شئت فلتحسبي
أو شاء قرائي فليحسبوا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...