منقول - مجلة "التطوّر".. صوت جماعة "الفن والحرية"

في كانون الثاني/ يناير عام 1939، أسس عدد من الكتّاب والفنانين المصريين، وفي مقدمتهم جورج حنين ورمسيس يونان وأنور كامل وفؤاد كامل وكامل التلمساني، جماعة ثقافية فنية حملت اسم "جماعة الفن والحرية". وتميّزت، بحسب الكاتب والمترجم المصري بشير السباعي، بتوجهات: "حداثية ديمقراطية جذرية ذات بعد إنساني واضح قوامه التشديد على أهمية التحرر من الاغتراب أيًا كانت صوره".

أقامت الجماعة، خلال سنوات نشاطها، عددًا من معارض الفن الحر، وأصدرت عددًا من الكراسات التي تدافع عن حرية الفكر والنشاط الإبداعي. كما أصدرت مجلة نطاقها باسمها، وتعبّر عن توجهاتها وأفكار أعضائها وتصوراتهم حول مختلف قضايا عصرهم، باسم "التطوّر" التي صدر عددها الأول في كانون الثاني/ يناير عام 1940، وترأس تحريرها الكاتب والمثقف المصري أنور كامل، الذي كتب في تقديم عددها الأول: "نحن نعتقد أن المجتمع المصري بحالته الراهنة مجتمع مريض فاقد للاتزان، فمقاييسه الخلقية مختلة، وأوضاعه الاجتماعية والاقتصادية مختلة".

وأضاف: "أثر هذا الاختلال نراه واضحًا في أعراض الانحلال المتفشية في عناصر القوة فيه: فالشباب المتعلم من جهة يقضي وقته في الأحلام المريضة نتيجة لما يعانيه من كبت لميوله ونزعاته، وسواد الشعب من جهة أخرى يعيش في أشنع حالات الفقر والبؤس والمرض نتيجة لانعدام روح العدالة في النظم التي يخضع لها".

وأكد كامل أنهم، بإصدار هذه المجلة، يمهدون: "للحوافز الكامنة في نفسية هذا الجيل طريقًا يخلق في جو المجتمع الذي نعيش فيه طورًا جديدًا من أطوار الصراع الفكري وحركة حرة تقاوم الخرافات والأساطير وتكافح القيم المتوارثة التي وضعت لاستغلال قوى الفرد في حياته العادية والروحية".

وتابع: "لقد كان لا بد لهذا المجتمع أن تنشأ فيه حركة فكرية جديدة كالحركة التي ندعو إليها. ونحن وإن كنا لن نقدم للناس برنامجًا معينًا لحل مشاكله المختلفة، فقد مهدنا للطليعة المتوثبة من أبناء هذا الجيل مكانًا صالحًا تلتقي فيه أفكارهم الحرة ونزعاتهم الإصلاحية لتنمو وتنضج وتهيئ أسباب التطور لهذه البلاد".

لم تصدر المجلة سوى 7 أعداد فقط، حيث توقفت عن الصدور بعد إصدار عددها السابع في أيلول/ سبتمبر 1940 لأسباب قيل إنها مالية، لكن البعض أعاد سبب توقفها إلى التضييق والضغوطات التي مارستها الرقابة ضدها، إذ يقول رئيس تحريرها أنور كامل: "عندما تعرضت مجلة "التطور" للتضييق من الرقابة، استدعاني الدكتور محمود عزمي وكان مديرًا للرقابة وقتها وأخبرني أنه رجل يؤيد حرية الفكر إلى أبعد حد، ولكني لا أستطيع بحكم وظيفتي أن أحمي مجلتكم من القوى التي تصارعها الآن، وهى السفارة الإنجليزية، والسراي والأزهر، لذا أرجو أن تضعوا مقالاتكم تحت دش بارد".

وأضاف: "لم نستطع أن نضع مقالاتنا تحت دش بارد وإنما حاولنا أن نضعها تحت دش فاتر حتى لا تخرج مثلجة أو ملتهبة. حُذف نصف العدد الرابع، والخامس وصدر العدد السادس في أربع صفحات، وصودر العدد السابع تمامًا.. وفى هذه اللحظة قررت عدم القدرة على الاستمرار تحت هذه الظروف، وفي ظل هذا التضييق، فطلبت من جورج حنين أن يسحب الترخيص والضمان المالي الذي كان قد وضعه لضمان صدور المجلة، لأنه من العبث أن يظل هذا الضمان بدون أن تصدر المجلة".


تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...