كاظم حسن سعيد - البصرة اكبر مزرعة للالغام

لست بحاجة لتحقيقات استقصائية ولا تصريحات حكومية او خبرية , يكفي ان تعلم بان في سوق البصرة القديم مقهى تسمى بمقهى البتران ليتحدثوا عن محنتهم وجذب الانظار اليهم وقرية بابي الخصيب لها نفس الاسم لان القضاء محاذ للحدود العراقية الايرانية التي استمرت المعارك فيها لثماني سنوات \980 ـ 1988\ فخلفت المئات ممن فقدوا اطرافهم او اجزاء من اجسامهم بسب انفجار الالغام عليهم . ليس وحدها تلك الحدود ملغمة .. بل تشمل المنطقة الغربية باتجاه السعودية ودولة الكويت ,واستذكر اعذار المسؤولين بعد السقوط .. مرة يقولون انهم حاولوا واخرى يصرحون بان القضاء على الالغام يستدعي امكانيات مالية غير متوفرة , وظل العمل في هذا الحقل متواضعا لسنوات فيما لم تمهل الالغام احدا فكانت الناس تتساقط وتفقد اعضاءها وتبدأ ملحمة المعاناة لنيل الاطراف الاصطناعية .
في ديسمبر 2021 فقدت عشر متفجرات من مخلفات حرب 1991 من ضمنها قذيفة ناقلة مدفعية عيار 155 ملم تحتوي على ذخيرة عنقودية حيث عاد فريق التطهير التابع لمنظمة مساعدات الشعب النرويجي فلم يجد تلك المتفجرات , هذه المنظمة تعمل في العراق منذ 2003 وتقوم بازالة الالغام الارضية والذخائر العنقودية ,وكان جامعو السكراب قد استولوا على تلك المواد دون معرفتهم بنوعيتها فدخلت البصرة حالة انذار وانطلقت حملة موسعة للبحث عنهم .
ولقد باشرت شركة البرق باقامة دورة تدريبية مجانية للنساء مدة 21 يوما شاركت فيها 14 أمرأة وتم زجهن في الفيافي لمعالجة الالغام والكشف عنها .
التقارير التي ثبتتها دائرة شؤون الالغام تشير الى ان حجم التلوث في البصرة يبلغ 1250كم مربع ومساحة الالغام 925 كم مربع وان نحو 95 بالمائة من حقول الالغام محددة . لكن الصعوبة تكمن في ان الالغام تتحرك جراء التغيرات الجوية وتساعد الامطار والسيول على انجرافها اما الكثبان الرملية فتظهر الغاما وتخفي اخرى فالتقادم الزمني من اهم المعرقلات فقد تتفجر الالغام في احياء ماهولة .
هنالك 36 نوعا من الالغام بعضها معدنية ضد الدبابات يسهل اكتشافها والبعض بلاستيكية يتعذر كشفها .
في البصرة 30 بالمية من مجموع 25 مليون لغم حسب وزيرة البيئة , اما المصابون فهم ضحايا الحرب العراقية الايرانية وحرب الكويت وضحايا الفترة 1992 \1993.. لقد نشرت القوات العراقية اسلحة زرعت بلا خرائط وسورت بالاسلاك فبليت تلك الاسلاك ..اما الخرائط فقد تعرضت للعبث والسرقة اثر الاحتلال وحرق مؤسسات الدولة .
تشير تقارير الى ان اكثر من 55 مليون قنبلة عنقودية القيت على العراق بين 991 ـ 2003 فيما زرعت امريكا 120 ألف لغم منها 28 ألف لغم مضاد للافراد .
اعلن وزير الطرق والتنمية العمرانية الايراني بذرباش بدء انشاء خط سكة حديد شلامجة \بصرة وتم الاتفاق مع وزير النقل العراقي بان على ايران انشاء الجسر المتحرك وازالة الالغام من مساحة 32 كم فيما يتكفل الجانب العراقي بانشاء سكة الحديد ..
لقد لاحظت بعد السقوط شبكات اسطوانية من القضبان تحجز الالغام لمنع تفجرها على الجمال والمواشي في الصحراء الغربية .. لكن البدو وجمالهم غالبا ما يتساقطون..وفي هذا العام كانت منظمة دانماركية لازالة الالغام بشط العرب وشركة الخليج العربي في السيبة تحذران الناس باعياد الربيع حيث يتوجه الناس للبر والبساتين للاحتفال , فتقيم دورات ارشادية وتضع علامات تحذيرية ..
كنت امضي الى المواقع الصحية مطالبا بمعلومات عن مستوى التلوث في البصرة .. وكانوا يجيبون بانهم لا يستطيعون ان يدلوا بمعلومات ..وعبر حالات التخوف والحذر والتكميم واللامبالاة واعذار قلة الموارد .. اصبحت البصرة اكبر مزرعة للالغام فتعذرت الزراعة والتنقيب النفطي وانشاء مجمعات سكنية .. ان التقادم بسبب الاهمال جعل وحش الالغام من البصرة اكبر مزرعة له في انتظار غودو .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...