كاظم حسن سعيد - كورماك وروايته (الطريق) فاجعة نهاية العالم

توفي قبل حوالي اسبوع الروائي الامريكي المسرحي والسينارست مكارثي عن عمر ناهز 89 عاما (1933 ــ 2023 )..بعد ان انتج 12 رواية . عمل في مهن عدة منها التعليم والميكانيك ودخل الطيران لكنه ضاق ذرعا بالثكنات فترك وظيفته .. عاش شبه متشرد شطرا من حياته وذلك ما صوره في روايته <الضائع > في 600 صفحة , وكان يرفض الظهور الاعلامي حتى انه رفض عرضا بالاف الدولارات مقابل محاضرات حول ادبهفي احدى الجامعات , مفضلا ان يتناول الفاصوليا على ذلك .اولى رواياته < حارس الحديقة 1965 > اعقبها ب < خارجا من الظلام >1979. لم يستجب القراء والنقاد لتلك الروايات .. سنة 1992 صدرت روايته \ كل الخيول جميلة \ فحصدت مبيعات عالية .
سنة 2006 كتب روايته (الطريق ) التي نالت جائزة بوليتزر ... وهي تتحدث عن كارثة اصابت العالم فدمرته .. يرويها رجل يتقدم باتجاه الساحل مستصحبا نجله الصغير ..كل شيء في الرواية يجسد الموت والظلمة واليأس والدمار ..
في الطريق قال لها <نحن من الناجين > فاجابته (بل نحن موتى يمشون في فلم من افلام الرعب )..وقدم لها املا بان \سيفعل أي شيء لاجلها \ فاجابته : ( مثل ماذا ؟ لديك رصاصتان ولا تتمكن من حمايتنا ..آجلا او عاجلا سيقبضون علينا \اكلة لحوم البشر \ وسيغتصبوننا وياكلوننا وانت لا تكترث وتفضل الانتظار ).. واضافت <اعتدنا التحدث عن الموت , لانه لم يبق شيء للحديث عنه وبان لها عشيقا هو الموت : لقد انتهيت وانتهى فؤادي الجامح وانا منذ زمن طويل , انت تتحدث عن اتخاذ موقف لكن ليس هناك موقف.. لقد نزع فؤادي مني في الليلة التي ولدت فيها ,لذا لاتطلب مني الحزن الان .. لا يوجد اثر له ).
يتقدم الرجل وابنه ورغم شدة الفاجعة فان لمسات انسانية تتدفق بينهما .. في جو مرعب هذا مثال عليه : (تابعا سيرهما بخطوات ثقيلة وقد هزل جسداهما واتسخا
كمدمني الازقة. لفا نفسيهما ببطانياتهما في مواجهة البرد وأنفاسهما تتصاعد وهما يشقان طريقهما عبر أكوام الرماد السوداء الناعمة. عبرا السهل الساحلي العريض حيث ألقت الرياح السرمدية بهما في خضم غيوم من الرماد ليبحثا عن جسر على جانب الطريق. كانا يلفان بطانياتهما حول رأسييهما وبدت سماء الظهيرة السوداء مثل زنزانات الجحيم. ضم الصبي الذي نخر البرد عظمه إليه وقال له: لاتيأس. سنكون على ما يرام.
عندما أفاق مرة أخرى كان الظلام لم يزل مخيما لكن المطر قد توقف. بدا نور مصحوب بدخان في الوادي. نهض وتجول على امتداد السفح. تبدى ضباب رقيق ناتج من حريق امتد عدة أميال. قرفص وتمعن فيه. كان بإمكانه أن يشم رائحة الدخان المنبعثة, بلل إصبعه ورفعها عكس الريح. عندما انتصب واقفا واستدار ليعود بدا الضوء من داخل المشمع حيث أفاق الصبي.. ومن حيث استقر في الظلمة ظهرت الزرقة كأنها خطوة في مغامرة أخيرة في طرف العالم، عالم كل ما فيه غير قابل للتفسير. وهكذا كانت الامور.).
لكن الكاتب قد يصيبك بالملل لان الاحداث والمشاهد متشابهة الا ان مقدرته الشعرية الفائقة تنقذ النص من الرتابة وتسحك لتكمل القراءة ..
(أمضيا اليوم التالي بكامله ينتقلان عبر الضباب المتحرك الناتج من دخان الحرائق. في المناطق المفتوحة المحروقة كان الدخان يتصاعد من الارض كالضباب، والاشجار السوداء النحيلة تحترق على المنحدرات كأنها قواعد لشموع وثنية. وصلا
فيما بعد في أثناء النهار إلى مكان عبرا فيه الحريق الطريق إذ لم تزل الحصباء ساخنة وبدأت بعد مسافة تلين تحت أقدامهما.
بدأ القار الاسود الحار يجذب نعالهما ويتمدد في موجات رقيقة تحت وطأة أقدامهما. توقفا. قال الرجل: علينا أن نتوقف.).
اشتهرت روايته لا موطن للمسنين الذي يعالج فيه ازمة الشيخوخة ..ومن الغريب انه لم يحصل على جائزة نوبل التي رشح لها .
كورماك مكارثي الذي صرح \ لا تستقطبني الا روايات تتحدث عن الموت > بعد ان اهمله النقاد وجفاه القراء اصبح يستقطب ملايين المتابعين لادبه حول العالم .

نقد \ كاظم حسن سعيد \ العراق

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...