شغل القاص في مجموعته التي تناهز العشرون قصة قصيرة، بالميزان القصصي، بفكرة فلسفية ناقشتها العديد من الثقافات الأدبية والمسرحية وهي فكرة "أقنعة السعادة السبع"، فكرة فلسفية جدلية وواقع حقيقي ميداني معاش عن كيفية تحقيق السعادة الذاتية والإنسانية على حد السواء؛ لينتقل ببراعة لغوية وقصصية عبر معنوناته القصصية على اختلافها، حول فكرته المحورية.
نجده بلغته الدياليكتية وفي حواره المونولوجي مع القارئ منذ البداية يتساءل: هل السعادة في تغيير القدر الزواجي لدي الطبيبة في قصة "رُباع" أم في محاذاة تجربة الطلاق في "متى المفر؟" ؟! لينقلنا بموازاة لفكرة الطبقية والسعادة، بروح الأدب الروسي التشيكوفي في قصة "الحذاء" مستحضرًا مفهومات الرضا الإنساني والسعادة.
تتوالى موجات الإنجاز القصصي للقاص المتقن /أحمد عبد الله إسماعيل، لتترى أفكار الغربة والاغتراب والتحقق، ومراحل العمر المختلفة في "مذكرات طالبة ثانوي" و"أحلام الطفولة" ويسأل نفسه والقارئ في ذات الوقت: هل السعادة في الشباب أم في تحقيق الثروة؟ وعلى لسان بطلي معزوفته القصصية "ثراء مفاجئ" يغلّب عصر المعلوماتية والتواصل الاجتماعي في لغته القصصية لرأس العمل "أقنعة السعادة" وتلك الحبكة القصصية في قصة "فرسا رهان" أسرار وتداعيات الحياة الأسرية المعاصرة في ظل ما نعيش فيه من شيوع المعرفة وغلبة القيم المادية على سحر الحياة.
وانتقل من ما بعد حداثية العرض إلى كلاسيكية الشجن في معنونته "حصان وكلب" فيُنطق بحبكته الإنسانية ما دون الإنسان من كائنات في صياغة فريدة تحسب له، ويقفز ببراعة لمفهوم جديد يدور حول القدوة والسعادة في قصته "الأستاذ" ثم هموم الحياة المعاصرة وفكرة الانتقال المجتمعي وتغيير الوجهة في "الدمصري" متسربلًا بالنزارية الشعرية المائزة (الدمشقي) في صياغة فنية رائعة مؤثرة في وجدان القارئ، المستهدف القصصي، مازجًا الإنساني والعالمي بالإقليمي والمحلي والشعبي ليحاكي قصصيًّا في قصته "المخادع" المثل الشعبي (السلف تلف والرد خسارة) فكرتيْ الطمع والبخل والسلف والدين، ويردد نفس القيم في معنونته "استغلال".
يعود الكاتب لإثارة قضايا ميدانية مدولة في معزوفته "عروس أمستردام" فكرتي التغريب، وقيمه المهترئة، ثم عودة للقيم المجتمعية الشرقية مرة أخرى الإيجابية والسلبية منها وحوار جدلي متزامن في معنونتيه "عرض غريب" و "كوكو" حيث الاختيار الزواجي، والتنمر المجتمعي في سياق قصصي إبداعي نغبطه عليه.
نصل في المحطة الأخيرة من هذه الرحلة القصصية إلى قصته "المقعد الشاغر" الزوج الحاضر الغائب مستخدمًا مشرطه القصصي، جرَّاحًا ماهرًا في تشريح المجتمع الشرقي علي أوجهه وزواياه المختلفة ما بين فرد، وأسرة، متغلغلًا في تصنيفاته لطبقية المجتمع وسابرًا لأغواره، متمكنًا من لغته الساردة في صياغة لغوية تضع الأحرف والجمل والتعبيرات بل وحتى أدق التساؤلات في حواره المونولوجي في حجمها ومكانها، دون استقصاء لأسلوب بلاغي عن غيره، مستعينًا بجماليات المعنى من جناس وطباق ومقابلة بل واستخدام للتراث الشعري في أكثر من موقع قصصي، كاستخدامه لقصيدة "رسالة من تحت الماء" في معنونته "مذكرات طالبة ثانوي" و بعض أشعاره الشخصية على ورود سرده القصصي؛ لنجد القارئ ينهل من تراث أدبي بلغة صائبة موسيقية بليغة دون تقعر في المعاني أو مزايدة تخرج القارئ عن الاستمتاع القصصي ومتابعة الحدث.
وختامًا، أجاد القاص أحمد عبد الله إسماعيل التعبير عن فكرته القصصية التراثية الحياتية الممتدة "أقنعة السعادة السبعة"، في إطار من التكثيف القصصي، والبراعة التعبيرية دون الإخلال اللغوي والجمالي بفحوى العمل السردي الذي لا يشوبه الملل أو الرتابة في السرد.
خطوة ناجعة على طريق القصة القصيرة، ومزيد من النجاحات على درب الأدب شعرًا ونثرًا وقصة ورواية، والقادم أوقع وأبهى .
والله ولي التوفيق،،،
د. نوران فؤاد - كاتبة وناقدة أدبية مصرية
نجده بلغته الدياليكتية وفي حواره المونولوجي مع القارئ منذ البداية يتساءل: هل السعادة في تغيير القدر الزواجي لدي الطبيبة في قصة "رُباع" أم في محاذاة تجربة الطلاق في "متى المفر؟" ؟! لينقلنا بموازاة لفكرة الطبقية والسعادة، بروح الأدب الروسي التشيكوفي في قصة "الحذاء" مستحضرًا مفهومات الرضا الإنساني والسعادة.
تتوالى موجات الإنجاز القصصي للقاص المتقن /أحمد عبد الله إسماعيل، لتترى أفكار الغربة والاغتراب والتحقق، ومراحل العمر المختلفة في "مذكرات طالبة ثانوي" و"أحلام الطفولة" ويسأل نفسه والقارئ في ذات الوقت: هل السعادة في الشباب أم في تحقيق الثروة؟ وعلى لسان بطلي معزوفته القصصية "ثراء مفاجئ" يغلّب عصر المعلوماتية والتواصل الاجتماعي في لغته القصصية لرأس العمل "أقنعة السعادة" وتلك الحبكة القصصية في قصة "فرسا رهان" أسرار وتداعيات الحياة الأسرية المعاصرة في ظل ما نعيش فيه من شيوع المعرفة وغلبة القيم المادية على سحر الحياة.
وانتقل من ما بعد حداثية العرض إلى كلاسيكية الشجن في معنونته "حصان وكلب" فيُنطق بحبكته الإنسانية ما دون الإنسان من كائنات في صياغة فريدة تحسب له، ويقفز ببراعة لمفهوم جديد يدور حول القدوة والسعادة في قصته "الأستاذ" ثم هموم الحياة المعاصرة وفكرة الانتقال المجتمعي وتغيير الوجهة في "الدمصري" متسربلًا بالنزارية الشعرية المائزة (الدمشقي) في صياغة فنية رائعة مؤثرة في وجدان القارئ، المستهدف القصصي، مازجًا الإنساني والعالمي بالإقليمي والمحلي والشعبي ليحاكي قصصيًّا في قصته "المخادع" المثل الشعبي (السلف تلف والرد خسارة) فكرتيْ الطمع والبخل والسلف والدين، ويردد نفس القيم في معنونته "استغلال".
يعود الكاتب لإثارة قضايا ميدانية مدولة في معزوفته "عروس أمستردام" فكرتي التغريب، وقيمه المهترئة، ثم عودة للقيم المجتمعية الشرقية مرة أخرى الإيجابية والسلبية منها وحوار جدلي متزامن في معنونتيه "عرض غريب" و "كوكو" حيث الاختيار الزواجي، والتنمر المجتمعي في سياق قصصي إبداعي نغبطه عليه.
نصل في المحطة الأخيرة من هذه الرحلة القصصية إلى قصته "المقعد الشاغر" الزوج الحاضر الغائب مستخدمًا مشرطه القصصي، جرَّاحًا ماهرًا في تشريح المجتمع الشرقي علي أوجهه وزواياه المختلفة ما بين فرد، وأسرة، متغلغلًا في تصنيفاته لطبقية المجتمع وسابرًا لأغواره، متمكنًا من لغته الساردة في صياغة لغوية تضع الأحرف والجمل والتعبيرات بل وحتى أدق التساؤلات في حواره المونولوجي في حجمها ومكانها، دون استقصاء لأسلوب بلاغي عن غيره، مستعينًا بجماليات المعنى من جناس وطباق ومقابلة بل واستخدام للتراث الشعري في أكثر من موقع قصصي، كاستخدامه لقصيدة "رسالة من تحت الماء" في معنونته "مذكرات طالبة ثانوي" و بعض أشعاره الشخصية على ورود سرده القصصي؛ لنجد القارئ ينهل من تراث أدبي بلغة صائبة موسيقية بليغة دون تقعر في المعاني أو مزايدة تخرج القارئ عن الاستمتاع القصصي ومتابعة الحدث.
وختامًا، أجاد القاص أحمد عبد الله إسماعيل التعبير عن فكرته القصصية التراثية الحياتية الممتدة "أقنعة السعادة السبعة"، في إطار من التكثيف القصصي، والبراعة التعبيرية دون الإخلال اللغوي والجمالي بفحوى العمل السردي الذي لا يشوبه الملل أو الرتابة في السرد.
خطوة ناجعة على طريق القصة القصيرة، ومزيد من النجاحات على درب الأدب شعرًا ونثرًا وقصة ورواية، والقادم أوقع وأبهى .
والله ولي التوفيق،،،
د. نوران فؤاد - كاتبة وناقدة أدبية مصرية