تتميز كتابات د خالد عبد الغني بالعمق مع وضوح الرؤية والغوص في أعماق النفس الإنسانية لاستخلاص الجواهر الثمينة والكنوز الدفينة مثال على ذلك مؤلفه الرائع (الشخصية المحورية: دراسات في نماذج من الرواية العربية. الهيئة المصرية العامة للكتاب بالقاهرة 2018) وحيث أنه من الصعوبة بمكان الإحاطة بكل ما جاء بالكتاب في مقال واحد فحسبنا أن نلتقط ومضات تضيء لنا الطريق إلى فكر المؤلف ذلك الفكر الرابط بين علم النفس والأدب.. وبتواضع جم سهل المؤلف على القارىء الطريق الوعر الذي يمر بمنعطفات علم النفس ومصطلحاته الأكاديمية وبين الأدب بأجناسه المتنوعة.
جاءت العناوين الفرعية التي تم التعرض لها في الكتاب كالآتي: الحب والعزلة والموت في رواية رادوبيس لنجيب محفوظ - الإبداع والجنون في رواية أديب لطه حسين - حكمة المجذوب وهذيانه في رواية نائب في الأرياف لتوفيق الحكيم - قهر الضحية وجنون الجلاد في رواية العسكري الأسود ليوسف إدريس - المأوى وشيخوخة الطبقة المتوسطة في رواية حجرتان وصالة لإبراهيم أصلان - أزمة منتصف العمر في رواية عتبات البهجة لإبراهيم عبد المجيد - الماتريركية أو المرأة المصرية في رواية الوتد لخيري شلبي - جدل السلطة والتمرد في رواية خديجة وسوسن لرضوى عاشور.. باختصار فإن المؤلف يرسم لنا لوحة فنية ساحرة بعنوان (الشخصية المحورية: دراسات في نماذج من الرواية العربية)
ومن الواضح أن د خالد عبد الغنى مهموم بالقيم الأخلاقية والتاريخية ( فنجيب محفوظ من خلال كل أعماله الإبداعية كان واعيا بهاتين الحاستين (الأخلاقية والتاريخية) فأدبه وإنتاجه الغزير والحاضر بقوة قد تربع وبلا منازع علي عرش الرواية العربية ) ص ١٤
الحب والعزلة والموت في رواية رادوبيس لنجيب محفوظ: ( نسج نجيب محفوظ الرواية مستلهما أسطورة نرجس ؛ فرادوبيس الغانية التي تأسر قلوب الرجال بجمالها وفتننتها ؛ قصة رادوبيس تحكى في كتب التاريخ القديمة ...إلخ
فهي عند نجيب محفوظ مصرية ريفية... إلخ ) ص 20/21 .. وتتأكد القيمة الأخلاقية في نهاية الرواية ( انتهت الرواية بنهايات مأساوية للملك الذي أصابه سهم رماه به أحد الثائرين جراء نزعته للمتعة واللهو بلا حساب ، ولرادوبيس التي قتلت نفسها بالسم ، وهكذا يفترض أن يموت طاهو بعد أن يفضح أمره وبنامون من المؤكد أن يقتل نفسه بالسم مثلما فعلت رادوبيس) ص25
الإبداع والجنون في رواية أديب لطه حسين: ينفذ المؤلف مباشرة إلي صلب اهتمامه وهو التحليل النفسي ( وبعد التحليل النفسي psycho Analysis الذى سيكون وسيلتنا في دراسة الرواية - أفقأ يلف ثنايا رؤية للواقع، انتقالا من الواقعة إلي الحقيقة إن كانت كذلك ،حيث إن معرفة الحياة النفسية الشعورية نجد مفتاحها في منطقة اللاشعور، فعلم النفس لا يزال وسيظل ذلك العلم الذي لا يشيح بوجهه عن الأدب والفن والفلسفة) ص29.. وما زالت القيمة الأخلاقية ترفرف بأجنحتها على الأحداث ( أديب مولود بصعيد مصر دميم الوجه مقوس الظهر، جاحظ العينين كأنما سوي علي عجل ،عاش حياتة الأولى في محافظة المنيا بالصعيد، وأحب ابنتة عمه حبا جما وتقدم للزواج منها ورفضته لقبحه فتزوج من حميدة فتاة من القريى أحبته ومنحته الكثير من الفضل ،مولع بالكتابة والإبداع حتي يسقط القلم من يديه من كثرة الإعياء...) ص34 ... حتي ينتهي به المطاف بأن يطلق حميدة ويسافر إلي فرنسا ويدمن الخمور وينخرط فى علاقات غير سوية حتي يشتد المرض النفسىي عليه ويفتك به ويودع المستشفى. والقيمة الأخلاقية تنطلق علي لسان أديب نفسه ( لم أنشأ نشأة منظمة ولم تسيطر علي تربيتي وتعليمى أصول مستقيمة مقررة وإنما كانت حياتي مضطربة كلها أشد الاضطراب) ص ٣٨ .. ومن الملاحظ أن د عبد الغني يعشق الغوص فى أعماق النفس البشرية ويجوب الفيافي والقفار ويطوف البحار والمحيطات بحثا عن الأسرار وتنقيبا عن الكنوز محاولا فك شفرات النفس المستعصية فهو لا يكتفى بالوقوف على الشواطىء مستمتعا بالنسيم العليل بل يقفز في الخضم يصارع الأمواج ويبحر ليشعر فى النهاية بلذة ونشوة الحصول على الياقوت والمرجان.
ويمكن القول إن ما بين دفتى الكتاب من أفكار تنطلق من عقل وقلب مفعم بعلم النفس ومشبع بالأدب والدراما ( رواية وقصة وشعرا ونقدا أدبيا...إلخ ) فالنظريات النفسية والمنتج الدرامى والأدبى كل هذا انصهر فى بوتقة واحدة ليتحول إلى طاقة إنتاجية إبداعية
جمعت بين أكثر من عبقرية: التحليل النفسي والحس الأدبي والدرامي والنقد.. وأخيرا لقد أضاء لنا الكتاب دروبا لمزيد من فهم أسرار النفس الإنسانية!
د. محمد عبدالجواد
أكاديمي وناقد مصري
* عن كتاب "الشخصية المحورية في الرواية العربيةّ "
* نشر بجريدة الحقيقة
جاءت العناوين الفرعية التي تم التعرض لها في الكتاب كالآتي: الحب والعزلة والموت في رواية رادوبيس لنجيب محفوظ - الإبداع والجنون في رواية أديب لطه حسين - حكمة المجذوب وهذيانه في رواية نائب في الأرياف لتوفيق الحكيم - قهر الضحية وجنون الجلاد في رواية العسكري الأسود ليوسف إدريس - المأوى وشيخوخة الطبقة المتوسطة في رواية حجرتان وصالة لإبراهيم أصلان - أزمة منتصف العمر في رواية عتبات البهجة لإبراهيم عبد المجيد - الماتريركية أو المرأة المصرية في رواية الوتد لخيري شلبي - جدل السلطة والتمرد في رواية خديجة وسوسن لرضوى عاشور.. باختصار فإن المؤلف يرسم لنا لوحة فنية ساحرة بعنوان (الشخصية المحورية: دراسات في نماذج من الرواية العربية)
ومن الواضح أن د خالد عبد الغنى مهموم بالقيم الأخلاقية والتاريخية ( فنجيب محفوظ من خلال كل أعماله الإبداعية كان واعيا بهاتين الحاستين (الأخلاقية والتاريخية) فأدبه وإنتاجه الغزير والحاضر بقوة قد تربع وبلا منازع علي عرش الرواية العربية ) ص ١٤
الحب والعزلة والموت في رواية رادوبيس لنجيب محفوظ: ( نسج نجيب محفوظ الرواية مستلهما أسطورة نرجس ؛ فرادوبيس الغانية التي تأسر قلوب الرجال بجمالها وفتننتها ؛ قصة رادوبيس تحكى في كتب التاريخ القديمة ...إلخ
فهي عند نجيب محفوظ مصرية ريفية... إلخ ) ص 20/21 .. وتتأكد القيمة الأخلاقية في نهاية الرواية ( انتهت الرواية بنهايات مأساوية للملك الذي أصابه سهم رماه به أحد الثائرين جراء نزعته للمتعة واللهو بلا حساب ، ولرادوبيس التي قتلت نفسها بالسم ، وهكذا يفترض أن يموت طاهو بعد أن يفضح أمره وبنامون من المؤكد أن يقتل نفسه بالسم مثلما فعلت رادوبيس) ص25
الإبداع والجنون في رواية أديب لطه حسين: ينفذ المؤلف مباشرة إلي صلب اهتمامه وهو التحليل النفسي ( وبعد التحليل النفسي psycho Analysis الذى سيكون وسيلتنا في دراسة الرواية - أفقأ يلف ثنايا رؤية للواقع، انتقالا من الواقعة إلي الحقيقة إن كانت كذلك ،حيث إن معرفة الحياة النفسية الشعورية نجد مفتاحها في منطقة اللاشعور، فعلم النفس لا يزال وسيظل ذلك العلم الذي لا يشيح بوجهه عن الأدب والفن والفلسفة) ص29.. وما زالت القيمة الأخلاقية ترفرف بأجنحتها على الأحداث ( أديب مولود بصعيد مصر دميم الوجه مقوس الظهر، جاحظ العينين كأنما سوي علي عجل ،عاش حياتة الأولى في محافظة المنيا بالصعيد، وأحب ابنتة عمه حبا جما وتقدم للزواج منها ورفضته لقبحه فتزوج من حميدة فتاة من القريى أحبته ومنحته الكثير من الفضل ،مولع بالكتابة والإبداع حتي يسقط القلم من يديه من كثرة الإعياء...) ص34 ... حتي ينتهي به المطاف بأن يطلق حميدة ويسافر إلي فرنسا ويدمن الخمور وينخرط فى علاقات غير سوية حتي يشتد المرض النفسىي عليه ويفتك به ويودع المستشفى. والقيمة الأخلاقية تنطلق علي لسان أديب نفسه ( لم أنشأ نشأة منظمة ولم تسيطر علي تربيتي وتعليمى أصول مستقيمة مقررة وإنما كانت حياتي مضطربة كلها أشد الاضطراب) ص ٣٨ .. ومن الملاحظ أن د عبد الغني يعشق الغوص فى أعماق النفس البشرية ويجوب الفيافي والقفار ويطوف البحار والمحيطات بحثا عن الأسرار وتنقيبا عن الكنوز محاولا فك شفرات النفس المستعصية فهو لا يكتفى بالوقوف على الشواطىء مستمتعا بالنسيم العليل بل يقفز في الخضم يصارع الأمواج ويبحر ليشعر فى النهاية بلذة ونشوة الحصول على الياقوت والمرجان.
ويمكن القول إن ما بين دفتى الكتاب من أفكار تنطلق من عقل وقلب مفعم بعلم النفس ومشبع بالأدب والدراما ( رواية وقصة وشعرا ونقدا أدبيا...إلخ ) فالنظريات النفسية والمنتج الدرامى والأدبى كل هذا انصهر فى بوتقة واحدة ليتحول إلى طاقة إنتاجية إبداعية
جمعت بين أكثر من عبقرية: التحليل النفسي والحس الأدبي والدرامي والنقد.. وأخيرا لقد أضاء لنا الكتاب دروبا لمزيد من فهم أسرار النفس الإنسانية!
د. محمد عبدالجواد
أكاديمي وناقد مصري
* عن كتاب "الشخصية المحورية في الرواية العربيةّ "
* نشر بجريدة الحقيقة