علجية عيش - ثورة الابتسامة في الجزائر كانت صوت شعب أراد الحياة

( النخبة السياسية و الحقوقية وظفت الحراك للوصول إلى السلطة)

كان الحراك الشعبي في الجزائر و لا يزال إصرارا على البقاء و مقاومة كل أشكال الاندثار و هي ميزة تفوق فيها الشعب الجزائري عبر التاريخ، لا سيما فترة الاحتلال الفرنسي، فالواقع أقوى من أن تتجاوزه الأطراف المختلفة، و لذا وجب إحداث التغيير الذي يضمن الاستقرار و التنمية و من خلالها تعزز الاحترام، في هذه الورقة وجب التساؤل إن كان الحراك الشعبي في الجزائر أو كما سمّي بثورة الإبتسامة عفويًا أم مدروسا و مخططا له؟ و ماذا يراد به ؟ و لماذا عجزت النخبة السياسية و الحقوقية عن تأطيره؟ هي في الحقيقة أسئلة طرحها ناشطون سياسيون و هم يحيون الذكرى الرابعة لثورة الابتسامة في الجزائر

يقول الناشط السياس ابراهيم غربي لسان حال الجبهة الإسلامية للإنقاذ إنّ الحراك الشعبي لم يكن يوما تهديدا وجوديا لأيّ طرف أو لأيّ جهة كانت...بل غايته إعادة تفعيل مشروع الدولة الجزائرية المستقلة الديموقراطية ذات السيادة وفي صورتها الاجتماعية ذات الصبغة الاسلامية في أطرها و مبادئها، فالجزائريون كما يقول هو يملكون من الذكاء ما يجعلهم مستقلين عن التبعية للقوى الدولية المتنافسة على ابتلاع كل من رضي أن يتخلى عن حريته، لقد عبّر الحراك الشعبي عن تلك الإرادة، إرادة رسم فيها الشباب صورة حضارية مرموقة، و نموذجا متطورا من أشكال النضال البنيوي الذي لم تسعفه الحماسة ليعطي ثماره في مشروع سياسي تجتمع الطبقة السياسية على تحقيقه بالوسائل المناسبة و الآفاق المتاحة بدعم من القواعد الاجتماعية التي تستجيب للمنبهات الحقيقية ، ليكشف للراي العام أن استراتيجية النظام الغامضة و المفاجئة ساهمت في تشتيت الأفكار و الرؤى، و كانت سببا في ضياع الجهود التي استفادت الأقلية الفاعلة في السلطة و أعلنت تراجعها بخطوات مدروسة قبل العودة من الفراغ.

يوضح ابراهيم غربي في بيانه ان الحراك الذي عاشته الجماهير في صورته المادية كان يملأ الشارع بكفاءة، لكنه في نفس الوقت ترك فراغا رهيبا في تصور الشكل المناسب في القيادة، مما أعطى الانطباع بأن المعارضة لم تكن تملك رؤية واضحة لحل الأزمة بقدر ما كانت تملك استعدادا دائما للاحتجاج على مشاريع السلطة و أدائها في الميدان، و يرى اصحاب البيان أن الهوّة الاقتصادية الناجمة عن أزمة الانتشار في مواقع الإدارة و التسيير جعل كل من السلطة و المعارضة يفقدان البعد الاجتماعي بنسب و درجات متفاوتة في التصور ،الأمر الذي جعل الطبقية السياسية المتحالفة مع المال، خاصة الفاسد منه تشكل حواجز بسيكولوجية ضربت الثقة و انتعشت في المقابل الهواجس التي ساهمت في بقاء التنافر الإيديولوجي على حاله، إنّ الغاية من الحراك الشعبي هي إعادة تفعيل مشروع الدولة الجزائرية المستقلة الديمقراطية ذات السيادة في صورتها الاجتماعية ذات الصبغة الإسلامية في أطرها و مبادئها، إذ لم يكن الحراك يبحث عن مشروع المجتمع، فهو موجود بقوة و فاعلية الحراك الحضاري الذي أثبت أن الجزائر تملك مجتمعا تفرد في مختلف الحقب و المناسبات بنماذج حضارية في النضال السياسي و النهضة الثقافية و حتى على المستوى الرسمي، فقد زوّدت كفاءات المجتمع مؤسسات الدولة بالطاقات البشرية التي حافظت و مقدرات البلاد على ما هو موجود.​

النخبة السياسية و الحقوقية وظفت الحراك للوصول إلى السلطة

هي طبعا مواقف أراد اصحاب البيان أن يعبروا من خلالها عن الدافع الحقيقي للحراك الشعبي، و بالنظر إلى سياسة التضييق على حرية التعبير ، وقد استعمل هؤلاء الفضاء الأزرق لإيصال صوتهم إلى الراي العام، الذي لا شك أنه على دراية كبيرة بالأحداث التي وقعت في الجزائر منذ بداية العنف و تفاعل معها بقوة ، امتزجت فيها الأصوات، إلا أن البعض منهم اختار النضال من وراء الستار و التكلم بلغة التخفي، أي الكتابة باسم مستعار لسبب من الأسباب ، قد يكمون محسوب على جهة رسمية معينة ، أو أنه يمثل تيار ثقافي معين و على ما يبدوا أن صاحب هذا البيان يمثل التيار الأمازيغي الأصيل فهو آثر التوقيع باسم أمازيغي ( أمازيغ يوبا النسيل) في كل الأحوال فالشخاص لا تهم بقدر ما تهم أفكارهم و مواقفهم في القضايا الحساسة جدا و التي تتعلق بمصير المجتمع ، إذ يقول في رسالة له أرسلت لنا على الخاص أن ذكرى الحراك الشعبي تبعث فينا البحث عن بعض خفاياه، هل كان الحراك عفويا أم لا ؟ و ما الذي يراد به؟ و لماذا عجزت النخبة السياسية و الحقوقية عن تأطير الحراك ؟ و يرد بأن الحراك لم يكن عفويا ، بل كان صنيعة رجال الدولة الحقيقيين فكان ورقة لجعل اللعبة السياسية أكثر أمانا، وكانت أطر الدولة الوطنية غير قابلة للمساومة أو الابتزاز، و هذا مبدأ عمل الجهاز.

و يستطرد بالقول في رسالته أن الإصلاح لا يتم بإهدار تلك الأطر التي تحفظ للدولة أركانها و لو في أحبك الظروف، يدعو هذا الناشط ( أمزيغ يوبا المسيل ) الرـي العام للوقوف وقفة جديدة على هذه الذكرى و هو في ذروته و نهايته تكشف عن مدى تحكم رجال الدولة في الساحة السياسية و خيارات العمل السياسي ، و العاطفة الجماهيرية التي كانت تتوهج عند مشعل التغيير، ثم مسار الكشف عن الفساد قبل الحراك و اثنائه و بعده ثم تأويله عند البعض، " حرب زمن السلطة" و كما وصفها هو، هي حرب وهنية، لكنه يتساءل إن كانت هذه الحرب الوهمية انتهت أم لأنها ستعود من جديد كما تعود العنقاء في كل مناسبة ، خاصة و أن الفساد موجود و كما كان عليه من قبل، و لذا ففكرة الحراك الشعبي قائمة على التدافع السياسي الذي يحفظ توازن الدولة في مرحلة زمنبة جدّ حرجة ، فهو لم يكن موضوع النخبة السياسية و الحقوقية، بل ما قامت به هو أنها عملت على توظيفه كحصان طروادة لخدمة مشروعها السياسي عبر الترويج له في الشارع قصد الوصول إلى السلطة و مصادرة القرار السياسي.

قراءة علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...