المقال رقم (٣٠) ضمن سلسلة مقالات (القبح والجمال)..
لطالما كان التعليم هاجساً يراود أغلب الآباء والأمهات كسلاحٍ يحمي أبنائهم على أكثر من صعيد (وقد) يضمن لهم حياةً أفضل سواءاً كان ذلك من الناحية المادية أو حتى الإجتماعية، وبرغم وجود التعليم المجاني في كثير من بلاد العالم إلاّ أن الأغلبية تنظر له في بلادنا (وإن لم تصرح بذلك) على أنه أقل جودة ًومرتبةً من التعليم في المدارس الخاصة وبشكلٍ رئيسي في المدارس الأجنبية التي باتت واقعاً وجزءاً أساسياً لدى الكثير من الأسر (وتحديداً منذ بداية الألفية الحالية) حتى تلك التي تعيش في حالةٍ مادية متعسرة أملاً منها في تغيير مسار حياتها، والذي تبين أيضاً مع الوقت وجود العديد من الجوانب السلبية فيه سواءاً كان ذلك من ناحية المصروفات الدراسية المتزايدة بشكل مستمر وغير منطقي، أو من خلال انتاج جيل منفصل عن بيئته وواقعه ومحيطه وغير قادر على التعامل معه ويشعر بالتكبر عليه وأقصى طموحاته هي الهجرة إلى البلاد التي تعلم مناهجها وباتت أقرب له من وطنه الأم، لذلك بات المشهد العام يوحي للناس أن الحياة ليست للجميع وأن التعليم أيضاً ليس للجميع، حيث لا يكفي الإجتهاد والتفوق في ظل غياب القدرة على دفع التكاليف المرتفعة جداً للتعليم ومايرتبط به من مصروفات تشمل الكتب والزي المدرسي والقرطاسية وحتى الطعام الذي يتناوله الطلاب داخل هذه المدارس أثناء فترة الإستراحة، وهو ما يتسبب مبدئياً في حدوث خلل في توازن المجتمع وفصله عن بعضه وتصنيفه بناءاً على معايير تغيب عنها الأخلاق والكفاءة والموهبة وتستند إلى المادة وتغلب فئات وطبقات على أخرى رغم محاولة تجميل الصورة، وتبرير الحالة بشعارات مزيفة وحجج واهية وكاذبة لا مصداقية لها خاصةً بعد انفتاح الكثيرين على تجارب بعضهم البعض وتناقلهم للخبرات الشخصية التي عاشها كل منهم، عدا عن جنوح كبرى الجامعات والمعاهد العالمية إلى تقديم (خدماتها) للقادرين على الدفع بعد أن كانت تتبع معايير مختلفة كانت هي ما ساهم في صنع صورتها وقيمتها تعتمد على الذكاء والتميز والتفرد..
وكان من المهم كما ذكرت في مقالاتٍ سابقة أن يتم تحويل المقاييس المتبعة في كل شيء بشكلٍ تدريجي إلى مقاييس مادية محايدة منفصلة عن المبادىء والعواطف والأخلاق وهو ما نراه في مختلف جوانب الحياة بعد تغلغلها في مختلف القطاعات دون استثناء ووصولها إلى الآداب والفنون والثقافة والطب والدواء والتعليم ليتم محاصرتنا بهذا الواقع الذي جعل كل شيء يصل إلى حدوده القصوى وبشكلٍ مكثف ليتم تفريغه من مضمونه وتحويله إلى سلعة تشمل الإنسان نفسه وبطرق مبتكرة وجديدة تجعلنا نتفاعل معها وننغمس فيها دون التفكير فيما يمكن أن تؤول إليه من تطور بات خطراً حقيقياً تتم مناقشته اليوم بجدية..
فالحديث عن الكثير من التطور الذي أهدانا الكثير من الراحة وسهل حياتنا تم بناؤه على أسس مادية قامت بفصل العلم عن الأخلاق كخطوة أولى لطمسها لصالحه، فلطالما كانت صورة العلم ناصعةً نقية وراقية في الأذهان خاصةً عندما اقترنت (ببناء الحياة)، لكن منذ بدء ذلك التغول بتجارب لا يحكمها سقف أخلاقي كالإستنساخ وتأجير الأرحام واستخدام التطور لمحاولة خلق طفل بشري بإستخدام مزيج من بقايا أنسجة إنسانية وحيوانية كان لا بد من تمهيد الطريق لتقبل هذه الأعمال، وذلك من خلال دخول هذه التقنيات إلى الحياة اليومية ولتصبح جزءًا من جميع الأجهزة المنزلية ووسائل الإتصال التي باتت جميعها (ذكية) قبل أن يتحول ما يعرف بالذكاء الإصطناعي إلى خطر لا يمكن التنبؤ بما سيصل إليه بشهادة مخترعيه حيث يشغل هذا الموضوع حيزاً كبيراً من الإهتمام في العديد من وسائل الإعلام الغربية..
فلم نتوقف للتساؤل هل ينبغي علينا استخدام تقنية (الهولوغرام) وهي بإختصار عبارة عن عرض مرئي يقوم بإعادة إنشاء الصورة وعرضها بصورة ثلاثية الأبعاد بطريقة عالية الجودة، لتطفو الصورة فى الهواء كمجسم هلامي ثلاثـي الأبعاد و يظهر كطيف مـن الألوان يتجسد على الشكل المراد عرضه، والتي باتت تستخدم مؤخراً في استحضار وجود فنانين أو مطربين رحلوا عن عالمنا للمشاركة في مناسبات معاصرة، والتي استخدمها التلفزيون الفرنسي منذ أكثر من ربع قرن عام ١٩٩٧ في حفل تكريمي ضخم بمناسبة مرور ١٠ سنوات على رحيل المغنية الإيطالية الفرنسية داليدا شارك فيه كبار الشخصيات الفنية والثقافية والسياسية وتخطى الأمر مجرد (استحضارها) للغناء بل تم استخدام العديد من التقنيات في إجراء لقاء (افتراضي) معها، عدا عن انتشار تطبيقات تقوم بتحريك الصور وترميم القديم منها والتي تطورت بشكل كبير جداً يمكنها حالياً وقد يمكنها في المستقبل القريب من أي شيء، فاليوم بات هناك منتجات من اللحوم المصنعة التي يمكن تصنيعها عبر طابعات ليزر متطورة تعمل بتقنيات ثلاثية الأبعاد، لذا وبعيداً عن أي انفعال وأي شعارات لا توجد هناك مهنة أو قيمة نبيلة في المطلق إن لم تحكمها ضوابط أخلاقية تحد من جموحها وتحكم تعاملات أبنائها، فالإنسان غالباً ما تتدهور أخلاقه عندما يأمن العقوبة ولذلك يحتاج العلم دوماً إلى ربطه بالإنسانية والأخلاق ليظل محل ثقة لا مصدر شك وتوجس..
خالد جهاد..
لطالما كان التعليم هاجساً يراود أغلب الآباء والأمهات كسلاحٍ يحمي أبنائهم على أكثر من صعيد (وقد) يضمن لهم حياةً أفضل سواءاً كان ذلك من الناحية المادية أو حتى الإجتماعية، وبرغم وجود التعليم المجاني في كثير من بلاد العالم إلاّ أن الأغلبية تنظر له في بلادنا (وإن لم تصرح بذلك) على أنه أقل جودة ًومرتبةً من التعليم في المدارس الخاصة وبشكلٍ رئيسي في المدارس الأجنبية التي باتت واقعاً وجزءاً أساسياً لدى الكثير من الأسر (وتحديداً منذ بداية الألفية الحالية) حتى تلك التي تعيش في حالةٍ مادية متعسرة أملاً منها في تغيير مسار حياتها، والذي تبين أيضاً مع الوقت وجود العديد من الجوانب السلبية فيه سواءاً كان ذلك من ناحية المصروفات الدراسية المتزايدة بشكل مستمر وغير منطقي، أو من خلال انتاج جيل منفصل عن بيئته وواقعه ومحيطه وغير قادر على التعامل معه ويشعر بالتكبر عليه وأقصى طموحاته هي الهجرة إلى البلاد التي تعلم مناهجها وباتت أقرب له من وطنه الأم، لذلك بات المشهد العام يوحي للناس أن الحياة ليست للجميع وأن التعليم أيضاً ليس للجميع، حيث لا يكفي الإجتهاد والتفوق في ظل غياب القدرة على دفع التكاليف المرتفعة جداً للتعليم ومايرتبط به من مصروفات تشمل الكتب والزي المدرسي والقرطاسية وحتى الطعام الذي يتناوله الطلاب داخل هذه المدارس أثناء فترة الإستراحة، وهو ما يتسبب مبدئياً في حدوث خلل في توازن المجتمع وفصله عن بعضه وتصنيفه بناءاً على معايير تغيب عنها الأخلاق والكفاءة والموهبة وتستند إلى المادة وتغلب فئات وطبقات على أخرى رغم محاولة تجميل الصورة، وتبرير الحالة بشعارات مزيفة وحجج واهية وكاذبة لا مصداقية لها خاصةً بعد انفتاح الكثيرين على تجارب بعضهم البعض وتناقلهم للخبرات الشخصية التي عاشها كل منهم، عدا عن جنوح كبرى الجامعات والمعاهد العالمية إلى تقديم (خدماتها) للقادرين على الدفع بعد أن كانت تتبع معايير مختلفة كانت هي ما ساهم في صنع صورتها وقيمتها تعتمد على الذكاء والتميز والتفرد..
وكان من المهم كما ذكرت في مقالاتٍ سابقة أن يتم تحويل المقاييس المتبعة في كل شيء بشكلٍ تدريجي إلى مقاييس مادية محايدة منفصلة عن المبادىء والعواطف والأخلاق وهو ما نراه في مختلف جوانب الحياة بعد تغلغلها في مختلف القطاعات دون استثناء ووصولها إلى الآداب والفنون والثقافة والطب والدواء والتعليم ليتم محاصرتنا بهذا الواقع الذي جعل كل شيء يصل إلى حدوده القصوى وبشكلٍ مكثف ليتم تفريغه من مضمونه وتحويله إلى سلعة تشمل الإنسان نفسه وبطرق مبتكرة وجديدة تجعلنا نتفاعل معها وننغمس فيها دون التفكير فيما يمكن أن تؤول إليه من تطور بات خطراً حقيقياً تتم مناقشته اليوم بجدية..
فالحديث عن الكثير من التطور الذي أهدانا الكثير من الراحة وسهل حياتنا تم بناؤه على أسس مادية قامت بفصل العلم عن الأخلاق كخطوة أولى لطمسها لصالحه، فلطالما كانت صورة العلم ناصعةً نقية وراقية في الأذهان خاصةً عندما اقترنت (ببناء الحياة)، لكن منذ بدء ذلك التغول بتجارب لا يحكمها سقف أخلاقي كالإستنساخ وتأجير الأرحام واستخدام التطور لمحاولة خلق طفل بشري بإستخدام مزيج من بقايا أنسجة إنسانية وحيوانية كان لا بد من تمهيد الطريق لتقبل هذه الأعمال، وذلك من خلال دخول هذه التقنيات إلى الحياة اليومية ولتصبح جزءًا من جميع الأجهزة المنزلية ووسائل الإتصال التي باتت جميعها (ذكية) قبل أن يتحول ما يعرف بالذكاء الإصطناعي إلى خطر لا يمكن التنبؤ بما سيصل إليه بشهادة مخترعيه حيث يشغل هذا الموضوع حيزاً كبيراً من الإهتمام في العديد من وسائل الإعلام الغربية..
فلم نتوقف للتساؤل هل ينبغي علينا استخدام تقنية (الهولوغرام) وهي بإختصار عبارة عن عرض مرئي يقوم بإعادة إنشاء الصورة وعرضها بصورة ثلاثية الأبعاد بطريقة عالية الجودة، لتطفو الصورة فى الهواء كمجسم هلامي ثلاثـي الأبعاد و يظهر كطيف مـن الألوان يتجسد على الشكل المراد عرضه، والتي باتت تستخدم مؤخراً في استحضار وجود فنانين أو مطربين رحلوا عن عالمنا للمشاركة في مناسبات معاصرة، والتي استخدمها التلفزيون الفرنسي منذ أكثر من ربع قرن عام ١٩٩٧ في حفل تكريمي ضخم بمناسبة مرور ١٠ سنوات على رحيل المغنية الإيطالية الفرنسية داليدا شارك فيه كبار الشخصيات الفنية والثقافية والسياسية وتخطى الأمر مجرد (استحضارها) للغناء بل تم استخدام العديد من التقنيات في إجراء لقاء (افتراضي) معها، عدا عن انتشار تطبيقات تقوم بتحريك الصور وترميم القديم منها والتي تطورت بشكل كبير جداً يمكنها حالياً وقد يمكنها في المستقبل القريب من أي شيء، فاليوم بات هناك منتجات من اللحوم المصنعة التي يمكن تصنيعها عبر طابعات ليزر متطورة تعمل بتقنيات ثلاثية الأبعاد، لذا وبعيداً عن أي انفعال وأي شعارات لا توجد هناك مهنة أو قيمة نبيلة في المطلق إن لم تحكمها ضوابط أخلاقية تحد من جموحها وتحكم تعاملات أبنائها، فالإنسان غالباً ما تتدهور أخلاقه عندما يأمن العقوبة ولذلك يحتاج العلم دوماً إلى ربطه بالإنسانية والأخلاق ليظل محل ثقة لا مصدر شك وتوجس..
خالد جهاد..