د. محمد عباس محمد عرابي - التناص الديني في قصيدة "صلْ رحمَكَ وإنْ قطعوك" لفضيلة الشيخ الشاعر عبد الله بن علي العامري

عودَّنا فضيلة الشيخ الشاعر عبد الله بن علي العامري (حفظه الله) في معظم قصائده بتقديم النصائح الاجتماعية المفيدة، والحكم الجليلة التي تبصرنا بالطريقة المثلى في إدارة شؤون حياتنا بما ينفعنا في الدنيا والآخرة.
وها هو (بارك الله فيه) في قصيدة "صلْ رحمَكَ وإنْ قطعوك" يعالج لنا ظاهرة اجتماعية صارت منتشرة بكثرة في كثير من المجتمعات (ظاهرة قطع صلة الرحم) مبينا فيها ثلاثة محاور:
المحور الأول: أسباب قطع الرحم، المحور الثاني: فوائد صلة الرحم، والمحور الثالث: سلامة الصدور، والعفو عن الزلات وخاصة من ذوي الرحم، وفيما يلي بيان ما قاله شاعرنا العامري في كل محور من المحاور الثلاثة:
المحور الأول: أسباب قطع الرحم:
عن أسباب قطع الرحم يقول فضيلة الشيخ الشاعر عبد الله بن علي العامري (حفظه الله):
قالوا تقطَّعتِ الأرحامُ قلتُ بما
قالوا بما سوَّلَ الشيطانُ و اتهما
أوحى لهم بالأماني كاذبًا أشرًا
فأُورثوا الفقرَ والإقتارَ و الندما
إن الأماني إذا الشيطان سار بها
تعطي مُتابعَه الإعسارَ و السقما
المحور الثاني: فوائد صلة الرحم:
عن فوائد الرحم يقول فضيلة الشيخ الشاعر عبد الله بن علي العامري (حفظه الله):
ويحفظُ الله من يحفظْ قرابتَه
البرُّ صانَ لنا الأعمار و الهمما
الواصلون ذوي الأرحامِ قد وصلوا
حبلًا إلى الله وعدًا سابغًا كرما
من رحمة الله أن الله واصلهم
ويقطع الله من يقطع لهم رَحِما
يا من أردت جماعَ الخير في سعةٍ
اجمعْ ذوي رحمٍ وفِّي لهم ذِمما
*المحور الثالث: سلامة الصدور، والعفو عن الزلات
عن سلامة الصدور، والعفو عن الزلات يقول فضيلة الشيخ الشاعر عبد الله بن علي العامري (حفظه الله):
العفو يمحو حزازات النفوس فكم
أغضى كريمٌ فعاش العمر محترما
إن اقتدارَكَ عند العفو يختمه
المحسنون بفضلٍ طابَ مُخْتتما
وقد أظهر شاعرنا فضيلة الشيخ الشاعر عبد الله بن علي العامري (حفظه الله) ثقافته الدينية في حديثه عن كل محور من المحاور الثلاثة حيث تجلت ظاهرة التناص في الأبيات بوضوح ومن أدلة ذلك:
حيث بين أن السبب الرئيس في ظاهرة قطع الرحم هو الشيطان الرجيم حيث يقول فضيلة الشيخ الشاعر عبد الله بن علي العامري (حفظه الله):
قالوا تقطَّعتِ الأرحامُ قلتُ بما
قالوا بما سوَّلَ الشيطانُ واتهما

أوحى لهم بالأماني كاذبًا أشرًا
فأُورثوا الفقرَ والإقتارَ و الندما
إن الأماني إذا الشيطان سار بها
تعطي مُتابعَه الإعسارَ و السقما
فالأبيات: قالوا تقطَّعتِ الأرحامُ قلتُ بما
قالوا بما سوَّلَ الشيطانُ و اتهما
أوحى لهم بالأماني كاذبًا أشرًا
فأُورثوا الفقرَ والإقتارَ و الندما
فيها تناص بشكل مباشر وغير مباشر (ضمني) مع الآية الكريمة:" يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا. النساء /آية (120)
وقوله تعالى:" فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ. محمد (22)
وقوله تعالى:" (وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) [النور:21
وقوله تعالى :(وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ) [الاسراء:36].
وقوله تعالى (وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) [يوسف:100].
وقوله تعالى (يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءاتِهِمَا) [الأعراف:27]
وفي قول العامري:
أوحى لهم بالأماني كاذبًا أشرًا
فأُورثوا الفقرَ والإقتارَ و الندما

إن الأماني إذا الشيطان سار بها
تعطي مُتابعَه الإعسارَ و السقما
تناص أيضًا مع قوله تعالى: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268)
التناص في المحور الثاني: فوائد صلة الرحم:
ورد التناص في المحور الثاني: فوائد الرحم في قول فضيلة الشيخ الشاعر عبد الله بن علي العامري (حفظه الله):
ويحفظُ الله من يحفظْ قرابتَه
البرُّ صانَ لنا الأعمار و الهمما
الواصلون ذوي الأرحامِ قد وصلوا
حبلًا إلى الله وعدًا سابغًا كرما
من رحمة الله أن الله واصلهم
ويقطع الله من يقطع لهم رَحِما
يا من أردت جماعَ الخير في سعةٍ
اجمعْ ذوي رحمٍ وفِّي لهم ذِمما
ففي الأبيات تناص مباشر وضمني مع الآيات التالية:
قول الله تعالى:﴿ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ﴾[الرعد: 21]،
﴿ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ ﴾[الأنفال: 75]".
وقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ * الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ "البقرة: 26، 27"
وتناص مع الحديث الشريف: عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن سرَّه أن يُبسَط له في رزقه، وأن يُنسأ له في أثرِه، فليَصِل رَحِمَه))؛ (البخاري ومسلم)،
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": ((من كان يؤمن بالله واليومِ الآخر فليُكرِم ضيفَه، ومن كان يؤمن بالله واليومِ الآخر فليصِل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليومِ الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت))؛ (البخاري)
وقول عبد الرحمن بن عوف "رضي الله تعالى عنه" قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله: أنا الرَّحمن، وهي الرَّحِم، شققتُ لها اسمًا من اسمي، مَن وصلها وصلتُه، ومن قطعها بتتُّه))؛ (رواه أبو داود).
التناص في المحور الثالث: سلامة الصدور، والعفو عن الزلات
عن سلامة الصدور، والعفو عن الزلات يقول فضيلة الشيخ الشاعر عبد الله بن علي العامري (حفظه الله):
العفو يمحو حزازات النفوس فكم
أغضى كريمٌ فعاش العمر محترما
إن اقتدارَكَ عند العفو يختمه
المحسنون بفضلٍ طابَ مُخْتتما
ففي الأبيات مع قوله تعالى:﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾[النساء: 114].
وقوله تعالى: الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)
وقول رسول الله (صلى الله عليه): "يا عقبة بن عامر: صِل من قطعك، وأعطِ من حرمك، واعف عمَّن ظلمك".
وقول رسول الله ﷺ: «صل من قطعك وأحسن إلى من أساء إليك وقل الحق ولو على نفسك» صححه الألباني.
اللهم اجعلنا ممن يصلون رحمهم، واجعلنا من المحسنين. اللهم آمين

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...