(١)
نفحات ايمانية
سمعنا وقرأنا وشاهدنا في مختلف الوسائل الإعلامية العالمية المسموعة والمقروءة والمرئية عن معجزة العصر، وطفرة الحضارة، وطوق النجاة للجنس البشري من وهن الشيخوخة وفتور القوى الحيوية والطاقة بتقدم العمر والإيغال فيه، وذلك باستعمال هرمون الميلاتونين Melatonin Hormone
والذي خلع على هذا الخبر طلاقة ومضاء ونفاذا أن أكثر هذه المنقولات صدرت عن كبار العلماء الباحثين على مستوى علمي رفيع من الزكانة والمكانة المشهود لهم بها وصدرت فعلاً مسندة إلى جامعات معتبرة بعينها مذكورة الاسم مشهورة السبق، ومعاهد ومراكز لا عمل لها غير الدراسة والبحث والتقويم والرصد للهرمونات وعمل الغدد الصماء المختلفة المفرزة لها.
وقبل الولوج إلى هذا الموضوع لابد أن نقدم لمحة عامة باديء الرأي وهي أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم وأودعه أسراراً شتى لم يعرف الطب منها إلا أقل القليل ولايزال الكثير والكثير منها مجهولاً طي الغيب المحجوب، مكتنفاً بكثير من الغموض والاستعجام على مدار أربعة عشر قرنا من الزمان والبحوث الطبية تعمد إلى سبر أغوار هذا التركيب الآدمي وتسفر عن العجائب والغرائب المثيرة التي يزداد معها المؤمن إيمانا بربه وخالقه وسيده ومليكه.
فهذه دعوة صادقة صالحة بليغة لأرباب العقول والأفهام والألباب أن ينصرفوا إلى جادة الحق والاستقامة على المحجة البيضاء ويتوجهوا بكلياتهم إلى الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء والقادر عليه قالت هذه الأنباء : إن هذا الميلاتونين مفرز من غدة صغيرة تستوي في منتصف مخ الإنسان وهي المسماة بالغدة الصنوبرية Pineal Gland وهي لا تعدو مثقال حبة القمح وتشبهها شكلاً ووزنا، وهذه الغدة الصنوبرية مخلوقة مع الجنين في أطواره الأولى لكنها تكون مبتسرة قاصرة عند الولادة ثم تأخذ في النمو بعد ذلك.
قال علماء الأطباء الباحثون إن هذه الغدة هي الوحيدة التي يكتمل نموها بعد أسابيع ثلاثة فقط من عمر الجنين، ويزداد نموها واكتمالها مع الأيام والسنوات حتى تبلغ قمة نشاطها وحيويتها إذ يبلغ منحنى ارتفاعها غايته في غضون سنوات عشر من عمر الصبي، ثم يظل كذلك حتى سن البلوغ والاحتلام .. بيد أن الأمر لا يستمر على حال إذ أن من المحال الثبات على حال ووتيرة واحدة إذ تأخذ هذه الغدة في الفتور مع تقدم سنوات العمر بعد ذلك، ويقل تبعاً لذلك إفرازها من هذا الميلاتونين تدريجيا حتى يكاد يصبح أثراً قليلاً لا يوفى بمتطلبات الجسم واحتياجاته.
وقد بلغت الثورة الطبية أماداً بعيداً على محاور عديدة إلا أنها إلى وقت قريب لم تقدر على محارفة هذه الغدة الصنوبرية ولم تعلم عنها شيئاً، حتى إن الكثير من العلماء ظن أن لا وظيفة لها ولا اعتبار لوجودها وشبهوها بالزائدة الدودية هذا على الرغم من التطور الرهيب في عالم وعلم الغدد الصماء Endocrinolgy الذي نشطت إسهاماته على أعلى المستويات.
فقط منذ ثلاثين عاماً بدأت تشغل بال العلماء هذه الغدة الصغيرة المتروكة التي لا يزيد وزنها على نصف جرام في الأغلب .. فتوجهت إليها العناية بالتجارب المعملية على الحيوانات أولا كما هو العرف السائد في مجال الطب التجريبي وتوصل الباحثون بعد لأي ومشقة وصبر ومثابرة ورصد دقيق وتحري دؤوب لنتائج واحصاءات مثيرة مفادها أن هذا الميلاتونين الذي تفرزه هذه الغدة الصماء يلعب أدواراً باهرة في تكوين جسم الإنسان واتساقه وتنظيم حركته وذلك بعد إجراءات بحثية مستفيضة على خصائصه وطبيعته وتأثيراته المختلفة.
ونظراً لتشوق الأطباء إلى معرفة وظيفة هذه الغدة الغامضة والهرمون الغامض فقد بولغ في هذا إلى درجة كبيرة .. مع أن الأصل في هذه المسائل العلمية يجب أن يكون دقيقاً غاية الدقة لكونه مبنيا على دراسات وأبحاث علمية مرصودة لا مجال فيه للظنون والتحزيرات والتخمينات وإنما هي قواعد إن أحدا لا يرفض أبداً أن يرجع بعد السبعين أو الثمانين مثلاً إلى الصبا الباكر ويعود إلى شرخ الحياة بعد أن نالت منه الأيام وعملت فيه معاول الأحداث والهموم والأنكاد من ثم فإن مجرد السماع عن هذا العقار والبلسم الشافي لابد أن يلاقي ارتياحاً وغبطة وسروراً من كبار السن والزمني والضمني .. لكن المخشي منه والمخوف من عواقبه أن تكون هذه التقريرات مجرد وهم وخداع و سراب سرعان ما ينحسر وينتهي إلى لاشيء.
إن القرآن الكريم قد حسم الأمر وصدع بالحق من غير مواربة في قوله تعالى : (وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِى ٱلْخَلْقِ ۖ أَفَلَا يَعْقِلُونَ) يس - 68 .. لكن علينا أن نأخذ العبرة من هذه الدراسات الطبية لإبراز وبيان إعجاز الخالق سبحانه وتعالى ليكون هذا مدخلاً إيمانياً صالحاً ينطوي على عبرة للمعتبرين إن النهار والليل آيتان من آيات الله يتعاقبان في تواتر وانسجام دقيق. ومع كل منهما ينصهر الإنسان في تداخل ومخالطة دقيقة فبينا يختص النهار بالكدح والداب وإهدار الطاقة Citabolism نجد الليل يحرص على ادخار هذه الطاقة والمحافظة عليها فيكون بطبيعته أكثر مناسبة للبناء والتشييد Anabolism مع النوم يقل النبض وتهدا ضربات القلب Brady Cardia ويهبط ضغط الدم Hypotension إلى أدنى معدلاته وفي اليقظة يسرع النبض وتسرع ضربات القلب مع المجهود ومسلمات مقطوع بها في الأغلب الأعم كثير من هذه النتائج صحيح وقويم سديد لا خلاف عليه، لكن الأمر لم يسلم من السقيم المدخول الجدير بالتحفظ عليه وإجالة النظر فيه. وأخذ الحذر منه حتى لا يكون حكم الواقع بعد ذلك قاسياً بعد الخدر النفسي الشاق الذي يعترينا جميعا. Tachy Cardia ويرتفع ضغط الدم Hypertension حسم درجة التوتر.
تم إن ضوء الشمس وصيخدها وحرارتها تكون دافعاً وحافزاً لإفراز مادة السيروتونين -Serotonin وهذا السيروتونين المصنوع بالنهار تقوم الغدة الصنوبرية بتصنيع مادة هرمون الميلاتونين أثناء الليل ويزداد معدل إفراز هذا الهرمون إلى أقصى نسبة في الثلث الأخير من الليل، ثم يقل تدريجياً مع ظهور أنوار الصباح إذ إن الأضواء المبهرة والصاخبة تنبط وتوقف إفراز ونشاط هذه الغدة الصنوبرية.
من ثم فإن الظلام في حد ذاته لا يخلو من فائدة عظيمة ونفع جليل .. فهذا هو الميلاتونين الذي ينظم عملية النوم والاسترخاء البدني الذي يكون الإنسان أشد احتياجاً إليه ليستريح من عناء وأعباء النهار لا يتم إفرازه إلا الظلام الدامس المحلولك.
من ثم فإن الله تعالى جعل الليل سكنا لابن آدم رحمة وحدبا وبرا وشفقة .. قال تعالى (وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) سورة القصص الآية 73.
حقا إنها نعمة تستوجب الشكر فلولاها لكان أمر الحياة شاقاً عسيراً غير مقدور عليه بحال وفي تفسير هذه الآية يقول الإمام الفخر الرازي في تفسيره الكبير ج ٢٥ ص ١١ : نبه الله تعالى بهذه الآية على أن الليل والنهار نعمتان يتعاقبان على الزمان، لأن المرء في الدنيا مضطر إلى أن يتعب لتحصيل ما يحتاج إليه ولا يتم له ذلك لولا ضوء النهار ولولا الراحة والسكون بالليل، فلابد منهما في الدنيا، وأما في الجنة فلا نصب ولا تعب فلا حاجة بهم إلى الليل .. فلذلك يدوم لهم الضياء واللذات. ا هـ - بتصرف ..
ليس الميلاتونين فحسب ولكن الكورتيزون أيضا يتم إفرازه بغزارة في الثلث الأخير من الليل ولذلك وجد تباين واضح وفرق ظاهر بين نسبته في الدم بالليل عنه في النهار & Nocturnal Diurena Variations ولهذه الخاصية اعتبارات طبية محورية.
كذلك فإن الأنابيب الكلوية تقوم بتركيز البول في أثناء الليل .. ولذلك فإنه في حالة العجز والفشل الكلوي لا تقدر الكلى على تركيز هذا البول من تم يشكو المريض من كثرة التبول أثناء الليل بالذات Nocturnal Polyuria هذه النشاطات الدقيقة لا تتم عبثاً ولا عرضاً ولا مصادفة ولكن بدقة متناهية وإتقان وانسجام فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء والحمد لله رب العالمين .
اللهم تقبل من أبى صلاته ، وصيامه لك ، وسائر طاعاته ، وصالح أعماله ، وأثقل بها ميزانه يوم القيامة ، وثبِّته على الصراط يوم تزل الأقدام ، واجعله من الفائزين ، وأسكِنه في أعلى الجنات في جوار نبيِّك ومصطفاك ﷺ .. يا رب العالمين
نفحات ايمانية
سمعنا وقرأنا وشاهدنا في مختلف الوسائل الإعلامية العالمية المسموعة والمقروءة والمرئية عن معجزة العصر، وطفرة الحضارة، وطوق النجاة للجنس البشري من وهن الشيخوخة وفتور القوى الحيوية والطاقة بتقدم العمر والإيغال فيه، وذلك باستعمال هرمون الميلاتونين Melatonin Hormone
والذي خلع على هذا الخبر طلاقة ومضاء ونفاذا أن أكثر هذه المنقولات صدرت عن كبار العلماء الباحثين على مستوى علمي رفيع من الزكانة والمكانة المشهود لهم بها وصدرت فعلاً مسندة إلى جامعات معتبرة بعينها مذكورة الاسم مشهورة السبق، ومعاهد ومراكز لا عمل لها غير الدراسة والبحث والتقويم والرصد للهرمونات وعمل الغدد الصماء المختلفة المفرزة لها.
وقبل الولوج إلى هذا الموضوع لابد أن نقدم لمحة عامة باديء الرأي وهي أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم وأودعه أسراراً شتى لم يعرف الطب منها إلا أقل القليل ولايزال الكثير والكثير منها مجهولاً طي الغيب المحجوب، مكتنفاً بكثير من الغموض والاستعجام على مدار أربعة عشر قرنا من الزمان والبحوث الطبية تعمد إلى سبر أغوار هذا التركيب الآدمي وتسفر عن العجائب والغرائب المثيرة التي يزداد معها المؤمن إيمانا بربه وخالقه وسيده ومليكه.
فهذه دعوة صادقة صالحة بليغة لأرباب العقول والأفهام والألباب أن ينصرفوا إلى جادة الحق والاستقامة على المحجة البيضاء ويتوجهوا بكلياتهم إلى الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء والقادر عليه قالت هذه الأنباء : إن هذا الميلاتونين مفرز من غدة صغيرة تستوي في منتصف مخ الإنسان وهي المسماة بالغدة الصنوبرية Pineal Gland وهي لا تعدو مثقال حبة القمح وتشبهها شكلاً ووزنا، وهذه الغدة الصنوبرية مخلوقة مع الجنين في أطواره الأولى لكنها تكون مبتسرة قاصرة عند الولادة ثم تأخذ في النمو بعد ذلك.
قال علماء الأطباء الباحثون إن هذه الغدة هي الوحيدة التي يكتمل نموها بعد أسابيع ثلاثة فقط من عمر الجنين، ويزداد نموها واكتمالها مع الأيام والسنوات حتى تبلغ قمة نشاطها وحيويتها إذ يبلغ منحنى ارتفاعها غايته في غضون سنوات عشر من عمر الصبي، ثم يظل كذلك حتى سن البلوغ والاحتلام .. بيد أن الأمر لا يستمر على حال إذ أن من المحال الثبات على حال ووتيرة واحدة إذ تأخذ هذه الغدة في الفتور مع تقدم سنوات العمر بعد ذلك، ويقل تبعاً لذلك إفرازها من هذا الميلاتونين تدريجيا حتى يكاد يصبح أثراً قليلاً لا يوفى بمتطلبات الجسم واحتياجاته.
وقد بلغت الثورة الطبية أماداً بعيداً على محاور عديدة إلا أنها إلى وقت قريب لم تقدر على محارفة هذه الغدة الصنوبرية ولم تعلم عنها شيئاً، حتى إن الكثير من العلماء ظن أن لا وظيفة لها ولا اعتبار لوجودها وشبهوها بالزائدة الدودية هذا على الرغم من التطور الرهيب في عالم وعلم الغدد الصماء Endocrinolgy الذي نشطت إسهاماته على أعلى المستويات.
فقط منذ ثلاثين عاماً بدأت تشغل بال العلماء هذه الغدة الصغيرة المتروكة التي لا يزيد وزنها على نصف جرام في الأغلب .. فتوجهت إليها العناية بالتجارب المعملية على الحيوانات أولا كما هو العرف السائد في مجال الطب التجريبي وتوصل الباحثون بعد لأي ومشقة وصبر ومثابرة ورصد دقيق وتحري دؤوب لنتائج واحصاءات مثيرة مفادها أن هذا الميلاتونين الذي تفرزه هذه الغدة الصماء يلعب أدواراً باهرة في تكوين جسم الإنسان واتساقه وتنظيم حركته وذلك بعد إجراءات بحثية مستفيضة على خصائصه وطبيعته وتأثيراته المختلفة.
ونظراً لتشوق الأطباء إلى معرفة وظيفة هذه الغدة الغامضة والهرمون الغامض فقد بولغ في هذا إلى درجة كبيرة .. مع أن الأصل في هذه المسائل العلمية يجب أن يكون دقيقاً غاية الدقة لكونه مبنيا على دراسات وأبحاث علمية مرصودة لا مجال فيه للظنون والتحزيرات والتخمينات وإنما هي قواعد إن أحدا لا يرفض أبداً أن يرجع بعد السبعين أو الثمانين مثلاً إلى الصبا الباكر ويعود إلى شرخ الحياة بعد أن نالت منه الأيام وعملت فيه معاول الأحداث والهموم والأنكاد من ثم فإن مجرد السماع عن هذا العقار والبلسم الشافي لابد أن يلاقي ارتياحاً وغبطة وسروراً من كبار السن والزمني والضمني .. لكن المخشي منه والمخوف من عواقبه أن تكون هذه التقريرات مجرد وهم وخداع و سراب سرعان ما ينحسر وينتهي إلى لاشيء.
إن القرآن الكريم قد حسم الأمر وصدع بالحق من غير مواربة في قوله تعالى : (وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِى ٱلْخَلْقِ ۖ أَفَلَا يَعْقِلُونَ) يس - 68 .. لكن علينا أن نأخذ العبرة من هذه الدراسات الطبية لإبراز وبيان إعجاز الخالق سبحانه وتعالى ليكون هذا مدخلاً إيمانياً صالحاً ينطوي على عبرة للمعتبرين إن النهار والليل آيتان من آيات الله يتعاقبان في تواتر وانسجام دقيق. ومع كل منهما ينصهر الإنسان في تداخل ومخالطة دقيقة فبينا يختص النهار بالكدح والداب وإهدار الطاقة Citabolism نجد الليل يحرص على ادخار هذه الطاقة والمحافظة عليها فيكون بطبيعته أكثر مناسبة للبناء والتشييد Anabolism مع النوم يقل النبض وتهدا ضربات القلب Brady Cardia ويهبط ضغط الدم Hypotension إلى أدنى معدلاته وفي اليقظة يسرع النبض وتسرع ضربات القلب مع المجهود ومسلمات مقطوع بها في الأغلب الأعم كثير من هذه النتائج صحيح وقويم سديد لا خلاف عليه، لكن الأمر لم يسلم من السقيم المدخول الجدير بالتحفظ عليه وإجالة النظر فيه. وأخذ الحذر منه حتى لا يكون حكم الواقع بعد ذلك قاسياً بعد الخدر النفسي الشاق الذي يعترينا جميعا. Tachy Cardia ويرتفع ضغط الدم Hypertension حسم درجة التوتر.
تم إن ضوء الشمس وصيخدها وحرارتها تكون دافعاً وحافزاً لإفراز مادة السيروتونين -Serotonin وهذا السيروتونين المصنوع بالنهار تقوم الغدة الصنوبرية بتصنيع مادة هرمون الميلاتونين أثناء الليل ويزداد معدل إفراز هذا الهرمون إلى أقصى نسبة في الثلث الأخير من الليل، ثم يقل تدريجياً مع ظهور أنوار الصباح إذ إن الأضواء المبهرة والصاخبة تنبط وتوقف إفراز ونشاط هذه الغدة الصنوبرية.
من ثم فإن الظلام في حد ذاته لا يخلو من فائدة عظيمة ونفع جليل .. فهذا هو الميلاتونين الذي ينظم عملية النوم والاسترخاء البدني الذي يكون الإنسان أشد احتياجاً إليه ليستريح من عناء وأعباء النهار لا يتم إفرازه إلا الظلام الدامس المحلولك.
من ثم فإن الله تعالى جعل الليل سكنا لابن آدم رحمة وحدبا وبرا وشفقة .. قال تعالى (وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) سورة القصص الآية 73.
حقا إنها نعمة تستوجب الشكر فلولاها لكان أمر الحياة شاقاً عسيراً غير مقدور عليه بحال وفي تفسير هذه الآية يقول الإمام الفخر الرازي في تفسيره الكبير ج ٢٥ ص ١١ : نبه الله تعالى بهذه الآية على أن الليل والنهار نعمتان يتعاقبان على الزمان، لأن المرء في الدنيا مضطر إلى أن يتعب لتحصيل ما يحتاج إليه ولا يتم له ذلك لولا ضوء النهار ولولا الراحة والسكون بالليل، فلابد منهما في الدنيا، وأما في الجنة فلا نصب ولا تعب فلا حاجة بهم إلى الليل .. فلذلك يدوم لهم الضياء واللذات. ا هـ - بتصرف ..
ليس الميلاتونين فحسب ولكن الكورتيزون أيضا يتم إفرازه بغزارة في الثلث الأخير من الليل ولذلك وجد تباين واضح وفرق ظاهر بين نسبته في الدم بالليل عنه في النهار & Nocturnal Diurena Variations ولهذه الخاصية اعتبارات طبية محورية.
كذلك فإن الأنابيب الكلوية تقوم بتركيز البول في أثناء الليل .. ولذلك فإنه في حالة العجز والفشل الكلوي لا تقدر الكلى على تركيز هذا البول من تم يشكو المريض من كثرة التبول أثناء الليل بالذات Nocturnal Polyuria هذه النشاطات الدقيقة لا تتم عبثاً ولا عرضاً ولا مصادفة ولكن بدقة متناهية وإتقان وانسجام فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء والحمد لله رب العالمين .
اللهم تقبل من أبى صلاته ، وصيامه لك ، وسائر طاعاته ، وصالح أعماله ، وأثقل بها ميزانه يوم القيامة ، وثبِّته على الصراط يوم تزل الأقدام ، واجعله من الفائزين ، وأسكِنه في أعلى الجنات في جوار نبيِّك ومصطفاك ﷺ .. يا رب العالمين