د. محمد عباس محمد عرابي - وصف القلب في شعر الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي

وصف الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي في الكثير من قصائد دواوينه القلب، فقد بين أن القلب يتسم بالصفاء والنقاء وعمق الإحساس، و بين أن إحياء سنة النبي (صلى الله عليه وسلم) حقيقة حبــه في القلب في الكلمات في الأفكــار ،كما بين أن القلب رمز العطاء وأن الوفاء شعار القلب وتحدث عن اشتياق القلب الولهان للأمجاد، كما بين أن المنى تأتي إلى القلب خفاقة، وبين أن في القلب ضجة ونفير من الالآم ،وأن القلب المحب كسير، كما بين أن اللغة العربية لغة تلامس من شغاف قلوبنا ،وتحدث عن إبصار نور الحقّ بالقلبِ الذي أضحى نقيًّا مِنْ هواهُ مطهّرا، وفيما يلي ما قاله في ذلك:

إحياء سنة النبي (صلى الله عليه وسلم ) حقيقة حبــه في القلب في الكلمات في الأفكــار:

وفي ذلك يقول شاعرنا:



حُبُّ الرسولِ تمسك ***بشريعـة غراء في الإعـلان والإســرار

حب الرسول تعلق بصفاتــه *** وتخلـق بخلائـق الأطهـــار

حب الرسول حقيقة يحيى بهـا*** قلب التقـي عميقـة الآثــار

إحياء سنته إقامة شرعــه في*** الأرض دفع الشك بالإقـــرار

إحياء سنته حقيقة حبــه في*** القلب في الكلمات في الأفكــار

يا سيد الأبرار حبك في* دمي نهرٌ على أرض الصبابـة جــاري(1)

القلب سمته الصفاء والنقاء وعمق الإحساس:

وصف شاعرنا القلب بالصفاء والنقاء وعمق الإحساس حيث يقول:

‏هو القلب يصبح أصفى وأنقى

‏إذا لم يسيء في الحياة الظنونا

‏ويصبح أسعد قلب إذا ما

‏تسامى وكان شفيقا حنونا

‏هو القلب يصبح أعمق حسا

‏إذا فجر الحب فيه العيونا

‏ولولا المشاعر ما كان قلبا

‏وما اسطاع في شوقه أن يكونا



القلب رمز العطاء:

يبين الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي أن القلب رمز العطاء حيث يقول:

‏خذي من القلب ماتبغين واعطيني

‏ومتّعيني بمنثورٍ وموزونِ

‏حيّيت ذكراك في شوقٍ فلاتقفي

‏مكتوفةً يا منى قلبي وحييني

‏مازلت أغرس آمالي وأحرسها

‏ولم تزل شفة الذكرى تناجيني

‏أنام والصمت مربوط على شفتي

‏والذكريات بثوب الليل تطويني

‏أما ترين اشتياقي فاجعلي أملي

‏يخضرّ فيك ولا تَسْتَغلِقي دوني

بوّابةُ الفجر مازالت مغلَّقةً

فكيف أفتحها والقيد يؤذيني؟

يامن على وجهها الميمون بارقةٌ

من الصفاء تُريني صِدقَ تَخميني

بي لهفةٌ ملكتْ قلبي وقد بعثتْ

كوامنَ الحبّ تسري في شراييني

وهذه البسمةُ الخضراء تحملني

على الوِداد وفي الأعماقِ تُؤْوِيني

أسير في موكب الأيام ملتحفاً

بالحبّ ,والأملُ البرّاق يدعوني

أسير والدّربُ محفوفٌ بروعتها

وعَبْق أزهارها الزّاكي يحيّيني

أظلّ أضحكُ منها حين ترمقني

بنصفِ مقلتها والضِّحْكُ يُبكيني

سافرت والليل أعمى والهمومُ لها

تَوثُّبٌ وسهام الخوف ترميني

فما مررتُ على دربي بمرحلةٍ

إلا وجدت حُداءَ الشوق يَحْدوني

ولا توقَّفت في سيري على شرَفٍ

إلا رأيت السهولَ الخُضْرَ ترجوني

وأدهشَ الدربَ تَصميمي فأسلمني

زمامَه ودعا الأحجارَ أنْ لِيني

لانتْ فأحسستْ أن الأرض مِفْرَشةٌ

من الحرير وأني غيرُ مَغْبونِ

حتى غدا الحَزْنُ سهلاً والرمال غدتْ

زهراً ونبعُ الأماني البيض يَسقيني

مضيتُ لا الليلُ تَثنيني غوائلُه

ولا المخاوفُ والأوهام تثنيني

وسرتُ في روضةٍ لا الغيثُ أخلفَها

ولا سمعتُ بها صوتاً لمَأْفونِ

إذا ظمئتُ سقتْني من منابعها

وحين يقسو عليَّ الجوع تَغْذُوني

يا روضةَ المجدِ مالي عنك منصرَفٌ

وكيف لي ونسيمُ المجد يَشفيني

بك انشغلتُ وبعضُ الناس منشغلٌ

عنِّي بتحسينِ أقوالٍ وتَهجينِ

أما ترين اشتياقي؟ فاجعلي أملي

يخضرُّ فيك ولا تَسْتَغْلِقي دوني



الوفاء شعار القلب :

وفي هذا يقول الوفاء شعار القلب:

بدايةٌ فاعرفي شأنَ البداياتِ

‏وعند خالقنا علمُ النهاياتِ

‏لا تحملي همَّ مافي الغيب وابتسمي

‏فكل ماهو مكتوب لنا آتي

‏هذا فؤادي رياض لا حدود لها

‏من المحبة فاجني منه واقتاتي

‏هذا فؤادي ينابيع الحنان به

‏تفجّرتْ فاقصدي نبع المواساةِ

أعوذ بالله من سعي بلاهدف

‏ومن مَسيرٍ على درب الضلالاتِ

‏شعار قلبي وفاء لا انتقاض له

‏يظل يهزأ من كل الشعارات

‏أحس أن هموم الناس تجرحني

‏وأن جرح الضحايا سرُّ مأساتي

إذا بكى الطفل من يُتْمٍ رأيت دمي

‏يغلي وماتت على ثغري ابتساماتي

‏وإن نأتْ بحبيبٍ عن أحبته

‏دارٌتمثّلتُ هذا البعد في ذاتي

‏أظل في قبضة الأيام محتسباً

‏كأنني مرسم في ثغر مبراتي





‏* اشتياق القلب الولهان للأمجاد :

فعن اشتياق القلب الولهان للأمجاد يقول شاعرنا الدكتور عبد الرحمن العشماوي :

دعيني أسرجِ الخيلَ العِتاقا

‏وأجعلُها إلى هَدَفي انطلاقا

‏أطوفُ بها مدائن ذكرياتي

‏وأخترق الفَلاةَ بها اختراقا

‏وأجعل في الحجاز لها مَقاماً

‏وفي نجدٍ أمدُّ لها سِياقا

أعلِّمها تجاوز كلِّ سدٍّ

يُواجِهُها وأُكسِبُها السِّباقا

أزورُ بها جبالَ الشَّام صيفاً

وفي وقتِ الربيعِ أرى العِراقا

خيولُ الشِّعرِ تُسمعني صهيلاً

يَزيدُ القلبَ حبَّاً واشتياقا

تلاقَى عند من أهواهُ عقلي

وبوح القلب فاتَّفقا اتِّفاقا

لوانّ السُّحْبَ قد خُلقتْ عطاشاً

لما انفلق التراب ُلها انفلاقا

ولا هشّت لطلعتها الروابي

ولا مدّت لها الأشجارُ ساقا

مجال الخير ميدانٌ فسيحٌ

فيا بُشرى لمن عَرفَ المَساقا

أرى الأمجادَ ترمقني بعينٍ

إليها قلبيَ الولهان تاقا



القلب عميق الإحساس

بين الشاعر أن القلب عميق الإحساس حيث يقول :

جوادشعري يُثير الأرضَ حافره

إذاجرى مهّدتْ من أجله الطُّرُقا

عليه سرجٌ من الإحساسِ وثّقَه

حنينُ قلبي ووجداني به وثِقا

ألاسقى اللهُ أيامَ الطفولةِ في

تلك المغاني التي لاتعرف القلقا

كنا نرى البئرَ بحراً لاحدودَ له

أوأنها كمحيطٍ موجُه اصطفقا

كنا نرى الشِّعبَ بستانَ الحياةِ فما

أصفى السواقي وأحلى اللوزَ والنَّبِقا



*المنى وتأتي إلى القلب خفاقة

وها هو شاعرنا يبين شاعرنا في قصيدة (عندما يكون العتاب دليلا على الحب )حبه لبلاده ،حيث يقول الشاعر:

عشقتك حتى رأيت المنى *** تبوح بحبي وتشتاق لي

وتأتي إلى القلب خفاقة *** تغرد تغريدة البلبل.

سمعتك لحنا فكم حسرة *** توارت ،وكم فرحٍ مقبل ِ

حملتك في القلب ريحانة *** فكيف تحولتَ كالمرجلِ(2)

في القلب ضجةٌ ونفيرُ من الالآم :

بين الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي في قصيدة "لك الله يا صوت الضمير " أن في القلب ضجةٌ ونفيرُ من الالآم :

حيث يقول :

قصيرٌ مدى الدنيا ،كثيرٌعناؤها **و حبل أماني الغافلين قصيرُ

هي الجسر يا صوت الضمير،وإنما **حياتك فيها رحلةٌ وعبورُ

ولكنها الآلام تنسج بيتها **وفي القلب منها ضجةٌ ونفيرُ

رفعت لها رايات صبري وحكمتي ** ومثلي بجهد الصابرين جدير (3)

القلب المحب كسير :

في قصيدة " لك الله يا صوت الضمير " بين الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي أن القلب المحب كسير حيث يقول:

لك الله يا صوت الضمير، فإنني ** سمعتك ،والقلب المحب كسير

تنادى ،وما زال النداء يهزني ** فصوتك يا صوت الضمير أثير

تنادى ،فلا والله ما غامت الرؤى ** ولا خالط القلب المحب نفور(4)

اللغة العربية لغة تلامس من شغاف قلوبنا **:

في قصيدة (رسالة إلى طائر مغترب) بين الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي أن اللغة العربية لغة تلامس من شغاف قلوبنا حيث يقول :

بي من حنين القلب ما لا يوصف **شوقٌ على أغصان قلبي يهتف

لغة من الشعر الأصيل تمد لي ** جسرا، وعن أسرار قلبي تكشف

لغة تلافى تحت ظلٌ بيانها ** حبي وأشواقي، وحسي المرهف

لغة إلى القرآن تُسلم وجهها **فيصونها القرآن مما يتلف

لغةٌ غرست على يديها أحرفي ** فتظل تورق في يديها الأحرف

لغة عبرت بها المشاعر عذبة ** خضراء، من سبل الركاكة تأنف

لغة تلامس من شغاف قلوبنا ** ما يجعل القلب المتيم يشغف

حملتها فرح الفؤاد وحزنه ** فليعرف المعنى الذي لا يعرف

شعري يسافر بي فما من روضة إلا وفيها القصيدة موقف

الحب ميداني، وخيلي لم تزل **بالركض في ميدان حبي تعزف

لصهيلها لغة إلى ترنيمها ** يُصغي الثرى سمع المحب ويرهف

المشرقان تطلعا وتشوفا **فإذا جناحي في السماء يرفرف

من أنت؟ قلت: أنا المحب لربه ** ولدينه، أنا مسلم متعفف (5)

إبصار نور الحقّ بالقلبِ الذي أضحى نقيًّا مِنْ هواهُ مطهّرا:

فقد تحدث الشاعر الدكتور عبد الرحمن صالح العشماوي عن إبصار نور الحقّ بالقلبِ الذي أضحى نقيًّا مِنْ هواهُ مطهّرا،حيث يقول:

وعلى الفراشِ جَناحُ جبريلَ الذي *.*.*.* ألقى إليك الوَحْيَ غضًّا مُزْهِرا

أسْرجتَ خيل الحقّ في غسقِ الدُّجَى *.*.*.* وخَرجتَ والتاريخُ يُبصرُ ما جرى

ومررتَ من بين الرجالِ ؛ كأنّهم *.*.*.* خُشُبٌ ؛ وسلّمتَ الأمانةَ حَيْدَرا

أحثُ التّرابَ على الرّؤوسِ ولا تخفْ *. فَعيونُ مَنْ رصدوا طريقَك لا ترى

هُمُو أتقنوا مكرا ؛ ولكن ما دروا *.*.*.* عن مكر من خلق الوجودَ وقدّرا

يا مقبلًا والمسرجون هَواهُمُوا *.*.*.* يتلفّتون إلى الوراء تذمّرا

أبصرتَ نورَ الحقّ بالقلبِ الذي *.*.*.* أضحى نقيًّا مِنْ هواهُ مطهّرا

غَسَلَتْهُ في الطّسْتِ الكريمِ ملائكٌ *.*.*.* حتى غدا أصفى وأنقى جوهرا . (6)









(1)عبد الرحمن صالح العشماوي، ديوان عناقيد الضياء ، قصيدة عناقيد الضياء ، ص5-17

(2)عبد الرحمن العشماوي :ديوان (مراكب ذكرياتي )، قصيدة (عندما يكون العتاب دليلا على الحب )،ص 155

(3)عبد الرحمن صالح العشماوي، عناقيد الضياء ، قصيدة "لك الله يا صوت الضمير " ص54،53

(4)عبد الرحمن صالح العشماوي، عناقيد الضياء ، قصيدة هطل الغيث بعد طواف العمرة العشماوي)،ص60

(5) قصيدة (عناقيد الضياء)، ص62-63-64

(6)عبد الرحمن صالح العشماوي، عناقيد الضياء ،" قصيدة " " حداء في موكب الهجرة " "" ،ص38

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...