كاظم حسن سعيد - التماثيل في البصرة فقر كمي وتراجع فني

اصبحت اغلب التماثيل والنصب التي نفذت في العراق بعد السقوط موضعا للتندر ودليلا على هبوط الذوقية الفنية .
في البصرة تعرضت التماثيل التي تمثل ضباطا يشيرون بايديهم نحو ايران والتي نفذت بشبه نسق على الضفة الغربية من شط العرب , تعرضت للسحل وانتهت في مصاهر البرونز, وكان اكبرها حجما تمثال لوزير الدفاع الاسبق عدنان خير الله الذي رأيته ممدودا قرب احد مراكز الشرطة بعد السقوط . فيما لم يتعرف الكثير من اهالي البصرة على تمثال عتبة بن غزوان لان اسمه تساقط من قاعدته , وتعرض تمثال السياب لاطلاقات نارية وقد حجموا من ارتفاع قاعدته وازيلت اجمل ابياته المذهبة من قاعدته ,اما نصب اسد بابل قرب نهر العشار فقد نسفه مجهولون متشددون بالمتفجرات .وتعرض نصب الحوت في ساحة سعد الى القصف ابان دخول القوات البريطانية البصرة 2003 فانهار الجندي الذي يطعن حوتا وشوه النصب ثم ازيل تماما ,واختفى من الساحة ذاتها تمثال سعد بن ابي وقاص كما ازيل تمثال السيدة العذراء من احدى الساحات وتوارى في مرآب مهمل تمثال العربي والكردي للفنان البصري بتور ,ولم يبق اثر لنصب برونزي شيد على مقربة من جسر الكرمة من اعمال النحات الشهير محمد غني , اما نصب ذات الصواري الذي يتصدر بوابة القاعدة البحرية للفنان عبد الرزاق فهو آيل للسقوط قابع على مكان قمامة .
نفذ في ساحة سعد بعد 2003 نصب يمثل نقط نفط كبيره تدور حولها خيول ضمن مشروع يشمل حديقة صغيرة واكشاك كلف 8 مليار دينار , اطلق عليه البصريون تندرا اسم الباذنجانة لانه حقا يشاكلها رغم مبررات الفنان البصري الذي نفذه ...
وكنت اصاب بالاستفزاز كلما مررت على نصب في فلكة ام البروم بالعشار قبل ازالته .
اسباب عدة تكمن وراء تنفيذ نصب وتماثيل تصدم الذوق المتحضر اهمها استصغار الفن والفساد المالي.
ولا تلام الحكومة المحلية فقط لهذا التدهور في الذائقة الفنية , فلا يستطيع فنان اصيل ان يتقبل تكليفه بانشاء تماثيل او نصب تحط من مكانة الفن مقابل النقود .
اذكّر هؤلاء بالفنان الايطالي (اندريا جانديني ) الذي تمكن بعمر 22 عاما من انجاز عشرات المنحوتات على جذوع الاشجار الميتة وصرح (كل منحوتة تستغرق مني نحو اسبوع ثم تصبح ملكا للجميع ), وادرج المرشدون السياحيون اعماله في برامجهم بروما.
يذكرني كل هذا بقصيدة البريكان الخالدة \قصة التمثال من اشور\ :
(جردت من خواتمي ... جزت ذؤاباتي
دحرجت من قاعدتي
نقلت من مكانْ
إلى مكان
حاورتني البوم والعقبانْ
تسلقت اضلاعي الصبيان
جّرب فأس ما
في جسدي يوماً
ربطت بالحبالْ
سحبت ممدوداً علي وجهي
وراء زوجين من البغال ...).

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...