د. كاميليا عبد الفتاح - ظاهرة المعجم في القصيدة العربية المعاصرة .

المقصود بظاهرة المعجم الشعري ارتكازُ الشاعر على مفردات بعينها – أكثر من غيرها –وتميز تجربته الشعرية بهذه المفردات ؛ بما يكفي لانفراده بمعجمٍ شعريٍ - خاص به - دالٍّ على رؤاه الفكرية ، ومناخاته الشعورية ، في عموم تجربته الشعرية . وقد تميَّز شعرنا العربيُّ المعاصر بهذه الظاهرة تأثُّرًا بعدَّة دوافع مرتبطةٍ بفلسفة تجديد هذا الشعر – ومنطلقة من عوامل هذا التجديد في الوقت ذاته - ومنها : ثورةُ الشكل الموسيقي – وثورةُ الإيقاع الموسيقيّ - بما استوجب الانتقال من المعجم التقليديّ ؛ وأثمر َ عن الثورة اللغوية التي تميز بها الشعرالعربيّ المعاصر - في مطلع الخمسينيات - و روعي فيها مبدأٌ واحد هو "الوصول إلى أقصى ما يمكن من أعماق التجربة الشعرية"، إذ أن المعجم التقليدي لم يعد باستطاعته الاستجابة لتحدي التشابكات الحديثة المعاصرة، ومن ثم كان لابدّ -كما يقول الدكتور رجاء عيد في كتابه " لغة الشعر " - " من انبثاق تشكيلات تعبيرية متواكبة مع التغيرات الحادة" .
وقد بادر الشعراء المعاصرون – عند تكوين معجمهم الشعري الجديد - إلى إلغاء أي قانون تقليدي يكونُ عقبةً في هذا الاختيار . يقول الشاعر صلاح عبد الصبور ، في كتابه " حياتي في الشعر " : "ليس هناك لفظ أجود من لفظ وأكثر بلاغة ، بل إن هناك لفظاً هو الأكثر صدقاً وأوضح دلالة من سواه، وهو وحده الجدير بالاستعمال" . كما ألغي الشعراء المبدأ القديم الخاص بشاعرية الألفاظ ، والذي يقضي - كما يشيرُ أدونيس في كتابه " مقدمة لشعر العربي " - بوجود " كلمات تتضمّن في استخدامها ، أو لا تتضمن ، طاقة شعرية" . وتأثر شعراؤنا في هذا الاتجاه بكثير من دعوات النقد الغربي الداعية إلى الشاعرية الجديدة .
# من كتابي " خصائصُ التشكيلِ الفنّي في القصيدة العربية المعاصرة . ،
دراسةٌ تحليلية في أساليبُ الأداء اللغوي ، وأنواع الصورة الشعرية ، وأنماط الإيقاع ، وبِنيةِ القصيدة . " . دار الوفاء للطبعة والنشر ، الإسكندرية ، مصر ، عام 2017م .
* تم تدريس الكتاب للفرقة الرابعة بكلية التربية بجامعة الإسكندرية ، والفرقة الرابعة بأكاديمية السادات بالمنوفية .

تأليف د. كاميليا عبد الفتاح