سهام ذهنى - القطة وكتف الإمام

مليار شاهدوا عبر العالم بدون ترتيب الفيديو الذي تم التقاطه من البث الحي لصلاة التراويح بالجزائرلإمام مسجد تصعد قطة بسلام على كتفه خلال صلاة التراويح، وتبدو وكأنها تقبله على خده بعد أن استقبل هو تسلقها لجسده بعفوية حيث ربت عليها بحنان وألفة دون أن يتوقف لسانه عن التلاوة، فصعدت إلى كتفه وبعد أن داعبته وبدت وكأنها تربت عليه إذا بها كطفلة بعد أن إحتضنت أبيها شوقا تبتعد من تلقاء نفسها في اللحظة ذاتها التي يمد هو في الحروف الأخيرة من الآية كعلامة على انتهائه من القراءة إستعدادا للركوع، فتحركت هي من قبله باتجاه النزول.

القارئ إسمه "وليد مهساس"، والمسجد يحمل إسم سيدنا "أبو بكر"، بحي صغير في مدينة "برج بوعريريج" بشمال الجزائر يذهب خصيصا إليه كثير من الجزائريين للإستمتاع بالصلاة خلف الشيخ "وليد" لشهرته بالصوت الجميل والإحساس الفياض بما يقرأه من آيات.

ومع انتشار الفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي تناقلته وسائل إعلام غربية منها سي إن إن الأمريكية التي نشرت الفيديو على صفحتها بـ "إنستجرام"، وموقع قناة "فرانس 24" الفرنسي، ووكالة رويترز.

سبحان الله شيخ يصلي في اطمئنان وقطة لطيفة تداعبه فتتجول السيرة الطيبة للإسلام وهذا التصرف العفوي من إمام مسلم على لسان مليار حول العالم من أجناس وديانات عديدة لا نحصي ثناؤهم على ما رأوه من هؤلاء المسلمين عبر التعليقات على الفيديو بعد مشاهدتهم هذا الخشوع في الصلاة من كل من الإمام والمأمومين، وهذا اللطف المتبادل بين القطة وأنامل الإمام، فبفضل الله وعلى الرغم من محاولات البعض لتشويه صورة الإسلام والمسلمين يأذن الله لحالة إيمانية بسيطة أن تتلقاها القلوب المفطورة على حب الرحمة والإئتناس بالصفاء الروحي.

أحد الأمور الجذابة في الفيديو هو عدم تلعثم القارئ إطلاقا في التلاوة، وعدم تشتت خشوعه الذي يصاحبه مشهد خشوع المصلين من خلفه في أجواء إيمانية يبدو فيها كل من الإمام والمأموم محلقا مع كلام الله، حيث واصل الإمام باطمئنان التلاوة خاشعا، بينما تحركت يداه بحنان وعفوية ليطمئن القطة. حالة من السكينة والطمأنينة تسري عبر القطة والإمام وكل من في المكان خلال ليلة روحانية كعادة المستمتعين بتراويح رمضان.

كلام الله سبحانه الذي كان الإمام يتلوه خلال تسلق القطة على كتفه هو من سورة "الأنعام"، حيث كان يقرأ قول الله تعالى:

"سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ ۚكَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ "

أما الآية التي إختتم بها الإمام خلال نزول القطة من على كتفه فهي الآية 149 من السورة. وقد جاء فيها قول الله سبحانه "قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ".

وهي تعبر كما ورد في تفسير الشيخ الشعراوي عن أن الله قادر على إجبار الجميع على الهداية والإيمان، لكنه يريد للإنسان أن يختار. وبالطبع ما أجمل أن يسبب الله سبحانه أسباب الإختيار حتى ولو كان من بين الأسباب "قطة".
التفاعلات: نقوس المهدي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...