منقول - الأدب المقارن "التمشي التاريخي"

منقول - · بين المنهج الفرنسي والمنهج الأمريكي في المقارنة

· الـمـنـهـج الـفـرنـسـي:
· تعريف الأدب المقارن للجيل الأول منهم : " الأدب المقارن هو دراسة علاقات التأثر بين الأدب الفرنسي والآداب الأوروبية الأخرى، ودراسة الصلات بين الآداب القومية المختلفة دراسة تاريخية مؤيدة بالوثائق والمصادر".
· تعريف جيل الرواد: " الأدب المقارن فنّ تقريب الأدب إلى مجالات التعبير أو المعرفة الأخرى بطريقة منهجية عن طريق البحث عن روابط التشابه والقرابة والتأثير، أو تقريب الأحداث والنصوص الأدبية فيما بينها، سواء كانت متباعدة أم متقاربة في الزمان والمكان، على أن تنتمي إلى لغات متعددة أو ثقافات متعددة، وإن كانت هذة، تكون جزءاً من تراث واحد بهدف وصفها وفهمها وتذوقها بطريقة أفضل".
ومن الملاحظ على التعريفين السابقين أن هناك اتجاه داخل الخط الفرنسي قد أدرك مدى الأزمة التي يحدثها المنهج الفرنسي التقليدي أو التاريخي، فقدم مثل هذا التعريف كنوع من حل يسعى إلى تقليص الفجوة بين الأمم، مقارنياً.
ومع أن جيل الرواد قد تصدّر التنظير للمنهج الفرنسي، وحدّ من تنظير الجيل التقليدي الأول، إلا أن تأثير الأخير لا يزال هو الفاعل على صعيد الساحة الفرنسية إلى يومنا هذاولذلك أقدم ملامح المنهج الفرنسي في المقارنة كما هو في التعريف التقليدي، والمآخذ عليه، التي ركز عليها الأمريكيون.
· خلاصة المنهج تتمثل فيما يأتي:
- دراسة أثر الأدب الفرنسي في الآداب الأوروبية الأخرى.
- دراسة الصلات بين الآداب القومية الأخرى، بشرطين:
1. اختلاف اللغة.
2. وجود صلات تاريخية تدعم التأثير والتأثر، مباشراً كان أم غير مباشر.
· المآخذ على المنهج:
- عدم تحديد واضح لموضوع الأدب المقارن ومناهجه.
- عدم التركيز على الأدبفي الدراسة، والاكتفاء بالخارج والولع بتفسير الظواهر الأدبية على أساس حقائق الواقع.
- التركيز على العامل القومي والخضوع للنزعة التاريخية.
- اشتراط اختلاف اللغة ووجود صلات تاريخية لإثبات التأثر والتأثير.
· رواد المنهج:
- الجيل الأول:
1. بالانسبرجية: صاحب مقدمة (الكلمة والشيء) 1921م.
2. فان تيجم: صاحب كتاب (الأدب المقارن) 1931م.
3. جويار: صاحب كتاب (الأدب المقارن).
- جيل الرواد:
1. روني إيتامبل: انتقد المنهج التاريخي، وأخذ عليه نزعة "المركزية الأوروبية".
2. كلودبيشوا
3. أندريه روسو
- رفضا حصر البحث المقارن في دراسة العلاقات الخارجية للأدب.
- ركزا على العلاقات الداخلية للنصوص، وهو ما يعرف بـ(أدبية الأدب).
الـمـنـهـج الأمـريـكـي:
· خلاصة المنهج:
- تفادي المآخذ التي أخذت على المنهج الفرنسي، كما تجلت في مقال (رينيه ويلك): "أزمة الأدب المقارن"
- توسيع مجال الأدب المقارن بتقديم مفهوم أوسع للعلاقات الأدبية، ومدّ آفاق المقارنة لتشمل العلاقة بين الأدب وأنماط التعبير الإنساني الأخرى، كما تبدو في تعريف (ريماك) للأدب المقارن
- ملاحقة العلاقات المتشابهة بين الآداب المختلفة، وفقاً لمفهوم "التوازي" أو " التشابه" أو "القرابة". وهو مصطلح أمريكي يقابل المصطلح الفرنسي " التأثر والتأثير".
· رواد المنهج:
1. رينيه ويلك.
2. هنري ريماك.
3. هاري ليفين.
4. جون فليتشر.
5. أولريش فيسشتاين.
· واقـع الـدراسـات الـمـقـارنـة فـي ظـل الأزمـة:
أمام تلك الأزمة، جاءت الدراسات المقارنة فيما بعد لتكون عالة على المنهجين: الفرنسي والأمريكي. وحتى ما عرف باسم (المنهج السلافي) الذي ظهر في أوروبا الشرقية، كان يحاول أن يتموضع بين التاريخية الفرنسية والنقدية الأمريكية. ولا ينفي هذا أن السلافية قد حققت بداية المشروع الكبير الذي يجمع بين معالجتي المنهجين السابقين دون أن تتخلى عن نقد أوجه الضعف فيهما
هذا وقد "لاقت مآخذ (ويلك) على المنهج الفرنسي، التاريخي خاصةً، تجاوباً كبيراً من المقارنين الأمريكيين ممن تبنوا دعوته وشكلوا "المنهج الأمريكي" وواصلوا السير على خطاه. في حين أنه هو نفسه لم يواصل العمل على تطوير المنهج الذي نثر بذوره وأسس قواعده؛ لأنه كان ناقداً ولم يكن الأدب المقارن ليشغله كثيراً.
وقد راج المفهوم الأمريكي في أمريكا وخارجها، واتسع به نطاق الدراسات المقارنة، وبخاصة في العقود الأخيرة من القرن العشرين؛ لأنه استمد شرعيته وأسباب وجوده من كونه فكرة إصلاحية لمفهوم تأخر به الزمن وأضحى أساسه الفكري جزءاً من الماضي.
ولا يعني هذا أبداً أن المنهج الفرنسي قد اندثر مفهومه. فلا زالت الطريقة الفرنسية تُسلك من قبل مقارنين أمريكيين في دراساتهم المقارنة في كثير من الجامعات الأمريكية نفسها. بالإضافة إلى أن المنهج الفرنسي لا يزال مسيطراً على منهج الدارسين العرب، وهو المتبع أكثر من غيره
· الـخـلاصـة:
كانت أزمةالأدب المقارن وليدة اليوم الأول الذي ولد فيه الأدب المقارن. ولعل انحراف الأدب المقارن عن خطه الأساس الذي يهدف إلى عالمية الأدب وإنسانيته، كان نتيجة التعصب القومي والتدخل السياسي، الذي استغل الأدب المقارن لإظهار تميز أمة على أمة أخرى. وكانت الأزمة تتمثل في ثلاثة محاور: الحدود- المنهج- الهدف.
وإن كانت فكرة الأدب المقارن قد تم تداولها بين الفرنسيين والأمريكين وكذلك الروس، فإنه يتضح من خلال محاولات هؤلاء حل الأزمة أن توجههم كان نحو توسيع دائرة الأدب المقارن، أكثر فأكثر. وبمقدار ما كانت دائرته متسعة كلما ازداد أتباع هذا المنهج على حساب آخر.
وبما أن العامل السياسي كان ذا تأثير كبير في ظهور الأزمة، فإنني أرى أن مستقبلها لن يغير من حقيقة وجودها، وإن تنوعت طرق معالجتها؛ ذلك أن الصراع السياسي أمر حتمي ودائم، مهما اعتراه من حالات فتور بين حين وحين.
وأما عن دور العرب في التأثير في مسار الأدب المقارن، فهذا سؤال نأمل أن نرى إجابته واقعاً ملموساً في القريب العاجل، لعلنا نسترد شيئاً من تاريخنا المشرق في النهضة الأدبية العالمية.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...