عندما ألتقي بالآخرين، تخيب كل توقعاتي، ويثبت عندي أننا عالقون مع بعضنا البعض في برطمان ضيق. بل شديد الضيق. وأننا جميعاً نحتاج للطيران من داخله لنبتعد عن بعضنا بقدر ما تسمح به قوانا. إن الشراكات استثناء فوق النار. قلقة وهشة وغير قابلة للانصهار. وهي مسألة وقت لقضاء بضع سنوات قبل أن يحدث ذلك عبر الموت في أحسن الفروض. ولذلك أيضاً، لا يمكننا كتابة قصة إلا بإلغاء ذلك الوهن والهشاشة. إن القصص والروايات تتجاهل ضيق البرطمان، بل وتحرف الشراكة إلى كونها معياراً أصيلاً.. ومن هنا تأتي متعة القراءة. إن كل شيء خاضع للمنطق في تلك الروايات، ولكنه منطق خطي حتى عندما ينتصر الشر على الخير. لأن الرواية لن تحسم مفهومها للشر إلا من زاوية صغيرة وملقاة على هامش الانتفاضات المتشابكة النازعة للهروب باستمرار. فالمسألة لا تتعلق بالتنبؤ، بل حتى عدم التنبؤ يجب أن يخضع لمعايير منطقية في نهاية الأمر. من هنا تحديداً تحصل الميتافيزيقا على أصالتها وهوانها، على جدليتها اللانهائية وعلى كونها إيماناً محضاً، أي منفصماً عن العقلانية. بالرغم من أن كل ما بين السطور يمكن أن يقفز كشيطان على حواف الفكرة. والشيطان هنا محايث للآلهة ولكل قوى خارقة أخرى، لأنه يهزم انتروبيا الأشياء برمتها. والإنسان الذي يحب الأكاذيب لا يرغب في هزيمة الانتروبيا، لا يحب إنهاء نهايتها. فعقلنا يحشد مسرحيات أرسطوية باستمرار حتى لا يشعر بالتهافت الوجودي. إن هذا الذي يبدو محزناً هو أداة الإنسان القوية للدفاع عن البقاء.