النص:
(طَواحينُ الخَراب)
للشاعر عادل قاسم
لَمْ تَعدْ
هذهِ الخيولُ الجامِحة
تَستَفِزُ الفارسَ الذي
ركنَ سَيفَه
المُذَهَّبَ بالخَيبةِ جانِباً،
واْمتطى صهوَةَ
جَوادهِ الخَشَبي،
أَصْبَحَ رفيقاً..
لِ.. (دون كيخوتي)*
حيث جَلسَ اﻹثنانُ،
يَعُدان أرباحَهما،
منَِ الفَجائع،
وَهما يستَظلانِ
بطَواحينِ الهواء
إذ إن الرياحَ
لَمْ تُعَكِرُ صَفوَ سِكْرَتيَهما،
حيثُ كل شيء
أصبحَ وَهماً
الجُيوشُ المُرابِطة
على جبهاتِ القتال
الذخائرُ المُعبأةُ
بالكوكا كوﻻ
الصهاريجُ المُعَدَّة بالذخائر
لتَغذيةِ فتيلِ الرماد
لِتَنتَكِس أيها المُنتَصر
بظلكَ الكبيرِ وقميصكَ
الذي قُدَّ منْ دُبْر
وأنتَ مُسَوَرٌ
ِبهراواتِ العُسُسْ
المُتَخفين بلحى اﻷولياء
وجوهٌ كالِحةٌ، عيونٌ جاحِظة
جَمْهرةٌ من َالمهَرجين
يَرقصونَ في
أزقةِ المدينةِ
الآسنةٍ بالدماءِ والصَديد،
وزَفيرِ المَواخير
ﻻشيءَ سوى
رنينِ الصنوج
وَنَقرِِ الدفوف
الصاهلة في شُرفاتِ القصور
الفارهةُ بالرَذيلة
هكذا عندما.
يُسْرَقُ رَغيفَ أطفالكَ
عليكَ أنْ تَدْفَعَ الثمنَ
ْ خرابِاً ،
ُ مادام الزمن..
يسيرُ على قدمٍ واحدة
في تواريخِ الطغاة
أفِقْ
من سكرتكَ التي
أَضْحَكَتْ عليكَ
الرُعاة المارقين،
وَجْهكَ معَفَرٌ بالرَذيلة
مُعَلَقٌ بينَ
سَبْعِ سَماواتٍ طِباق
منْ نزيفكَ المُسْتَديم،
فاغراً فاكَ للقَذائفِ التي
ليسَ لها من ساحٍ
سِوى
سهولكَ النائحاتِ
وجبالِكَ المُتجهمات
وصحرائِكَ التي
رَقَّنتْ قيدَها القذائفْ
................
* بطل مسرحية .. (سرفانتس) الشهيرة الموسومه بذات الاسم او (دون كيشوت)
(إعلم يا سانشو أنّ الإنسان لا يساوي أكثر من غيره إلا إذا أنجز أكثر من غيره).
"سرفانتس" على لسان (دون كيشوت)
القراءة:
تحاول هذه القراءة استنطاق لغة الهامش في نص الشاعر "عادل قاسم" من خلال كشف ماهية المتكلم، فنصه نصٌ وجدانيٌّ إنسانيٌّ، والقراءة المتأنية له تحاول أن تلتقط الخيط الداخلي لعوالمه، لأنه يوجد تنازع في النص بين الوعي واللا وعي، فهو مزيج من (الكينونة والصيرورة)، في تكوين صوره بمدلولات ذهنية.
قد تتعدد دلالات النص بحسب السياق الذي يورده الشاعر، وعنوان النص (طَواحينُ الخَراب)، يمثل عتبة أولى للولوج إليه، فجاء مكثفاً ليختزل القضية التي تشغل الشاعر في نصه، فهو يلخص الثيمة الأساسية التي يتناولها النص، ودال يبحث عن مدلول، كذلك يبحث في كم من التأويلات، (التي تحمل كماً من الأفكار والمعاني ذات الصلة الوثيقة بالحمولة الدلالية للنص وجمالياته)، مجلة علامات في النقد، مايو/أيار 2007. لأن الانزياحات التعبيرية فيه تؤدي الى تعدد دلالي، فيستحضر المتلقي تلك الدلالات.
فالعنوان هو ( تحديد لاتجاه القراءة ورسم لاحتمالات المعنى)، علي العلاق، الشعر والتلقي دراسات نقدية، ص 86. وقد سعى الشاعر "عادل قاسم" أن يكون عنوان النص، عنواناً تفسيرياً.
النص يرتكز إلى ثالوث، مكوناته الأساسية، الكاتب (سرفانتس)، الفارس (دون كيشوت)، الشاعر (عادل قاسم)، هذا الثالوث ينصهر في بودقة الزمان والمكان والنص، مثلما ينصهر الواقع والخيال في بودقة رواية سيرفانتس ومغامرات بطله الحالم (دون كيشوت).
الذي يتضح من خلال نص الشاعر أن "دون كيشوت" لا يموت أبداً، فعيونه ما زالت مفتوحة، وترى ما يحدث في الواقع بذات النظرة السابقة. فالكثير من الشعراء شربوا من منبع كلمات الكاتب (سرفانتس)، فالشعراء والروائيون على حد قول عالم النفس "سيغموند فرويد" (هم أعز حلفائنا وينبغي أن نقدر شهادتهم أحسن تقدير، لأنهم يعرفون أشياء بين السماء والأرض لم تتمكن بعد حكمتنا المدرسية من الحلم بها، فهم في معرفة النفس شيوخنا، نحن الناس العاديين، لأنهم يرّتوون من منابع لم يتمكن العلم بعد من بلوغها).
رواية (دون كيشوت) التي صنفت ضمن قمم الأعمال الأدبية الكلاسيكية، هي رواية إنسانية لم يقف تأثيرها عند شعب دون آخر، أو زمان دون آخر. بل شكلت علامة فارقة في تاريخ تطور السرد الروائي. فقد استوحت منها الثقافات العالمية المختلفة رموزاً وأفكارا لا تحصى، وقامت بإدخالها في تراثها الأدبي.
ف(دون كيشوت) يحضر في ذاكرة الشاعر "عادل قاسم" بطل يصارع (طواحين الخراب)، متوهم أنها (شياطين لها أذرع هائلة تقوم بنشر الشر في العالم)، ويرى في أوهامه الحقيقة. فهذه الطواحين هي موجودة، ليس فقط في في مخيلة الشاعر وإنما في الحقيقة. من حيث دلالاتها الرمزية والإسقاطات التي يمكن ان تنطبق على حياة الشاعر وحياتنا، لقد اعتبر الشاعر الفرنسي "آرثر رامبو" (1854/ 1891) الشعر (رؤيا استبصارية، تخول للشاعر أن يرتقي درجة العارف الأسمى لكونه يتوخى باستشرافه الوصول إلى المجهول). كذلك هذه الطواحين، لها أبعاد تأويلية تتعدد الى ما لا نهاية لتعكس في تنوعها الدلالي تعقيدات الحياة الإنسانية. ف(دون كيشوت) يعود في نص الشاعر "عادل قاسم" كدراما فلسفية، ونمط معين من التفكير الحياتي، ففي ظل مناخ سياسي فوضوي سائد في العراق، يتربع عليه من عاث بالأرض فساداً.
ولسانهم كلسان فلاح (سيرفانتس) في روايته وهو (يضرب غلاماً له، ويصاحب كل ضربة بزجرة ونصيحة، إذ كان يقول له "ليخرس لسانك ولتفتح عينك")، فيظن هذا السياسي الفاسد الأحمق أنه في مهمة مقدسة، بعد أن كان مرتبطاً في نضاله الموهوم ضمن؛
(الجُيوشُ المُرابِطة
على جبهاتِ القتال)
فيندفع بتصوراته اللاعقلانية.
(الذخائرُ المُعبأةُ
بالكوكا كوﻻ
الصهاريجُ المُعَدَّة بالذخائر
لتَغذيةِ فتيلِ الرماد)
فيخلط بين أوهامه والواقع. فينتكس وهو يتسور؛
(ِبهراواتِ العُسُسْ
المُتَخفين بلحى اﻷولياء
وجوهٌ كالِحةٌ، عيونٌ جاحِظة)
تراهم
(يَرقصونَ في
أزقةِ المدينةِ
الآسنةٍ بالدماءِ والصَديد،
وزَفيرِ المَواخير)
وهذا الحال كحال "دون كيشوت" وهو يستخرج سيفاً متهالكاً تُرك له من أجداده الغابرين، ثم لبس الدرع والخوذة وحمل معه السيف والرمح وامتطى صهوة جواده الأعجف الهزيل. يظهر بهيئة تشبه فرسان الزمن الغابر الذين انقرضوا.
نحن أمام نص يقرن الثقافة بالخيال بنفس إبداعي، لأن هذا التزاوج لابد أن يثمر نصاً إبداعياً، ناقداً يعكس البساطة والمحاكاة الساخرة، التي هي الأكثر مرارة، ومعركته مع (طواحين الخراب)، الموجودة دائماً في الواقع، والابتعاد عن عبودية أصنام المجتمع. وصدق الشاعر المغربي "محمد بلمو" في قوله:(شعراء اليوم يصارعون طواحين الهواء)، الذين هم أذرع شيطانية فاسدة، ومجموعة من الأشرار المتأهبين للهجوم. والشاعر "عادل قاسم" يصارع (طواحين الخراب)، إذاً القضية بالنسبة للشاعر ليس في تجميع مفردات نصه، وإنما القضية في الدلالة الأعمق من ذلك، فهو يبرز أفكاره من ذهنه لمتن النص. وأن يصور لنا ضرباً من الناس يعيش في أوهامه. فهو في حربٍ، ليست مجرد فنتازيا، بل حرب تحمل في طياتها رموزاً ودلالات كثيفة. قد تكون هذه (الطواحين) أوهاما يحاربها كل إنسان منذ الأزل، وحتى يومنا هذا، ولن يكف عن محاربتها.
(طَواحينُ الخَراب)
للشاعر عادل قاسم
لَمْ تَعدْ
هذهِ الخيولُ الجامِحة
تَستَفِزُ الفارسَ الذي
ركنَ سَيفَه
المُذَهَّبَ بالخَيبةِ جانِباً،
واْمتطى صهوَةَ
جَوادهِ الخَشَبي،
أَصْبَحَ رفيقاً..
لِ.. (دون كيخوتي)*
حيث جَلسَ اﻹثنانُ،
يَعُدان أرباحَهما،
منَِ الفَجائع،
وَهما يستَظلانِ
بطَواحينِ الهواء
إذ إن الرياحَ
لَمْ تُعَكِرُ صَفوَ سِكْرَتيَهما،
حيثُ كل شيء
أصبحَ وَهماً
الجُيوشُ المُرابِطة
على جبهاتِ القتال
الذخائرُ المُعبأةُ
بالكوكا كوﻻ
الصهاريجُ المُعَدَّة بالذخائر
لتَغذيةِ فتيلِ الرماد
لِتَنتَكِس أيها المُنتَصر
بظلكَ الكبيرِ وقميصكَ
الذي قُدَّ منْ دُبْر
وأنتَ مُسَوَرٌ
ِبهراواتِ العُسُسْ
المُتَخفين بلحى اﻷولياء
وجوهٌ كالِحةٌ، عيونٌ جاحِظة
جَمْهرةٌ من َالمهَرجين
يَرقصونَ في
أزقةِ المدينةِ
الآسنةٍ بالدماءِ والصَديد،
وزَفيرِ المَواخير
ﻻشيءَ سوى
رنينِ الصنوج
وَنَقرِِ الدفوف
الصاهلة في شُرفاتِ القصور
الفارهةُ بالرَذيلة
هكذا عندما.
يُسْرَقُ رَغيفَ أطفالكَ
عليكَ أنْ تَدْفَعَ الثمنَ
ْ خرابِاً ،
ُ مادام الزمن..
يسيرُ على قدمٍ واحدة
في تواريخِ الطغاة
أفِقْ
من سكرتكَ التي
أَضْحَكَتْ عليكَ
الرُعاة المارقين،
وَجْهكَ معَفَرٌ بالرَذيلة
مُعَلَقٌ بينَ
سَبْعِ سَماواتٍ طِباق
منْ نزيفكَ المُسْتَديم،
فاغراً فاكَ للقَذائفِ التي
ليسَ لها من ساحٍ
سِوى
سهولكَ النائحاتِ
وجبالِكَ المُتجهمات
وصحرائِكَ التي
رَقَّنتْ قيدَها القذائفْ
................
* بطل مسرحية .. (سرفانتس) الشهيرة الموسومه بذات الاسم او (دون كيشوت)
(إعلم يا سانشو أنّ الإنسان لا يساوي أكثر من غيره إلا إذا أنجز أكثر من غيره).
"سرفانتس" على لسان (دون كيشوت)
القراءة:
تحاول هذه القراءة استنطاق لغة الهامش في نص الشاعر "عادل قاسم" من خلال كشف ماهية المتكلم، فنصه نصٌ وجدانيٌّ إنسانيٌّ، والقراءة المتأنية له تحاول أن تلتقط الخيط الداخلي لعوالمه، لأنه يوجد تنازع في النص بين الوعي واللا وعي، فهو مزيج من (الكينونة والصيرورة)، في تكوين صوره بمدلولات ذهنية.
قد تتعدد دلالات النص بحسب السياق الذي يورده الشاعر، وعنوان النص (طَواحينُ الخَراب)، يمثل عتبة أولى للولوج إليه، فجاء مكثفاً ليختزل القضية التي تشغل الشاعر في نصه، فهو يلخص الثيمة الأساسية التي يتناولها النص، ودال يبحث عن مدلول، كذلك يبحث في كم من التأويلات، (التي تحمل كماً من الأفكار والمعاني ذات الصلة الوثيقة بالحمولة الدلالية للنص وجمالياته)، مجلة علامات في النقد، مايو/أيار 2007. لأن الانزياحات التعبيرية فيه تؤدي الى تعدد دلالي، فيستحضر المتلقي تلك الدلالات.
فالعنوان هو ( تحديد لاتجاه القراءة ورسم لاحتمالات المعنى)، علي العلاق، الشعر والتلقي دراسات نقدية، ص 86. وقد سعى الشاعر "عادل قاسم" أن يكون عنوان النص، عنواناً تفسيرياً.
النص يرتكز إلى ثالوث، مكوناته الأساسية، الكاتب (سرفانتس)، الفارس (دون كيشوت)، الشاعر (عادل قاسم)، هذا الثالوث ينصهر في بودقة الزمان والمكان والنص، مثلما ينصهر الواقع والخيال في بودقة رواية سيرفانتس ومغامرات بطله الحالم (دون كيشوت).
الذي يتضح من خلال نص الشاعر أن "دون كيشوت" لا يموت أبداً، فعيونه ما زالت مفتوحة، وترى ما يحدث في الواقع بذات النظرة السابقة. فالكثير من الشعراء شربوا من منبع كلمات الكاتب (سرفانتس)، فالشعراء والروائيون على حد قول عالم النفس "سيغموند فرويد" (هم أعز حلفائنا وينبغي أن نقدر شهادتهم أحسن تقدير، لأنهم يعرفون أشياء بين السماء والأرض لم تتمكن بعد حكمتنا المدرسية من الحلم بها، فهم في معرفة النفس شيوخنا، نحن الناس العاديين، لأنهم يرّتوون من منابع لم يتمكن العلم بعد من بلوغها).
رواية (دون كيشوت) التي صنفت ضمن قمم الأعمال الأدبية الكلاسيكية، هي رواية إنسانية لم يقف تأثيرها عند شعب دون آخر، أو زمان دون آخر. بل شكلت علامة فارقة في تاريخ تطور السرد الروائي. فقد استوحت منها الثقافات العالمية المختلفة رموزاً وأفكارا لا تحصى، وقامت بإدخالها في تراثها الأدبي.
ف(دون كيشوت) يحضر في ذاكرة الشاعر "عادل قاسم" بطل يصارع (طواحين الخراب)، متوهم أنها (شياطين لها أذرع هائلة تقوم بنشر الشر في العالم)، ويرى في أوهامه الحقيقة. فهذه الطواحين هي موجودة، ليس فقط في في مخيلة الشاعر وإنما في الحقيقة. من حيث دلالاتها الرمزية والإسقاطات التي يمكن ان تنطبق على حياة الشاعر وحياتنا، لقد اعتبر الشاعر الفرنسي "آرثر رامبو" (1854/ 1891) الشعر (رؤيا استبصارية، تخول للشاعر أن يرتقي درجة العارف الأسمى لكونه يتوخى باستشرافه الوصول إلى المجهول). كذلك هذه الطواحين، لها أبعاد تأويلية تتعدد الى ما لا نهاية لتعكس في تنوعها الدلالي تعقيدات الحياة الإنسانية. ف(دون كيشوت) يعود في نص الشاعر "عادل قاسم" كدراما فلسفية، ونمط معين من التفكير الحياتي، ففي ظل مناخ سياسي فوضوي سائد في العراق، يتربع عليه من عاث بالأرض فساداً.
ولسانهم كلسان فلاح (سيرفانتس) في روايته وهو (يضرب غلاماً له، ويصاحب كل ضربة بزجرة ونصيحة، إذ كان يقول له "ليخرس لسانك ولتفتح عينك")، فيظن هذا السياسي الفاسد الأحمق أنه في مهمة مقدسة، بعد أن كان مرتبطاً في نضاله الموهوم ضمن؛
(الجُيوشُ المُرابِطة
على جبهاتِ القتال)
فيندفع بتصوراته اللاعقلانية.
(الذخائرُ المُعبأةُ
بالكوكا كوﻻ
الصهاريجُ المُعَدَّة بالذخائر
لتَغذيةِ فتيلِ الرماد)
فيخلط بين أوهامه والواقع. فينتكس وهو يتسور؛
(ِبهراواتِ العُسُسْ
المُتَخفين بلحى اﻷولياء
وجوهٌ كالِحةٌ، عيونٌ جاحِظة)
تراهم
(يَرقصونَ في
أزقةِ المدينةِ
الآسنةٍ بالدماءِ والصَديد،
وزَفيرِ المَواخير)
وهذا الحال كحال "دون كيشوت" وهو يستخرج سيفاً متهالكاً تُرك له من أجداده الغابرين، ثم لبس الدرع والخوذة وحمل معه السيف والرمح وامتطى صهوة جواده الأعجف الهزيل. يظهر بهيئة تشبه فرسان الزمن الغابر الذين انقرضوا.
نحن أمام نص يقرن الثقافة بالخيال بنفس إبداعي، لأن هذا التزاوج لابد أن يثمر نصاً إبداعياً، ناقداً يعكس البساطة والمحاكاة الساخرة، التي هي الأكثر مرارة، ومعركته مع (طواحين الخراب)، الموجودة دائماً في الواقع، والابتعاد عن عبودية أصنام المجتمع. وصدق الشاعر المغربي "محمد بلمو" في قوله:(شعراء اليوم يصارعون طواحين الهواء)، الذين هم أذرع شيطانية فاسدة، ومجموعة من الأشرار المتأهبين للهجوم. والشاعر "عادل قاسم" يصارع (طواحين الخراب)، إذاً القضية بالنسبة للشاعر ليس في تجميع مفردات نصه، وإنما القضية في الدلالة الأعمق من ذلك، فهو يبرز أفكاره من ذهنه لمتن النص. وأن يصور لنا ضرباً من الناس يعيش في أوهامه. فهو في حربٍ، ليست مجرد فنتازيا، بل حرب تحمل في طياتها رموزاً ودلالات كثيفة. قد تكون هذه (الطواحين) أوهاما يحاربها كل إنسان منذ الأزل، وحتى يومنا هذا، ولن يكف عن محاربتها.