180 / عبدالله النديم
في نهاية عام 1882 م. تم نفي زعماء الثورة العرابية ما عدا واحد فقط وهو الأديب والكاتب وخطيب الثورة عبد الله النديم والذي اختفى ولم يعثر له على أثر طوال تسع سنوات كاملة حتى أشيع بأنه قتل أو هرب للخارج ، لكن الحقيقة أن النديم طوال تلك الفترة كان يعيش متخفيا في أرياف وسط الدلتا حيث الحماية الكاملة من أهالي المحلة الكبرى وأجوارها بل إنه تزوج أثناء تلك الفترة من ابنة الحاج مصطفى منى أحد كبار التجار في المحلة وهي التي رافقته في رحلة الأهوال والصعاب ووقفت معه بشجاعة.
وقد كانت رحلة النديم في التخفي أسطورية ويضرب بها المثل حيث تخفى في زي المتصوفة وغادر القاهرة ليلا عن طريق النيل إلى ميت غمر ثم المنصورة ثم عبر إلى مديرية الغربية ونزل بقرية ميت الغرقا (ميت الكرما الحالية) حيث استضافه صديقه الشيخ سعيد الأزهري وشيخ الصوفية شحاتة القصبي والذي رتب له الانتقال إلى قرية العتوة القبلية حيث استضافه عمدتها الحاج محمد الهمشري ثلاث سنوات ومنها إلى كوم الطويل حيث تنكر في هيئة شيخ من الحجاز بمعونة صديقه سيد المغازي.
بعد ذلك انتقل إلى المحلة الكبرى متنكرا في هيئة تاجر مغربي حيث قضى فيها عشرين يوما في إحدى الوكالات التجارية في حماية الحاج مصطفى منى الذي كتم أمره وأعانه وزوجه ابنته ، ولا نعرف هل كانت قصة حب أم زواج تقليدي لكنه يثني على مواقف زوجته في تحمل الشدائد وفي نفس الوقت يحكي بسخريته المعهودة عن كثرة المشاجرات الزوجية معها وكيف أنها في إحدى المرات ضربته في فمه بقبضتها فكسرت له أسنانه وأنه فكر أن يسلم نفسه للإنجليز هربا من نكد الحياة الزوجية !!
انتقل بعدها مع زوجته إلى سنهور عند سيد أحمد أفندي عبد الخالق ثم ذهب معها إلى القرشية ضيفا على أحمد بك المنشاوي متنكرا في هيئة عالم يمني ومنه إلى منزل صديقه الأديب الفلسطيني محمد التميمي ، بعد ذلك رحل إلى الدلجمون ثم البكاتوش في ضيافة عمدتها إبراهيم حرفوش ونزل بمنزل الحاج إسماعيل الكردي وبمعونة جاره أحمد جودة الذي كان يرافقه ويحميه ثم رحل إلى شباس الشهداء عند محمد معبد الحلاق ومنها إلى دسوق عند صديقه الشاعر محمد شكري المكي كاتب المركز.
عانى النديم كثيرا من الصعاب في رحلته تلك فأحيانا كان يتخفى في سراديب تحت الأرض بالشهور وكان يصنع الحبر فيها من هباب الفرن حيث كتب خلال تلك السنوات أكثر مما كتب قبلها وضاع بسبب الإنجليز فيقول : " وقد تم لى الآن عشرون مؤلفا بين صغير وكبير فانظر إلى آثار رحمة الله اللطيف الخبير كيف جعل أيام المحنة وسيلة للمنحة والمنة " ، وهو يثني على وفاء الناس وحبهم للعرابيين رغم أن السلطات وقتها أعلنت عن مكافأة ألف جنيه لمن يرشد عنه وهو مبلغ مهول في تلك الفترة.
ويبدو أنه فقد حذره عندما ذهب مع زوجته في زيارة إلى قرية الجميزة في ضيافة عمدتها الشيخ عبد الغني حيث اشتبه به أحد العملاء السريين وأبلغ عنه فألقي القبض عليه في عام 1891 م. ، ومثل للتحقيق أمام رئيس نيابة طنطا قاسم بك أمين (الكاتب المعروف بعد ذلك) والذي عامله معاملة طيبة وأعطاه مالا وتم إرسال زوجته معززة مكرمة إلى المحلة الكبرى وأفرج عن جميع المتسترين عليه ثم نفي إلى يافا وسافر بعدها إلى إسطنبول حيث توفي فيها عام 1896 م. ودفن في مقبرة يحيى أفندي.
في نهاية عام 1882 م. تم نفي زعماء الثورة العرابية ما عدا واحد فقط وهو الأديب والكاتب وخطيب الثورة عبد الله النديم والذي اختفى ولم يعثر له على أثر طوال تسع سنوات كاملة حتى أشيع بأنه قتل أو هرب للخارج ، لكن الحقيقة أن النديم طوال تلك الفترة كان يعيش متخفيا في أرياف وسط الدلتا حيث الحماية الكاملة من أهالي المحلة الكبرى وأجوارها بل إنه تزوج أثناء تلك الفترة من ابنة الحاج مصطفى منى أحد كبار التجار في المحلة وهي التي رافقته في رحلة الأهوال والصعاب ووقفت معه بشجاعة.
وقد كانت رحلة النديم في التخفي أسطورية ويضرب بها المثل حيث تخفى في زي المتصوفة وغادر القاهرة ليلا عن طريق النيل إلى ميت غمر ثم المنصورة ثم عبر إلى مديرية الغربية ونزل بقرية ميت الغرقا (ميت الكرما الحالية) حيث استضافه صديقه الشيخ سعيد الأزهري وشيخ الصوفية شحاتة القصبي والذي رتب له الانتقال إلى قرية العتوة القبلية حيث استضافه عمدتها الحاج محمد الهمشري ثلاث سنوات ومنها إلى كوم الطويل حيث تنكر في هيئة شيخ من الحجاز بمعونة صديقه سيد المغازي.
بعد ذلك انتقل إلى المحلة الكبرى متنكرا في هيئة تاجر مغربي حيث قضى فيها عشرين يوما في إحدى الوكالات التجارية في حماية الحاج مصطفى منى الذي كتم أمره وأعانه وزوجه ابنته ، ولا نعرف هل كانت قصة حب أم زواج تقليدي لكنه يثني على مواقف زوجته في تحمل الشدائد وفي نفس الوقت يحكي بسخريته المعهودة عن كثرة المشاجرات الزوجية معها وكيف أنها في إحدى المرات ضربته في فمه بقبضتها فكسرت له أسنانه وأنه فكر أن يسلم نفسه للإنجليز هربا من نكد الحياة الزوجية !!
انتقل بعدها مع زوجته إلى سنهور عند سيد أحمد أفندي عبد الخالق ثم ذهب معها إلى القرشية ضيفا على أحمد بك المنشاوي متنكرا في هيئة عالم يمني ومنه إلى منزل صديقه الأديب الفلسطيني محمد التميمي ، بعد ذلك رحل إلى الدلجمون ثم البكاتوش في ضيافة عمدتها إبراهيم حرفوش ونزل بمنزل الحاج إسماعيل الكردي وبمعونة جاره أحمد جودة الذي كان يرافقه ويحميه ثم رحل إلى شباس الشهداء عند محمد معبد الحلاق ومنها إلى دسوق عند صديقه الشاعر محمد شكري المكي كاتب المركز.
عانى النديم كثيرا من الصعاب في رحلته تلك فأحيانا كان يتخفى في سراديب تحت الأرض بالشهور وكان يصنع الحبر فيها من هباب الفرن حيث كتب خلال تلك السنوات أكثر مما كتب قبلها وضاع بسبب الإنجليز فيقول : " وقد تم لى الآن عشرون مؤلفا بين صغير وكبير فانظر إلى آثار رحمة الله اللطيف الخبير كيف جعل أيام المحنة وسيلة للمنحة والمنة " ، وهو يثني على وفاء الناس وحبهم للعرابيين رغم أن السلطات وقتها أعلنت عن مكافأة ألف جنيه لمن يرشد عنه وهو مبلغ مهول في تلك الفترة.
ويبدو أنه فقد حذره عندما ذهب مع زوجته في زيارة إلى قرية الجميزة في ضيافة عمدتها الشيخ عبد الغني حيث اشتبه به أحد العملاء السريين وأبلغ عنه فألقي القبض عليه في عام 1891 م. ، ومثل للتحقيق أمام رئيس نيابة طنطا قاسم بك أمين (الكاتب المعروف بعد ذلك) والذي عامله معاملة طيبة وأعطاه مالا وتم إرسال زوجته معززة مكرمة إلى المحلة الكبرى وأفرج عن جميع المتسترين عليه ثم نفي إلى يافا وسافر بعدها إلى إسطنبول حيث توفي فيها عام 1896 م. ودفن في مقبرة يحيى أفندي.