المحامي علي ابوحبله - مفهوم الاحتلال.. القوي ضمن مفهوم تدميري لكل البشرية

جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي يتعمدون إطلاق الرصاص الحي صوب الفلسطينيين في الأراضي المحتلة بشكل «اعتيادي»، وذلك دون أن يشكل من يتم استهدافهم من الفلسطينيين أي خطر على قوات الاحتلال، ودون أن تكون هناك أي أحداث أو مواجهات تستدعي اطلاق النار

وفي ذات السياق يقف جنود الاحتلال وطواقم الإسعاف الصهيوني موقف المتفرج أمام المصابين الفلسطينيين وتركهم لحين تصعد أرواحهم للسماء شهداء. وتؤكد الكثير من الحوادث أن ضباط الإسعاف الإسرائيليين منعوا عن علاج كثير من المصابين الفلسطينيين برصاص جيش الاحتلال، بالإضافة لمنع جنود الاحتلال طواقم الإسعاف الفلسطيني من تقديم العلاج للمصابين، وهو ما ما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام الإسرائيلي والفلسطيني ونشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي معززا بفيديوهات وصور تؤكده.

هناك العشرات من الحالات التي تعرض لها الفلسطينيين للاعتداءات استشهدوا بعد إصابتهم لعدم تقديم الإسعاف لهم وتركهم ينزفون حتى الموت، إن غريزة القتل هي السمة الظاهرة والبارزة لقوات الاحتلال ومستوطنيه وفرض عقوبة الإعدام التي ينادي لتطبيقها الفاشي الصهيوني المستوطن يتمار بن غفير تندرج ضمن نظرية ومفهوم فرويد: القوة تعادل العنف، وأن الإنسان مفطور على تحقيق رغباته بالعنف لولا وجود كوابح يتعلمها من محيطه الأسري في مرحلة الطفولة. وأن الإنسان القوي يفرض رأيه على ما دونه ويحول رأيه لقانون لابد أن يطاع ومن يخل بالقانون يعاقب بالإعدام والعنف

لم يدرك الإسرائيليين بعد أن غريزة البقاء عند الإنسان أقوى من غريزة حب السلطة؛ وهذه الغريزة تبحث عن حاجات البقاء البسيطة الممثلة بالمشرب والمأكل والملبس والمسكن والشعور بالأمان وحاجته للتكاثر، كما وضعها ماسلو في قاعدة هرم حاجات الإنسان وصنفها أنها أساسية لكل بني آدم مهما اختلفت مراتبهم الثقافية والعرقية. وأن عنف الإنسان ليس فطريا بل هي حاجة اضطرارية هدفها إعادة حاجاته الأساسية؛ ولم تسير الجيوش إلا بإقناع الجنود أن حاجاتهم الأساسية بخطر ولابد الدفاع عنها.

ووفق كل النظريات للدفاع عن النفس تقول إن آلية قتال الثوار لا تعتمد على قوتهم المادية بمقدار رفض إرادتهم الروحية الانصياع لقوة العدوان عليهم، وهي قوة تلغي قانون القوة العنفية وتضع قانون الحق الدفاعي لرد العدوان وإعادة الحقوق المشروعة المنزوعة.

وفي نفي تام أن القوي يسعى لتدمير نفسه من أجل السيطرة وبسط النفوذ، نرى أن الخصم الضعيف يقدم تضحيات كبيرة ومستعد للفناء حفاظا على حريته في امتلاك حاجاته الأساسية؛ وهذا يظهر جليا بدراسة تاريخ الاستعمار في القرن السابع عشر والثامن عشر حيث قدمت الشعوب الضعيفة أكثر من مائتين مليون ضحية رفضا للاحتلال الأوروبي للبلدان البدائية؛ ومن زاوية ثانية فإن سيطرة الدول الاستعمارية على البلدان البدائية لم تمنعها من حروب الكبار بين بعضها البعض وهو دليل آخر أن نزعة العدوان التوسعية لا تقف عند حدود فرض قانون القوة على ضعفاء بل يتعداه لترسيخ السيطرة المطلقة على البشرية ضمن مفهوم ضمان الأمن القومي للأجيال القادمة.

هذه الأفكار الثورية التي غيرت مفاهيم العلم الحديث خرجت من ثورات الشعوب المضطهدة مثل نظرية العفاف والاقتصاد المغلق التي تبناها ماوتسي تونغ وسياسات مقاطعة بضائع الاستعمار التي تبناها غاندي ونظرية التمرد المتمدن التي أبدعها مانديلا ومارتن لوثر كنغ ؛ في فن الثورة التي قالت أن الضعيف يملك قوة الإرادة وهي قادرة على قهر القوة الاستعمارية العسكرية

ولم يعرف العصر الحديث أمة ضعيفة قبلت أن تستعبد من جيش قوي ؛ ونقول أن هناك أمم قبلت أن تفنى وتم قتل أغلبها دون أن تقبل أن تتحول إلي عبيد للسيد القوي والهنود الحمر خير مثال على ذلك .

إن حماسة الشعوب لتقاتل دفاعا عن حقها بالحياة أي حقها بامتلاك الحاجات الأساسية للحياة وأهمها مسكن آمن نسميه مجازا وطن الأحرار يجعل المحارب القوي يقف احتراما لتضحيات ثورات الشعوب المضطهدة ؛ وهي التي فرضت قانون استقلال بلدان العالم الثالث رغم استمرار ضعفه مقابل عتاد المستعمر الشرس .

الفاشية الصهيونية لم تعد لتدرك أن قانون القوي تدميري لكل البشرية وأن العدل الحقيقي لا يؤمن إلا بالمساواة بين القوي والضعيف وحرية كل البشر بامتلاكهم الحاجات الأساسية للحياة وعلى رأسها مسكن آمن يسمى وطن حر عند ثوار العالم ؛ وفي ثورتنا نسميه فلسطين مستقلة حرة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...