علجية عيش - من أجْلِ لمّ الشّمل الجزائريِّ

رسالة ناشط سياسي إلى الجزائريين الأحرار


ككلّ أمّة تصاب بسنن البلاء فتتعرّض للأخطار بفعل التّقصير في فتراتها الحاسمة المعدودة للنّهوض و الاستقراء بالشّعب ، فتنتقل من درجة الاستعداد إلى مهلكة الاستبداد، فالمسؤولية لا تلقى على العدوّ المجاهر بعداوته أو العدوّ المدسوس في الصّفوف، بقدر ما هي لائطة بالعاملين من أجل الأمّة المؤمنين بوجودها و استمرارها و المتشبّثين بمقوّماتها ، حيث سلكوا مسالك كان من المفروض أن تكون روافد لمشروع يجمعهم ، فتشبّثوا بالفروع التي شغلتهم عن الأصل الذي ينتمون إليه جميعا ، و هم يرون ما يصيب طائفة من إخوانهم و الجزائريون شعب متين الأواصر ، فلم يسلم من إجرام من تمسّك بتلابيب الخيانة أحد.

كانت هذه رسالة الناشط السياسي إبراهيم غربي و هو المكلف بالإعلام لحزب "الفيس" الحزب المحظور و هو يتحدث عن كيف وقعت الخيانة ، كانت رسالته رسالة تذكير و لفت انتباه الجميع ، بأن الجزائر ملك لكل الجزائريين و ليست ملك لفئة دون أخرى، يبنيها الجميع ، أراد إبراهيم غربي أن يحسس الجماهير أن الجزائر في حاجة إلى جميع أبنائها للدفاع عن مقوماتها و عقيدتها كانوا و لازالوا متمسّكين بالشّرعية يواجهون الاستبداد المتحوّل إلى خيانة تحوّل من لا مروءة لهم من جنس إلى جنس و من دين إلى دين ، رسالة إلى الجزائريين الأحرار يشهدهم فيها على تضحيات الشهداء من الذين ناضلوا و كافحوا من أجل الجزائر و أبناء الجزائر على مرّ الأجيال الذين ناضلوا من أجله التّاريخ و المواقف ، الحاضر و المستقبل و المبادئ التي تكشفها المناسبات التي تفرض على الجميع الانتماء إلى ما راهنوا عليه ، لعل هذه الرسالة تتسلل إلى الوطنيين فيبعثون "الصحوة" من جديد في قلوب الذين رهنوا الجزائر و ضلّوا يزجّون بالشّعب من أزمة إلى أخرى دون أن يلتفتوا للمعارضة ، لا مكان لهم في الجزائر في تاريخها حاضرها و مستقبلها ، فقد رفضهم الشّعب يوم فرض عليهم الاحتكام إلى إرادته ، و هو يرفضهم بفعل ما أوصلوا إليه البلاد و العباد ، و لن يكون لهم وجود في مستقبل الجزائر و الجزائريين .
لقد كان رهان التّحرّر و استرجاع السّيادة الوطنية بإرادة الشّعب الذي كان نجما ساطعا في سماء الحرية، و كان أُسًّا و عنوانا لها ، و ليس ذلك لملل أو كلل ، لكن أرادت جهات أن يأفل هذا النجم و ينطفئ ضوءه، فكان عليه أن يذكّر في رسالته بالأصل حتّى يتسنّى للفروع أن تجد مواضعها من الحدث للعمل على العودة إلى القاعدة الأصيلة و الأصل الثّابت من أجل الاستثمار في استقرار حقيقي للبلاد ، كانت هذه كلمات إبراهيم غربي في رسالته نشرها عبر الفضاء الأزرق أراد أن يبث الثّقة و روح التّعاون ، و تزكية المبادئ لا المطامع حتّى تزول تلك المخاوف و المشكّكات التي لا تغني الحقيقة التي لا مهرب منها .
و قد عاد هذا المناضل المثقف إلى الوراء لاسيما و نحن في هذا الشهر الذي شهدت فيه الجزائر حدثا سياسيا كبيرا و هو انتخابات ديسمبر 1991 التي كانت عنوانا من عناوين الشّرعية ، في محاولة منه العودة إلى الشّرعية باعتبارها مطلب ضروري بل ضرورة شرعية و وطنية و سياسة لابدّ من دعمها ، حتّى نسترجع الجزائر مكانتها . وهو يتحدث عن الدولة العميقة و ما يهددها اليوم من مخاطر من الداخل و الخارج يعمق الجرح أكثر و يخلق مساحة من "العدائية" فيتسبب في هلاك الأمّة و يأس فئات عريضة منهم و هو هنا يتحدث عن الشباب الذي أصبح يعانق البحر عبر قوارب الموت من أجل الانتقال إلى الضفة الأخرى ، و لعل قارئ رسالة إبراهيم غربي يقف على أن الجزائر ضيعت من عمرها 25 سنة بسبب العبث السياسي و التّدمير قد بثّت في المجتمع الكثير من الأمراض الخطيرة و الآفات الفتّاكة ، إذ تكمن خطورتها أكثر فأكثر في استمرار الوضع على ما هو عليه و الذي سيؤدّى إلى الأسوأ ما استقرّ هؤلاء العابثون يهلكون الحرث و النّسل .
هي رسالة بل نداء لأصحاب المبادئ و النّضال و النّخب في كلّ المجالات إلى إنهاء دورة الخراب الأخيرة التي تسبق نسف ما بقي من الجزائر ، و التي لا نملك وطنا غيره، ، ولا مأوى سواه، و خص هذا الناشط السياسي التّيارات التي تعمل على هامش الإرادة الشّعبية الغائبة عن السّاحة ، تبدوا من خلال باعة الأوهام و بؤرهم الصّورة الأصلية للحراك الاجتماعي و المشهد السياسي ، إلاّ أنّ الحقيقة تكمن من وراء تلك الآكام البعيدة المهمّشة مختلفة جدّا تأبى أن تبيع شهداءها و نضالها وتاريخها الوطني و دينها و مقوّماتها بدعاية تحرّض على قطعة قدّستها التّضحيات باسم الله و في سبيله ولا تزال و ستبقى ، وقد حاول من جثم على الجزائريين قرنا و اثنتين و ثلاثين سنة من الدّاخل ولم يفلح ، فكيف يفلح و قد غبر وزال وانسلخ كما يزول و ينسلخ الظّلام إذا طلعت شمس الغد .

جاء في نداء إبراهيم غربي مايلي:
أيّها الجزائريون في كلّ مكان ها قد مضى ربع قرن و يمضي الجيل الأوّل من أجيال الاستقلال فمنهم الشّهيد و المقعد و السّجين و المبعد و المكره في فضاء الجزائر الذي ملأته الأقدام و الأيادي السّوداء ظلما و كسادا ، و تكاد تلك الأيّام أن تذهب بمأساتها في أبنائكم الذين لم يعودوا في طوعكم ولا ملك أحلامكم، أيّها الجزائريون التّوّاقون لغد أفضل ، لكرامتكم لمستقبلكم و مستقبل أبنائكم، فالحلّ عندكم جميعا ما اجتمعتم و تحاورتم، و ألقيتم تلك الأوهام عند أصحابها ، لن نطلب منكم مالا ندعوا إليه أنفسنا ، و إنّنا لندعوكم إلى التّضحية بالخلافات و العداوات و المشاكل التي تحملونها عن السّلطة البائسة فأنتم في غنى عن ذلك ، و هي لا تحتاجكم إلاّ كما يحتاج صاحب المتاع إلى حمّال يحمل عنه دون ثمن، إنّ التّخلّص من هذه الفوضى و تلافي الأسوأ يكمن في تحمّل النّخب الجزائرية الحرّة و الجادة في العمل من أجل الجزائر مسؤولية تخليصها من الوصايات السياسية و الثّقافية و الاقتصادية ومن الأغلال الاجتماعية ، الملاحظ أن أنصار الفقيس و قادته لا زالوا على امل أن تعود المياه إلى مجاريها الطبيعية و تتحقق المصالحة الحقيقية يتصافح فيها كل الجزائريين و يمسكون بيد واحدة من ادل بناء جزاءر جديدة، و هم بذم بذلك يوجهون نداءً لكافة المناضلين و الذين يحملون معهم نفس الهمّ في كلّ مكان و مستوى إلى التّصالح و المصالحة على أسس صحيحة مبنية على الحقيقة المغيّبة عبر فترات تاريخية يصرّ أعداء الشّعب على إخفائها و التي مكّنتهم من التّلاعب و المناورة و مراوغة الجزائريين في كلّ المراحل السابقة والعدالة التي لا تنبثق إلاّ من إرادة الشّعب لتخدم مصالحه ، كما لا تزال جبهة جميع الجزائريين مصرّة على عقد مؤتمر جامع يؤسّس لمرحلة انتقالية قوامها انتخابات رئاسية حرّة تعيد الجزائر إلى طريق الشّرعية و العمل على استكمالها ببناء مؤسّسات الدّولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السّيادة في إطار وحدة الشّمال الإفريقي و في إطار المبادئ الإسلامية التي نادى بها أحرار الجزائر المخلصين في نداء الفاتح من نوفمبر 1954 .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...