د. سيد شعبان - مزيدا من السرد!

لم أكن في يوم مولعا بالكتابة مثلما الحال هذه الأيام؛ يبدو ذلك جليا في كثرة ما يجده المتابع على صفحتي؛ نظرت في أحد كتبي فهالني عدد صفحاته؛ هل كل هذا ما سطره قلمي؟
تبلغ بي الدهشة أوجها حين أستعيد بعض قصصي؛ ترى لم كتبتها؟
علني أدون بعضا من الأحلام المغتالة على مقصلة الواقع المر؛ لا أدعي مهارة أمتلكها ولا جديدا أقدمه؛ ربما محاولات للسرد؛ أوسعت عالمي قدر ما دونته عنه؛ معظم ما كان تلقفته من أبوي؛ حتى إذا ارتحلا محمودين إلى ربها شعرت بأن معين الحكي بات غائرا؛ لم أجد غير الذكريات أستعيدها؛ أجلس شاخصا لمقعدهما من البيت؛ أتمثل عالما كان ممتلأ حياة وصخبا وحوارا بل مشاكسة ثم خفت كل هذا؛ تأتي شمس وتغيب ولايزال البيت مشرعة أبوابه انتظارا لأوبة أحدهما؛ أين الأحباب والصحب بل واللعب حفته الفتوة!
في هذا العالم تدور أحداث لم أشارك فيها؛ ما أقسى أن تكون منفيا في وطنك؛ ذلك قرار اختياري؛ فلقد عافت نفسي بعد الطيبين أن تذهب هناك؛ لقد بدا لي الغراب يسكن البيت؛ أوصاني أبي ألا أغادر؛ حين كان ذاك عله أوصاني بألا تصالح!
لكنني خالفته؛ وهل تطاق الحياة بتلك الأحادية؟
بدأت أتفهم غضبه؛ لقد كان حكيما؛ لم يورثني مالا قدر ما أعطاني تجاربه؛ كنت أحبه-وماأزال- لقد كان جذري الذي ضرب في الأرض؛ أشبهه في حركاته وملامح وجهه؛ فنحن بعض آبائنا!
مزيدا من الكتابة تلك غوايتي التي استبدت بي؛ فبدونها يستبد بي السأم ويتملكني العجز؛ لست حالما بأن أغير العالم؛ فقط أتوفر على كسرة الخبز وجرعة الماء؛ أبدو في عالم آخر؛ بعيدا في متاهة أحببت مساربها؛ تخلصت من رهق يكاد يخنق غيري!
لمن أكتب؟
ذلك سؤال يصعب أن أجيب عليه؛ لو قلت لنفسي؛ لكان ذلك جنون؛ أو للآخرين؛ فما أنا بالذي يمتلك مفاتيح المدينة الفاضلة؛ بل لعلني أكتب لأشفى من القلم؛ قصصي ومقالاتي تراهن على أنني موجود تحت سماء الله!
أنكر علي غير واحد أن أتماهى مع غيري؛ أن أكتب عما أجده؛ بالفعل كانت نصيحة جد ممتازة؛ لي عالمي وللآخرين حيواتهم؛ فلم أكون نسخة مكررة من هذا أو ذالك!
حين فعلت شعرت بأنني أمتلك رؤية مغايرة؛ رأيت كتاباتي بصمتي التي لا تقلد؛ ومن يومها والمزيد من السرد تجربة مثيرة تستحق الإشادة بها!
تبين لي أنني حين أسرد أمتلك مفتاح الخزانة؛ يتسع الأفق وينزاح هم؛ تعلمت من أسلافي روعة الحكي؛ أما مهارات الكتابة فقد اكتسبتها بكثرة القراءة؛ معلمي الأول كان أبي ثم الرافعي والعقاد ونجيب محفوظ؛ على تباين الرؤى وتعدد المنازع؛ هذا أنا!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...