حتى يُدرك القارئُ ما سأكتبُ في هذه المقالة، أبدأ بتوضيح مفهوم "بَرَكَة". حسب المعاجم والقواميس العربية، "البركة" تعني النَّماء والزيادة والخير. كما تعني كذلك نِعمة إلهية وسعادة…
انطلاقا من هذا التوضيح، أريد أن أُشيرَ أنه لم يسبق لأحد من الناس استيقظ ذلت صباح وذهب إلى المكان الذي يضع فيه مالَه، فوجد هذا المالَ، بحُكم البركة، قد تضاعف مرةً، مرَّتين أو أكثر. إن هذا التَّضاعفَ لا يوجد إلا في مِخيال الكثير من الناس وفي الأحلام والخرافات والأساطير. أما الواقع، فهو جِدٌّ وكدٌّ وجُهد واجتهاد.
بل إن المالَ لا يمكن أن يتضاعفَ إلا إذا تمَّ استثمارُه بكيفية عقلانية ومدروسة. وهذا يعني أن كلَّ مَن أراد أن تكونَ في مالِه "بركة"، أي نماء وزيادة، فعليه أن يتحرَّك. لهذا، يقول الأولون ولا يزال يقوله الناسُ إلى يومنا هذا : "الحركة بركة" أو "تحرَّكْوا تُرزَقوا".
ورغم ذلك، فإن من الناس، الذين يرون "البركةَ" من منطلق إدراكهم لها، مَن يستثمِر مالَه في "شي بِيعَة وشْرْيَة" ولا يبدل أي جُهدٍ لجعل مالِه مثمرا. هذا النوعُ من الناس يظن أن "البركةَ" خاصيةٌ مُتَضمَّنةٌ في المال في حد ذاتِه، وبالتالي، يترك هذه "البركةَ" تتحرَّك عِوضاً عنه. وكأن المالَ له القدرة على أن يتضاعف تلقائيا دون أن يستخدِمَ المستثمِرُ عقلَه وكفاءتَه وخِبرتَه ليكونَ مالُه مثمِرا.
وكثير من الناس يظنون أن البركة والخيرَ شيئان مُتضمَّنان في المال، أو بعبارة أخرى، شيئان لاماديان أو غير ملموسان موجودان في المال نفسه. ومن هنا، أَتَت مقولة : "لْفْلوسْ ما بْقَاتْ فيهُمْ بَرَكَة" (فيهّم تعود على لفلوس). فما هي حقيقة "لفلوس نا بقات فيهُم بًركَة"؟
قبل الإجابة على هذا السؤال، لا بد من التَّعرُّف على ماهية المال. المال هو الوسيلة التي، بواسطتها، يحدث تبادلٌ بين مُشتَري وبائع. المشتري عنده المال. والبائع يوفِّر للمشتري مُنتَجات أو يقدِّم له خدمات. إذن، المالُ يُقابلُه اقتناء المُنتَجات أو الخدمات.
غير أن المالَ له قيمة والمُشتري ليس هو الذي يتحكَّم في هذه القيمة. التَّحكَّم في هذه القيمة راجعٌ لتداخُل عدَّة عوامل منها، على سبيل المثال، العرضُ والطلب l'offre et la demande، نسبة الفائدة المحدَّدة من طرف البنك المركزي، التَّضخُّم inflation، النمو الاقتصادي، الميزان التِّجاري balance commerciale… إضافةً إلى عوامل خارجية قد يصعب التَّحكُّمُ فيها.
وهذا يعني أنه، كلما تعقَّدت هذه العوامل، كلما ارتفع الثمنُ الذي سيؤدِّيه المُشتري للبائع، أي أن قيمةَ المال الرائجة في الأسواق هي التي تُحدِّد هذا الثمنَ. وتعقُّدُ هذه العوامل هو الذي يجعل المالَ يفقِد البعض من قيمته. وفُقدان المال للبعض من قيمتِه هو الذي يؤدِّي إلى ارتفاع الثمن (المال، السِّعر) الذي سيقدِّمه المُشتري للبائع. ومن الأسباب التي ينتُج عنها فقدانُ المال للبعض من قيمته، أخص بالذكر، ارتفاع نسبة التَّضخُّم أو انخفاض الصَّأدرات exportations وارتفاعُ الواردات importations.
وحينما أقول أن المالَ يفقد بعضا من قيمته، فهذا الفقدان يتمُّ بالنسبة لعُملةٍ مرجعية monnaie de référence التي، حاليا، هي الدولار الأمريكي dollar américain.
والآن، يمكننا أن نفسِّرَ مقولة "لْفْلوسْ ما بْقَاتْ فيهُمْ بَرَكَة". "ما بقات فيهُم بركة" لأن المالَ يفقد بعضا من قيمتِه تحت ضغط العوامل المذكورة أعلاه. ما كان يؤدِّيه المشتري من ثمنٍ لاقتناء مُنتَجٍ ما أو خدمة ما، أصبح يؤدِّيه مُضاعفا مرةً أو مرَّتين أو أكثر جراء هذا الضغط.
غير أن عامَّةَ الناس، بجهلهم لهذه العوامل، يلجأون إلى "البركة" التي، كما سبق الذكر، تعني النماءَ والزيادةَ. لكن هؤلاء العامة حوَّلوها إلى شيءٍ غامض غير ملموس وله قوة سحرية.
وللتذكير، كان الناسُ، خلال الثلاثينيات والأربعينيات يشترون ببعض الفرنكات quelques francs كل ما يلزمهم من دقيق وسكر وزيت وسمن ولحم وبيض… الفرنك ومشتقاته التي يُقابلها اليوم القِطع المعدنية التي لا تُساوي شيئا في خِضمِّ ارتفاع الأسعار.
انطلاقا من هذا التوضيح، أريد أن أُشيرَ أنه لم يسبق لأحد من الناس استيقظ ذلت صباح وذهب إلى المكان الذي يضع فيه مالَه، فوجد هذا المالَ، بحُكم البركة، قد تضاعف مرةً، مرَّتين أو أكثر. إن هذا التَّضاعفَ لا يوجد إلا في مِخيال الكثير من الناس وفي الأحلام والخرافات والأساطير. أما الواقع، فهو جِدٌّ وكدٌّ وجُهد واجتهاد.
بل إن المالَ لا يمكن أن يتضاعفَ إلا إذا تمَّ استثمارُه بكيفية عقلانية ومدروسة. وهذا يعني أن كلَّ مَن أراد أن تكونَ في مالِه "بركة"، أي نماء وزيادة، فعليه أن يتحرَّك. لهذا، يقول الأولون ولا يزال يقوله الناسُ إلى يومنا هذا : "الحركة بركة" أو "تحرَّكْوا تُرزَقوا".
ورغم ذلك، فإن من الناس، الذين يرون "البركةَ" من منطلق إدراكهم لها، مَن يستثمِر مالَه في "شي بِيعَة وشْرْيَة" ولا يبدل أي جُهدٍ لجعل مالِه مثمرا. هذا النوعُ من الناس يظن أن "البركةَ" خاصيةٌ مُتَضمَّنةٌ في المال في حد ذاتِه، وبالتالي، يترك هذه "البركةَ" تتحرَّك عِوضاً عنه. وكأن المالَ له القدرة على أن يتضاعف تلقائيا دون أن يستخدِمَ المستثمِرُ عقلَه وكفاءتَه وخِبرتَه ليكونَ مالُه مثمِرا.
وكثير من الناس يظنون أن البركة والخيرَ شيئان مُتضمَّنان في المال، أو بعبارة أخرى، شيئان لاماديان أو غير ملموسان موجودان في المال نفسه. ومن هنا، أَتَت مقولة : "لْفْلوسْ ما بْقَاتْ فيهُمْ بَرَكَة" (فيهّم تعود على لفلوس). فما هي حقيقة "لفلوس نا بقات فيهُم بًركَة"؟
قبل الإجابة على هذا السؤال، لا بد من التَّعرُّف على ماهية المال. المال هو الوسيلة التي، بواسطتها، يحدث تبادلٌ بين مُشتَري وبائع. المشتري عنده المال. والبائع يوفِّر للمشتري مُنتَجات أو يقدِّم له خدمات. إذن، المالُ يُقابلُه اقتناء المُنتَجات أو الخدمات.
غير أن المالَ له قيمة والمُشتري ليس هو الذي يتحكَّم في هذه القيمة. التَّحكَّم في هذه القيمة راجعٌ لتداخُل عدَّة عوامل منها، على سبيل المثال، العرضُ والطلب l'offre et la demande، نسبة الفائدة المحدَّدة من طرف البنك المركزي، التَّضخُّم inflation، النمو الاقتصادي، الميزان التِّجاري balance commerciale… إضافةً إلى عوامل خارجية قد يصعب التَّحكُّمُ فيها.
وهذا يعني أنه، كلما تعقَّدت هذه العوامل، كلما ارتفع الثمنُ الذي سيؤدِّيه المُشتري للبائع، أي أن قيمةَ المال الرائجة في الأسواق هي التي تُحدِّد هذا الثمنَ. وتعقُّدُ هذه العوامل هو الذي يجعل المالَ يفقِد البعض من قيمته. وفُقدان المال للبعض من قيمتِه هو الذي يؤدِّي إلى ارتفاع الثمن (المال، السِّعر) الذي سيقدِّمه المُشتري للبائع. ومن الأسباب التي ينتُج عنها فقدانُ المال للبعض من قيمته، أخص بالذكر، ارتفاع نسبة التَّضخُّم أو انخفاض الصَّأدرات exportations وارتفاعُ الواردات importations.
وحينما أقول أن المالَ يفقد بعضا من قيمته، فهذا الفقدان يتمُّ بالنسبة لعُملةٍ مرجعية monnaie de référence التي، حاليا، هي الدولار الأمريكي dollar américain.
والآن، يمكننا أن نفسِّرَ مقولة "لْفْلوسْ ما بْقَاتْ فيهُمْ بَرَكَة". "ما بقات فيهُم بركة" لأن المالَ يفقد بعضا من قيمتِه تحت ضغط العوامل المذكورة أعلاه. ما كان يؤدِّيه المشتري من ثمنٍ لاقتناء مُنتَجٍ ما أو خدمة ما، أصبح يؤدِّيه مُضاعفا مرةً أو مرَّتين أو أكثر جراء هذا الضغط.
غير أن عامَّةَ الناس، بجهلهم لهذه العوامل، يلجأون إلى "البركة" التي، كما سبق الذكر، تعني النماءَ والزيادةَ. لكن هؤلاء العامة حوَّلوها إلى شيءٍ غامض غير ملموس وله قوة سحرية.
وللتذكير، كان الناسُ، خلال الثلاثينيات والأربعينيات يشترون ببعض الفرنكات quelques francs كل ما يلزمهم من دقيق وسكر وزيت وسمن ولحم وبيض… الفرنك ومشتقاته التي يُقابلها اليوم القِطع المعدنية التي لا تُساوي شيئا في خِضمِّ ارتفاع الأسعار.