إن المشروع الإسلامي كما يقال هو قبل كل شيئ مشروع تاريخي مثله مثل كل مشروع اجتماعي آخر، لا يرد على هوس الخصوصية و لا نص ديني، إنه مشروع تاريخي تمليه ظروف اجتماعية يمكن بسهولة نحياها، و لذا فأي مشروع إسلامي يبنى و يؤسس بالحكمة و العقلانية لا بالعنف و التطرف، إلا إذا تطلبت الضرورة إذا كان النظام القائم يعادي الشريعة الإسلامية ويرفض تطبيقها لخدمة أجندات أجنبية
بعد هذا المدخل نقول: إن التعددية السياسية التي فتحت الأبواب لخروج الحركات الإسلامية إلى العلن بعد ن كانت تناضل في السرية أدخلت عدة مفاهيم و ظهور معارضيها ( العلمانيين) أدخلت عدة مفاهيم و مصطلحات تستعملها في خطابها الديني فاصبح الإسلام يعرف بمسميات عديدة في الكتابات، افسلام السياسي و الإسلاموفوبيا و غيرها من المفاهيم الي أعطت صورة خاصة عن ألإسلام ، و منهم من وصفه بأنه دين عنف و منهم من قال انه دين تخلف رجعية، لأنه يدعو الناس إلأى العصر الحدري و نحن في زمن الرقمنة لم يعد الحديث عن إبقاء المرأة في البيت و الجلوس على الأرض للأكل و ما إلى ذلك من عادات دار عليها الزمن، في ظل الصراع بين الأصوليين و الحداثيين، فالعصر الحالي هو عصر الإلكترونيات ( الرقمنة) يشهد فيه العالم كله تغيرات و تحديات لابد أن تتماشى مع كل ما هو حديث، و على من يرفض الحداثة و التمدن و الرقي الحضاري عليه أن يسكن الصحاري على عادة القبائل العربية القديمة.
لقد استطاعت ثقافة العولمة أن تهيمن على الأفكار، و قد استغل خصوم الإسلام الصراعات الداخلية للمسلمين ، لاسيما الصراع السني الشيعي و ظهور الطائفية في البلدان العربية، فراحوا يروجون بأن أفسلام دين عنف و تطرف ، حين أمر بجلد الزاني و قد يد السارق و حبس المرأة في البيت و إهانتها و معاملتها كجارية ، و راحج يبتكر مفاهيم و مصطلحات لا علاقة لها بالإسلام ، فأصبحنا نقرأ عن الإسلام السياسي و الإسلاموفوبيا ، لأن المسلمون يتقتالون فيما بينهم ، و ما نشهده من حروب أهلية خير دليل على العنف و التطرف الذي عاشته بعض البلدان العربية كمصر و سوريا و الجزائر، فكم عدد البرياء الذين قتلوا بسبب بعض الفتاوي باسم الجهاد، في صراع التيارات السلفية مع الأنظمة الحاكمة، لا لشيئ إلا أن بعض الإسلاميين ينظرون إلى الواقع بمنظور مغاير ز
فهم يرون أن الحداثة تشكل خطرا على مستقبل الأمة و شبابها، في الوقت الذي نرى فيه انقسام بين السلفيين أنفسهم، ترى الفئة الأولى و هي سلفية القرن التاسع عشر أو كما يسمونهم بالتيار السلفي الجديد الذي يدعو إلى الإنخراط في الحداثة، عكس التيارات السلفية الأخرى التي لا تؤمن لا بالحداثة و لا بالتقدم التكنوولوجي رغم انها تستهلك كل ما وصلت إليه التكنولوجيا، إلا أنهم تمحوروا حول الذات و خالفوا الفطرة في محاوتهم التمسك بالفكر الديني القديم، و أمام هذا الإختلاف ظهر خطاب ديني ( إسلامي) معتدل و آخر متطرف، و كل فرقة لها مرجعيتها الدينية ( ابن تيمية، و الألباني و الغزالي ) و نقرأ اليوم على الفراكسة و المداخلة ( أصحاب قزح) و فرق إسلامية أخرى شوه أصحابها الصورة الحقيقية للسلفية الأصيلة التي تخرج أصحبها من مدرسة النبوة.
الجزائر عاشت هذه التجربة المريرة في بداية التسعينيات عندما اغتصب النظام الحق من الفيس بفوزره في الإنتخابات، و خرج أنصار الفيس الى الشوارع حاملين المصحف و هم يرددون : لا اله إلا الله محمد رسول الله عليها نحيا و عليها نموت و في سبيلها نجاهد و عليها نلقى الله" و قامت حرب اهلية أتت على اليابس و الأخضر معا، الشعب وحده دفع ثمنها غاليا ، و لم يندمل الجرح الى اليوم، فلا أحد يحق له أن يحاسب طرف دون أن يحاسب الطرف الثاني ، لأن القاضي العادل يحكم بالحق و العدل و يستمع للطرفان، و على ما يبدو الأمور اختلطت و تشابكت و تعقدت أكثر، فعندما نرى الإسلامي و العلماني يقفان في صف واحد للصلاة داخل المسجد ، لا تفرق بين من هو مع الإسلام و من هو ضده و يحاربه، لا تفرق بين من هو المؤمن و من هو المنافق، و لذا ظهرت دعوات تقول "خذوا الإسلام من منبعه" أي "القرآن" و الذي بينك و بينه عداوة فالحق سيظهر عاجلا أم آجلا و عند الله تلتقي الخصوم
علجية عيس