عندما أقول "عبدوا"، فالعابدون هم الطغمة الحاكِمة بالجزائر.
وهذا يقودني إلى قول : إن كان هناك، في العالم، أدمغةٌ خلاياها العصبية neurones صلبة ومتحجِّرة، فإن هذه الأدمغة يتميَّز بها حُكَّامُ الجزائر الماسكين لزمام الأمور في هذا البلد الجار. لماذا أقول "أدمغة خلاياها العصبية صلبة ومتحجِّرة"؟
اولا، لأن هذه الأدمغة لم تجنِ أو تستخلص أي درسٍ من الأفشال (جمعُ فَشَل) المتتالية التي لحقت بها منذ 1975 حين تمَّ خلقُ صراعٍ مفتعلٍ بين المغرب والجزائر غرضُه الأساسي هو حرمان المغرب من صحرائه المغربية التي لا جدالَ في مغربِيتِها سياسيا وتاريخيا. فشلٌ ما بعده فشل وعلى جميع الأصعدة، السياسية، الدبلوماسية، الجيوسياسية والجيوستراتيجية.
ثانيا، ما يزيد في تحجُّّر أدمغة حكام الجزائر هو أن العالمَ، بما فيه الدول التي تساند هؤلاء الحكَّام، يعرف حقَّ المعرفة أن نظامَ الحكم في الجزائر نظامٌ فاسدٌ، متعجرف ومتغطرس تُسيطر عليه طغمةٌ من كبار ضباط العسكر، مختبئين وراء ستار مدني لهم اليد الطويلة في صُنعِه من برلمان ورئاسة الجمهورية وحكومة ومؤسسات مدنية وأمنية بجميع أنواعها.
ثالثا، تحجُّر أدمغة حكَّام الجزائر أدى بهم إلى الغرق في دوامة من الغباء والتَّعنُّت والكذب لا مثيلَ لهم. غباءٌ جلبَ لهم سخريةَ العالم بأسره. تعنُّتٌ، طال الزمان أم قصر، سيؤدِّي بالبلاد إلى الاصطدام بحائط لا تُحمد عقباه. كذِب لا يتوقَّف عنه رئيس الجمهورية في ما يُسمى "ندوات صحفية مفبرَكة" ورئيس أركان الجيش في خُطبِه الرنانة، المستمدَّة من عالم الوهم والافتراء ومن مبادئ أكلَ الدهرُ عليها وشرب.
رابعا، تحجُّر أدمغة حكام الجزائر فاق كل التَّصوُّرأت والتَّقديرات إذ بلغ أوجَه حينما أصبح لهؤلاء الحكام قضيةٌ واحدة ينامون ويستيقظون بها، بل يعيشون ويتنفَّسون بها. إنها قضية الصحراء المغربية التي هم مستعدون للتَّضحية بالشعب الجزائري وبحقوقه وبحاجياته المعيشية والاجتماعية والاقتصادية من أجل الوصول بها إلى ما يريدونه لها. بل إنهم مستعدون لصرف كل ما يدرُّه عليهم بيعُ النفط والغاز من ملايير الدولارات لنُصرة كيانين وهميين اسمُهما البوليساريو والجمهورية الصحراوية.
خامسا، لقد بلغ، كذلك، تحجُّر أدمغة حكام الجزائر أوجَه حينما ظنوا ولا يزالوا يظنون أن العالمَ ليس على علمٍ من ما يدسُّونه من نفاقٍ وخُبثٍ ودناءةٍ وحماقةٍ في تصرُّفاتِهم السياسية والدبلوماسية التي لها علاقة بالصحراء المغربية والتي باءت كلُّها بالفشل. تصرُّفاتٌ لم يتوقَّفوا عن ممارستِها سواءً على مستوى الاتحاد الإفريقي أو على مستوى الأمم المتَّحدة أو على مستوى المنابر التي تُتيحُ لهم الفرصة لبثِّ خُبثِهم وعدائهم للمغرب بمناسبةٍ وبغير مناسبة.
سادسا، من علامات تحجُّر أدمغة حكام الجزائر أن هؤلاء الحكام يعرفون حقَّ المعرفة أن بلدَهم لا تتوفَّر على ما يُسمِّيه الاختصاصيون "اقتصاد". وإذا سلَّمنا أن للجزائر اقتصادا، فإنه مبنيٌ حصريا على الريع. أي أن هذا الاقتصادَ يعتمد على بيع النفط الخام والغاز الطبيعي علما أن هذا البيعَ لا يخلق الثروةَ ولا يُنتِج قيماتٍ مضافةً.
سابعا، الطغمةُ الحاكِمة بالجزائر تعلم علمَ اليقين أن مجموعةَ ال"بريكس"، مجموعة اقتصادية محضة، هدفُها الأساسي، على المدى الطويل، هو مجابهةُ سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على الاقتصاد العالمي وتنحِية الدولار الأمريكي من سيطرتِه على المعاملات الاقتصادية العالمية. ال"بريكس"، إلى حد الآن، ليست مجموعة سياسية أو إيديولوجية. إنها فقط مجموعة اقتصادية تسعى إلى التَّصدِّي إلى ما هو متعارف عليه بالأُحادية القُطبية الاقتصادية.
السؤال الذي يفرض نفسَه هنا هو : "كيف للطُّغمةٍ الحاكمة بالجزائر أن تطلبَ عُضويتَها في مجموعة ال"بريكس" وهي تعلم أنها لا تتوفَّر على اقتصاد له قدرةٌ تنافسية وتعلم كذلك أن هذه المجموعة تكتسي طابعا اقتصاديا محضا"؟ هنا بيت القصيد!
الطغمة الحاكمة بالجزائر ظنت وتظن وستظن أنه، بإمكانها، أن تستحمرَ وتستغبئَ العقول ولو كانت منتمية إلى بلدان لها ثقلُها الاقتصادي والسياسي على المستوى العالمي كالصين وروسيا والهند والبرازيل! فإن نجحت في هذا الاستحمار في مناسبات ماضية، وإن نجحت في شراء ضمائر بعض رؤساء الدول الفقيرة، فدولُ العالم اليوم لا تفكِّر إلا في مصالِحها أو، بالأحرى، في المصالح المتبادلة.
ورغم ذلك، وبحُكم التَّعنُّت والغباء السياسيين اللذان يقبعان على أدمغة الطغمة الحاكمة بالجزائر، راح رئيس الجمهورية، بتعليمات من العسكر، يتوسَّل ويتودَّد وينبطح لرؤساء روسيا والصين واهِباً لهم الجزائر على طبقٍ من ذهب. بل إنه وصل إلى درجة من الانحناء والاستعطاف لا تليق برئيس دولة كيفما كان وزنُها على الصعيدين الإقليمي والعالمي. أليس هذا الرئيس هو الذي وصف بوتين، رئيس روسيا، ب"صديق العالم وصديق الإنسانية"؟ وقال له : "روسيا تحمي استقلالَ الجزائر"! أليس هذا الرئيس هو الذي أهدى الجزائر للصين لتصولَ فيها وتجول!
بل إن الطغمةَ الحاكمة بالجزائر وصل بها الاستعطافُ والخنوعُ إلى اللجوء إلى شراء أعضاء ال"بريكس" وذلك بمساهمتِها في رأسمال بنك هذا الأخير بمليار ونصف مليار دولار أمريكي إلى درجة أن رئيسَ الجمهورية، بمساهمتِه هذه، ظن أن عضويةَ الجزائر في مجموعة ال"بريكس" قد حُسِمت. والدليل على ذلك أن هذا الرئيس قال في إحدى ندواتِه الصحفية المٌفبركة "إن سنةَ 2023 ستُتوَّج بانضمام الجزائر إلى مجموعة ال"بريكس". بل كثُر الكلامُ في وسائل الإعلام على هذا الانضمام الذي، بالنسبة للطغمة الحاكمة بالجزائر، لم يعد إلا مسألة وقت.
اجتمع ال"بريكس" بجنوب إفريقيا وكانت الصَّدمةُ قاسيةً على حكام الجزائر الذين كانوا يظنون أن الأمرَ محسومٌ فيه وخصوصا أن جنوبَ إفريقيا يُعدُّ الحليف الأبدي لهؤلاء الحكام. بل توالت الصدمات حين تمَّ قبولُ إثيوبيا Éthiopie التي ناتجها الداخلي الخام أقل من ناتج الجزائر. غير أن الناتجَ الداخلي الخام لإثيوبيا وراءه اقتصاد منتِج للثروة وللقيمات المضافة، بينما ناتِج الجزائر مبني على الريع، إن لم نقل كله مبني على الريع.
وتوالت الصدمات حينما صرَّح، في ندوة صحفية، وزير خارجية روسيا قائلا : إن الانضمامَ إلى ال"بيركس" يتطلَّب من الدول الراغبة في هذا الانضمامِ أن يكونَ لها هيبة و وزنٌ وأن تكونَ لها مواقف على المستوى الدولي. ما قاله وزير خارجية روسيا هو بمثابة جوابٍ على عدم انضمام الجزائر لمجموعة ال"بريكس"! بل إن هذا التَّصريح هو، في الحقيقة، إهانةٌ للطغمة الحاكمة بل للجزائر بأكملها.
السؤال الذي يفرض نفسَه هنا هو : "هل الطغمة الحاكمة بالجزائر في حاجة إلى فشلٍ أكبر من هذا الفشل لتتَّعظَ وترجع إلى الصواب"؟
لا أظن أن هذه الطغمة سترجع إلى الصواب! لماذا؟ اولا، لأن تعنُّتَها أكبر بكثير من ما تكبدته وستتكبَّده من فشل. ثانيا، إن أرادت الطغمة الحاكمة بالجزائر أن تعودَ إلى الصواب، لَما استجابت لليد الممدودة التي عبَّر عنها ملكُ البلاد غير ما مرة. ثالثا، إن أرادت الطغمة الحاكمة بالجزائر أن تعودَ إلى الصواب، لَما استجابت للوساطة التي بادرت بها بعضُ الدول العربية. بل إن رئيسَ الجمهورية قال في إحدى ندواته الصحفية أن القطيعة مع المغرب لا رِجعةَ فيها ولا تحتاج إلى وساطة!
ما أريد أن أختمَ به هذه المقالة هو أن أعضاءَ ال"بريكس" لهم ما يكفي من الحصافة وبُعد النظر لأن لا يقبلوا بين ظهرانهم بلدا يعرفون تمامَ المعرفة وضعَه الداخلي والخارجي سياسيا اجتماعيا واقتصاديا. ال"بريكس" يسعى أن يكون قويا اقتصاديا. فماذا ستستفيد هذه المجموعة من عضوية بلد ليس له أي تأثير اقتصادي لا في محيطه ولا على مستوى العالم. بلدٌ لا يزال يعيش على مبادئ أكل الدهرُ عليها وشرب من حربٍ باردةٍ وأيديولوجيات متجاوزة. بل إن حكامَ الجزائر لهم نوايا سيئة كانوا يريدون نقلَها إلى ال"بريكس" في حال انضمامهم إليه. ومن ضمن هذه النوايا، تحويل مجموعة ال"بريكس" إلى مجموعة سياسية وإيديولوجية لينقلوا إليها، عاجلا أو آجلا، الصراعَ القائم بين الجزائر والمغرب.
وهذا يقودني إلى قول : إن كان هناك، في العالم، أدمغةٌ خلاياها العصبية neurones صلبة ومتحجِّرة، فإن هذه الأدمغة يتميَّز بها حُكَّامُ الجزائر الماسكين لزمام الأمور في هذا البلد الجار. لماذا أقول "أدمغة خلاياها العصبية صلبة ومتحجِّرة"؟
اولا، لأن هذه الأدمغة لم تجنِ أو تستخلص أي درسٍ من الأفشال (جمعُ فَشَل) المتتالية التي لحقت بها منذ 1975 حين تمَّ خلقُ صراعٍ مفتعلٍ بين المغرب والجزائر غرضُه الأساسي هو حرمان المغرب من صحرائه المغربية التي لا جدالَ في مغربِيتِها سياسيا وتاريخيا. فشلٌ ما بعده فشل وعلى جميع الأصعدة، السياسية، الدبلوماسية، الجيوسياسية والجيوستراتيجية.
ثانيا، ما يزيد في تحجُّّر أدمغة حكام الجزائر هو أن العالمَ، بما فيه الدول التي تساند هؤلاء الحكَّام، يعرف حقَّ المعرفة أن نظامَ الحكم في الجزائر نظامٌ فاسدٌ، متعجرف ومتغطرس تُسيطر عليه طغمةٌ من كبار ضباط العسكر، مختبئين وراء ستار مدني لهم اليد الطويلة في صُنعِه من برلمان ورئاسة الجمهورية وحكومة ومؤسسات مدنية وأمنية بجميع أنواعها.
ثالثا، تحجُّر أدمغة حكَّام الجزائر أدى بهم إلى الغرق في دوامة من الغباء والتَّعنُّت والكذب لا مثيلَ لهم. غباءٌ جلبَ لهم سخريةَ العالم بأسره. تعنُّتٌ، طال الزمان أم قصر، سيؤدِّي بالبلاد إلى الاصطدام بحائط لا تُحمد عقباه. كذِب لا يتوقَّف عنه رئيس الجمهورية في ما يُسمى "ندوات صحفية مفبرَكة" ورئيس أركان الجيش في خُطبِه الرنانة، المستمدَّة من عالم الوهم والافتراء ومن مبادئ أكلَ الدهرُ عليها وشرب.
رابعا، تحجُّر أدمغة حكام الجزائر فاق كل التَّصوُّرأت والتَّقديرات إذ بلغ أوجَه حينما أصبح لهؤلاء الحكام قضيةٌ واحدة ينامون ويستيقظون بها، بل يعيشون ويتنفَّسون بها. إنها قضية الصحراء المغربية التي هم مستعدون للتَّضحية بالشعب الجزائري وبحقوقه وبحاجياته المعيشية والاجتماعية والاقتصادية من أجل الوصول بها إلى ما يريدونه لها. بل إنهم مستعدون لصرف كل ما يدرُّه عليهم بيعُ النفط والغاز من ملايير الدولارات لنُصرة كيانين وهميين اسمُهما البوليساريو والجمهورية الصحراوية.
خامسا، لقد بلغ، كذلك، تحجُّر أدمغة حكام الجزائر أوجَه حينما ظنوا ولا يزالوا يظنون أن العالمَ ليس على علمٍ من ما يدسُّونه من نفاقٍ وخُبثٍ ودناءةٍ وحماقةٍ في تصرُّفاتِهم السياسية والدبلوماسية التي لها علاقة بالصحراء المغربية والتي باءت كلُّها بالفشل. تصرُّفاتٌ لم يتوقَّفوا عن ممارستِها سواءً على مستوى الاتحاد الإفريقي أو على مستوى الأمم المتَّحدة أو على مستوى المنابر التي تُتيحُ لهم الفرصة لبثِّ خُبثِهم وعدائهم للمغرب بمناسبةٍ وبغير مناسبة.
سادسا، من علامات تحجُّر أدمغة حكام الجزائر أن هؤلاء الحكام يعرفون حقَّ المعرفة أن بلدَهم لا تتوفَّر على ما يُسمِّيه الاختصاصيون "اقتصاد". وإذا سلَّمنا أن للجزائر اقتصادا، فإنه مبنيٌ حصريا على الريع. أي أن هذا الاقتصادَ يعتمد على بيع النفط الخام والغاز الطبيعي علما أن هذا البيعَ لا يخلق الثروةَ ولا يُنتِج قيماتٍ مضافةً.
سابعا، الطغمةُ الحاكِمة بالجزائر تعلم علمَ اليقين أن مجموعةَ ال"بريكس"، مجموعة اقتصادية محضة، هدفُها الأساسي، على المدى الطويل، هو مجابهةُ سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على الاقتصاد العالمي وتنحِية الدولار الأمريكي من سيطرتِه على المعاملات الاقتصادية العالمية. ال"بريكس"، إلى حد الآن، ليست مجموعة سياسية أو إيديولوجية. إنها فقط مجموعة اقتصادية تسعى إلى التَّصدِّي إلى ما هو متعارف عليه بالأُحادية القُطبية الاقتصادية.
السؤال الذي يفرض نفسَه هنا هو : "كيف للطُّغمةٍ الحاكمة بالجزائر أن تطلبَ عُضويتَها في مجموعة ال"بريكس" وهي تعلم أنها لا تتوفَّر على اقتصاد له قدرةٌ تنافسية وتعلم كذلك أن هذه المجموعة تكتسي طابعا اقتصاديا محضا"؟ هنا بيت القصيد!
الطغمة الحاكمة بالجزائر ظنت وتظن وستظن أنه، بإمكانها، أن تستحمرَ وتستغبئَ العقول ولو كانت منتمية إلى بلدان لها ثقلُها الاقتصادي والسياسي على المستوى العالمي كالصين وروسيا والهند والبرازيل! فإن نجحت في هذا الاستحمار في مناسبات ماضية، وإن نجحت في شراء ضمائر بعض رؤساء الدول الفقيرة، فدولُ العالم اليوم لا تفكِّر إلا في مصالِحها أو، بالأحرى، في المصالح المتبادلة.
ورغم ذلك، وبحُكم التَّعنُّت والغباء السياسيين اللذان يقبعان على أدمغة الطغمة الحاكمة بالجزائر، راح رئيس الجمهورية، بتعليمات من العسكر، يتوسَّل ويتودَّد وينبطح لرؤساء روسيا والصين واهِباً لهم الجزائر على طبقٍ من ذهب. بل إنه وصل إلى درجة من الانحناء والاستعطاف لا تليق برئيس دولة كيفما كان وزنُها على الصعيدين الإقليمي والعالمي. أليس هذا الرئيس هو الذي وصف بوتين، رئيس روسيا، ب"صديق العالم وصديق الإنسانية"؟ وقال له : "روسيا تحمي استقلالَ الجزائر"! أليس هذا الرئيس هو الذي أهدى الجزائر للصين لتصولَ فيها وتجول!
بل إن الطغمةَ الحاكمة بالجزائر وصل بها الاستعطافُ والخنوعُ إلى اللجوء إلى شراء أعضاء ال"بريكس" وذلك بمساهمتِها في رأسمال بنك هذا الأخير بمليار ونصف مليار دولار أمريكي إلى درجة أن رئيسَ الجمهورية، بمساهمتِه هذه، ظن أن عضويةَ الجزائر في مجموعة ال"بريكس" قد حُسِمت. والدليل على ذلك أن هذا الرئيس قال في إحدى ندواتِه الصحفية المٌفبركة "إن سنةَ 2023 ستُتوَّج بانضمام الجزائر إلى مجموعة ال"بريكس". بل كثُر الكلامُ في وسائل الإعلام على هذا الانضمام الذي، بالنسبة للطغمة الحاكمة بالجزائر، لم يعد إلا مسألة وقت.
اجتمع ال"بريكس" بجنوب إفريقيا وكانت الصَّدمةُ قاسيةً على حكام الجزائر الذين كانوا يظنون أن الأمرَ محسومٌ فيه وخصوصا أن جنوبَ إفريقيا يُعدُّ الحليف الأبدي لهؤلاء الحكام. بل توالت الصدمات حين تمَّ قبولُ إثيوبيا Éthiopie التي ناتجها الداخلي الخام أقل من ناتج الجزائر. غير أن الناتجَ الداخلي الخام لإثيوبيا وراءه اقتصاد منتِج للثروة وللقيمات المضافة، بينما ناتِج الجزائر مبني على الريع، إن لم نقل كله مبني على الريع.
وتوالت الصدمات حينما صرَّح، في ندوة صحفية، وزير خارجية روسيا قائلا : إن الانضمامَ إلى ال"بيركس" يتطلَّب من الدول الراغبة في هذا الانضمامِ أن يكونَ لها هيبة و وزنٌ وأن تكونَ لها مواقف على المستوى الدولي. ما قاله وزير خارجية روسيا هو بمثابة جوابٍ على عدم انضمام الجزائر لمجموعة ال"بريكس"! بل إن هذا التَّصريح هو، في الحقيقة، إهانةٌ للطغمة الحاكمة بل للجزائر بأكملها.
السؤال الذي يفرض نفسَه هنا هو : "هل الطغمة الحاكمة بالجزائر في حاجة إلى فشلٍ أكبر من هذا الفشل لتتَّعظَ وترجع إلى الصواب"؟
لا أظن أن هذه الطغمة سترجع إلى الصواب! لماذا؟ اولا، لأن تعنُّتَها أكبر بكثير من ما تكبدته وستتكبَّده من فشل. ثانيا، إن أرادت الطغمة الحاكمة بالجزائر أن تعودَ إلى الصواب، لَما استجابت لليد الممدودة التي عبَّر عنها ملكُ البلاد غير ما مرة. ثالثا، إن أرادت الطغمة الحاكمة بالجزائر أن تعودَ إلى الصواب، لَما استجابت للوساطة التي بادرت بها بعضُ الدول العربية. بل إن رئيسَ الجمهورية قال في إحدى ندواته الصحفية أن القطيعة مع المغرب لا رِجعةَ فيها ولا تحتاج إلى وساطة!
ما أريد أن أختمَ به هذه المقالة هو أن أعضاءَ ال"بريكس" لهم ما يكفي من الحصافة وبُعد النظر لأن لا يقبلوا بين ظهرانهم بلدا يعرفون تمامَ المعرفة وضعَه الداخلي والخارجي سياسيا اجتماعيا واقتصاديا. ال"بريكس" يسعى أن يكون قويا اقتصاديا. فماذا ستستفيد هذه المجموعة من عضوية بلد ليس له أي تأثير اقتصادي لا في محيطه ولا على مستوى العالم. بلدٌ لا يزال يعيش على مبادئ أكل الدهرُ عليها وشرب من حربٍ باردةٍ وأيديولوجيات متجاوزة. بل إن حكامَ الجزائر لهم نوايا سيئة كانوا يريدون نقلَها إلى ال"بريكس" في حال انضمامهم إليه. ومن ضمن هذه النوايا، تحويل مجموعة ال"بريكس" إلى مجموعة سياسية وإيديولوجية لينقلوا إليها، عاجلا أو آجلا، الصراعَ القائم بين الجزائر والمغرب.