د. محمد عباس محمد عرابي - الرياح في الشعر القديم

تحدث الشعراء القدامى في شعرهم عن الرياح ،ومن أشهر هؤلاء الشعراء أصحاب المعلقات ،والمتنبي وأبو فراس الحمداني وغيرهم ،وفيما يلي نماذج مختارة لما قاله هؤلاء الشعراء عن الرياح:

الخيل في سرعتها كالرياح :

بين عنترة أن الخيل في سرعتها كالرياح حيث يقول :

وَالخَيلُ في وَسطِ المَضيقِ تَبادَرَت

نَحوي كَمِثلِ العارِضِ المُتَفَجِّرِ

مِن كُلِّ أَدهَمَ كَالرِياحِ إِذا جَرى

أَو أَشهَبٍ عالي المَطا أَو أَشقَرِ

فَصَرَختُ فيهِم صَرخَةً عَبسِيَّةً

كَالرَعدِ تَدوي في قُلوبِ العَسكَرِ

وَعَطَفتُ نَحوَهُمُ وَصُلتُ عَلَيهِمُ

وَصَدَمتُ مَوكِبَهُم بِصَدرِ الأَبجَرِ

وَطَرَحتُهُم فَوقَ الصَعيدِ كَأَنَّهُم

أَعجازُ نَخلٍ في حَضيضِ المَحجَرِ

وَدِماؤُهُم فَوقَ الدُروعِ تَخَضَّبَت

مِنها فَصارَت كَالعَقيقِ الأَحمَرِ

وَلَرُبَّما عَثَرَ الجَوادُ بِفارِسٍ

وَيَخالُ أَنَّ جَوادَهُ لَم يَعثُرِ



الغُضُـوْنُ مُتُوْنُ غُـدْرٍ تُصَفِّقُهَـا الرِّيَاحُ

يقول عمرو بن كلثوم في معلقته مبينا أن الغُضُـوْنَ مُتُوْنُ غُـدْرٍ تُصَفِّقُهَـا الرِّيَاحُ



عَلَيْنَا البَيْضُ وَاليَلَبُ اليَمَانِـي

وَأسْيَـافٌ يَقُمْـنَ وَيَنْحَنِيْنَـا

عَلَيْنَـا كُـلُّ سَابِغَـةٍ دِلاَصٍ

تَرَى فَوْقَ النِّطَاقِ لَهَا غُضُوْنَـا

إِذَا وَضِعَتْ عَنِ الأَبْطَالِ يَوْمـاً

رَأَيْـتَ لَهَا جُلُوْدَ القَوْمِ جُوْنَـا

كَأَنَّ غُضُـوْنَهُنَّ مُتُوْنُ غُـدْرٍ

تُصَفِّقُهَـا الرِّيَاحُ إِذَا جَرَيْنَـا

وَتَحْمِلُنَـا غَدَاةَ الرَّوْعِ جُـرْدٌ

عُـرِفْنَ لَنَا نَقَـائِذَ وَافْتُلِيْنَـا

وَرَدْنَ دَوَارِعاً وَخَرَجْنَ شُعْثـاً

كَأَمْثَـالِ الرِّصَائِـعِ قَدْ بَلَيْنَـا


الرياح وعصفها الشديد:

تحدث الشاعر أبو الطيب المتنبي عن الرياح وعصفها حيث يقول : ( من المنسرح) الشديد

بالسّوْطِ يَوْمَ الرّهَانِ أُجْهِدُهَا

شِرَاكُهَا كُورُهَا وَمِشْفَرُهَا

زِمَامُهَا وَالشُّسُوعُ مِقْوَدُهَا

أشَدُّ عَصْفِ الرّيَاحِ يَسْبُقُهُ

تَحْتيَ مِنْ خَطْوِهَا تَأوّدُهَا

في مِثْلِ ظَهْرِ المِجَنّ مُتّصِلٍ

بمِثْلِ بَطْنِ المِجَنّ قَرْدَدُهَا

مُرْتَمِياتٌ بِنَا إلى ابنِ عُبَيْـ

ـدِ الله غِيطَانُهَا وَفَدْفَدُهَا

ويقول أيضًا عن عزف الريح

أين الذين بنوا بقلبي منزلاً

وتربعوا عرشَ الفؤاد سنينا؟

تركوا الديارَ فأرهقوها غربةً

والريحُ تَعزفُ وحشةً وأنينا

يامن تجاوزتمُ محطات الجَوى

وتركتمُ القلبَ اليتيمَ حزينا

لاتتركوا عين المحبِّ رهينةً

للحزن حيناً والمدامع حينا

رفقاَ بروحِ تستطيبُ بقربكم

وتذوب شوقاً لهفةً وحنينا


السُـحـبُ مِـن الرِياحِ

يبين أبو فراس الحمداني أن السُـحـب مِـن الرِياحِ حيث يقول:

وَهَـل فـي نَـظـمِ شِـعـري مِن طَريفٍ

لَمَــغـدًى فـي مَـكـانِـكَ أَو مَـراحِ

أَمِـن كَـعـبٍ نَـشـا بَـحرُ العَطايا

وَأَكــرَمُ مُــســتَــغــاثٍ مُـسـتَـمـاحِ

وَصــاحِــبُ كُــلِّ عَــضـبٍ مُـسـتَـبـيـحٍ

أَعـــادِيَهُ وَمـــالٍ مُـــســـتَــبــاحِ

وَهَـذا السَـيلُ مِن تِلكَ الغَوادي

وَهَـذي السُـحـبُ مِـن تِلكَ الرِياحِ

وَلَو شِــئتُ الجَـوابَ أَجَـبـتُ لَكِـن

خَـفَـضـتُ لَكُـم عَـلى عِـلمٍ جَـنـاحي

وَكَـيـفَ أَعـيـبُ مَـدحَ شُـموسِ قَومي

وَمَـن أَضـحى اِمتِداحُهُمُ اِمتِداحي



الرِّيَاحُ تَنَاوَحَـتْ خُلُجـاً تُمَدُّ شَـوَارِعاً أَيْتَامُهَـا



بين لبيد بن ربيعة في معلقته أن الرِّيَاحُ تَنَاوَحَـتْ خُلُجـاً تُمَدُّ شَـوَارِعاً أَيْتَامُهَـا حيث يقول :



فَالضَّيْـفُ والجَارُ الجَنِيْبُ كَأَنَّمَـا



هَبَطَـا تَبَالَةَ مُخْصِبـاً أَهْضَامُهَـا



تَـأْوِي إِلَى الأطْنَابِ كُلُّ رَذِيَّـةٍ



مِثْـلِ البَلِيَّـةِ قَالِـصٍ أَهْدَامُهَـا



ويُكَلِّـلُونَ إِذَا الرِّيَاحُ تَنَاوَحَـتْ



خُلُجـاً تُمَدُّ شَـوَارِعاً أَيْتَامُهَـا



إِنَّـا إِذَا الْتَقَتِ المَجَامِعُ لَمْ يَـزَلْ



مِنَّـا لِزَازُ عَظِيْمَـةٍ جَشَّامُهَـا



ومُقَسِّـمٌ يُعْطِي العَشِيرَةَ حَقَّهَـا



ومُغَـذْمِرٌ لِحُقُوقِهَـا هَضَّامُهَـا





هبوب الرِّياحُ:

تحدث النابغة الذبياني في معلقته عن هبوب الرِّياحُ:

مهلاً، فداءٌ لك الأقوامُ كلّهُمُ

وما أثَمّرُ من مالٍ ومن ولدِ

لا تقْذِفَنّي بُركْنٍ لا كِفاءَ له

وإن تأثّفَكَ الأعداءُ بالرِّفَدِ

فَما الفُراتُ إذا هبَّ الرِّياحُ له

ترمي أواذيُّهُ العِبْرينِ بالزَّبدِ

يمُدّهُ كلّ وادِ مُتْرَعٍ، لجبٍ

فيه رِكامٌ من الينبوبِ والخَضَدِ

يظلُّ من خوفِهِ، الملاَّحُ مُعتَصِماً

بالخَيزُرانَة، بعد الأينِ والنَّجَدِ

يوماً، بأجوَدَ منهُ سيْبَ نافِلَةٍ

ولا يَحولُ عطاءُ اليومِ دونَ غدِ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...