الجزء الثاني..
شهدت مرحلة الستينيات في مسيرة الفنان المصري المتفرد صلاح چاهين مجموعة كبيرة من الأشعار والأغنيات الوطنية والمؤيدة لحقبة الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر والتي أداها عدد من عمالقة الفن المصري، وكما نعلم جميعاً أن أي حدث تاريخي أو حتى معاصر قابل للتفسير ورؤيته من زوايا مختلفة أخذ منتقدوا صلاح چاهين عليه هذه المرحلة من حياته متناسين أثرها النفسي الكبير عليه بعد هزيمة عام ١٩٦٧ أمام العدو الصهيوني وشعوره العميق بالذنب، حيث ترافقت هذه المرحلة مع الكثير من الأخطاء التي مست أقرب الناس إليه بدءاً من اعتقال الشاعر الكبير فؤاد حداد والضرر الذي لحق به، عدا عن أنه لم يستطع احتمال الأغنيات التي ملأت الإذاعات احتفالاً عكس ما حدث في الواقع وبشكلٍ خاص الأغنية التي ألفها وغنتها أم كلثوم (راجعين بقوة السلاح) حيث أصيب بنوبة اكتئاب عميقة واعتبر نفسه مسؤولاً أو مشاركاً فيما حدث، وكانت هذه المرحلة الحساسة والموجعة في التاريخ المصري والعربي بمثابة نقطة تحول في مسيرته وفي كتابة (الرباعيات)، فكتب (على اسم مصر) وهي واحدة من أشهر نصوصه التي كتبها متأثراً بأجواء تلك الفترة والتي ظلت خالدةً حتى يومنا هذا..
على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء..
أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء..
بحبها وهي مالكة الأرض شرق وغرب..
وبحبها وهي مرمية جريحة حرب..
بحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء..
وأكرهها وألعن أبوها بعشق زي الداء..
وأسيبها وأطفش (أهرب) في درب..
وتبقى هي في درب…
وتلتفت تلاقيني جنبها في الكرب..
وقد كتب بنفسه في جريدة (الأهالي) المصرية: (إننا عندما نعترف بأخطائنا وندرك المناطق التي أخفقنا فيها وننتقد أنفسنا ونتكلم عن هذه الأخطاء فهذا لا يعني أننا كفرنا بمبادئنا)، مؤكدا على استمرار إيمانه بمبادئ المساواة والعدالة الإجتماعية وهي معركة من أهم المعارك التي خاضها..
وفي نفس العام تزوج من الممثلة الفلسطينية (منى قطان) ابنة الصحافية الفلسطينية الشهيرة في جريدة الأهرام (جاكلين خوري) (وهي أول مراسلة صحفية في الجريدة منذ عام ١٩٥٠) ابنة السيد (رشيد خوري) رئيس بلدية حيفا قبل النكبة، والتي ولدت في مدينة حيفا وتركتها في سن الثانية، عندما قررت والدتها الهجرة إلى مصر بصحبة جدتها، حيث التقت لاحقاً بصلاح چاهين في جريدة الأهرام التي كانت والدتها جاكلين خوري تعمل فيها، ووافقت أن تكون زوجته الثانية وعاشا معاً في شقته في (١٠ شارع جامعة الدول العربية بحي المهندسين بمحافظة الجيزة المصرية)، وأثمرت زيجتهما عن ابنتهما الوحيدة (سامية) وهي فنانة وعضو فريق (إسكندريلا) الغنائي كما تقوم بإحياء أمسيات ثقافية ووطنية كان أحدها في آب/أغسطس الماضي عن (فلسطين في شعر العامية المصرية) والتي تستكمل بها مسيرة والدها..
وقف الشريط فى وضع ثابت..
دلوقتي نقدر نفحص المنظر..
مفيش ولا تفصيلة غابت..
وكل شئ بيقول وبيعبر..
من غير كلام ولا صوت..
أول ما ضغط الموت..
بخفة وبجبروت فى يوم أغبر..
على زر فى الملكوت..
وقف الشريط في وضع ثابت..
دلوقتي نقدر نفحص المنظر..
أنظر تلاقى الراية منشورةْ..
متمرغة لكن ما زالت فوق..
بتصارع الريح اللى مسعورةْ..
وانظر تلاقي جمال..
رافعها باستبسال..
ونزيف عرق سيال على القورة..
(القورة تعني بالعامية المصرية الجبين)..
وفـْ عنفوان النضال..
وقف الشريط في وضع ثابت..
انظر إليه شوف قبضته السمرة..
وعيونه ثورة مكحلة بثورة..
وصدره عرض الأرض حاضن مصر..
والشام وليبيا وتونس الخضرة..
والقصبة وفلسطين والأردن المسكين..
والبحر والبساتين والصحرا..
وف عز طحن السنين..
وقف الشريط في وضع ثابت..
انظر وشوف ع المهل بالراحة..
الشمس وسط القبه قداحة..
والناس بعيد فى الظل مرتاحة..
ومصر واقفة صبية فلاحة..
على كتفها بلاص..
فيه ألف تقب رصاص..
والمية منه خلاص..
شلالها فى الرمل غاص..
صبية حلوة كأنها تفاحة..
لكنها من الحزن دابت..
وسط السواد ندابة نواحةْ..
ولما هل بطلها فى الساحةْ..
بالحب والإخلاص..
وقف الشريط في وضع ثابت..
خلى المكنجي يرجع المشهد..
عايز أشوف نفسى زمان وانا شب..
داخل فى رهط الثورة متمرد..
ومش عاجبنى لا ملك ولا أب..
عايز أشوف من تانى واتذكر..
ليه ضربة من ضرباتى صابت ؟
و ضربة من ضرباتى خابت ؟
و ضربة وقفت بالشريط فى وضع ثابت ؟
قال المكنجى : رجوع مفيش..
عيش طول ما فيك أنفاس تعيش..
وبص شوف ..
ركن الشباب فيه ألف مليون شب..
انظر إليهم..
وانت تتذكر ..
وفي عام ١٩٦٩ وفي فترة حرب الإستنزاف العصيبة قام صلاح چاهين بتأليف الأشعار والأغاني لأوبريت (القاهرة في ألف عام) بمناسبة مرور ألف عام على تأسيس مدينة القاهرة والتي شاركه فيها أهم الأسماء المصرية، والتي كانت عملاً ضخماً شكل تحدياً كبيراً كون هذه المناسبة لا تتكرر إلا مرةً كل ألف عام، والذي كان يفيض بمشاعر الحماسة الوطنية وكان دليلاً جديداً على عبقرية چاهين الفنية، وهي من كتابة عبدالرحمن شوقي وتلحين الموسيقار سيد مكاوي وإبراهيم رجب ومحمود الشريف وغيرهم.. وبرغم نجاحاته المستمرة عبر السنوات إلا أنها لم تخلو من مروره بفترات اكتئاب وعزلة تعرض لها مراراً، قام خلالها بالسفر خارج البلاد للعلاج أكثر من مرة.. وهو من قال (لم أتخلص من خوفي من القاهرة إلا عندما كتبت الليلة الكبيرة)..
أنا قلبي كان شخشيخة أصبح جَرس..
(شخشيخة تعني اللعبة التي تعطى للطفل لإسكاته وعادةً يكون لها صوت لافت)
جلجلت به صحيوا الخدم والحرس..
أنا المهرج.. قمتوا ليه خفتوا ليه..
لا فْ إيدي سيف ولا تحت مني فرس..
عجبي!!!
ولو انضنيت وفنيت وعمري انفرط..
مش عاوز ألجأ للحلول الوسط..
وكمان شطط وجنون مانيش عاوز..
يا مين يقول لي الصح فين والغلط..
عجبي!!!
دخل صلاح چاهين عقد السبعينات بروحٍ مختلفة فقام بكتابة العديد من الأفلام وإنتاج بعضها، كما وعرفت صلته القوية بالفنانة الكبيرة سعاد حسني فكان عراب مسيرتها والتي كانت تُعرفه دائما بأنه أبوها الروحي وتستشيره في أغلب أمورها، فقالت عن عطائه وحبه لأصدقائه ذات مرة (كان بيسقينا الشاي وياخد هو التفل) والتفل هو البقية التي تترسب في قعر الإبريق المعد لتحضير الشاي كناية عن الحب وإيثار الغير على نفسه، وفي عام ١٩٧٢ قام بكتابة فيلم (خلي بالك من زوزو) والذي أثار وقتها جدلاً شديداً ووصفه العديد من النقاد بالتافه والمُقلل من شأن الحركة الطلابية المصرية، إلا أن الفيلم حقق نجاحاً منقطع النظير واستمر عرضه مايزيد عن ٥٤ أسبوعاً متوالياً، كونه شكلاً جديداً على السينما في وقتها وكون المناخ العام والمتقلب بين الحروب يبحث عن متنفس له، واستمر بعد ذلك في كتابة السيناريوهات السينمائية من بينها : (أميرة حبي أنا) ١٩٧٤، كما عمل مستشاراً فنيا لفيلم (الكرنك) ١٩٧٥، المتوحشة ١٩٧٩ والتي شاركت فيها جميعاً زوجته الممثلة الفلسطينية منى قطان، إضافةً إلى أعمال بارزة مثل (عودة الإبن الضال) ١٩٧٦، (شفيقة ومتولي) ١٩٧٨، كما قدم في فترة الثمانينات أيضاً أغاني وأشعار فوازير رمضان (الخاطبة) و(عروستي) مع الفنانة (نيللي) لعامي ١٩٨٠ و ١٩٨١، وشهد مسلسله (هو وهي) عام ١٩٨٥ والذي قام بكتابة السيناريو والحوار له نجاحاً كبيراً وهو من بطولة كل من الفنانين الكبيرين أحمد زكي وسعاد حسني، وكان آخر عمل شارك فيه كممثل هو فيلم (الوداع يا بونابرت) في نفس العام..
ورحل صلاح چاهين عن عالمنا في ٢١ نيسان/أبريل عام ١٩٨٦ مسبباً صدمةً لكل من عرفه وأحبه وأحب صدقه في مختلف حالاته ومواقفه، بعدما ترك مئات الأغنيات والأشعار والرسوم الكاريكاتورية التي لامست جميعها هموم الناس على اختلاف طبقاتهم ومستوياتهم وبعدما قام بتأليف مايزيد عن ١٦١ قصيدة، وتوجه الناس بألقابٍ عدة منها فيلسوف البسطاء، شاعر الفقراء، الضاحك الباكي والذي لا يأتي ذكره إلا مصحوبًا بكوكبة من الأعمال التي خُلدت في التاريخ المصري والعربي، وهذه الجماهيرية أتت من كونه مثالاً للمثقف المتواضع الذي يعيش دون ازدواجية ويحكي للناس ومعهم بلسانهم فاستحق مكانته بجدارة، ولا زال الفراغ الذي تركه مدوياً في كل مكان.. تحية حب لروحك الجميلة التي بتنا بعدها لا نتعجب من شيء في زمننا، وانت من اقترنت بك كلمة..عجبي !!
خالد جهاد..
شهدت مرحلة الستينيات في مسيرة الفنان المصري المتفرد صلاح چاهين مجموعة كبيرة من الأشعار والأغنيات الوطنية والمؤيدة لحقبة الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر والتي أداها عدد من عمالقة الفن المصري، وكما نعلم جميعاً أن أي حدث تاريخي أو حتى معاصر قابل للتفسير ورؤيته من زوايا مختلفة أخذ منتقدوا صلاح چاهين عليه هذه المرحلة من حياته متناسين أثرها النفسي الكبير عليه بعد هزيمة عام ١٩٦٧ أمام العدو الصهيوني وشعوره العميق بالذنب، حيث ترافقت هذه المرحلة مع الكثير من الأخطاء التي مست أقرب الناس إليه بدءاً من اعتقال الشاعر الكبير فؤاد حداد والضرر الذي لحق به، عدا عن أنه لم يستطع احتمال الأغنيات التي ملأت الإذاعات احتفالاً عكس ما حدث في الواقع وبشكلٍ خاص الأغنية التي ألفها وغنتها أم كلثوم (راجعين بقوة السلاح) حيث أصيب بنوبة اكتئاب عميقة واعتبر نفسه مسؤولاً أو مشاركاً فيما حدث، وكانت هذه المرحلة الحساسة والموجعة في التاريخ المصري والعربي بمثابة نقطة تحول في مسيرته وفي كتابة (الرباعيات)، فكتب (على اسم مصر) وهي واحدة من أشهر نصوصه التي كتبها متأثراً بأجواء تلك الفترة والتي ظلت خالدةً حتى يومنا هذا..
على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء..
أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء..
بحبها وهي مالكة الأرض شرق وغرب..
وبحبها وهي مرمية جريحة حرب..
بحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء..
وأكرهها وألعن أبوها بعشق زي الداء..
وأسيبها وأطفش (أهرب) في درب..
وتبقى هي في درب…
وتلتفت تلاقيني جنبها في الكرب..
وقد كتب بنفسه في جريدة (الأهالي) المصرية: (إننا عندما نعترف بأخطائنا وندرك المناطق التي أخفقنا فيها وننتقد أنفسنا ونتكلم عن هذه الأخطاء فهذا لا يعني أننا كفرنا بمبادئنا)، مؤكدا على استمرار إيمانه بمبادئ المساواة والعدالة الإجتماعية وهي معركة من أهم المعارك التي خاضها..
وفي نفس العام تزوج من الممثلة الفلسطينية (منى قطان) ابنة الصحافية الفلسطينية الشهيرة في جريدة الأهرام (جاكلين خوري) (وهي أول مراسلة صحفية في الجريدة منذ عام ١٩٥٠) ابنة السيد (رشيد خوري) رئيس بلدية حيفا قبل النكبة، والتي ولدت في مدينة حيفا وتركتها في سن الثانية، عندما قررت والدتها الهجرة إلى مصر بصحبة جدتها، حيث التقت لاحقاً بصلاح چاهين في جريدة الأهرام التي كانت والدتها جاكلين خوري تعمل فيها، ووافقت أن تكون زوجته الثانية وعاشا معاً في شقته في (١٠ شارع جامعة الدول العربية بحي المهندسين بمحافظة الجيزة المصرية)، وأثمرت زيجتهما عن ابنتهما الوحيدة (سامية) وهي فنانة وعضو فريق (إسكندريلا) الغنائي كما تقوم بإحياء أمسيات ثقافية ووطنية كان أحدها في آب/أغسطس الماضي عن (فلسطين في شعر العامية المصرية) والتي تستكمل بها مسيرة والدها..
وقف الشريط فى وضع ثابت..
دلوقتي نقدر نفحص المنظر..
مفيش ولا تفصيلة غابت..
وكل شئ بيقول وبيعبر..
من غير كلام ولا صوت..
أول ما ضغط الموت..
بخفة وبجبروت فى يوم أغبر..
على زر فى الملكوت..
وقف الشريط في وضع ثابت..
دلوقتي نقدر نفحص المنظر..
أنظر تلاقى الراية منشورةْ..
متمرغة لكن ما زالت فوق..
بتصارع الريح اللى مسعورةْ..
وانظر تلاقي جمال..
رافعها باستبسال..
ونزيف عرق سيال على القورة..
(القورة تعني بالعامية المصرية الجبين)..
وفـْ عنفوان النضال..
وقف الشريط في وضع ثابت..
انظر إليه شوف قبضته السمرة..
وعيونه ثورة مكحلة بثورة..
وصدره عرض الأرض حاضن مصر..
والشام وليبيا وتونس الخضرة..
والقصبة وفلسطين والأردن المسكين..
والبحر والبساتين والصحرا..
وف عز طحن السنين..
وقف الشريط في وضع ثابت..
انظر وشوف ع المهل بالراحة..
الشمس وسط القبه قداحة..
والناس بعيد فى الظل مرتاحة..
ومصر واقفة صبية فلاحة..
على كتفها بلاص..
فيه ألف تقب رصاص..
والمية منه خلاص..
شلالها فى الرمل غاص..
صبية حلوة كأنها تفاحة..
لكنها من الحزن دابت..
وسط السواد ندابة نواحةْ..
ولما هل بطلها فى الساحةْ..
بالحب والإخلاص..
وقف الشريط في وضع ثابت..
خلى المكنجي يرجع المشهد..
عايز أشوف نفسى زمان وانا شب..
داخل فى رهط الثورة متمرد..
ومش عاجبنى لا ملك ولا أب..
عايز أشوف من تانى واتذكر..
ليه ضربة من ضرباتى صابت ؟
و ضربة من ضرباتى خابت ؟
و ضربة وقفت بالشريط فى وضع ثابت ؟
قال المكنجى : رجوع مفيش..
عيش طول ما فيك أنفاس تعيش..
وبص شوف ..
ركن الشباب فيه ألف مليون شب..
انظر إليهم..
وانت تتذكر ..
وفي عام ١٩٦٩ وفي فترة حرب الإستنزاف العصيبة قام صلاح چاهين بتأليف الأشعار والأغاني لأوبريت (القاهرة في ألف عام) بمناسبة مرور ألف عام على تأسيس مدينة القاهرة والتي شاركه فيها أهم الأسماء المصرية، والتي كانت عملاً ضخماً شكل تحدياً كبيراً كون هذه المناسبة لا تتكرر إلا مرةً كل ألف عام، والذي كان يفيض بمشاعر الحماسة الوطنية وكان دليلاً جديداً على عبقرية چاهين الفنية، وهي من كتابة عبدالرحمن شوقي وتلحين الموسيقار سيد مكاوي وإبراهيم رجب ومحمود الشريف وغيرهم.. وبرغم نجاحاته المستمرة عبر السنوات إلا أنها لم تخلو من مروره بفترات اكتئاب وعزلة تعرض لها مراراً، قام خلالها بالسفر خارج البلاد للعلاج أكثر من مرة.. وهو من قال (لم أتخلص من خوفي من القاهرة إلا عندما كتبت الليلة الكبيرة)..
أنا قلبي كان شخشيخة أصبح جَرس..
(شخشيخة تعني اللعبة التي تعطى للطفل لإسكاته وعادةً يكون لها صوت لافت)
جلجلت به صحيوا الخدم والحرس..
أنا المهرج.. قمتوا ليه خفتوا ليه..
لا فْ إيدي سيف ولا تحت مني فرس..
عجبي!!!
ولو انضنيت وفنيت وعمري انفرط..
مش عاوز ألجأ للحلول الوسط..
وكمان شطط وجنون مانيش عاوز..
يا مين يقول لي الصح فين والغلط..
عجبي!!!
دخل صلاح چاهين عقد السبعينات بروحٍ مختلفة فقام بكتابة العديد من الأفلام وإنتاج بعضها، كما وعرفت صلته القوية بالفنانة الكبيرة سعاد حسني فكان عراب مسيرتها والتي كانت تُعرفه دائما بأنه أبوها الروحي وتستشيره في أغلب أمورها، فقالت عن عطائه وحبه لأصدقائه ذات مرة (كان بيسقينا الشاي وياخد هو التفل) والتفل هو البقية التي تترسب في قعر الإبريق المعد لتحضير الشاي كناية عن الحب وإيثار الغير على نفسه، وفي عام ١٩٧٢ قام بكتابة فيلم (خلي بالك من زوزو) والذي أثار وقتها جدلاً شديداً ووصفه العديد من النقاد بالتافه والمُقلل من شأن الحركة الطلابية المصرية، إلا أن الفيلم حقق نجاحاً منقطع النظير واستمر عرضه مايزيد عن ٥٤ أسبوعاً متوالياً، كونه شكلاً جديداً على السينما في وقتها وكون المناخ العام والمتقلب بين الحروب يبحث عن متنفس له، واستمر بعد ذلك في كتابة السيناريوهات السينمائية من بينها : (أميرة حبي أنا) ١٩٧٤، كما عمل مستشاراً فنيا لفيلم (الكرنك) ١٩٧٥، المتوحشة ١٩٧٩ والتي شاركت فيها جميعاً زوجته الممثلة الفلسطينية منى قطان، إضافةً إلى أعمال بارزة مثل (عودة الإبن الضال) ١٩٧٦، (شفيقة ومتولي) ١٩٧٨، كما قدم في فترة الثمانينات أيضاً أغاني وأشعار فوازير رمضان (الخاطبة) و(عروستي) مع الفنانة (نيللي) لعامي ١٩٨٠ و ١٩٨١، وشهد مسلسله (هو وهي) عام ١٩٨٥ والذي قام بكتابة السيناريو والحوار له نجاحاً كبيراً وهو من بطولة كل من الفنانين الكبيرين أحمد زكي وسعاد حسني، وكان آخر عمل شارك فيه كممثل هو فيلم (الوداع يا بونابرت) في نفس العام..
ورحل صلاح چاهين عن عالمنا في ٢١ نيسان/أبريل عام ١٩٨٦ مسبباً صدمةً لكل من عرفه وأحبه وأحب صدقه في مختلف حالاته ومواقفه، بعدما ترك مئات الأغنيات والأشعار والرسوم الكاريكاتورية التي لامست جميعها هموم الناس على اختلاف طبقاتهم ومستوياتهم وبعدما قام بتأليف مايزيد عن ١٦١ قصيدة، وتوجه الناس بألقابٍ عدة منها فيلسوف البسطاء، شاعر الفقراء، الضاحك الباكي والذي لا يأتي ذكره إلا مصحوبًا بكوكبة من الأعمال التي خُلدت في التاريخ المصري والعربي، وهذه الجماهيرية أتت من كونه مثالاً للمثقف المتواضع الذي يعيش دون ازدواجية ويحكي للناس ومعهم بلسانهم فاستحق مكانته بجدارة، ولا زال الفراغ الذي تركه مدوياً في كل مكان.. تحية حب لروحك الجميلة التي بتنا بعدها لا نتعجب من شيء في زمننا، وانت من اقترنت بك كلمة..عجبي !!
خالد جهاد..