د. محمد عباس محمد عرابي - هيا نهزم القلق (أقوال وأشعار)

الكثير منا يحزن من أحداث مضت، ويقلق من أحداث مستقبلية، وحري بكل امرئ منا أن يفوض أمره إلى الله، وما أجمل قول الكبار من جيل الطيبين في التغلب على القلق : سيبها لله، سيدبرها سبحانه ،لا تقلق .إن مع العسر يسرا ...
يقول المفكر الشهير الدكتور /مصطفى محمود(رحمه الله ) قبيل وفاته حاثًا على عدم القلق أو الانزعاج بسبب المشكلات والمنغصات الدنيوية ؛فالدنيا منتهية والكل راحل فيقول ما معناه : أضحك على نفسي ؛لأنني عشت طول عمري أفرح وأزعل وأغضب وأتجنن، وفي نهاية الأمر سأموت دون أن أفهم شيئا ؛لا أدري لماذا كنت أتعصب وأتشنج بطريقة هستيرية على أمر تافه لا يستحق كل هذا ...والعجيب أن الكل سيزول وسيرحل من هذه الدنيا فلماذا الحزن والقلق إذن !!
حقا لقد صدق الدكتور /مصطفى محمود، وصدقت أمي (رحمها الله) وكانت من جيل الطيبين حيث كانت تكبرني بأربعة عقود – كانت تقول عندما أحزن وأتضايق لأمر هو في الحقيقة يستحق الحزن والضيق :يا ولدي ما تستاهل كل هذا ؛أيحزن الانسان على أمر دنيوي في دنيا فانية سيبها على ربك هو يدبرها . وصدقت أمي – رحمها الله – أيضًا كما صدق د/مصطفى محمود.
وأنا أيضا لأقول ما قالاه أقوله للشباب خاصة: لا تحزنوا، ولا تقلقوا ولا داعي للاكتئاب والقلق والانتحار على أمور بسيطة تافهة كخلاف مع أب أو قريب أو زوج أو زوج لا لليأس فلكل مشكلة حل، فما أكثر المشكلات العويصة التي تغلب عليها من يمرون بها بتوكل على الله ،وصبر جميل ،وصمت وعفو ...!! وحل المشكلات فور وقوعها منعًا للقيل والقال وحتى لا تكبر وهي صغيرة ،وحتى تتعقد وهي بسيطة ؛لأن معظم الاختلاف مع الآخرين سببه سوء فهم لطبيعة المشكلة ،وعدم إحاطة الآخرين بها من كل جوانبها ،فاحرص عزيزي الشاب بحل المشكلات ولو صغرت حتى لا تكبر مع الخلاف والأوهام ،واستعن بالله ،ولتستشر الخبراء المحنكين الحريصين على مصلحتك وخاصة أبويك ومن تثق بهم من المخلصين الناصحين عندها يتضح لك أن المشكلة كانت سهلة بسيطة لا تستحق أي قلق ،ولكن كبرتها الأوهام !!
ولتقرأ معي هنا كتاب :لا تحزن ، وجد د حياتك ،وهكذا هزموا اليأس ،ودع القلق وأبدأ الحياة ...حتى تهزم القلق وتحقق بيسر وسهولة الأمن والسعادة الداخلية لنفسك وللآخرين ولتعرف كيف تم التغلب لأعتى المشكلات بأمور سهلية بسيطة .
ولنردد معًا شعر شاعر المهجر الكبير إيليا أبو ماضي وهو يحذر من القلق ويدعو للتفاؤل في قصيدته الشهيرة (المساء):
طباعة
السُحُبُ تَركُضُ في الفَضاءِ رَكضَ الخائِفين
وَالشَمسُ تَبدو خَلفَها صَفراءَ عاصِبَةَ الجَبين
وَالبَحرُ ساجٍ صامِتٌ فيهِ خُشوعُ الزاهِدين
لَكِنَّما عَيناكِ باهِتَتانِ في الأُفقِ البَعيد
سَلمى بِماذا تُفَكِّرين
سَلمى بِماذا تحلُمين
أَرَأَيتِ أَحلامَ الطُفولَةِ تَختَفي خَلفَ التُخوم
أَم أَبصَرَت عَيناكِ أَشباحَ الكُهولَةِ في الغُيوم
أَم خِفتِ أَن يَأتي الدُجى الجاني وَلا تَأتي النُجوم
أَنا لا أَرى ما تَلمَحينَ مِنَ المَشاهِدِ إِنَّما
أَظلالُها في ناظِرَيكِ
تَنِمُّ يا سَلمى عَلَيكِ
إِنّي أَراكِ كَسائِحٍ فيم القَفرِ ضَلَّ عَنِ الطَريق
يَرجو صَديقاً في الفَلاةِ وَأَينَ في القَفرِ صَديق
يَهوى البُروقَ وَضَوأَها وَيَخافُ تَخدَعُهُ البُروق
بَل أَنتِ أَعظَمُ حيرَةً مِن فارِسٍ تَحتَ القَتام
لا يَستَطيعُ الاِنتِصار
وَلا يَطيقُ الاِنكِسار
هَذي الهَواجِسُ لَم تَكُن مَرسومَةً في مُقلَتَيكِ
فَلَقَد رَأَيتُكِ في الضُحى وَرَأَيتُهُ في وَجنَتَيكِ
لَكِن وَجَدتُكِ في المَساءِ وَضَعتِ رَأسَكِ في يَدَيكِ
وَجَلَستِ في عَينَيكِ أَلغازٌ وَفي النَفسِ اِكتِئاب
مِثلُ اِكتِئابِ العاشِقين
سَلمى بِماذا تُفَكِّرين
بِالأَرضِ كَيفَ هَوَت عُروشُ اللنورِ عَن هَضَباتِها
أَم بِالمُروجِ الخُضرِ سادَ الصَمتُ في جَنَباتِها
أَم بِالعَصافيرِ الَّتي تَعدو إِلى وَكَناتِها
أَم بِالمَسا إِنَّ المَسا يَخفي المَدائِنَ كَالقُرى
وَالكوخُ كَالقَصرِ المَكين
وَالشَوكُ مِثلُ الياسَمين
لا فَرقَ عِندَ اللَيلِ بَينَ النَهرِ وَالمُستَنقَعِ
يَخفي اِبتِساماتِ الطَروبِ كَأَدمُعِ المُتَوَجِّعِ
إِنَّ الجَمالَ يَغيبُ مِثلُ القُبحِ تَحتَ البُرقُعِ
لَكِن لِماذا تَجزَعينَ عَلى النَهارِ وَلِلدُجى
أَحلامُهُ وَرَغائِبُه
وَسَمائُهُ وَكَواكِبُه
إِن كانَ قَد سَتَرَ البلادَ سُهولَها وَوُعورَها
لَم يَسلُبِ الزَهرَ الأَريجُ وَلا المِياهُ خَريرُها
كَلّا وَلا مَنَعَ النَسائِمَ في الفَضاءِ مَسيرُها
ما زالَ في الوَرَقِ الحَفيفُ وَفي الصَبا أَنفاسُها
وَالعَندَليبُ صُداحوهُ
لا ظُفرُهُ وَجَناحُهُ
فَاِصغَي إِلى صَوتِ الجَداوِلِ جارِياتٍ في السُفوح
وَاِستَنشِقي الأَزهارَ في الجَنّاتِ ما دامَت تَفوح
وَتَمَتَّعي بِالشُهبِ في الأَفلاكِ ما دامَت تَلوح
مِن قَبلُ أَن يَأتي زَمانٌ كَالضَبابِ أَوِ الدُخان
لا تُبصِرينَ بِهِ الغَدير
وَلا يَلَذُّ لَكِ الحَرير
لِتَكُن حَياتُكِ كُلُّها أَمَلاً جَميلاً طَيِّبا
وَلتَملَءِ الأَحلامُ نَفسَكِ في الكُهولَةِ وَالصِبى
مِثلُ الكَواكِبِ في السَماءِ وَكَالأَزاهِرِ في الرُبى
لِيَكُن بِأَمرِ الحُبِّ قَلبُكِ عالَماً في ذاتِهِ
أَزهارُهُ لا تَذبُلُ
وَنُجومُهُ لا تَأفُلُ
ماتَ النَهارُ اِبنُ الصَبحِ فَلا تَقولي كيفَ مات
إِنَ التَأَمُّلَ في الحَياةِ يَزيدُ أَوجاعَ الحَياة
فَدَعي الكَآبَةَ وَالأَسى وَاِستَرجِعي مَرَحَ الفَتاة
قَد كانَ وَجهُكِ في الضُحى مِثلَ الضُحى مُتَهَلِّلا
فيهِ البَشاشَةُ وَالبَهاءُ
لِيَكُن كَذَلِكَ في المَساء
ويمكن الاستماع للقصيدة عبر الرابط:
ومن قصائده أيضًا التي تحث على التفاؤل وتحذر من اليأس والقلق قصيدة الشاكي التي يقول فيها :
أيّهذا الشّاكي وما بك داء
كيف تغدو إذا غدوت عليلا؟
إنّ شرّ الجناة في الأرض نفس
تتوقّى، قبل الرّحيل، الرّحيلا
وترى الشّوك في الورود، وتعمى
أن ترى فوقها النّدى إكليلا
هو عبء على الحياة ثقيل
من يظنّ الحياة عبئا ثقيلا
والذي نفسه بغير جمال
لا يرى في الوجود شيئا جميلا
ليس أشقى مّمن يرى العيش
مرا ويظنّ اللّذات فيه فضولا
أحكم النّاس في الحياة أناس
عللّوها فأحسنوا التّعليلا
فتمتّع بالصّبح ما دمت فيه
لا تخف أن يزول حتى يزولا
وإذا ما أظلّ رأسك همّ
قصّر البحث فيه كيلا يطولا
أدركت كنهها طيور الرّوابي
فمن العار أن تظل جهولا
ما تراها والحقل ملك سواها
اتخذت فيه مسرحا ومقيلا
تتغنّى، والصّقر قد ملك الجوّ
عليها، والصائدون السّبيلا
تتغنّى، وقد رأت بعضها يؤخذ
حيّا والبعض يقضي قتيلا
تتغنّى، وعمرها بعض عام
أفتبكي وقد تعيش طويلا؟
فهي فوق الغصون في الفجر تتلو
سور الوجد والهوى ترتيلا
وهي طورا على الثرى واقعات
تلقط الحبّ أو تجرّ الذيولا
كلّما أمسك الغصون سكون/
صفّقت للغصون حتى تميلا
فإذا ذهّب الأصيل الرّوابي
وقفت فوقها تناجي الأصيلا
فأطلب اللّهو مثلما تطلب الأطيار
عند الهجير ظلاّ ظليلا
ويمكن الاستماع للقصيدة عبر الرابط:
والرابط :
فلا داعي للقلق ولنردد معا قول يونس عليه السلام "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " الأنبياء /آية 87
فقد جاء عن سعد بن أبي وقَّاص (رضي الله عنه) قال: قال رسولُ الله ﷺ: دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنتُ من الظَّالمين، فإنَّه لم يدع بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ قطّ إلا استجاب اللهُ له. رواه الترمذي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...