لا مانع من بعض الدعابة التي تكسر جمود الأجواء التي نعيشها وتكاد تطبق على أنفاسنا، لكن للدعابة العديد من القواعد المطلوب توفرها كإجادة الشخص لإلقاء النكتة وتمتعه بسرعة البديهة وحس الفكاهة دون أن يجرح غيره لأي سببٍ كان، فلا يوجد أي مبرر لذلك كما ينبغي أن يتوفر الطرف الآخر القادر على استيعاب هذه (الرسالة) وتقبلها، وبكل الأحوال هذه المقالة ليست فكاهية ولكنها تتسائل عن عدة مفاهيم تزداد وضوحاً كل يوم أكثر من اليوم الذي سبقه..
وليست هذه هي المرة الأولى التي أكتب فيها عن عدم إيماني بالعبارات المشابهة ل(الظواهر الدخيلة على مجتمعاتنا، ماذا حدث لنا ؟) لأن كل ما نعيشه ليس وليد اللحظة ولم نكن في حالٍ أفضل، لكن الظروف الحالية والأوضاع التي أفرزتها المتغيرات السياسية والإقتصادية والثقافية أدت إلى خروج ما كانت مجتمعاتنا تخفيه بكل فئاتها وشرائحها وطوائفها دون استثناء، وجعلته يطفو على السطح بشكلٍ واضح من خلال سلوك الناس في حياتها اليومية وعبر مواقع التواصل الإجتماعي، فبعد أن رأينا جميعاً على امتداد بلادنا كل ماحدث من أزمات وصراعات وحروب ودماء ولجوء وتهجير ونزوح لا زالت النتيجة صفراً، حيث لم يعتبر الأغلبية من كل ما حدث بل زادوا تطرفاً وانغلاقاً وعنصرية وطائفية وانعزالية من جميع الثقافات، وأصبحت المجتمعات مقسمة بشكلٍ أو بآخر ويساهم في هذا التقسيم بشكلٍ مباشر الكثير من الفنانين والإعلاميين والكتاب والوجوه البارزة من خلال تصريحاتهم واختياراتهم التي تعزز هذه النزعات التقسيمية ثم يلقون باللائمة على (الوضع العام)..
ولا ندري كيف يحق للبعض من الذين يصنفون أنفسهم كنخب أن يلوموا المجتمع الذي جاؤوا منه وهم أيضاً يساهمون في تفتيته، فليس جديداً علينا أن نعرف أن مجتمعاتنا تضم الكثير من الطوائف والمذاهب والأعراق والثقافات، ولكن الغريب هو الشعارات البراقة التي يطلقها البعض (شكلياً) عن الحرية والعدالة والمساواة انبهاراً بالنموذج الغربي (الذي لا يطبقها)، ثم نجدهم يهاجمون أو يسخرون من عرق أو فئة أو ثقافة أو منطقة أو طائفة في بلده وإن كان بشكل مبطن وغير مباشر بينما يطالب الآخرين بإحترام رأيه ومعتقده، فيشعل نار الفتنة لأنه قد يكون في حالة فراغ وليس لديه ما يقوله رغبةً في التسلية ثم يحاول أن يصور لنا لاحقاً أنه (ضحية التطرف والتعصب) عندما يدافع الآخرون عن ثقافتهم، فلماذا لم يتعلم الناس حتى الآن ترك الآخرين وشأنهم واحترام اختلافهم عنهم والتعامل معهم أو حتى عدم التعامل لكن بدون أذى، لماذا يحشر بعض المسلمين أنفسهم في قضية مسيحية ؟ ولماذا يحشر بعض المسيحيين أنفسهم في قضية إسلامية ؟ ولماذا بعض (اللادينيين) يصرون على إقحام أنفسهم في الدين وهم لا يؤمنون به ؟ ولماذا يحاولون زعزعة الإستقرار الهش من وقت لآخر عبر أفكارهم وتصيدهم في الماء العكر وخلق الفتن رغبةً في الشهرة ؟ ولماذا تتم شخصنة قضايا عامة ؟ ولماذا نبحث عن الحرية في بلاد الغرب بينما نحن مقيدون من الداخل ؟ ولماذا يخاف الكثير من المقيمين في الخارج الديمقراطي من انتقاد الكيان الصهيوني بحرية بينما يصب غضبه على أبناء وطنه؟ كيف نتحدث عن وطن واحد وشعوب ذات تاريخ متشابك ومصير مشترك بينما نرى ونفهم بوضوح أن العديد من أبناء بلادنا ينظر إلى خلفية الشخص الطائفية والعرقية والثقافية حتى قبل تقييمه لفكر أو عمل فني أو تجربة اسم بعينه، وإن كان من بلد آخر فإن التقييم يخضع لمحبته لتلك الجنسية أو كرهه لها أو تقاطع المصالح السياسية بينها وبين بلده أو الحزب الذي يتبع له، وهو ما يثبت حالة التحضر الزائف التي يعيشها الكثيرون..
فمتى سنفهم معنى حرية الغير في اختيار معتقداته ونتوقف عن إشعال الفتن والسخرية منه تحت مفهوم كاذب للحرية الشخصية ؟ ومتى نتعامل مع أبناء جلدتنا بنفس (التسامح والإنفتاح) الذي نتعامل به مع المواطن الغربي ؟ ومتى ندرك أن النفاق الغربي في التعامل مع قضايانا هو انعكاس لنفاقنا وأنانيتنا وماديتنا وتحيزنا ضد بعضنا البعض، وبالتالي لا يجوز لنا أن نطلب من الغير ما لا نقدمه لأنفسنا أو نقدمه لأخوتنا وشركائنا في الوطن، متى يقيم كل شخص بمجهوده لا شكله فنرى المحجبة تصوت للمتحررة صاحبة الكفاءة ونرى أيضاً المرأة المتحررة لا تطلب من المحجبة سوى المهنية دون محاكمتها وفقاً لإختيارها، ومتى سنقيم عملاً بناءاً على قيمته وليس لأن صاحبه مسلم أو مسيحي أو كردي أو أمازيغي ؟ ومتى سنكف عن العنصرية واختيار أو تأييد شخص فقط لأنه من بلدنا أو ثقافتنا بينما نتخلى عن الأجدر لأنه (ليس منا)؟
وربما لا زال من المبكر أن نجد إجاباتٍ لكل هذه الأسئلة وبكل تأكيد وبكل أسف سنجد هناك من يبرر هذه السلوكيات أو يرتضيها لغيره ولا يرضاها لنفسه، لكن من الواضح والمؤكد أن الظواهر في المجتمعات التي لا يحترم أفرادها اختلاف بعضهم، ويجدون في اللعب بالأديان والنيل من غيرهم فرصة للتواجد والظهور، ولا يرون من معهم لكنهم يرون في الغرب من يشبههم (وهذا عيب فيهم وليس عيباً في الغرب) هي ظواهر أصيلة وليست دخيلة ولم تهبط علينا أو تتفشى بيننا عبر كائنات فضائية، لذا لن تتقدم هذه المجتمعات طالما كان هذا حالها الذي لا يعرف سوى الشكوى والإنكار..
خالد جهاد..
وليست هذه هي المرة الأولى التي أكتب فيها عن عدم إيماني بالعبارات المشابهة ل(الظواهر الدخيلة على مجتمعاتنا، ماذا حدث لنا ؟) لأن كل ما نعيشه ليس وليد اللحظة ولم نكن في حالٍ أفضل، لكن الظروف الحالية والأوضاع التي أفرزتها المتغيرات السياسية والإقتصادية والثقافية أدت إلى خروج ما كانت مجتمعاتنا تخفيه بكل فئاتها وشرائحها وطوائفها دون استثناء، وجعلته يطفو على السطح بشكلٍ واضح من خلال سلوك الناس في حياتها اليومية وعبر مواقع التواصل الإجتماعي، فبعد أن رأينا جميعاً على امتداد بلادنا كل ماحدث من أزمات وصراعات وحروب ودماء ولجوء وتهجير ونزوح لا زالت النتيجة صفراً، حيث لم يعتبر الأغلبية من كل ما حدث بل زادوا تطرفاً وانغلاقاً وعنصرية وطائفية وانعزالية من جميع الثقافات، وأصبحت المجتمعات مقسمة بشكلٍ أو بآخر ويساهم في هذا التقسيم بشكلٍ مباشر الكثير من الفنانين والإعلاميين والكتاب والوجوه البارزة من خلال تصريحاتهم واختياراتهم التي تعزز هذه النزعات التقسيمية ثم يلقون باللائمة على (الوضع العام)..
ولا ندري كيف يحق للبعض من الذين يصنفون أنفسهم كنخب أن يلوموا المجتمع الذي جاؤوا منه وهم أيضاً يساهمون في تفتيته، فليس جديداً علينا أن نعرف أن مجتمعاتنا تضم الكثير من الطوائف والمذاهب والأعراق والثقافات، ولكن الغريب هو الشعارات البراقة التي يطلقها البعض (شكلياً) عن الحرية والعدالة والمساواة انبهاراً بالنموذج الغربي (الذي لا يطبقها)، ثم نجدهم يهاجمون أو يسخرون من عرق أو فئة أو ثقافة أو منطقة أو طائفة في بلده وإن كان بشكل مبطن وغير مباشر بينما يطالب الآخرين بإحترام رأيه ومعتقده، فيشعل نار الفتنة لأنه قد يكون في حالة فراغ وليس لديه ما يقوله رغبةً في التسلية ثم يحاول أن يصور لنا لاحقاً أنه (ضحية التطرف والتعصب) عندما يدافع الآخرون عن ثقافتهم، فلماذا لم يتعلم الناس حتى الآن ترك الآخرين وشأنهم واحترام اختلافهم عنهم والتعامل معهم أو حتى عدم التعامل لكن بدون أذى، لماذا يحشر بعض المسلمين أنفسهم في قضية مسيحية ؟ ولماذا يحشر بعض المسيحيين أنفسهم في قضية إسلامية ؟ ولماذا بعض (اللادينيين) يصرون على إقحام أنفسهم في الدين وهم لا يؤمنون به ؟ ولماذا يحاولون زعزعة الإستقرار الهش من وقت لآخر عبر أفكارهم وتصيدهم في الماء العكر وخلق الفتن رغبةً في الشهرة ؟ ولماذا تتم شخصنة قضايا عامة ؟ ولماذا نبحث عن الحرية في بلاد الغرب بينما نحن مقيدون من الداخل ؟ ولماذا يخاف الكثير من المقيمين في الخارج الديمقراطي من انتقاد الكيان الصهيوني بحرية بينما يصب غضبه على أبناء وطنه؟ كيف نتحدث عن وطن واحد وشعوب ذات تاريخ متشابك ومصير مشترك بينما نرى ونفهم بوضوح أن العديد من أبناء بلادنا ينظر إلى خلفية الشخص الطائفية والعرقية والثقافية حتى قبل تقييمه لفكر أو عمل فني أو تجربة اسم بعينه، وإن كان من بلد آخر فإن التقييم يخضع لمحبته لتلك الجنسية أو كرهه لها أو تقاطع المصالح السياسية بينها وبين بلده أو الحزب الذي يتبع له، وهو ما يثبت حالة التحضر الزائف التي يعيشها الكثيرون..
فمتى سنفهم معنى حرية الغير في اختيار معتقداته ونتوقف عن إشعال الفتن والسخرية منه تحت مفهوم كاذب للحرية الشخصية ؟ ومتى نتعامل مع أبناء جلدتنا بنفس (التسامح والإنفتاح) الذي نتعامل به مع المواطن الغربي ؟ ومتى ندرك أن النفاق الغربي في التعامل مع قضايانا هو انعكاس لنفاقنا وأنانيتنا وماديتنا وتحيزنا ضد بعضنا البعض، وبالتالي لا يجوز لنا أن نطلب من الغير ما لا نقدمه لأنفسنا أو نقدمه لأخوتنا وشركائنا في الوطن، متى يقيم كل شخص بمجهوده لا شكله فنرى المحجبة تصوت للمتحررة صاحبة الكفاءة ونرى أيضاً المرأة المتحررة لا تطلب من المحجبة سوى المهنية دون محاكمتها وفقاً لإختيارها، ومتى سنقيم عملاً بناءاً على قيمته وليس لأن صاحبه مسلم أو مسيحي أو كردي أو أمازيغي ؟ ومتى سنكف عن العنصرية واختيار أو تأييد شخص فقط لأنه من بلدنا أو ثقافتنا بينما نتخلى عن الأجدر لأنه (ليس منا)؟
وربما لا زال من المبكر أن نجد إجاباتٍ لكل هذه الأسئلة وبكل تأكيد وبكل أسف سنجد هناك من يبرر هذه السلوكيات أو يرتضيها لغيره ولا يرضاها لنفسه، لكن من الواضح والمؤكد أن الظواهر في المجتمعات التي لا يحترم أفرادها اختلاف بعضهم، ويجدون في اللعب بالأديان والنيل من غيرهم فرصة للتواجد والظهور، ولا يرون من معهم لكنهم يرون في الغرب من يشبههم (وهذا عيب فيهم وليس عيباً في الغرب) هي ظواهر أصيلة وليست دخيلة ولم تهبط علينا أو تتفشى بيننا عبر كائنات فضائية، لذا لن تتقدم هذه المجتمعات طالما كان هذا حالها الذي لا يعرف سوى الشكوى والإنكار..
خالد جهاد..