71 - فما يبلغ السيف المهند درهماً
في (نقد الشعر) لقدامة:
قد أومأ السمط بن مروان بن أبي حفصة في مدحه شرحبيل بن معن بن زائدة إيماء موجزاً ظريفاً أتى على كثير من المدح باختصار وإشارة بديعة فقال:
رأيت ابن معن أفتن الناس جوده ... فكلف قول الشعر من كان مفحما
وأرخص بالعدل السلاح بأرضنا ... فما يبلغ السيف المهند درهما
72 - نقنع منه ببعضه
في (غرر أخبار الفرس وسيدهم) للثعالبي:
رُفع إلى أبرويز إن بعض العُمال استدعي إلى الباب فتثاقل عن الإجابة فوقع: إن ثقل عليه المصير إلينا بكله. فأنّا نقنع منه ببعضه، ونخفف عنه المؤونة فيحمل رأسه إلى الباب دون جسده
ومن معنى هذا التوقيع أخذ المنصور قوله في توقيعه إلى قائد ركب محظوراً: يا هذا إن كان رأسك قد أثقلك خففناه عنك
73 - لم تبق رتبة لمستحق
في (تاريخ الوزراء) لهلال بن المحسن:
بلغني أن بعض خواص (المقتدر بالله) سأل علي بن عيسى الوزير زيادة أحد العمال المتقدمين، في خطابه. وكان يخاطبه بـ (أعزك الله) فامتنع عليه امتناعاً شديداً وعاوده حتى وعده وكتب إلى الرجل بـ (أعزك الله) ممدود ما بين العين والزاي فقال: ألم يعدني الوزير بالزيادة؟ قال: قد فعلت. قال: في أي شئ؟ قال: كنت أجمع بين العين والزاي وقد مددت بينهما مدة، وهي الزيادة
فكان القوم على هذه الصورة من المناقشة ليبين الترتيب فيها. فأما عصرنا هذا فقد اختلفت الرسوم فيه، وقلت المراعاة لما كانت موكولة به. لا جرم أن الرتب قد نزلت لما تساوت ولم يبق لها طلاوة يشار إليها حتى لقد بلغني عن مولانا الخليفة (القائم بأمر الله) أنه قال لم تبق رتبة لمستحق.
74 - إذا تقاربت الآداب
كتب البحتري إلى صديقه ابن خرداذبة الأديب المشهور:
إن كنت من فارس في بيت سؤددها ... وكنت من محتدى بالبيت والنسب
فلم يضرنا تنائي المنصبين وقد ... رحنا نسيبين في علم وفي أدب
إذا تقاربت الآداب والتأمت ... دنت مسافة بين العجم والعرب
75 - ما عندكم في المرية غير الدجاج
في (نفح الطيب): كان المعتصم ابن صمادح قد أحسن إلى النحلي البطليوسي ثم إن النحلي سار إلى إشبيلية فمدح المعتضد ابن عباد بشعر قال فيه:
أباد ابن عباد البربرا ... وأفنى ابن معن دجاج القرى
ونسي ما قاله حتى حل بالمرية فأحظره ابن صمادح لمنادمته، وأحضر العشاء موائد ليس فيها غير دجاج، فقال إنما أردنا أن نكذبك في قولك:
وأفنى بن معن دجاج القرى
فطار سكر النحلي، وجعل يعتذر فقال له: خفض عليك إنما ينفق مثلك بمثل هذا، وإنما العتب على من سمعه فاحتمل منك في حق من هو في نصابه ثم أحسن إليه
وخاف النحلي ففر من المرية ثم ندم فكتب إلى المعتصم:
رضا ابن صمادح فارقته ... فلم يرضني بعده العالم
وكانت مريته جنة ... فجئت يما جاءه آدم!
فما زال يتفقده بالإحسان على بعد دياره
76 - تمثال شبديز وابرويز
شاعر:
(شبديز) منحوت صخر بعد بهجته ... للناظرين فلا جري ولا خَبَبُ
عليه (برويز) مثل البدر منتصباً ... للناظرين فلا يجدي ولا يهب وربما فاض للعافين من يده ... سحائب، ودقها المرجان والذهب
فلا تزال مدى الأيام صورته ... تحن شوقاً إليها العرب والعجم
أبو عمران الكردي:
وهم نقروا (شبديز) في الصخر عبرة ... وراكبه (برويز) كالبدر طالع
عليه بهاء الملك والوفد عكف ... يخال به فجر من الأفق ساطع
تلاحظه (شيرين) واللحظ فاتن ... وتعطو بكف حسنتها الأشاجع
يدوم على كر الجديدين شخصه ... ويلقى قويم الجسم واللون ناصع
77 - ثم أتوب
في (أمالي) القالي:
دخل أعرابي على بعض الأمراء وهو يشرب فجعل يحدثه وينشده ثم سقاه، فلما شربها قال: هي (والله) أيها الأمير (أي هي الخمر) فقال: كلا، إنها زبيب وعسل، فلما طرب قال له: قل فيها فقال:
أتانا بها صفراء يزعم أنها ... زبيب فصدقناه وهو كذوب
وما هي إلا ليلة غاب نجمها ... أواقع فيها الذنب ثم أتوب
78 - . . . ما فاته من الدنيا
في (روضة المحبين) لابن قيم الجوزية:
عن عبد الله بن شوذب: دخلت امرأة جميلة على الحسن البصري فقالت: يا أبا سعيد ينبغي للرجال أن يتزوجوا على النساء؟
قال: نعم
قالت وعلى مثلي؟ ثم سفرت عن وجه لم ير مثله حسناً وقالت: يا أبا سعيد لا تفتو الرجال بهذا ثم ولت
فقال الحسن: ما على رجل كانت هذه في زاوية بيته ما فاته من الدنيا!
79 - مهرها إسلامه
في طبقات ابن سعد: جاء أبو طلحة يخطب أم سليم بن ملحان، فقالت: إنه لا ينبغي لي أن أتزوج مشركاً، أما تعلم يا أبا طلحة. إن آلهتكم التي تعبدون ينحتها عبد آل فلان النجار، وإنكم لو أشعلتم فيها ناراً لاحترقت فانصرف عنها وقد وقع في قلبه من ذلك موقعاً، وجعل لا يجيئها يوماً إلا قالت له ذلك. فأتى يوماً فقال: الذي عرضت عليّ قد قبلت فما كان لها مهر إلا إسلام أبي طلحة
مجلة الرسالة - العدد 205
بتاريخ: 07 - 06 - 1937
في (نقد الشعر) لقدامة:
قد أومأ السمط بن مروان بن أبي حفصة في مدحه شرحبيل بن معن بن زائدة إيماء موجزاً ظريفاً أتى على كثير من المدح باختصار وإشارة بديعة فقال:
رأيت ابن معن أفتن الناس جوده ... فكلف قول الشعر من كان مفحما
وأرخص بالعدل السلاح بأرضنا ... فما يبلغ السيف المهند درهما
72 - نقنع منه ببعضه
في (غرر أخبار الفرس وسيدهم) للثعالبي:
رُفع إلى أبرويز إن بعض العُمال استدعي إلى الباب فتثاقل عن الإجابة فوقع: إن ثقل عليه المصير إلينا بكله. فأنّا نقنع منه ببعضه، ونخفف عنه المؤونة فيحمل رأسه إلى الباب دون جسده
ومن معنى هذا التوقيع أخذ المنصور قوله في توقيعه إلى قائد ركب محظوراً: يا هذا إن كان رأسك قد أثقلك خففناه عنك
73 - لم تبق رتبة لمستحق
في (تاريخ الوزراء) لهلال بن المحسن:
بلغني أن بعض خواص (المقتدر بالله) سأل علي بن عيسى الوزير زيادة أحد العمال المتقدمين، في خطابه. وكان يخاطبه بـ (أعزك الله) فامتنع عليه امتناعاً شديداً وعاوده حتى وعده وكتب إلى الرجل بـ (أعزك الله) ممدود ما بين العين والزاي فقال: ألم يعدني الوزير بالزيادة؟ قال: قد فعلت. قال: في أي شئ؟ قال: كنت أجمع بين العين والزاي وقد مددت بينهما مدة، وهي الزيادة
فكان القوم على هذه الصورة من المناقشة ليبين الترتيب فيها. فأما عصرنا هذا فقد اختلفت الرسوم فيه، وقلت المراعاة لما كانت موكولة به. لا جرم أن الرتب قد نزلت لما تساوت ولم يبق لها طلاوة يشار إليها حتى لقد بلغني عن مولانا الخليفة (القائم بأمر الله) أنه قال لم تبق رتبة لمستحق.
74 - إذا تقاربت الآداب
كتب البحتري إلى صديقه ابن خرداذبة الأديب المشهور:
إن كنت من فارس في بيت سؤددها ... وكنت من محتدى بالبيت والنسب
فلم يضرنا تنائي المنصبين وقد ... رحنا نسيبين في علم وفي أدب
إذا تقاربت الآداب والتأمت ... دنت مسافة بين العجم والعرب
75 - ما عندكم في المرية غير الدجاج
في (نفح الطيب): كان المعتصم ابن صمادح قد أحسن إلى النحلي البطليوسي ثم إن النحلي سار إلى إشبيلية فمدح المعتضد ابن عباد بشعر قال فيه:
أباد ابن عباد البربرا ... وأفنى ابن معن دجاج القرى
ونسي ما قاله حتى حل بالمرية فأحظره ابن صمادح لمنادمته، وأحضر العشاء موائد ليس فيها غير دجاج، فقال إنما أردنا أن نكذبك في قولك:
وأفنى بن معن دجاج القرى
فطار سكر النحلي، وجعل يعتذر فقال له: خفض عليك إنما ينفق مثلك بمثل هذا، وإنما العتب على من سمعه فاحتمل منك في حق من هو في نصابه ثم أحسن إليه
وخاف النحلي ففر من المرية ثم ندم فكتب إلى المعتصم:
رضا ابن صمادح فارقته ... فلم يرضني بعده العالم
وكانت مريته جنة ... فجئت يما جاءه آدم!
فما زال يتفقده بالإحسان على بعد دياره
76 - تمثال شبديز وابرويز
شاعر:
(شبديز) منحوت صخر بعد بهجته ... للناظرين فلا جري ولا خَبَبُ
عليه (برويز) مثل البدر منتصباً ... للناظرين فلا يجدي ولا يهب وربما فاض للعافين من يده ... سحائب، ودقها المرجان والذهب
فلا تزال مدى الأيام صورته ... تحن شوقاً إليها العرب والعجم
أبو عمران الكردي:
وهم نقروا (شبديز) في الصخر عبرة ... وراكبه (برويز) كالبدر طالع
عليه بهاء الملك والوفد عكف ... يخال به فجر من الأفق ساطع
تلاحظه (شيرين) واللحظ فاتن ... وتعطو بكف حسنتها الأشاجع
يدوم على كر الجديدين شخصه ... ويلقى قويم الجسم واللون ناصع
77 - ثم أتوب
في (أمالي) القالي:
دخل أعرابي على بعض الأمراء وهو يشرب فجعل يحدثه وينشده ثم سقاه، فلما شربها قال: هي (والله) أيها الأمير (أي هي الخمر) فقال: كلا، إنها زبيب وعسل، فلما طرب قال له: قل فيها فقال:
أتانا بها صفراء يزعم أنها ... زبيب فصدقناه وهو كذوب
وما هي إلا ليلة غاب نجمها ... أواقع فيها الذنب ثم أتوب
78 - . . . ما فاته من الدنيا
في (روضة المحبين) لابن قيم الجوزية:
عن عبد الله بن شوذب: دخلت امرأة جميلة على الحسن البصري فقالت: يا أبا سعيد ينبغي للرجال أن يتزوجوا على النساء؟
قال: نعم
قالت وعلى مثلي؟ ثم سفرت عن وجه لم ير مثله حسناً وقالت: يا أبا سعيد لا تفتو الرجال بهذا ثم ولت
فقال الحسن: ما على رجل كانت هذه في زاوية بيته ما فاته من الدنيا!
79 - مهرها إسلامه
في طبقات ابن سعد: جاء أبو طلحة يخطب أم سليم بن ملحان، فقالت: إنه لا ينبغي لي أن أتزوج مشركاً، أما تعلم يا أبا طلحة. إن آلهتكم التي تعبدون ينحتها عبد آل فلان النجار، وإنكم لو أشعلتم فيها ناراً لاحترقت فانصرف عنها وقد وقع في قلبه من ذلك موقعاً، وجعل لا يجيئها يوماً إلا قالت له ذلك. فأتى يوماً فقال: الذي عرضت عليّ قد قبلت فما كان لها مهر إلا إسلام أبي طلحة
مجلة الرسالة - العدد 205
بتاريخ: 07 - 06 - 1937