خمسمائةُ قاضٍ جلسُوا ، الواحد بجانب الآخر ، على المُدرَّج ذي المَقاعد الخشبيَّة المُغطاة بِالحُصُر ، وفي مواجهتهم ، رئيسُ المحكمة مُحاطاً بِكاتبهِ والحَرَس . وفي أسفلِ المدرَّج وُضِعَ الصُّندوقُ الَّذي سيضع فيه القضاةُ أحكامَهم بعد انتهاء المحاكمة . الجلسةُ عَلَنيَّةٌ . ولا يُسمَح فيها لِغير الرِّجال بالحُضور . أمَّا الطَّقسُ ، فقد كان جميلاً ، مِمَّا أدخلَ الارتياحَ إِلى نفُوس الجميعِ _ ما عدا تلاميذَ سقراط من الفلاسفة وعلى رأسهم ( أفلاطون) _ وجعلهم يأملونَ بجلسةٍ كاملةٍ لا يربكُ مجراها مطرٌ يهطلُ على الرُّؤوس أو بردٌ يعطِّل تواصلَ الأفكار . وذلك في محكمةٍ انعقدتْ في الهواء الطَّلق في أثينا ، في صباح من أصبحة ربيع عام 399 قبل الميلاد
................................
انتهتِ المحاكمةُ بِتجريم ( سقراط) بِإِنكارِ الآلهةِ ، وإِفسادِ شباب أَثينا بِأفكار ومبادئ إِلحاديَّةٍ ، وصَوَّتَ ضِدَّهُ ( 281) قاضِيًا مَعَ تَجريمٍ إِضافيٍّ هُوَ ( احتقار المحكمة) مِمَّا زادَ من حَنَقِ القُضاةِ عَلَيهِ ، فَحكمتْ عليهِ المَحكمةُ بِأَنْ يَنتَحِرَ بِشُربِ كأسٍ من سُمِّ ( الشَّوكران) ، وأعلنتِ الحُكمَ أمام المَلَأ المُحتشِد في قاعة المحكمة وخارجها ، ولكنَّ ( سُقراط) حينَ سَمِعَ النُّطقَ بِالحُكم ابتسَمَ ابتسامةَ ازدراءٍ ، وأَنشَد ، بِصوتٍ جَهوَريٍّ كَأَنَّهُ عاصفةٌ هَزَّ أركانَ المحكمة وجَعَلَ القُضاةَ تَرتعدُ فرائِصُهم ، قائِلًا :
هِيَ الدُّنيا أُطَلِّقُها طَلاقا
وكأسَ السُّمِّ أشرَبُها دِهاقا !
إِذا كانَ الهَواءُ هَواءَ ذُلٍّ
سَأُؤثِرُ أَنْ أَموتَ بِها اختناقا !
يُحاكِمُني الطُّغاةُ بِها ؛ لِأَنِّي
أَرَدتُ لَهُمْ مِنَ الجَهلِ انعتاقا !
فَأَهلًا ، ثُمَّ أَهلًا بِالمَنايا
سَأحضُنُها وأُوسِعُها عِناقا !
يُطاقُ الموتُ ،في عِزٍّ ، مَذاقا
ولكِنَّ المَذَلَّةَ لَنْ تُطاقا !
أَموتُ بِهذه الدُّنيا صَريحًا
ولا ، لا ، لَنْ أَعيشَ بِها نِفاقا !!
................................
انتهتِ المحاكمةُ بِتجريم ( سقراط) بِإِنكارِ الآلهةِ ، وإِفسادِ شباب أَثينا بِأفكار ومبادئ إِلحاديَّةٍ ، وصَوَّتَ ضِدَّهُ ( 281) قاضِيًا مَعَ تَجريمٍ إِضافيٍّ هُوَ ( احتقار المحكمة) مِمَّا زادَ من حَنَقِ القُضاةِ عَلَيهِ ، فَحكمتْ عليهِ المَحكمةُ بِأَنْ يَنتَحِرَ بِشُربِ كأسٍ من سُمِّ ( الشَّوكران) ، وأعلنتِ الحُكمَ أمام المَلَأ المُحتشِد في قاعة المحكمة وخارجها ، ولكنَّ ( سُقراط) حينَ سَمِعَ النُّطقَ بِالحُكم ابتسَمَ ابتسامةَ ازدراءٍ ، وأَنشَد ، بِصوتٍ جَهوَريٍّ كَأَنَّهُ عاصفةٌ هَزَّ أركانَ المحكمة وجَعَلَ القُضاةَ تَرتعدُ فرائِصُهم ، قائِلًا :
هِيَ الدُّنيا أُطَلِّقُها طَلاقا
وكأسَ السُّمِّ أشرَبُها دِهاقا !
إِذا كانَ الهَواءُ هَواءَ ذُلٍّ
سَأُؤثِرُ أَنْ أَموتَ بِها اختناقا !
يُحاكِمُني الطُّغاةُ بِها ؛ لِأَنِّي
أَرَدتُ لَهُمْ مِنَ الجَهلِ انعتاقا !
فَأَهلًا ، ثُمَّ أَهلًا بِالمَنايا
سَأحضُنُها وأُوسِعُها عِناقا !
يُطاقُ الموتُ ،في عِزٍّ ، مَذاقا
ولكِنَّ المَذَلَّةَ لَنْ تُطاقا !
أَموتُ بِهذه الدُّنيا صَريحًا
ولا ، لا ، لَنْ أَعيشَ بِها نِفاقا !!