( لقد تسايل الزنج اليه واتبعوه \ ابن خلدون )
(انصرف الموفق وراس الخبيث \يقصد صاحب الزنج \ بين يديه على قناة في شذاة يخترق بها نهر ابي الخصيب ... الطبري ).
( اهل البحرين احلوه في انفسهم محل النبي ... وهناك احاط نفسه بهالة من القدسية فادعى انه اوتي الغيب ويستطيع اتيان الخوارق ... ابن ابي الحديد ).
هذه المداخل الثلاثة تكفي لتسليط اضاءة على ثورة الزنج سنة <255 ـ 270 >..التي خطط لها وقادها علي بن محمد من قرية ورزنين من قرى الري بطهران ولم يتمكن الباحثون للان من تاكيد هويته افارسيا كان او عربيا , علويا او ليس بعلوي ,لكن المؤكد ان صاحب الزنج حل في سامراء واتصل ببعض خدم الخليفة المنتصر وكان شاعرا احترف تعليم الصبيان الخط والنحو وعلم النجوم والسحر والاصطربلات .حل الى البحرين سنة 249 وهناك استمال رجالا اوفياء صمدوا معه حتى انهيار ثورته وهناك تبعه ناس من هجر ورفضها اخرون ما ادى لاقتتال , فخرج الى الاحساء واقام لدى بني تميم وبني سعد اشد القبائل بأسا في البحرين . ولم ير في البادية بيئة مناسبة فرحل الى البصرة سنة 254, في عهد امارة محمد بن رجاء , وحاول الاعلان ونشر دعوته في مسجد البصرة وكانت البصرة مضطربة تتنازع فيها فرقتان تركيتان : البلالية والسعدية , فحاول استمالة احداهما , لكن الوالي قبض على اتباعه وزوجته وابنه وجارية له.. فرحل الى بغداد ومكث متكتما لمدة عام .. مستقطبا اعوانا جددا .. ومحيطا نفسه بهالة قدسية .. نهاية السنة من مكوثه ببغداد عزل محمد بن رجاء عدوه اللدود وفتحت السجون فعاد الى البصرة في 255 ه.
لو القينا نظرة على المساحة التي تسمى عصريا بالظروف الاقليمية سنرى ان اعتناق المذهب الشيعي بدأ بالتوسع واعتقاد الناس المضطهدين بان الشيعة حل لمعاناتهم قد ترسخ ..فالصفارون لعبوا دوارا حيويا في تقوية المذهب الشيعي ببلاد فارس , ونشات دولة في طبرستان ,تحت حكم الحسن بن زيد العلوي , وقويت الدعاية الاسماعيلية , وشرع القرامطة بنشر افكارهم بين العامة ... لهذا سواء كان صاحب الزنج علويا او لا ينتسب لهم فالارضية الاجتماعية كانت مهيأة لتقبل علوي يقودهم وينقذهم..
الكثير من الثورات المشابهة لثورة الزنج قامت على اساس صبغة دينية في التاريخ العربي من ضمنها العباسية .
بدات حركة الزنج ليلة 28 من رمضان 255 ه \
869 م ,في عهد الخليفة المهتدي بالله محمد بن الواثق وكان مشغولا بصراعه مع القواد الترك وكانت بداية حرك الزنج بخروج علي بن محمد في فرات البصرة حيث كان يقيم في موضع قصر القرشي في برنخل واول ما فعله هو القبض على خمسين عبدا للعطار كانوا في طريقهم الى عملهم بكسح السباخ بغية استصلاح الاراضي وجعلها صالحة للزراعة .ورغم ان صاحب الزنج تمكن من جمع اعداد غفيرة , فبدا بالاغارة على القرى المجاورة كالجعفرية الا انهم بلا عدة حرب ولا مال ..ومعسكره لا يحوي غير ثلاثة اسياف . كان صاحب الزنج مخططا حربيا عظيما فقد طور لديه القوة الاستخباراتية واخذ يشهر رؤوس القتلى على البغال .. واتبع اسلوب حرب الاعصاب ونصب الكمائن وحرب العصابات ..تمكن صاحب الزنج والثوار من ايقاع الهزيمة بثلاث جيوش لكنهم عانوا من هزيمة بعد 3 اسابيع على انبثاق الثورة لكن اصحاب علي بن محمد تمكنوا في اليوم الثاني ان ينقضوا على مؤخرة جيش البصريين واسروا بعض السفن والحقوا بالجيش البصري هزيمة خلدها التاريخ عرفت ب < يوم الشذا > , وقيل ان رؤوس القتلى من البصريين ملات سفينة باكملها ما جعل الناس يصابون بالذعر وهو ما مهد الطريق لتقدم الزنج واحتلال البصرة .
ان طبقة الزنج تتكون من ستة اصناف هم : القرماطيين وهم اجناس من ارض السودان , والتمارين والدباسين , والشورجية وهم جماع الشورج (وصفها بن البيطار بانها زبد البحر له قوة الملوحة ) , فيما نسبها المستشرق ديزي الى < شورة > وهي ملح الدباغين ., والفراتية , وجماعة النوبة , والزنج الانقياء وهؤلاء لا يتقنون العربية ما دفع صاحب الزنج لان يستخدم مترجمين لهم ليوصل اليهم افكاره ومحتوى خطبه . كانوا جميعهم يعملون بكسح الملح حتى تحولت الاملاح جبالا , في ظل معاملة بازدراء .. ومعيشة كفاف .. فكل جهدهم لا يثمر الا لقمة عيش بسيطة . اتوا بهم من افريقيا وغيرها اسرى مكبلين بالسلاسل ليستعبدوهم
..اسباب نجاح ثورة الزنج :
1 \ منسوب النقمة المرتفع لدى طبقة الزنوج .
2\ المقدرة العسكرية لدى صاحب الزنج واقناعهم بقدسيته . وانتسابه للعلويين واستخدامه السحر والمكر والخرافة مع صبر واصرار على بلوغ الهدف بما في ذلك الشروع والتواري
3\ التوقيت التاريخي الصائب .. فقد كانت الدولة العباسية منشغلة بحروب واحباط ثورات وتمردات وتمر بحالات تفكك .
4\ الوضع الصراعي في البصرة بين قبائل متناحرة واستمالة البعض منها .
5 التمرد الذي حدث في البصرة وادى لعزل الوالي وفتحت السجون .
6 الوعود التي قطعها صاحب الزنج للثوار واقنعهم بها ..
هناك تساؤلات تبقى ملحة بلا اجوبة رغم محاولات بعض الدارسين عربا ومستشرقين .
ا \اظهر صاحب الزنج مقدرة عسكرية فائقة فمن اين كسب هذا العلم وهل خاض حروبا ؟
ب \ من خلال دراسة المعارك اظهر الزنج خبرة قتالية فمن اين كسبوها وهم منشغلون بنقل تلال الملح .؟
ج \ كيف كان صاحب الزنج يدير الملك الذي استمر 15 عاما ؟
لماذا لا نجد الا ما ندر من التسجيل والبحث التاريخي القديم لثورة الزنج ؟
<< بعد خراب البصرة >> جرى مثلا بعد ان هزم صاحب الزنج واصحابه حتى ان محرم انجه رئيس حزب البلد الذي تراجع عن المشاركة بالانتخابات التركية في 2023 ذكره مؤخرا ..وارى ما لم تظهر الصدفة او التنقيب عن كتب قديمة موثوقة تناولت ثورة الزنج فستبقى كل الاجوبة احتمالية .. لان اهم مصدر لها ( الطبري ) يذكرها من موقف عدائي مسبق .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اهم المصادر : < الطبري ج9 ص 412 > , ثورة الزنج د. فيصل الفضل
(انصرف الموفق وراس الخبيث \يقصد صاحب الزنج \ بين يديه على قناة في شذاة يخترق بها نهر ابي الخصيب ... الطبري ).
( اهل البحرين احلوه في انفسهم محل النبي ... وهناك احاط نفسه بهالة من القدسية فادعى انه اوتي الغيب ويستطيع اتيان الخوارق ... ابن ابي الحديد ).
هذه المداخل الثلاثة تكفي لتسليط اضاءة على ثورة الزنج سنة <255 ـ 270 >..التي خطط لها وقادها علي بن محمد من قرية ورزنين من قرى الري بطهران ولم يتمكن الباحثون للان من تاكيد هويته افارسيا كان او عربيا , علويا او ليس بعلوي ,لكن المؤكد ان صاحب الزنج حل في سامراء واتصل ببعض خدم الخليفة المنتصر وكان شاعرا احترف تعليم الصبيان الخط والنحو وعلم النجوم والسحر والاصطربلات .حل الى البحرين سنة 249 وهناك استمال رجالا اوفياء صمدوا معه حتى انهيار ثورته وهناك تبعه ناس من هجر ورفضها اخرون ما ادى لاقتتال , فخرج الى الاحساء واقام لدى بني تميم وبني سعد اشد القبائل بأسا في البحرين . ولم ير في البادية بيئة مناسبة فرحل الى البصرة سنة 254, في عهد امارة محمد بن رجاء , وحاول الاعلان ونشر دعوته في مسجد البصرة وكانت البصرة مضطربة تتنازع فيها فرقتان تركيتان : البلالية والسعدية , فحاول استمالة احداهما , لكن الوالي قبض على اتباعه وزوجته وابنه وجارية له.. فرحل الى بغداد ومكث متكتما لمدة عام .. مستقطبا اعوانا جددا .. ومحيطا نفسه بهالة قدسية .. نهاية السنة من مكوثه ببغداد عزل محمد بن رجاء عدوه اللدود وفتحت السجون فعاد الى البصرة في 255 ه.
لو القينا نظرة على المساحة التي تسمى عصريا بالظروف الاقليمية سنرى ان اعتناق المذهب الشيعي بدأ بالتوسع واعتقاد الناس المضطهدين بان الشيعة حل لمعاناتهم قد ترسخ ..فالصفارون لعبوا دوارا حيويا في تقوية المذهب الشيعي ببلاد فارس , ونشات دولة في طبرستان ,تحت حكم الحسن بن زيد العلوي , وقويت الدعاية الاسماعيلية , وشرع القرامطة بنشر افكارهم بين العامة ... لهذا سواء كان صاحب الزنج علويا او لا ينتسب لهم فالارضية الاجتماعية كانت مهيأة لتقبل علوي يقودهم وينقذهم..
الكثير من الثورات المشابهة لثورة الزنج قامت على اساس صبغة دينية في التاريخ العربي من ضمنها العباسية .
بدات حركة الزنج ليلة 28 من رمضان 255 ه \
869 م ,في عهد الخليفة المهتدي بالله محمد بن الواثق وكان مشغولا بصراعه مع القواد الترك وكانت بداية حرك الزنج بخروج علي بن محمد في فرات البصرة حيث كان يقيم في موضع قصر القرشي في برنخل واول ما فعله هو القبض على خمسين عبدا للعطار كانوا في طريقهم الى عملهم بكسح السباخ بغية استصلاح الاراضي وجعلها صالحة للزراعة .ورغم ان صاحب الزنج تمكن من جمع اعداد غفيرة , فبدا بالاغارة على القرى المجاورة كالجعفرية الا انهم بلا عدة حرب ولا مال ..ومعسكره لا يحوي غير ثلاثة اسياف . كان صاحب الزنج مخططا حربيا عظيما فقد طور لديه القوة الاستخباراتية واخذ يشهر رؤوس القتلى على البغال .. واتبع اسلوب حرب الاعصاب ونصب الكمائن وحرب العصابات ..تمكن صاحب الزنج والثوار من ايقاع الهزيمة بثلاث جيوش لكنهم عانوا من هزيمة بعد 3 اسابيع على انبثاق الثورة لكن اصحاب علي بن محمد تمكنوا في اليوم الثاني ان ينقضوا على مؤخرة جيش البصريين واسروا بعض السفن والحقوا بالجيش البصري هزيمة خلدها التاريخ عرفت ب < يوم الشذا > , وقيل ان رؤوس القتلى من البصريين ملات سفينة باكملها ما جعل الناس يصابون بالذعر وهو ما مهد الطريق لتقدم الزنج واحتلال البصرة .
ان طبقة الزنج تتكون من ستة اصناف هم : القرماطيين وهم اجناس من ارض السودان , والتمارين والدباسين , والشورجية وهم جماع الشورج (وصفها بن البيطار بانها زبد البحر له قوة الملوحة ) , فيما نسبها المستشرق ديزي الى < شورة > وهي ملح الدباغين ., والفراتية , وجماعة النوبة , والزنج الانقياء وهؤلاء لا يتقنون العربية ما دفع صاحب الزنج لان يستخدم مترجمين لهم ليوصل اليهم افكاره ومحتوى خطبه . كانوا جميعهم يعملون بكسح الملح حتى تحولت الاملاح جبالا , في ظل معاملة بازدراء .. ومعيشة كفاف .. فكل جهدهم لا يثمر الا لقمة عيش بسيطة . اتوا بهم من افريقيا وغيرها اسرى مكبلين بالسلاسل ليستعبدوهم
..اسباب نجاح ثورة الزنج :
1 \ منسوب النقمة المرتفع لدى طبقة الزنوج .
2\ المقدرة العسكرية لدى صاحب الزنج واقناعهم بقدسيته . وانتسابه للعلويين واستخدامه السحر والمكر والخرافة مع صبر واصرار على بلوغ الهدف بما في ذلك الشروع والتواري
3\ التوقيت التاريخي الصائب .. فقد كانت الدولة العباسية منشغلة بحروب واحباط ثورات وتمردات وتمر بحالات تفكك .
4\ الوضع الصراعي في البصرة بين قبائل متناحرة واستمالة البعض منها .
5 التمرد الذي حدث في البصرة وادى لعزل الوالي وفتحت السجون .
6 الوعود التي قطعها صاحب الزنج للثوار واقنعهم بها ..
هناك تساؤلات تبقى ملحة بلا اجوبة رغم محاولات بعض الدارسين عربا ومستشرقين .
ا \اظهر صاحب الزنج مقدرة عسكرية فائقة فمن اين كسب هذا العلم وهل خاض حروبا ؟
ب \ من خلال دراسة المعارك اظهر الزنج خبرة قتالية فمن اين كسبوها وهم منشغلون بنقل تلال الملح .؟
ج \ كيف كان صاحب الزنج يدير الملك الذي استمر 15 عاما ؟
لماذا لا نجد الا ما ندر من التسجيل والبحث التاريخي القديم لثورة الزنج ؟
<< بعد خراب البصرة >> جرى مثلا بعد ان هزم صاحب الزنج واصحابه حتى ان محرم انجه رئيس حزب البلد الذي تراجع عن المشاركة بالانتخابات التركية في 2023 ذكره مؤخرا ..وارى ما لم تظهر الصدفة او التنقيب عن كتب قديمة موثوقة تناولت ثورة الزنج فستبقى كل الاجوبة احتمالية .. لان اهم مصدر لها ( الطبري ) يذكرها من موقف عدائي مسبق .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اهم المصادر : < الطبري ج9 ص 412 > , ثورة الزنج د. فيصل الفضل