أدب السجون شباري عبد المومن - أيها الليل الأنثوي المندس في الطين سلاما...

إلى الرفاق الذين قاسمتهم الجوع ورغيف الخبز الأسود في رحلة الألف ميل.

7يونيو1987 بسجن اغبيلة بالدارالبيضاء


أيها الليل الأنثوي المندس في الطين
سلاما...
ها يدهشني عمقك السري الفارغ
المحمل بأغنيات العشق المبارك
والمبتل بقطيرات الندى
هي أشياؤنا باهتة وباردة وشاهدة للدمعة الخفية
هي أشياؤنا تفتحت على أسئلة الربيع القتيل
فأطلقت للزوايا امتدادها
سحب ترتجف في سماء الشهوة الجامدة
ومفتونا بماء الوقت أغازلها
لا زلت ألملم جرحي المتعدد والمتفرد
لا زال الصمت يمنحني انكساري الشتوي
لو كنت أعرف أي دفء يطل على شرفة الموت الغامق
لفرشت كفي للظل
وللوقت النائم على شرفة الموت الغامق
السجن الآن اختلى بأسرار الكتابة
اشتهاء العشب المشتبك بالمساءات العميقة
همس الماء في أوردة الحجر العاشق
هذا الفضاء اعتقل مواعيد طفولتنا الفرحة
دائرة اشتعال الربيع
أحلام القديسات في مرايا الماء
كيف قتلت اللحظة إشراقة العينين؟
أيها المساء الأنثوي الجميل، المندفع نحو الوقت، ونداء الغسق الخرافي، هكذا يشتهي الأسير أن يخاطبك في كينونته...لم أكن عاديا، اصطفاني همس القلق وتوجني، وكنتم رفاقي تنشدون في عزلتكم إشراقات العشق الصوفي للوطن، وهبوب بوح مثقل بأشياء جميلة ، وأنا أتابعكم، أغويكم برحيل أعنف من تجميع بياض لا ينتهي في الخطوات، وفي الدواءر الصامتة...
الوطن أقرب إلى انكسارنا اليومي
والوعد أكبر من أن نساوم هذا الحنين المرتجف فينا
خريف غيمتنا المنسية
وحفرنا خفايا
عانقنا قصتنا وأحبائنا فوق الشفق الجارف
ابتكرنا سهد الموجة النائية
خلخلنا خرافة الحكايا والوصايا القديمة
كنا أبدا أقوياء وتماثلنا
وجاء الأحباء يكتشفون أجراس الحنين في وطن مطارد
حنين الحروف القتيلة
إشراقات خيوط لامرئية
تشكيلات البوح في فضاء قاتم
بقع ضوء منسربة
إيحاءات العشق الصوفي
فيض أمومة سائبة
تراتيل غسق جارف
هذيان ذاكرة جريحة
هي الأشكال تتداخل أمام ضوء العين
وتمتد بعيدا في أزقة المدينة
تؤسس لعودة المنسي
وعميقا تولد أسئلة الحزن من فسحة الانتظار.


تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...