المحامي علي ابوحبله - مشروع قانون حكم الإعدام الإسرائيلي يتسم بالغوغائية والشعبويه

يأتي صعود "اليمين الجديد" العالمي متما هيا مع الصعود المستمر في إسرائيل باتجاه اليمين وأقصى اليمين الاستيطاني وتطبيع التطرف وتحول الشعوبية إلى ميزة أساسية في الحقل السياسي. انعكس هذا التماهي في تحول الليكود نحو اليمين الشعوبي وصعود قوة الصهيونية الدينية الاستيطانية وتفريخها لتيار الحردلية الذي يدمج بين التزمت الحر يدي الديني والقومي الاستيطاني، وعودة الكهانة من خلال حزب "عوتسما يهوديت" بزعامة إيتمار بن غفير إلى صلب الحقل السياسي بعد أن كان تم إقصاؤها إلى خارج حدود القانون إثر مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل، وتحول بن غفير إلى ضيف دائم في استوديوهات القنوات الإخبارية المركزية. وتوازى هذا الصعود مع ظهور عشرات الجمعيات اليمينية والاستيطانية الجديدة التي تعمل على وضع السياسات ومتابعة تطبيقها وصياغة مشاريع القوانين التي ترسخ الفوقية اليهودية وتقوم بمراقبة النخب الأكاديمية والثقافية ونشر التقارير عنها وملاحقتها في الحيز العام، وتصيد جمعيات حقوق الإنسان ونشطائها ومحاصرتها والتحريض عليها ونزع شرعيتها عبر اتهامها بالخيانة ومساعدة العدو، وانتشار التوراتية في قلب المدن الساحلية بهدف تهويدها، وتوازى هذا التماهي بأفول مثابر في قوة الصهيونية الليبرالية وتفكك هيمنتها التي وضعت أسسها تيارات الصهيونية الاشتراكية الأشكنازية بقيادة مباي وصاغتها تحت مفهوم الدولانية والأمن.

ويشكل اندماج بن غفير وسومتيرش وغيرهما الكثير في المنظومة السياسية الحكومية وباتوا جزءا لا يتجزأ من رسم السياسات الاسرائيليه كونهم أعضاء في ائتلاف حكومة نتني اهو الفاشية ويتبوءون مناصب أمنيه وهم جميعا سليل الكهانة مثالا نموذجيا لعملية تطبيع الفاشية والتطرف والتحولات في إسرائيل، إذ إن بن غفير الذي يعلق صورة منفذ مذبحة الحرم الإبراهيمي باروخ غولدشتاين في بيته اشتهر بالفترة التي سبقت اغتيال إسحاق رابين بصورته هو يلوح بإشارة سيارة الفولفو الخاصة برابين وصراخه عبر الشاشات: كما وصلنا لسيارته سنصل إليه، وكان يمثل بشخصه وخطابه وانفلاته "الأعشاب الضارة" للدولة والمجتمع المنظم.

وكذلك الحال مع تصريحات حليفه سومتي رش والذي طالب بتصريحاته بمحو حواره عن الوجود بعد هجوم المستوطنين على حواره وما ارتكبوه من مجازر بحق الإنسان والحجر والشجر ما تقشعر له الأبدان .

يأتي قانون الإعدام الشعبوي رغم معارضة تقليدية للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، التي ترى فيه خطوة شعبوية، وتعتبره عقيماً وغير ذي جدوى في وضع حد لجذوة المقاومة الفلسطينية المتصاعدة ضد الاحتلال وممارساته ، هذا ما يؤكده رؤساء الشباك السابقون ممن يرون أن مثل هذا القانون سيحول ضحايا الحكم بالإعدام إلى شهداء قديسين يقتدي بهم، كما قال يوسي كوهن رئيس الشباك السابق في يوم دراسي نظمه معهد دراسات الأمن القومي، التابع لجامعة تل أبيب.

كما يرى هؤلاء أن مشروع الحكم بالإعدام يمس بصورة دولة الاحتلال في العالم ويسود صفحتها " ويؤكد رؤساء الشباك السابقون أن مثل هذا القانون سيحول ضحايا الحكم بالإعدام إلى شهداء قديسين يقتدى بهم”

قدمت مشروع القانون الأول النائبة ليمور هميلخ من حزب “عوتسما يهوديت” (من الائتلاف الحاكم)، وحصل على تأييد 55 نائباً وعارضه 9 نواب ، وقدم المشروع الثاني النائب عوديد فورير وأعضاء كتلة حزبه “يسرائيل بيتينو” المعارض، وحصل على تأييد 44 نائباً وعارضه 9 نواب، على أن يتم دمج القانونين في قانون واحد في مسار التشريع. وقد تغيبت غالبية المعارضة عن جلسة التصويت، بزعم ذهابها للمشاركة في مظاهرات ضد تعديلات قانون القضاء، عدا نواب حزب “يسرائيل بيتنا” برئاسة أفيغدور ليبرمان المعارض، والذي يؤيد منذ سنوات قانون الإعدام.

وبحسب قرار حكومة الاحتلال ورئيسها بنيامين نتنياهو، فإن الكنيست يقر القانون بالقراءة التمهيدية (من حيث المبدأ)، ثم يعود القانون لمناقشته في الطاقم الوزاري المقلص للشؤون العسكرية والسياسية.

ويواجه القانون معارضة المستشارة القضائية للحكومة، وهو استمرار لموقف المستشار القضائي السابق للحكومة والطاقم المهني معه، والطاقم المهني في وزارة القضاء في حينه، والمستشار القضائي للكنيست.

يذكر أن قانون الإعدام قائم في إسرائيل، إلا أنه يتطلب “إجماع” قضاة المحكمة العسكرية الثلاثة، ومصادقة وزير الأمن من خلال قائد المنطقة العسكري. ويقضي مشروع القانون الذي أقر بالقراءة التمهيدية بأن يكون قرار الإعدام “بأغلبية” هيئة القضاة، المكونة من ثلاثة قضاة، دون إمكانية الاستئناف عليه.

طُرح هذا القانون في الولاية البرلمانية الـ 20، وكان أحد شروط انضمام حزب “إسرائيل بيتنا” لحكومة بنيامين نتنياهو في حزيران العام 2016. وتم في أوائل العام 2017 تمريره بالقراءة التمهيدية، إلا أنه واجه، كما ذكر، معارضة مهنية حقوقية، وتم تجميد مساره في حينه.

إن المصادقة على مشروع قانون الإعدام تضاف لسلسلة من التشريعات العنصرية التي تستهدف نضال الفلسطينيين لردعهم عن مواصلة مقاومة المحتل، فسبق ذلك تفعيل أنظمة الطوارئ والتشريعات الإدارية لهدم منازل الذين ينفذون عمليات ضد الإسرائيليين .

قانون الإعدام الذي أقره الكنيست بال قرائه الأولى يتناقض مع مبادئ أساسية بالقانون الدولي وينتهك معاهدات دولية ويثبت أن بوصلة الحكومة الإسرائيلية تتجه نحو الحرب وترخيص قانوني لقتل الفلسطينيين وشر عنة الاحتلال والاستيطان، وفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية والقدس المحتلتين ، وينسجم مع تشريعات الاحتلال ومخططاته ألاستيطانيه وسياسة التهويد ويأتي من دوافع انتقامية ضد الفلسطينيين، وجاء ليحاكم ويحاسب الضحية وتبرئة الاحتلال الذي يقوم بعمليات إعدام ميدانية دون حسيب أو رقيب.

حكومة الاحتلال بتشريعاتها الشعبويه تخرق المواثيق الدولية التي ينتهكها قانون إعدام الفلسطينيين، وأبرزها اتفاقيات مؤتمري لاهاي، وميثاق الأمم المتحدة، واتفاقيات جنيف والبروتوكول الصادرة عنها، التي كفلت للشعب الرازح تحت الاحتلال أو الاستعمار الحق بالمقاومة والدفاع عن النفس، وكذلك بحق المقاومة المسلحة كوسيلة من وسائل تقرير المصير، كما أن المقاوم يعد أسير حرب إذا ما وقع في قبضة العدو.

هذه التشريعات والإجراءات التي تحظى بدعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واليمين الأصولي المتطرف الذين يتقدمهم يتمار بن غفير وسومت يرش و ليبرمان وغيرهم من الشعبويين وغلاة المتطرفين ما كانت لتردع الشعب الفلسطيني عن مقاومة الاحتلال ومواصلة النضال للحرية والاستقلال.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...