انتهجت إسرائيل كل السياسيات و الأساليب في توسيع مستوطناتها ، ليس بالمشاريع التوسعية فحسب، بل حتى في مجال التواصل، عندما عرّبت لسانها و أصبحت تتكلم عربي لتسهيل عليها عملية التواصل و متابعة كل التحركات التي يقوم بها العرب، خاصة المؤيدين للقضية الفلسطينية
كيف استطاع الفكر البشري ان يؤسس لثقافة جوفية؟ و كيف لعب خـيال الإنسـان دورًا رئيسيًا في البحث عن مأوى يأويه من الخطر ، و يؤسس له حضارة عبر الأزمان عن طريق الثقافة الجوفية؟ ، ها هي إسرائيل تحاول التوسع في عملية الاستيطان من خلال إنشاء انفاق تحت الأرض ، فقد حولت إسرائيل نفقا من الأنفاق اليبوسية الكنعانية إلى قاعة اجتماعات مدعمة بكل أنواع البنى التحتية من إنارة وتهوية للتخلص من الرطوبة والأثاث الفاخر وما إلى ذلك، هي في الحقيقة ليست أنفاقا عادية ، بل مدينة بكل مواصفاتها ، هو ما وقفنا عليه من خلال الصورة التي نشرها موقع ( عربي 21 )عندما عقدت الحكومة الإسرائيلية اجتماعه.
هي رسالة تريد إسرائيل توجيهها إلى القادة الفلسطينيين و العرب بأنها تحتل الأرض و من عليها و ما تحتها، من أجل تعزيز الاستيطان و إظهار سيادة إسرائيل على قِبلة المسلمين كافة التي هي المسجد الأقصى، فإنشاء مدن تحت الأرض يعود إلى زمن بعيد عندما أنشأت بعض الدول التي يشكل الفضاء فيها قيودًا كبيرة مدنا مستقبلية تحت الأرض، و أثبتت مدى أهميتها بالنسبة للمستوطنات البشرية، فمدينة ناورس تحت الأرض في فرنسا كمثال هي عبارة عن نفق يشبه إلى حد كبير المتاهة المعقدة من حوالي 300 غرفة شيدتها انامل الإنسان، في البداية تم إنشاؤه لاستخدامه كمحجر ، ولكن سرعان ما توسع و تطور إلى أن اصبح مدينة سرية للجوء ولأسباب الدفاع، حسب التقارير يعود تاريخ نشأة هذه المدينة الفرنسية إلى القرن الثالث الميلادي، كذلك جنون العظمة النووي، ديكسي تشنغ، الذي يعتبر مدينة تحت الأرض و مدن أخرى تعبر عن مدى تطور العلم و التقنيات ، و تعتبر برلين أول من ابتكر الثقافة الجوفية ، حين شيدت مدنا تحت الأرض لإخفاء السكان من همجية الجيوش النازية أيام الحرب، و شيئا فشيئا انتقلت هذه الثقافة إلى باقي الدول عندما بدأت في تطوير بناها التحتية لفك الخناق عن حركة المرور من خلال إنشاء الأنفاق و الجزائر واحدة من هذه الدول.
و يرجع اهتمام الجزائر بالأنفاق إلى ايام الإستعمار الفرنسي عندما حفر قادة الحركة الوطنية و أعضاء المنظمة الخاصة نفقا تحت الأرض لمواصلة حركة التحرر بعيدا عن أعين القادة الفرنسيين قبل أن يتم اكتشافه و هدمه، كما استخدم البعض الكهوف و المغارات في الجبال و حولوها إلى شبه مدنا ، فقد حولت بعض التيارات الإسلامية في الجزائر من الكهوف شبه مدينة مزودة بكل وسائل الحياة العصرية من إنارة و تهوية و مكاتب مجهزة بأجهزة الإعلام الآلي ، و إدخال عليها شبكة الكهرباء، بتقنية عالية الجودة ، مستخدمة في ذلك طاقاتها البشرية المتخرجة من الجامعات الأجنبية ، هذه التيارات اقامت دولة داخل الجبال، و لو استثمرت الحكومة الجزائرية في هذه الطاقات لما وقع ما وقع في الجزائر طيلة عشرية كاملة، المقصود هنا ليس إنشاء أنفاق أو مدنا تحت الأرض او في الجبال، بل معرفة الغاية و الأهداف لاسيما من الجانب السياسي، و إقبال إسرائيل على هذه الخطوة يؤكد على مدى خطورتها، خاصة و أنها تقى الدعم من الدول العربية التي تبنت سياسة التطبيع مع الكيان الصهيوني، و هو عمل استفزازي للشعب الفلسطيني ، حيث اختارت المكان العربي الكنعاني اليبوسي ، من الجهة الغربية عند حائط البراق الذي يعتبر جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى.
علجية عيش