حيدر عاشور - حين تتحول القـصة إلى نبوءة علمية!؟.. قراءة قصة من المجموعة القصصية (الصمت والصدى) للقاص صلاح زنكنه

قرأت القصة القصيرة للقاص صلاح زنكنه بعنوان في بيتنا( روبوت) ، ضمن مجموعته القصصية (الصمت والصدى ) الصادرة عن دار الشؤون الثقافية العامة في بغداد عام 2002 ، وقد يكون زنكنه قد كتبها أبان فترة التسعينيات من القرن المنصرم ، وظف زنكنه فيها رؤيا متجلية وعميقة تغوص في عوالم الإنسان الداخلية قد الواقعية والمستقبلية . قصته الغرائبية هذه تقود الى عالم الخيال خاصة ما تنطوي عليه مجتمعاتنا الشرقية ، ابتكر زنكنه شخصية الروبوت وهو كائن الي حضاري تسعى البلدان المتقدمة المتخصصة بعالم الروبوتات لجعله يقدم شتى الخدمات دون ان يمل او ينفعل او يتذمر ، وادخله في احد البيوت العراقية ، وجعله يطبخ ويغسل الصحون ويعد الاركيلة ويكوي الثياب ويصفف الشعر ويحرس الدار من اللصوص ، فهو خادم عصري ،
استحدثته احدى شخصيات القصة وهي الأخت العانس التي كرست جل وقتها بالاهتمام به الكترونياً، تفك أطرافه وتشدها، تبدل اجزاء وتضيف اجزاء، حتى اصبح روبوتا يمتلك مواصفات نادرة وخواص استثنائية غير عادية، معجزة تكنولوجية بحيث هذا الرجل الالي طلب يد العانس للزواج ففرحت، وبنفس الوقت رفضت الام بشدة: كيف تنامين معه وهو كومة من الحديد البارد وحتى دون ...؟
أفهمتها العـــانــــس بانهــــا جهزتـــه (..... ) وباستطاعته ان يخلق ذرية من نسله .
قــــرأت مـــرة في احــــــدى الصـــــحف وعن طريق المصادفة ، بحثا يفكر فيه العـــــلـــــــماء، بزواج الانـــسان بروبـــــوت ان كان انثى او ذكر ، وفـــقا لما ذكــــــره الباحث في ميــــدان الذكاء الاصــطـــناعي.

(ديفيد ليفي) الأستاذ في جامعة ماستريخت بهولندا الذي يبحث في العلاقات بين الانسان والروبوت التي تغطي المزايا والممارسات بما فيها الزواج .

تعــــود فكرة الرومانـــسية بين الانسان وأعمالنا الفنية او المخــــلوقات الالية الى العــــــصور القديمة مع الأسطورة اليونانية التي تنـــــاولت قصة وقوع النــــحات ( إجماليون ) في حب تمثال من العاج كان قد انتهى من نحته واطلق عليه اسم (غالاتيا) ، وفي الأزمنة الحديثة دون ان يقـــــتصر ذلـــــك على الأدب اضاف ديفيد ليفي الـــــباحث في الذكاء الاصطناعي : ان البداية كانت الروبوتات تستخدم الأمور غير شخصية مثل المصانع حيث تساعد في صناعة السيارات ، ثم في مكاتب لتوزيع البريد او في المنازل للتنظيف مثلما وظف ذلك القــــــاص صلاح زنكنه في قصته .
اذن اذا كان مؤسس شبكة الأبحاث الروبوتية الاوربية ( هنريك كريستينسن ) قد تنبأ في عام 2006 ان الناس يمكنهم ممارسة الجنس مع روبوت في غضون خمس سنوات ، وهو ما يعتقده ليفي ايضا . ولكن القاص العراقي صلاح زنكنه بقصته الخيالية ، قد طور شخصية بطلته العانس التي ينفر منها الرجال وذلك بجعلها الـ (روبوت) كائناً (كائنها)وتــزوجته وتنجـــب منه بعد بــضع سنين عشرات الروبوتات وانجبوا ايضا روبوتات اخرى فأصبحت عائلة يطلق عليها (الروبوت ) . هــذا هــو خـيال المبـــدع صلاح زنـكنه في قصــتـه المـذكورة ، رغم تقدم تكنـولوجيا البرمجـة والـبرامج وتـحـول العلاقة بين الانسان والالة الى علاقة شخـصية . بذلك يـؤكد ( رونالد اركين ) من معهد جورجيا لتكنولوجيا ، لا يعتقد ان الزواج من الروبوت سيكون مسموحا به بحلول عام 2050 . قصة زنكنه ( في بيتنا روبوت) لها الاولوية في تكوين هذا الفكر الاستباقي الذي يفكر فيه الهولنديون وغيرهم ، فخيال الاديب العراقي لا يقل سعة وتجليا وانفتاحا وقدرة على التحليق على خيالات الاخرين ان لم تزد ، ومن الغريب ان الغربيين ينفذون ما نكتب، ويصنعون تقنياتهم باستعمال مخيالاتنا الأدبية لتحويلها الى تكنولوجيا علمية معاصرة تخدم الانسان عمليا ونخدمها نحن العراقيين بثقافتنا وسعة مخيلتنا . قصة زنكنه (في بيتنا روبوت) لها الأولوية في تكوين هذا الفكر الاستباقي الذي يفكر فيه الهولنديون وغيرهم ، فخيال الأديب العراقي لا يقل سعة وتجليا وانفتاحا وقدرة على التحليق على خيالات الاخرين ان لم تزد ، ومن الغريب ان الغربيين ينفذون ما نكتب ، ويصنعون تقنياتهم باستعمال مخيالاتنا الأدبية لتحويلها الى تكنولوجيا علمية معاصرة تخدم الإنسان عمليا ونخدمها نحن العراقيين بثقافتنا وسعة مخيلتنا .





تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...