المحامي علي ابوحبله - الدين العام للحكومة في تصاعد ودون أن تلوح في الأفق ما يشير لانتهاء الأزمة المالية

كل الدلائل والبيانات تشير إلى تصاعد وتيرة الدين العام وتضخم مديونية الحكومة ولم يلمس المواطن سوى فرض مزيد من الضرائب المباشرة وغير المباشرة وزيادة الرسوم على الخدمات والقضايا في المحاكم دون الإعلان عن خطة للتقشف تقود إلى الحد من المديونية المتراكمة على الحكومة

فقد أعرب رئيس الوزراء محمد اشتبه عن أمله بأن تكون الأزمة المالية قد انتهت مع نهاية العام، بما يمكننا من استكمال صرف المستحقات والعلاوات وغيرها، وسنستمر في نضالنا من أجل كل حقوقنا بما في ذلك المالية ووقف الاقتطاعات الجائرة التي تقوم بها دولة الاحتلال.

هناك فرق كبير بين الإغراق في التفاؤل والأمل وبين الحقائق ضمن لغة الأرقام حيث يواصل الدين العام للسلطة صعوده دون توقف، في وقت لم تتمكن فيه الحكومة من تحقيق جميع وعود رئيس الوزراء محمد ‏اشتية في تخفيض الدين العام والمضي في خطة تقشف.‏

تصريحات رئيس الوزراء وإعرابه عن أمله بانتهاء ألازمه المالية مع نهاية هذا العام لم يوضح كيفية تحقق ذلك ولم يتحدث عن خطط للتقشف كما كان في بداية عهده، فمنذ تسلّم ‏اشتية، رئاسة الحكومة الحالية في مارس 2019، بدأ الدين العام بالتصاعد دون مؤشر يشير لانخفاض المديونية وكان الدين العام مع نهاية 2018 نحو 8.91 مليار شيكل، واستمر بالصعود وصولا إلى 12.5 مليار شيكل في ‏نهاية 2022.‏

وتظهر بيانات وزارة المالية الفلسطينية أن الدين العام بنهاية 2022 بلغ 12.54 مليار شيكل صعودا من 11.9 مليار شيكل بنهاية 2021

ويظهر الملف التفاعلي التالي، كيف تطور حجم الدين العام الفلسطيني خلال فترة تولي محمد اشتية رئاسة الحكومة، منذ مارس/آذار 2019

ويبلغ الدين العام المحلي المستحق على الحكومة الفلسطينية 7.94 مليارات شيكل بنهاية 2022 صعودا من 7.88 مليارات شيكل بنهاية 2021

في المقابل، بلغت قيمة الدين العام الخارجي المستحق على الحكومة بنهاية العام الماضي 4.6 مليارات شيكل، صعودا من 4.11 مليارات شيكل بنهاية 2021.

وارتفعت فوائد القروض القائمة عالميا خلال العام الماضي، بسبب زيادات أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي والشيكل الإسرائيلي، وهو ما يرجح بشكل رئيس ارتفاع قيمة الدين العام.

ولا تشمل بيانات الدين العام، قيمة المتأخرات على الحكومات الفلسطينية المتعاقبة، بحسب بيانات وزارة المالية الفلسطينية.

والمتأخرات، هي ديون بفائدة صفرية، مستحقة على الحكومات الفلسطينية المتعاقبة لصالح عديد الجهات المحلية، مثل هيئة التقاعد، والإدارة العامة للبترول، والموردين من القطاع الخاص، وللموظفين العموميين.

وأظهر مسح لمنصة المنقبون، أن إجمالي المتأخرات المالية على الحكومات الفلسطينية المتعاقبة، بلغت 21.1 مليار شيكل حتى نهاية الربع الثالث 2022.

الحكومة الفلسطينية عليها الكثير من الالتزامات المالية المتراكمة ، وقد وصلت لما يقارب 17 مليار شيقل كمتأخرات لصالح القطاع الخاص، ويفترض أن تولي الحكومة اهتمامها لسد جزء منها، خاصة بعد تهديدات القطاع الخاص بالتوقف عن تقديم الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها التحويلات الطبية، وشركات توريد الأدوية، وشركات المقاولات وغيرها من القطاعات الحيوية.



وعملية الاقتطاع من رواتب الموظفين العموميين كان من المفترض ، أن تذهب لصالح تغطية أجزاء من مستحقات القطاع الخاص، بغض النظر عن أنها خصومات بنسب قليلة ، ورغم أن الحكومة كانت تعول على عودة المساعدات الاوروبيه إلا أن تلك المساعدات لم تحد من المديونية التي تعاني منها الحكومة

"الأزمة المالية التي تعاني منها الحكومة الفلسطينية استنفدت جميع الحلول الاقتصادية"، والوضع السياسي والأمني والحصار الاقتصادي والخصومات غير المبرره من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني يزيد من تعقيدات الوضع وتدهور الوضع الاقتصادي والسؤال على أي جوانب بني رئيس الحكومة أماله على انتهاء ألازمه المالية بنهاية العام الحالي

علما أن هناك مأزق حقيقي ومعاناة وتعطل في المسيرة التعليميه وشلل في المرافق بسبب عجز الحكومة عن الإيفاء بتعهداتها ، وباتت مجبرة على القيام بلعبة "تلبيس الطواقي" من خلال الخصم على الموظفين من أجل سداد جزء من ديونها المستحقة للقطاع الخاص، أو أن تأخذ من الجهة الفلانية لسد التزاماتها لصالح جهة أخرى، وترحيل الأزمة لوقت لاحق، وهذا دليل على غياب وفقدان أي حلول اقتصادية.

وباستعراض الأرقام يطرح السؤال الأهم هل باتت اهتمامات الحكومة محصورة بتأمين رواتب الموظفين فقط؟ وإذا كانت فاتورة الرواتب تشكل نسبة معينة من مجمل الإنفاق وقد تضخمت بفعل سياسة التوظيف العشوائي وازدياد البطالة المقنعة ، ويفترض بالباقي أن يذهب باتجاه النفقات التشغيلية. وهنا يطرح التساؤل، أين الخطة ألاقتصاديه ليبنى على الأمر مقتضاه وفق لغة الأرقام للحد من استفحال الأزمة المالية وتردي الوضع الاقتصادي في ظل سياسة رفع الضرائب المباشرة وغير المباشرة وهي سياسة تثقل على كاهل المواطن الفلسطيني ولماذا لا يتم الاقتصاد في النفقات التشغيلية بدلاً من اللجوء لرواتب الموظفين؟ وهو ما يأخذنا نحو تساؤل آخر، هل تعتمد الموازنة العامة على سياسات تقشف في النفقات التشغيلية؟ وهل وصلت إلى حد التقشف الأقصى؟ أم أن الموظف هو الحلقة الأضعف في هذه المعادلة؟

بات مطلوب من الحكومة مراجعة سياساتها ألاقتصاديه ووقف التساوق مع شروط وضغوط الاحتلال التي تمارسها بحق الشعب الفلسطيني ، وكأن السلطة تتكيف وتتعايش مع سياسات التضييق المالي التي يمارسها الاحتلال، وبدلاً من التصدي لهذه القرارات سياسياً ودبلوماسياً من أجل انتزاع الحقوق الفلسطينية، يتم اللجوء إما إلى رواتب الموظفين وزيادة فرض الضرائب المباشرة وغير المباشرة وزيادة الرسوم على الخدمات مع الإغراق بالأمل والتفاؤل بانتهاء الأزمة المالية ، ووفق كل المعطيات وفي ظل هكذا سياسة لا يلوح بالأفق ما يشير إلى انتهاء ألازمه المالية في نهاية العام الحالي ولا حتى في العام المقبل وجميع الصناديق خاوية والمديونية في تصاعد في ظل انعدام المسائلة والمحاسبة وضياع مستقبل جيل بأكمله بسبب تعثر المسيرة التعليمية وشلل في العديد من المرافق بين الحين والآخر بسبب الإخلال بالتزامات والاتفاقات التي عقدتها الحكومة مع النقابات وفي ظل ممارسات ومحاولات الاحتلال لتكريس سياسته والإخلال بكافة التزاماته

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...