ثمة نجمة خضراء متوهجة وأحمر قانٍ يأتيان من المغرب، وعقال (عگال) وغترة قطريان يرحّبان بهما بضيافة بشوشة في أجواء الانسجام والتآلف في موسم كأس العالم. وتبدو قسمات هذا الشاب مغربية أصيلة، وقد أضاف إليها توشية خليجية مع سابق تخطيط بأن فسح المجال لنمو شارب ولحية عادة ما تنمّ عن مظهر خليجي مألوف، وهذا بعض الذكاء الاجتماعي غير المفتعل.
على خلاف أطروحة صموئيل هنتنغتون التي تزداد انغماسا في التدبير السياسي لدى جل الحكام العرب بتكريس دوائر عدائية متداخلة في المنطقة، لم تتمسك الغترة والعقال ببياضهما وسوادهما، ولم تصرّ النجمة الخضراء ولا اللون الأحمر على ضرورة الانبساط في مساحة أفقية. بل توافقت جميع الأطراف الأربعة على المرونة واعتماد ما يشبه جدلية هيغيلية تقوم على التقابل والتفاعل وإنتاج أطروحة ثالثة تتداخل فيها جميع العناصر. والمهم أن الحصيلة تعكس منطق التوافق، ودون أن يعتقد أي طرف أنه "المهيمن"، أو يكون لدى طرف آخر مركّب الضعف والذوبان على طريقة "المغلوب يقلد الغالب"، كما قال ابن خلدون.
شاهدتُ عددا من الجزائريين والليبيين والفلسطينيين والسعوديين معي في المترو والحافلة وبقية المشوار نحو ملعب "البيت" لمناصرة الفريق المغربي خلال مباراته مع الفريق الكرواتي. وتخيلت كم من أوجه وصيغ ومعادلات أخرى ممكنة على خط التوافقات المغربية الجزائرية، والمغربية التونسية، وبقية الصيغ المغربية العربية التي يمكن بلورتها او تراجعت الأنفة السياسية والتكابر بين النخب الحاكمة.
لسنا بحاجة لأن نتشبع أكثر بمنظومات فرعية للعداء أو الحساسية المفرطة، أو نتبنى تركة هنتغتون في فضائنا العربي ونجعل منه شيخا ونحن له مريدون. لم تعد العواصم الغربية سواء في أمريكا وأوروبا، أو حتى في علاقاتهما مع اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا تتبنى أطروحة هنتغتون، وحتى منظومة مكافحة الإرهاب التي نفخ فيها المحافظون الجدد واليمينيون والترمبيون تراجعت، بل انقلبت إلى حركة تصحيحية في ضوء قناعة حكومة بايدن بضرورة الانسحاب من أفغانستان قبل خمسة عشر شهرا. ولا تزال الدبلوماسية الطريق الأفضل لتسوية كل المعضلات الدولية التي تهمّ حكومة بايدن.
لم يكن صديقنا صاحب العقال المغربي القطري، لحظة التقاط الصورة، يتوقع أنه سيصبح محور هذا التحليل للعدائيات العربية في حقبة الضلالة الاستراتيجية. لكن ينبغي التعبير عن الشكر له بأن ركّب مشهدا جديرا بالتأمل والبناء عليه ضمن السؤال المركزي: هل هناك تصور عملي في العواصم العربية لهندسة حوار عربي-عربي، وإعلان نهاية لحقبة ترديد الصدى لأطروحة هنتغتونية وُلدت متعصبة جامحة، وما بُني على منطق التعصب ينهار بتبدل الأحقاب!
على خلاف أطروحة صموئيل هنتنغتون التي تزداد انغماسا في التدبير السياسي لدى جل الحكام العرب بتكريس دوائر عدائية متداخلة في المنطقة، لم تتمسك الغترة والعقال ببياضهما وسوادهما، ولم تصرّ النجمة الخضراء ولا اللون الأحمر على ضرورة الانبساط في مساحة أفقية. بل توافقت جميع الأطراف الأربعة على المرونة واعتماد ما يشبه جدلية هيغيلية تقوم على التقابل والتفاعل وإنتاج أطروحة ثالثة تتداخل فيها جميع العناصر. والمهم أن الحصيلة تعكس منطق التوافق، ودون أن يعتقد أي طرف أنه "المهيمن"، أو يكون لدى طرف آخر مركّب الضعف والذوبان على طريقة "المغلوب يقلد الغالب"، كما قال ابن خلدون.
شاهدتُ عددا من الجزائريين والليبيين والفلسطينيين والسعوديين معي في المترو والحافلة وبقية المشوار نحو ملعب "البيت" لمناصرة الفريق المغربي خلال مباراته مع الفريق الكرواتي. وتخيلت كم من أوجه وصيغ ومعادلات أخرى ممكنة على خط التوافقات المغربية الجزائرية، والمغربية التونسية، وبقية الصيغ المغربية العربية التي يمكن بلورتها او تراجعت الأنفة السياسية والتكابر بين النخب الحاكمة.
لسنا بحاجة لأن نتشبع أكثر بمنظومات فرعية للعداء أو الحساسية المفرطة، أو نتبنى تركة هنتغتون في فضائنا العربي ونجعل منه شيخا ونحن له مريدون. لم تعد العواصم الغربية سواء في أمريكا وأوروبا، أو حتى في علاقاتهما مع اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا تتبنى أطروحة هنتغتون، وحتى منظومة مكافحة الإرهاب التي نفخ فيها المحافظون الجدد واليمينيون والترمبيون تراجعت، بل انقلبت إلى حركة تصحيحية في ضوء قناعة حكومة بايدن بضرورة الانسحاب من أفغانستان قبل خمسة عشر شهرا. ولا تزال الدبلوماسية الطريق الأفضل لتسوية كل المعضلات الدولية التي تهمّ حكومة بايدن.
لم يكن صديقنا صاحب العقال المغربي القطري، لحظة التقاط الصورة، يتوقع أنه سيصبح محور هذا التحليل للعدائيات العربية في حقبة الضلالة الاستراتيجية. لكن ينبغي التعبير عن الشكر له بأن ركّب مشهدا جديرا بالتأمل والبناء عليه ضمن السؤال المركزي: هل هناك تصور عملي في العواصم العربية لهندسة حوار عربي-عربي، وإعلان نهاية لحقبة ترديد الصدى لأطروحة هنتغتونية وُلدت متعصبة جامحة، وما بُني على منطق التعصب ينهار بتبدل الأحقاب!