د. محمد عباس محمد عرابي - الصحابة يجيبون عن أسئلة الرسول (صلى الله عليه وسلم) الأسئلة المبدوءة بـ (أتدرون ) أنموذجًا

سأل الرسول (صلى الله عليه وسلم) الصحابة عن أسئلة مبدوءة بصيغة (أتدرون) بهدف تشويقهم لإجابة ما يسأل عنه (صلى الله عليه وسلم)؛ حيث سألهم عن الإيمانُ باللَّهِ وعمن هو المسلم، ومن هو المفلس، وما المقصود بالغيبة والمقصود بالكوثر، ومن هو البخيل؛ وعن الصرعة، وعن السابقين إلى ظل الله، وعن حق العباد علَى اللهِ فأجابوا في حدود علمهم، وغير ذلك من أسئلة: فبين لهم الإجابة المثلى لما سأل عنه (صلى الله عليه وسلم)، وفيما يلي نص الأحاديث النبوية التي تحدثت عن هذا :
هَل تَدرونَ ما الإيمانُ باللَّهِ؟:
عن ابن عباس (رضي الله عنهما )قال :"قَدِم وفْدُ عبدِ القَيسِ علَى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، فقالَ: مرحبًا بالوفدِ، ليسَ بالخزَايا ولا النَّادِمينَ ، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، إنَّ بينَنا وبينَكَ المشرِكينَ، وإنَّا لا نَصلُ إليكَ إلَّا في أشهرِ الحرمِ، فحدِّثنا بأمرٍ إن عمِلنا بِهِ دخلنا الجنَّةَ، ونَدعو بِهِ مَن وراءَنا ، قالَ : آمرُكُم بثلاثٍ، وأنهاكُم عن أربعٍ، آمرُكُم: بالإيمانِ باللَّهِ، وَهَل تَدرونَ ما الإيمانُ باللَّهِ؟، قالوا: اللَّهُ ورسولُهُ أعلَمُ، قالَ: شَهادةُ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وإقامُ الصَّلاةِ، وإيتاءُ الزَّكاةِ، وأن تُعطوا منَ المغانِمِ الخُمُسَ، أنهاكُم عَن أربعٍ: عمَّا يُنبَذُ في الدُّبَّاءِ، والنَّقيرِ، والحنتَمِ، والمزفَّتِ(1)
*"أتدرونَ مَنِ المُسلِمُ":
عن عبدالله بن عمرو أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: أتدرونَ مَنِ المُسلِمُ قالوا اللهُ ورسولُه أعلَمُ قال مَن سلِم المُسلِمونَ مِن لسانِه ويدِه قالوا فمَنِ المُؤمِنُ قال مَن أمِنه النَّاسُ على أنفسِهم وأموالِهم قالوا فمَنِ المُهاجِرُ قال مَن هجَر السُّوءَ فاجتنَبه(2)
أتَدرونَ ما خَيَّرَني ربِّيَ اللَّيلةَ؟
عن عوف بن مالك الأشجعي قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أتَدرونَ ما خَيَّرَني ربِّيَ اللَّيلةَ ؟ قُلنا : اللَّهُ ورسولُهُ أعلمُ ، قالَ : فإنَّهُ خَيَّرَني بينَ أن يدخلَ نصفُ أُمَّتي الجنَّةَ ، وبينَ الشَّفاعةِ ، فاختَرتُ الشَّفاعةَ ، قُلنا : يا رسولَ اللَّهِ ادعُ اللَّهَ أن يجعلَنا مِن أهْلِها ، قالَ : هيَ لِكُلِّ مُسلمٍ(3)
((أتدرون ما المفلس؟)):
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: ((أتدرون ما المفلس؟))، قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: ((إن المفلس من أمَّتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتَم هذا، وقذف هذا، وأكَل مال هذا، وسفَك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإنْ فَنِيَتْ حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أُخذ من خطاياهم فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار)) (4)
*أتدرون من البخيل ؟
عن الحسين بن علي رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (الْبَخِيلُ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ عَلَيّ) (5)
*((أتدرون ما الغِيبة؟))
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أتدرون ما الغِيبة؟))، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((ذكرك أخاك بما يكره))، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: ((إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهَتَّه)) (6)
*((أتدري ما حق العباد علَى اللهِ؟))
عن معاذ بن جبل(رضي الله عنه ) قال :كُنْتُ رِدْفَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ علَى حِمارٍ، يُقالُ له: عُفَيْرٌ، قالَ: فقالَ: يا مُعاذُ، تَدْرِي ما حَقُّ اللهِ علَى العِبادِ؟ وما حَقُّ العِبادِ علَى اللهِ؟ قالَ: قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: فإنَّ حَقَّ اللهِ علَى العِبادِ أنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ، ولا يُشْرِكُوا به شيئًا، وحَقَّ العِبادِ علَى اللهِ عزَّ وجلَّ أنْ لا يُعَذِّبَ مَن لا يُشْرِكُ به شيئًا، قالَ: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أفَلا أُبَشِّرُ النَّاسَ، قالَ: لا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا. (7)
أتدرون ما الكوثر؟
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، إِذْ أَغْفَىٰ إِغْفَاءَةً. ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّماً. فَقُلْنَا: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ: «أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفاً سُورَةٌ». فَقَرَأَ: ﴿ بِسْمِ الله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ * إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ ﴾ ثُمَّ قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟» فَقُلْنَا: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ، هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، فَيُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ، فَأَقُولُ: رَبِّ، إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي. فَيَقُولُ: مَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَتْ بَعْدَكَ».(8)
وفي رواية: «نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي الْجَنَّةِ. عَلَيْهِ حَوْضٌ» رواه مسلم.
*أتدرون من أحبِّكم إليَّ، وأقربِكم مني مجلسًا يوم القيامة:
وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من أحبِّكم إليَّ، وأقربِكم مني مجلسًا يوم القيامة، أحاسنَكم أخلاقًا، وإنَّ أبغضَكم إليَّ، وأبعدكم مني يوم القيامة، الثرثارون والمتشدِّقون والمتفيهقون))، قالوا: يا رسول الله، قد علمنا الثرثارون والمتشدقون، فما المتفيهقون؟ قال: ((المتكبِّرون (9)
*هل تدرون ما هذا؟:
عن أبي هريرة قال: بينما نبي الله صلى الله عليه وسلم جالس وأصحابه، إذ أتى عليهم سحاب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل تدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: هذا العنان، هذه روايا الأرض يسوقه الله إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه، ثم قال: هل تدرون ما فوقكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإنها الرقيع سقف محفوظ، وموج مكفوف. ثم قال: هل تدرون كم بينكم وبينها؟ قالوا الله ورسوله أعلم. قال: بينكم وبينها مسيرة خمسمائة سنة. ثم قال: هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإن فوق ذلك سماءين، ما بينهما مسيرة خمسمائة عام، حتى عد سبع سماوات، ما بين كل سماءين ما بين السماء والأرض، ثم قال: هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإن فوق ذلك العرش وبينه وبين السماء بعد ما بين السماءين ثم قال: هل تدرون ما الذي تحتكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإنها الأرض. ثم قال: هل تدرون ما الذي تحت ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإن تحتها أرضا أخرى، بينهما مسيرة خمسمائة سنة حتى عد سبع أرضين، بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة، ثم قال: والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم [رجلا] بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله. ثم قرأ {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم}.(10)
"أَتَدْرُونَ مَنِ السَّابِقُونَ إِلَى ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟:
َقَالَ الإِمام أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَسَنٌ وَيَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ: قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:"أَتَدْرُونَ مَنِ السَّابِقُونَ إِلَى ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ " قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ: قَالَ: "الذين إذا أعطوا الحق قبلوه، وإذا سألوه بَذَلُوهُ، وَحَكَمُوا لِلنَّاسِ كَحُكْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ" (11).
أتدرون ما الصرعة فيكم ؟:
عن أبي هريرة (رضي الله عنه): أن رسول الله ﷺ قال: ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب(12).
*هلْ تَدْرُونَ مَاذَا قالَ رَبُّكُمْ؟
عن زيد بن خالد الجهني قال : صَلَّى لَنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ بالحُدَيْبِيَةِ علَى إثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أقْبَلَ علَى النَّاسِ، فَقالَ: هلْ تَدْرُونَ مَاذَا قالَ رَبُّكُمْ؟ قالوا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: أصْبَحَ مِن عِبَادِي مُؤْمِنٌ بي وكَافِرٌ، فأمَّا مَن قالَ: مُطِرْنَا بفَضْلِ اللَّهِ ورَحْمَتِهِ، فَذلكَ مُؤْمِنٌ بي وكَافِرٌ بالكَوْكَبِ، وأَمَّا مَن قالَ: بنَوْءِ كَذَا وكَذَا، فَذلكَ كَافِرٌ بي ومُؤْمِنٌ بالكَوْكَبِ. (13).



(1) أخرجه البخاري (523)، ومسلم (17) و أخرجه النسائي (5692) واللفظ له
(2) أخرجه البخاري (10)، وأخرجه مسلم (40)
(3) أخرجه ابن ماجه (4317)
(4) رواه مسلم
(5) رواه مسلم
(6) رواه الإمام أحمد (1738) ،وصححه الألباني في "إرواء الغليل"
(7) رواه الإمام أحمد (1738) ،وصححه الألباني في "إرواء الغليل"
(8) أخرجه مسلم (400)، وانفرد به عن البخاري، وأخرجه أبو داود في: كتاب الصلاة" "باب من لم يجهر بـ "بسم الله الرحمن الرحيم" (784) مختصراً، وأخرجه النسائي في "كتاب الافتتاح" "باب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم" (902).
(9) رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
(10) رواه الترمذي، سنن الترمذي ، 3298
(11) رواه الترمذي ، سنن الترمذي ، 3298
(12) متفق عليه.
(13) رواه البخاري، 846

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...