البحر جميل بزرقته، وهو رمز للعمق ورمز للخوف بموجه وهديره ومده وجزره، ويكسب الشعراء بصورهم الجميلة وخيالهم السامق البحر معاني ودلالات جديدة، ومنهم الشاعر المبدع الدكتور عبد الرحمن العشماوي فقد تحدث كثيرا عن البحر في دواوينه الشعرية، وأعدت عدة أبحاث ومقالات حول ذلك منها: وصف البحر والمحيط في قصائد ديوان (مراكب ذكرياتي) للدكتور عبدالرحمن العشماوي، ومقال: البحر في ديوان "عناقيد الضياء" للشاعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي
ويدور هذا المقال حول مختارات شعرية من شعر شاعرنا الدكتور عبد الرحمن العشماوي منها، فها هو لا يخاف البحر، فبالإسلام الأمن والأمان، والري من العطش، والنجاة من هدير موج البحر، والصلاح والهداية ،والنور والتقدم والسؤدد والمجد ،والجمال وعدم الخوف من المد والجزر، العربية حيث يقول :
نرى البحرَ العميقَ فما نُبالي
لأنّ الـحقَّ أعمَـقُ منه عُمْقـا
لنـا من مـنهجِـ الإسـلامِ نَبْـعٌ
بـه فـي شدّةِ الرّمْضاءِ نُسقى
ونَسقي منه ظَمْأَى الأرضِ ماءً
يُرَوِّي من عَطَاشَى الوهمِ عِرقا
ونـنصـرُ كـلَّ مـظلـومٍ يعـانـي
ونُنقذ من هدير الموج غَرْقى
هـوالإسـلامُ إصلاحٌ ، وعَدْلٌ
يُـديـرُ الـكونَ إِحسانـاً ورِفْـقـا
فلولا العدْل ما قامت صروحٌ
ولارَتـقتْ يَـدُ الإصـلاح فَـتْـقـا
نعـم ، إنا لَنُرسلها حـديثـاً
صريحاً يسحقُ الإلحادَ سَحْقا
هـو الإسلامُ نـورٌ في الدّياجي
بـه نبقى ،، وللعليـاء ،، نـرقى
جميلٌ مداك الرحب يا بحر زرقةً
يهيم بها قلبي المحب ويغرمُ
بعيدٌ، قريبٌ - أيها البحر - هادئٌ
عنيفٌ، فصيحٌ - أيها البحر - أبكمُ
أرى زَبَدَ الأمواج فيك كأنّه
سفيرٌ بأوراق الهوى يتقدمُ
رأيت شعاع الشمس فوقك حالماً
يسطِّر أشواق الضياءِ ويرسمُ
أيا ملك الأمواج، ما زلت صاحباً
وإن كنت أحياناً تثور وتهجمُ
لك المدُّ والجزرُ اللذان تساويا
ومدُّ حنيني، جزرُهُ يتقزَّم
ويقول في قصيدة الإبحار واصفًا البحر ـ أنه بحر ليس ككل البحار فهو بحر لا ملح في مائهِ، ولا فيه خوفٌ، ولا فيهِ موجٌ ولا لُجَّةٌ، وهو بحر يسعَدُ منْ خاضهُ حيث يقول:
ولا أثرٌ فيه من غارقِ
أنَا البَحرُ والبحْرُ في خافقي
فهيَّا إلى خوضِهِ سابقي
أنَا البحرُ، لا ملح في مائهِ
و لا فيه خوفٌ على العاشِقِ
و لا فيهِ موجٌ ولا لُجَّةٌ
و لا أثرٌ فيه من غارقِ
أنا البحرُ يسعَدُ منْ خاضهُ
على زورقِ اللَّهفة الواثِقِ
فهيَّا إلى البحْرِ هيَّا إلى
هدوئي ، إلى صمتي الناطِقِ
ويقول العشماوي في قصيدته «من ها هنا مرّ تاريخي» واصفًا رسول الله (صلى الله عليه وسلم في عرفات :
رأيتُ ناصية القَصْواءِ فابتهجتْ
نفسي، وأتبعتها في لهفةٍ نظري
هشّتْ لها الأرضُ واشتاق الترابُ إلى
مسيرها، وتدانتْ شُقّةُ السفرِ
وفوقها «سيّد الأبرارِ» يُعلن ما
أتى به من حديث الوحي والنُّذرِ
رأيته في مطاف البيتِ يُسعدهُ
دعاء مبتهلٍ لله معتمر
رأيتُ في عرفات الله موقفه
وقد جرى حولهُ بحر من البشرِ
ويقول في قصيدة "رويدك إن الموج في البحر صاخب"
رويدكَ إنَّ الموجَ في البحرِ صاخبُ
وبالله لا بالناس تُقضى المطالبُ
أرى لكَ في شأني أموراً غريبةً
أقاومُ شكي عندها وأُغالِب
أرى لك في وقت اللقاء بشاشةٌ
بها تبطلُ الدعوى وتصفو المشاربُ
ويسعدني منك ابتسامُ مودَّةٍ
وقولٌ جميلٌ لم تشبهُ الشوائبُ
وتنصحني نُصح المحبِّ ، وإنما
بنُصح سليم القلب تُمحى المثالبُ
ولكنني أشقى بأمركَ ، كلما
دعاني إلى نشر المبادئ واجبُ
كأنك لم تلمس صفاءَ مشاعري
ولم تنقشع عن ناظريكَ الغياهبُ
لماذا أشكُّ في سلامة مقصدي ؟
فيا ضيعة الدنيا إذا شكَّ صاحبُ
وربِكَ ما أرسلْتُ شعري لِرِيبةٍ
ولا صَرَفتني عن همومي الرغائِبُ
أصدُّ جيوش الوهم عني وفي يدي
حسامٌ – من الإيمان بالله – ضاربُ
وما أنا ممن يُنْسَجُ الظنُّ حَولَهُ
على غير بابي تستقرُّ العناكبُ
وما أنا ممن يسرِقُ المالُ لُبَهُ
ولا أنا ممن تستَبِيهِ المناصبُ
أُسيِّرُ في درب الصلاح مواكبي
إذا طوحتْ بالسائرين المواكِبُ
وأحملُ في كفي يراعاً أسلُّهُ
على كل فِكر ساقطٍ وأحاربُ
ولولا اقتدائي بالرسول ونهجهِ
لسارتْ بشعري في الهجاء المراكبُ
أخا الحق لا تفتحْ لِظنك مسلكاً
إليَّ فإني في رضى الله دائبُ
وإني مُشيدٌ بالصوابِ إذا بدا
وإني لِمن لايُحسنُ الفعلَ عاتبُ
وأغسلُ أخطائي بشلال توبتي
أتوب إلى ربي ، وما خاب تائبُ
أخا الحق ما بيني وبينك فُرْقَةٌ
كلانا مُحبٌ للصلاح وراغبُ
كلانا إلى دين المهيمن ننتمي
إذا ذهبتْ بالواهمين المذاهبُ
عتابي على قدر الوفاء أبثُّهُ
وعندي لأصحاب الوفاءِ مراتبُ
ولولا صفاء الودِ في النفس لم تجدْ
صديقاً – إذا جار الصديقُ-يعاتِبُ
فَطَمْئِنْ على حالي فؤادكَ ، إنني
أُعادي على نهج الهدى وأصاحِبُ
ولله وجداني ولله نبضُهُ
ومن أجلِهِ أرضى وفيهِ أُغاضِبُ
أخا الحقِ – عفواً – إن شعري مُبَلِّغٌ
رسالةَ قلبي ، والقوافي رَكائبُ
أسيِّرها في كلِّ أرضٍ فترتوي
بها أنفسٌ عَطْشَى ، وتُجلى مواهِبُ
بعثْتُ إليكَ الشعرَ يُشرِقُ لفظُهُ
وضوحاً ، فما في قاع شعري رواسِبُ
أخا الحق .. يَفْنَى كلُّ شيءٍ وإنما
نُقَاسُ بما تُفضي إليه العواقِبُ
يدومُ لنا إخلاصُنا ويقينُنا
وما دونَهُ في هذه الأرض ذاهِبُ
وللعشماوي قصيدة بعنوان حينما يكون البحر شاهداً، وهو يصف الإمدادات الغذائية والطبية التي تقوم بها دول العالم من تقديم المعونات لمستحقيها أثناء الحروب والصراعات، وهي وقفة عالمية نبيلة حيث يقول مخاطبًا البحر :
يا بحر!! هذه الليلة الليلاءُ
ظلاماؤها لملدّلجين تضاؤء
خاضوا غمارك والظلام يلّفهم
والصاحبان بطولةٌ وفداء
ما أبحروا إلا وفي أرواحهم ألقٌ
تهاوت عنده الظلماء
جاءوا بما يشفي الصدور لأنهم
بالمكرمات وبالتضامن جاؤوا
ويقول:
يا بحر !! أنت الآن راويةُ لم
ستر الظلام وقارف الأعداء
فاسرد حكاية ما جرى وارفع
بها صوتاً لتسمعَ صوتكَ الأرجاء
قُلها مقالة صادقٍ واشهد به
فقلوبنا وعقولنا إصغاء
والحق يبقى ظاهراً متألق
في الناس لمّا يصدق الشهداء
لما روى البحر الرواية كله
سطعت أمام العالم الأضواء
إلى أن يقول:
يا بحر !! أنت وكائناتك والمدى
بعد المدى والموجة الزرقاء
وجميع حبّات الرمال وما حوى
قاع المياه وما احتواه فضاء
نعم الشهود على العدوِّ وإنه
لشهادةٌ موثوقةٌ بلقاء
حقٌ كساطعة الضحى ما ضرّه
ألا تراه المقلة العمياء
*ويتحدث عن أسرار البحر مبينا أهازيج البحر وأحاديثه حيث يقول:
ترى، أيَّ سرٍّ أيها البحر تكتمُ؟
وموجك هذا، كيف يدنو ويحجمُ؟!
ولثمك هذا للشواطئ، لم يزل
يحيرني، ماذا بربك تلثمُ؟!
أهذا حديث الشوق في قلبك الذي
يُعاني، فهذا الموج عنه يُترجمُ؟
أهذي أهازيج الغرام تصوغها
بها الموج في دوح الهوى يترنمُ؟
الزورق الميمون يبحر في بحر اللقاء
يبيِّن الشاعر أنه يبحر ووطنه المحبوب الغال على كل نفس ،الذي يحمل في ذاكرته السعادة لا الحزن والود والحديث الطيب ،واللقاء السعيد حيث يقول
هنا وظل الأماني الخضر يحرسنا من الهجير ونور الحب يغشانا
هنا وذاكرة الأحزان تمسحنا من ذهنها ويعيد البشر ذكرانا
هنا تلفتت الأحلام ترمقنا وأقسم الحبُّ أنْ يُصغي لنجوانا
وأبحر الزورق الميمون تدفعه رياح لهفتنا في بحر لقيانا
و يبيِّن لنا شاعرنا الدكتور العشماوي أن الزورق يواجه موج البحر بثقة ويكمل دورته بثقة حيث يقول :
وأن زورقنا يمضي على ثقة بها يواجه موج البحر والفشلا
حتى إذا غرد العصفور وابتهجت منَّا القلوب وقال الفجر: حيهلا
وغنت الشمس ألحان الشروق لنا ونشرت فوقنا من نورها حُللا
وأكمل الزورق الجوال دورته واستبشر الشاطئ الولهان واحتفلا
لاحت أمامي سدودٌ كنتُ أجهلها فما تصبَّر وجداني وما احتملا
ويقول مخاطبا البحر ألا يغرق من فروا من جحيم الحروب خاصًا الأطفال
يا بحـرُ لا تُغـرقِ الطـفـلَ الـذي هربا***
وارحـمْ أخاه وأمّاً تشتـكي وأبـا
رفقـاً بهـم أيُّهـا البحـر العـميـقُ فـقـد***
فَرُّوا من الشام لمّا أبصروا اللهبا
خافوا على العرض والأرواح فالتحفوا***
ليلاً بهيماً أبى أنْ يُظْهِرَ الشُّهُبا
أتـوك يـا بحـرُ والأهــوالُ عاصـفـةٌ***
فارفقْ بهم إنهم قد أصبحوا غُرَبا
رأوك أرحـمَ مــن أبـنـاءِ جِـلـدَتـهــم***
واستأمـنوك فلا تقـطعْ بهـم سبـبا
يا بحـرُ كنْ مركـباً سهلاً فقد ركبوا***إ
ليكَ من طُرُق الأهوالِ ما صَعُبا
حـتى هـديـرُكَ والأمــواجُ صاخـبـةٌ***
رأوه أرحم ممن جار واغتصبـا
يا بحـرُ رفـقاً بهـم حتى يكـون لـهـم***
نـصرٌ من الله يمحو الهمَّ والتعبـا
ويدعو (حفظه الله ) ربه النجاة من أهوال البحر وأمواجه ،ويسأله سبحانه التوفيق والتيسير حيث يقول :
ربَّاهُ عونكَ فالأمواجُ عاصِفُةٌ
ومركبي تائِهٌ والبـحرُ مَسْجُورُ
مِنّي اجتهادٌ وسعيٌ فِي مَنَاكِبها
ومنـكَ يا رَبِّ تـوفـيقٌ وتيسيـرُ"
ويدور هذا المقال حول مختارات شعرية من شعر شاعرنا الدكتور عبد الرحمن العشماوي منها، فها هو لا يخاف البحر، فبالإسلام الأمن والأمان، والري من العطش، والنجاة من هدير موج البحر، والصلاح والهداية ،والنور والتقدم والسؤدد والمجد ،والجمال وعدم الخوف من المد والجزر، العربية حيث يقول :
نرى البحرَ العميقَ فما نُبالي
لأنّ الـحقَّ أعمَـقُ منه عُمْقـا
لنـا من مـنهجِـ الإسـلامِ نَبْـعٌ
بـه فـي شدّةِ الرّمْضاءِ نُسقى
ونَسقي منه ظَمْأَى الأرضِ ماءً
يُرَوِّي من عَطَاشَى الوهمِ عِرقا
ونـنصـرُ كـلَّ مـظلـومٍ يعـانـي
ونُنقذ من هدير الموج غَرْقى
هـوالإسـلامُ إصلاحٌ ، وعَدْلٌ
يُـديـرُ الـكونَ إِحسانـاً ورِفْـقـا
فلولا العدْل ما قامت صروحٌ
ولارَتـقتْ يَـدُ الإصـلاح فَـتْـقـا
نعـم ، إنا لَنُرسلها حـديثـاً
صريحاً يسحقُ الإلحادَ سَحْقا
هـو الإسلامُ نـورٌ في الدّياجي
بـه نبقى ،، وللعليـاء ،، نـرقى
جميلٌ مداك الرحب يا بحر زرقةً
يهيم بها قلبي المحب ويغرمُ
بعيدٌ، قريبٌ - أيها البحر - هادئٌ
عنيفٌ، فصيحٌ - أيها البحر - أبكمُ
أرى زَبَدَ الأمواج فيك كأنّه
سفيرٌ بأوراق الهوى يتقدمُ
رأيت شعاع الشمس فوقك حالماً
يسطِّر أشواق الضياءِ ويرسمُ
أيا ملك الأمواج، ما زلت صاحباً
وإن كنت أحياناً تثور وتهجمُ
لك المدُّ والجزرُ اللذان تساويا
ومدُّ حنيني، جزرُهُ يتقزَّم
ويقول في قصيدة الإبحار واصفًا البحر ـ أنه بحر ليس ككل البحار فهو بحر لا ملح في مائهِ، ولا فيه خوفٌ، ولا فيهِ موجٌ ولا لُجَّةٌ، وهو بحر يسعَدُ منْ خاضهُ حيث يقول:
ولا أثرٌ فيه من غارقِ
أنَا البَحرُ والبحْرُ في خافقي
فهيَّا إلى خوضِهِ سابقي
أنَا البحرُ، لا ملح في مائهِ
و لا فيه خوفٌ على العاشِقِ
و لا فيهِ موجٌ ولا لُجَّةٌ
و لا أثرٌ فيه من غارقِ
أنا البحرُ يسعَدُ منْ خاضهُ
على زورقِ اللَّهفة الواثِقِ
فهيَّا إلى البحْرِ هيَّا إلى
هدوئي ، إلى صمتي الناطِقِ
ويقول العشماوي في قصيدته «من ها هنا مرّ تاريخي» واصفًا رسول الله (صلى الله عليه وسلم في عرفات :
رأيتُ ناصية القَصْواءِ فابتهجتْ
نفسي، وأتبعتها في لهفةٍ نظري
هشّتْ لها الأرضُ واشتاق الترابُ إلى
مسيرها، وتدانتْ شُقّةُ السفرِ
وفوقها «سيّد الأبرارِ» يُعلن ما
أتى به من حديث الوحي والنُّذرِ
رأيته في مطاف البيتِ يُسعدهُ
دعاء مبتهلٍ لله معتمر
رأيتُ في عرفات الله موقفه
وقد جرى حولهُ بحر من البشرِ
ويقول في قصيدة "رويدك إن الموج في البحر صاخب"
رويدكَ إنَّ الموجَ في البحرِ صاخبُ
وبالله لا بالناس تُقضى المطالبُ
أرى لكَ في شأني أموراً غريبةً
أقاومُ شكي عندها وأُغالِب
أرى لك في وقت اللقاء بشاشةٌ
بها تبطلُ الدعوى وتصفو المشاربُ
ويسعدني منك ابتسامُ مودَّةٍ
وقولٌ جميلٌ لم تشبهُ الشوائبُ
وتنصحني نُصح المحبِّ ، وإنما
بنُصح سليم القلب تُمحى المثالبُ
ولكنني أشقى بأمركَ ، كلما
دعاني إلى نشر المبادئ واجبُ
كأنك لم تلمس صفاءَ مشاعري
ولم تنقشع عن ناظريكَ الغياهبُ
لماذا أشكُّ في سلامة مقصدي ؟
فيا ضيعة الدنيا إذا شكَّ صاحبُ
وربِكَ ما أرسلْتُ شعري لِرِيبةٍ
ولا صَرَفتني عن همومي الرغائِبُ
أصدُّ جيوش الوهم عني وفي يدي
حسامٌ – من الإيمان بالله – ضاربُ
وما أنا ممن يُنْسَجُ الظنُّ حَولَهُ
على غير بابي تستقرُّ العناكبُ
وما أنا ممن يسرِقُ المالُ لُبَهُ
ولا أنا ممن تستَبِيهِ المناصبُ
أُسيِّرُ في درب الصلاح مواكبي
إذا طوحتْ بالسائرين المواكِبُ
وأحملُ في كفي يراعاً أسلُّهُ
على كل فِكر ساقطٍ وأحاربُ
ولولا اقتدائي بالرسول ونهجهِ
لسارتْ بشعري في الهجاء المراكبُ
أخا الحق لا تفتحْ لِظنك مسلكاً
إليَّ فإني في رضى الله دائبُ
وإني مُشيدٌ بالصوابِ إذا بدا
وإني لِمن لايُحسنُ الفعلَ عاتبُ
وأغسلُ أخطائي بشلال توبتي
أتوب إلى ربي ، وما خاب تائبُ
أخا الحق ما بيني وبينك فُرْقَةٌ
كلانا مُحبٌ للصلاح وراغبُ
كلانا إلى دين المهيمن ننتمي
إذا ذهبتْ بالواهمين المذاهبُ
عتابي على قدر الوفاء أبثُّهُ
وعندي لأصحاب الوفاءِ مراتبُ
ولولا صفاء الودِ في النفس لم تجدْ
صديقاً – إذا جار الصديقُ-يعاتِبُ
فَطَمْئِنْ على حالي فؤادكَ ، إنني
أُعادي على نهج الهدى وأصاحِبُ
ولله وجداني ولله نبضُهُ
ومن أجلِهِ أرضى وفيهِ أُغاضِبُ
أخا الحقِ – عفواً – إن شعري مُبَلِّغٌ
رسالةَ قلبي ، والقوافي رَكائبُ
أسيِّرها في كلِّ أرضٍ فترتوي
بها أنفسٌ عَطْشَى ، وتُجلى مواهِبُ
بعثْتُ إليكَ الشعرَ يُشرِقُ لفظُهُ
وضوحاً ، فما في قاع شعري رواسِبُ
أخا الحق .. يَفْنَى كلُّ شيءٍ وإنما
نُقَاسُ بما تُفضي إليه العواقِبُ
يدومُ لنا إخلاصُنا ويقينُنا
وما دونَهُ في هذه الأرض ذاهِبُ
وللعشماوي قصيدة بعنوان حينما يكون البحر شاهداً، وهو يصف الإمدادات الغذائية والطبية التي تقوم بها دول العالم من تقديم المعونات لمستحقيها أثناء الحروب والصراعات، وهي وقفة عالمية نبيلة حيث يقول مخاطبًا البحر :
يا بحر!! هذه الليلة الليلاءُ
ظلاماؤها لملدّلجين تضاؤء
خاضوا غمارك والظلام يلّفهم
والصاحبان بطولةٌ وفداء
ما أبحروا إلا وفي أرواحهم ألقٌ
تهاوت عنده الظلماء
جاءوا بما يشفي الصدور لأنهم
بالمكرمات وبالتضامن جاؤوا
ويقول:
يا بحر !! أنت الآن راويةُ لم
ستر الظلام وقارف الأعداء
فاسرد حكاية ما جرى وارفع
بها صوتاً لتسمعَ صوتكَ الأرجاء
قُلها مقالة صادقٍ واشهد به
فقلوبنا وعقولنا إصغاء
والحق يبقى ظاهراً متألق
في الناس لمّا يصدق الشهداء
لما روى البحر الرواية كله
سطعت أمام العالم الأضواء
إلى أن يقول:
يا بحر !! أنت وكائناتك والمدى
بعد المدى والموجة الزرقاء
وجميع حبّات الرمال وما حوى
قاع المياه وما احتواه فضاء
نعم الشهود على العدوِّ وإنه
لشهادةٌ موثوقةٌ بلقاء
حقٌ كساطعة الضحى ما ضرّه
ألا تراه المقلة العمياء
*ويتحدث عن أسرار البحر مبينا أهازيج البحر وأحاديثه حيث يقول:
ترى، أيَّ سرٍّ أيها البحر تكتمُ؟
وموجك هذا، كيف يدنو ويحجمُ؟!
ولثمك هذا للشواطئ، لم يزل
يحيرني، ماذا بربك تلثمُ؟!
أهذا حديث الشوق في قلبك الذي
يُعاني، فهذا الموج عنه يُترجمُ؟
أهذي أهازيج الغرام تصوغها
بها الموج في دوح الهوى يترنمُ؟
الزورق الميمون يبحر في بحر اللقاء
يبيِّن الشاعر أنه يبحر ووطنه المحبوب الغال على كل نفس ،الذي يحمل في ذاكرته السعادة لا الحزن والود والحديث الطيب ،واللقاء السعيد حيث يقول
هنا وظل الأماني الخضر يحرسنا من الهجير ونور الحب يغشانا
هنا وذاكرة الأحزان تمسحنا من ذهنها ويعيد البشر ذكرانا
هنا تلفتت الأحلام ترمقنا وأقسم الحبُّ أنْ يُصغي لنجوانا
وأبحر الزورق الميمون تدفعه رياح لهفتنا في بحر لقيانا
و يبيِّن لنا شاعرنا الدكتور العشماوي أن الزورق يواجه موج البحر بثقة ويكمل دورته بثقة حيث يقول :
وأن زورقنا يمضي على ثقة بها يواجه موج البحر والفشلا
حتى إذا غرد العصفور وابتهجت منَّا القلوب وقال الفجر: حيهلا
وغنت الشمس ألحان الشروق لنا ونشرت فوقنا من نورها حُللا
وأكمل الزورق الجوال دورته واستبشر الشاطئ الولهان واحتفلا
لاحت أمامي سدودٌ كنتُ أجهلها فما تصبَّر وجداني وما احتملا
ويقول مخاطبا البحر ألا يغرق من فروا من جحيم الحروب خاصًا الأطفال
يا بحـرُ لا تُغـرقِ الطـفـلَ الـذي هربا***
وارحـمْ أخاه وأمّاً تشتـكي وأبـا
رفقـاً بهـم أيُّهـا البحـر العـميـقُ فـقـد***
فَرُّوا من الشام لمّا أبصروا اللهبا
خافوا على العرض والأرواح فالتحفوا***
ليلاً بهيماً أبى أنْ يُظْهِرَ الشُّهُبا
أتـوك يـا بحـرُ والأهــوالُ عاصـفـةٌ***
فارفقْ بهم إنهم قد أصبحوا غُرَبا
رأوك أرحـمَ مــن أبـنـاءِ جِـلـدَتـهــم***
واستأمـنوك فلا تقـطعْ بهـم سبـبا
يا بحـرُ كنْ مركـباً سهلاً فقد ركبوا***إ
ليكَ من طُرُق الأهوالِ ما صَعُبا
حـتى هـديـرُكَ والأمــواجُ صاخـبـةٌ***
رأوه أرحم ممن جار واغتصبـا
يا بحـرُ رفـقاً بهـم حتى يكـون لـهـم***
نـصرٌ من الله يمحو الهمَّ والتعبـا
ويدعو (حفظه الله ) ربه النجاة من أهوال البحر وأمواجه ،ويسأله سبحانه التوفيق والتيسير حيث يقول :
ربَّاهُ عونكَ فالأمواجُ عاصِفُةٌ
ومركبي تائِهٌ والبـحرُ مَسْجُورُ
مِنّي اجتهادٌ وسعيٌ فِي مَنَاكِبها
ومنـكَ يا رَبِّ تـوفـيقٌ وتيسيـرُ"
د. محمد عباس محمد عرابي - البحر في ديوان "عناقيد الضياء" للشاعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي
تحدث الشاعر الدكتور عبد الرحمن صالح العشماوي عن" البحر" عن ديوان عناقيد الضياء؛ فبين أن الشعر بحرا زاخرا،و أن حِراءُ شاطئ مركبٍ مازالَ يرسـمُ لوحةُ الإبحــار، وأن البحر يستطيب الكفاح والمثابرة، وتحدث عن هتاف البحار للملاح، وبين أن للزورق الجواب...
alantologia.com