ما أنصف القوم ضبه المتنبي.. القصيدة التي قتلت المتنبي - إعداد: نقوس المهدي

لم يشغل الناس شاعر بالقدر الذي شغلهم ابو الطيب المتنبي، حتى ان ابن رشيق القيرواني اورد في كتابه الشهير " العمدة " مقولته الشهيرة: "جاء المتنبي فملأ الدنيا وشغل الناس".
وندرج فيما يلي نص القصيدة التي كانت السبب في مصرعه، كما تفيد جميع النسخات القديمة للشروح (شرح ديوان المتنبي للواحدي، معجز أحمد لأبي العلاء المعري، العمدة لابن رشيق القيرواني، الصبح المنبي عن حيثية المتنبي للبديعي، الوساطة بين المتنبي وخصومه للجرجاني، يتيمة الدهر للثعالبي، وشرح ديوان أبي الطيب المتنبي بشرح أبي البقاء العكبري، والتبيان في شرح الديوان لعثمان بن جني، والذي يروى عن المتنبي أنه قال: " ابن جنّي، أعلم بشعري منّي "، او (اذا أردتم ان تعرفوا شعري فاسألوا ابن جني) ...إلخ). فيما اغفلها البعض ممن حققوا اشعاره وانكروا نسبتها لشاعرنا، واحجموا عن ذكر هذا النص لبذاءته وفحش القول وغلو الوصف فيه، وهي من حيث ثبوت نسبتها للمتنبي أمر لا جدال فيه، وقد قالها في حالة غضب ، حتى لو عدها النقاد والشراح من "سقطات" المتنبي، واجتمعوا خطأ على سبب آخر غير وجيه لمقتله..
والقصيدة معروفة ومشهورة ومطلعها
ما أنصفَ القومُ ضبّة
وأمه الطرطبة
وتورد كتب تاريخ الادب ان ضبة بن يزيد العتبي، خرج مع عائلته يوماً فاعترضه قوم من بني كلاب فقتلوا أباه وسبوا أمه وفسقوا بها
وصادف ان مر أبو الطيب المتنبي بضبة مع جماعة من أهل الكوفة فأقبل عليهم هذا الاخير يجاهر بشتمهم وسبهم، فانشد ابو الطيب هذه القصيدة التي تصف ما حصل له مع الاعراب وفسقهم بأمه
وعلم فاتك بن أبي الجهل الأسدي ( خال ضبة ) بالقصيدة فغضب عند سماعها وأراد الإنتقام لأخته وابنها ضبة فاعترض سبيل أبي الطيب وهو في طريقه إلى بغداد فالكوفة وواجهه بنحو 30 من رجاله وقيل اكثر، فقاتله المتنبي حتى قتل هو وابنه محسّد وعدد ممن كانوا معه
وقد قيل إن أبا الطيب لما رأى كثرة رجال فاتك وأحس بالغلبة لهم أراد الفرار فقال له غلام له : لا يتحدث الناس عنك بالفرار وأنت القائل
فالخيلُ والليلُ والبيـداءُ تعرفنـي
والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقلمُ
فكر راجعاً وقاتل حتى قتل سنة 354 هـ
وقد احتوت القصيدة على العديد من الاوصاف والألفاظ والعبارات البذيئة مما جعل المتنبي ينكر إنشادها كما قال الواحدي أحد شرّاح ديوان المتنبي، وناصيف اليازجي في شرحه المسمى بكتاب " العرف الطيب في شرح ديوان ابي الطيب "، والناقد محمود شاكر ...وغيرهم..
هذه بايجاز قصة مقتل الشاعر العظيم أبي الطيب المتنبي كما جاءت في كتب الأدب والاشعار والتراجم
والى اللقاء مع شاعر اخر وقصيدة اخرى

مع تحياتي الخالصة

من اختيار وتقدير
نقوس المهدي/ المغرب



ما أنصف القوم ضبه
المتنبي

ما أنصف القوم ضبة = وأمه الطرطبة
رموا برأس أبيه = وناكوا الأم غلبة
فلا بمن مات فخر = ولا بمن نيك رغبة
وإنما قلت ما قلـ = ـت رحمة لا محبة
وحيلة لك حتى = عذرت لو كنت تأبه
وما عليك من القتـ = ـل إنما هي ضربة
وما عليك من الغد = ر إنما هو سبة
وما عليك من العا = ر أن أمك قحبة
وما يشق على الكلـ = ـب أن يكون ابن كلبة
ما ضرها من أتاها = وإنما ضر صلبه
ولم ينكها ولكن = عجانها ناك زبه
يلوم ضبة قوم = ولا يلومون قلبه
وقلبه يتشهى = ويلزم الجسم ذنبه
لو أبصر الجذع شيئا = أحب في الجذع صلبه
يا أطيب الناس نفسا = وألين الناس ركبة
وأخبث الناس أصلا = في أخبث الأرض تربة
وأرخص الناس أما = تبيع ألفا بحبة
كل الفعول سهام = لمريم وهي جعبة
وما على من به الدا = ء من لقاء الأطبة
وليس بين هلوك = وحرة غير خطبة
يا قاتلا كل ضيف = غناه ضيح وعلبة
وخوف كل رفيق =أباتك الليل جنبه
كذا خلقت ومن ذا الـ = ـذي يغالب ربه
ومن يبالي بذم = إذا تعود كسبه
أما ترى الخيل في النخـ = ـل سربة بعد سربة
على نسائك تجلو = فعولها منذ سنبة
وهن حولك ينظر = ن والأحيراح رطبة
وكل غرمول بغل = يرين يحسدن قنبه
فسل فؤادك يا ضبـ = ـب أين خلف عجبه
وإن يخنك لعمري = لطالما خان صحبه
وكيف ترغب فيه = وقد تبينت رعبه
ما كنت إلا ذبابا = نفتك عنا مذبه
وكنت تفخر تيها = فصرت تضرط رهبة
وإن بعدنا قليلا = حملت رمحا وحربة
وقلت ليت بكفي = عنان جرداء شطبة
إن أوحشتك المعالي = فإنها دار غربة
أو آنستك المخازي = فإنها لك نسبة
وإن عرفت مرادي = تكشفت عنك كربة
وإن جهلت مرادي = فإنه بك أشبه

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...