فأنت بعيد كل البعد عن هموم الشعب وقضاياه الأساسية والمشروعة إذ لم تكن سباقا لنقلها إلى قبّتك للدفاع عنها والاستماتة في هذا الدفاع حتى يتحقق ولو جزء منها. ما تُجيده هو الركوب، الركوب على هذه الهموم والقضايا وذلك بعدما بحّتْ حناجر الشعب ودبّ إلى أحشائه اليأس وصرخ واحتج وغضب، الخ.
والمصيبة العظمى أنه عندما تُنقل هذه الهموم والقضايا إلى قبتك، سرعان ما تتحول إلى سلاح لتصفية الحسابات بين أشخاص وأحزاب ولوبيات في نسيان تام أنها قضايا تهم حياةَ المواطنين ومعيشتَهم اليومية. وحتى حينما يُعْطى لهذه الهموم والقضايا الاهتمام الكافي، فإنها تصبح عبارة عن مسابقة لمن يُتقِن الخطابة وتأليف أحسن إنشاء والنفخ في الكلمات والجمل وتركيب الاستعارات والمجازات... وفي نهاية المطاف، عندما يلتفت المواطن يمنةً ويسارا، وينظر إلى واقعه اليومي، لا شيء يُذكر. تبقى الأمور على ما هي عليه بل تستفحل مع مرور الوقت.
أيها البرلمان، إنه لمن الغرابة بمكان وإنه لشيء يُحيِّر العقولَ أن تبقى هموم المواطنين وقضاياهم الأساسية بدون حلول وذلك مند أن أصبح للمغرب أول دستور سنة 1962!
من برلمان إلى برلمان ومن حكومة إلى حكومة، كم من نقاشات، وكم من أسئلة شفوية وكتابية، وكم من مطاحنات، وكم من مواجهات، وكم من تداول للأغلبيات وللمعارضات، وكم من انتقالات من الأغلبيات إلى المعارضات، ومن المعارضات إلى الأغلبيات. وكم من تعاقب للأحزاب على الكراسي الوزارية، وكم من قوانين مالية، و كم من خطط وبرامج واستراتيجيات، وكم من ملايير الدراهم المنفقة على هذا القطاع أو ذاك، وكم من ارتفاع في كتلة الناتج الداخلي الخام بدون جدوى، وكم من... وهموم المواطنين وقضاياهم الأساسية لا تزال قائمةً.
أي عقل حكيم ومتَّزن ومتبصِّر يقبل هذا الوضعَ؟ أين ثروات البلاد؟ من استفاد ويستفيد منها؟ شيء مؤكد : ليس المواطن الضعيف، الفقير، المتواضع والمنتمي لما يسمى خطأ الطبقة الوسطى. الجواب لا يحتاج إلى مجهر!
وأغرب ما في الغرابة من غرابة، هو أن البرلمانات والحكومات المغربية المتعاقبة على الكراسي تعرف حق المعرفة هذه الهموم والقضايا، لكنها لم توليها الاهتمامَ المطلوب الذي تفرضه عليها المواطنة وحب الصالح العام. لأنها بكل بساطة، لم تحاول ولو هنيهةً أن تتقمص الوضع الذي يعيشه المواطن الضعيف، الفقير، المتواضع والمنتمي لما يسمى خطأ الطبقة الوسطى. لقد انشغلتْ أيما انشغال بالمحافظة على الكراسي والامتيازات ولا يهمها أن يُرَتَّبَ بلدُها، الذي تتشدَّق بالانتماء إليه، في المراتب المتأخرة في مجالات التعليم والصحة والتنمية البشرية...
أيها البرلمان، إنك تعرف حق المعرفة أن المشاكل التي يعاني منها الشعب المغربي لا تزال قائمةً وهي :
-انتشار الأمية،
-رداءة التعليم،
-سوء توزيع الثروات،
-بناء الإنسان المغربي و تمتيعه بالكرامة،
-الفوارق الاجتماعية والمجالية الصارخة والوقحة (اللاعدالة الاجتماعية)،
-عدم تكافؤ الفرض (عدم الانصاف)،
-السطو على الإرادة و الحقوق،
-الرشوة و الفساد،
-الريع،
-إهمال الواجب،
-الزبونية،
-المحسوبية،
-الإفلات من المحاسبة والعقاب، الخ.
هذه هي المشاكل الاجتماعية التي، إلى حد الآن، لم تجد طريقَها إلى الحل ولم يٌعْط لها الاهتمام الكافي والصادق والنابع من إرادة سياسية قوية يحركها حب الوطن والطموح إلى رؤيته في القمم.
هذه هي المشاكل التي لم تكن، لا للبرلمانات ولا للحكومات، لا الجرأة الكافية ولا الحزم المطلوب للتصدي لها لأنها تتطلب إشهارَ تحدٍّ صارم في وجه طغيانِ وجشعِ اللوبيات الاقتصادية وإعلانَ حرب شعواء على الإفلات من العقاب وزعزعةَ ركائز الحݣرة وإعادةَ النظر في مفهوم كرامة الإنسان، والتَّمتّعَ بِمَغْرَبَةٍ Marocanité مُتساوية إطلاقا لجميع المواطنين وإبداعَ مغرب جديد عضويا وفيزيولوجيا، مغرب مُخَلَّقٍ، مغرب يملكه أبناءُه وبناتُه وليس شرذمة من الطغاة المتمخزنين الذين حرفوا السياسة والديمقراطية والمواطنة والانتخابات، الخ.
هذه هي المشاكل التي تجعل من المغرب مغربين. مغرب أول متألف من المواطنين الضعفاء، الفقراء، المتواضعين والمنتمين لما يسمى خطأ الطبقة المتوسطة وهو مغرب السواد الأعظم من المغاربة. ومغرب ثاني يتألف من الأقلية المتعجرفة المستولية على الثروة والمال والسلطة. مغرب أول لا يتذكره المغرب الثاني إلا عندما يريد الوصول إلى أماكن النفوذ و القرار والهيمنة.
أيها البرلمان لا تقل إنك تمثل الشعبَ ما دام عملُك يبتعد كل البعد عن هموم هذا الشعب. إننا عندما نتابع أشغالك عبر وسائل الإعلام، نلاحظ أنك تتقن إهدارَ الوقت في التّضخم الكلامي الذي لا يُغني ولا يُسمن من جوع. كما تتقن كذلك لغةَ التَّراشق والنّقاش السطحي والخوض في متاهات سياسوية ومحاولة تشويه سمعةَ الآخر. أضف إلى كل هذه النقائص، الغياب الواضح عن الجلسات علانيةً وضدا في القانون واستهزاءً بالمسئولية وبالأمانةِ التي ألقاها الشعب على عاتقك.
فكيف تهتم بهموم الشعب وأنت تُقيم الدنيا وتُقعِدها عندما يتعلق الأمر بتقاعدك وتعويضاتك. ماذا استفاد المواطنون المغاربة الضعفاء، الفقراء، المتواضعون والمنتمون لما يسمى خطأ الطبقة المتوسطة من وجودك؟ ما هي القيمة المضافة لكلامك، لخُطبك، لنِقاشاتك، لأحزابك؟ ما هي القوانين التي صادقتَ عليها وأحدثتْ تصدُّعا في وسط اللوبيات الاقتصادية وزعزعتْ المحتكرين لثروات البلاد وأسقطتْ رموزَ الريع وذوَّبَتْ الفوارق الاجتماعية وأنصفتْ الفقير...؟
ما هو ردك على آفات اجتماعية يندى لها الجبين ولا تليق ببلد يطمح أن يصبح مصنَّفا ضمن البلدان الصاعدة pays émergents. أتظن أن خَطابَاتك هي التى ستحل مشكل تشغيل أكثر من 247000 طفل وفي غالب الأحيان في ظروف قاسية لا تليق بهذه الفئة من المواطنين الذين تتراوخ أعمارهم بين 7 و17 سنة والذين مكانهم الطبيعي هو المدرسة؟
أتظن أن لغطك هو الذي سيقضي على الهذر المدرسي الذي يُلْقي بآلاف المتمدرسين إلى الشارع؟ أتظن أن التضخم في الكلام هو الذي سيوقِف قوارب الموت؟ أتظن أن التراشق الكلامي هو الذي سيحد من انتشار المخدرات والعنف والتَّسوُّل والانحلال الأخلاقي وفساد الإدارة...
إنك تَعِي كل الوعي أن هذه الآفات ما كانت لتحدثَ أو على الأقل لتتفاقم لو أنك انشغلتَ فعليا وقلبا وقالبا مند وجودك على أرض هذا البلد، المغرب، بهموم وقضايا الشعب المغربي السالفة الذكر؟
أن تقولَ إنك انشغلتَ وتنشغلُ بهذه الهموم والقضايا مند 1962، أي بعد مرور 56 سنة، فهذا بهتان و استهزاء بذكاء وعقول المواطنين.. فاعلم أن الشعب المغربي أصبح واعيا، و وعيُه هذا سيتزايد باستمرار. إن لم يحاسبك القانون، فهو الذي سيحابك.
إلا شيء واحد : أن تقولَ أنك تمثل الشعب
هذه المقالة تشخِّص وضعَ المشهد السياسي ببلادنا، الذي كان، من المفروض، أن يكونَ أحسن بكثير مما هو عليه اليوم. وليست على الإطلاق دعوة لعدم الاهتمام بالسياسة والعزوف عن الانتخابات.
التَّصويت حق و وأحب وطني. كلنا نحب بلادَنا ونريد لها الخيرَ كل الخير. كما نريد أن نراها في أحسن الأحوال وأن تكونَ مُعزَّزةً ومُكرَّمةً بين الأمم.
والمصيبة العظمى أنه عندما تُنقل هذه الهموم والقضايا إلى قبتك، سرعان ما تتحول إلى سلاح لتصفية الحسابات بين أشخاص وأحزاب ولوبيات في نسيان تام أنها قضايا تهم حياةَ المواطنين ومعيشتَهم اليومية. وحتى حينما يُعْطى لهذه الهموم والقضايا الاهتمام الكافي، فإنها تصبح عبارة عن مسابقة لمن يُتقِن الخطابة وتأليف أحسن إنشاء والنفخ في الكلمات والجمل وتركيب الاستعارات والمجازات... وفي نهاية المطاف، عندما يلتفت المواطن يمنةً ويسارا، وينظر إلى واقعه اليومي، لا شيء يُذكر. تبقى الأمور على ما هي عليه بل تستفحل مع مرور الوقت.
أيها البرلمان، إنه لمن الغرابة بمكان وإنه لشيء يُحيِّر العقولَ أن تبقى هموم المواطنين وقضاياهم الأساسية بدون حلول وذلك مند أن أصبح للمغرب أول دستور سنة 1962!
من برلمان إلى برلمان ومن حكومة إلى حكومة، كم من نقاشات، وكم من أسئلة شفوية وكتابية، وكم من مطاحنات، وكم من مواجهات، وكم من تداول للأغلبيات وللمعارضات، وكم من انتقالات من الأغلبيات إلى المعارضات، ومن المعارضات إلى الأغلبيات. وكم من تعاقب للأحزاب على الكراسي الوزارية، وكم من قوانين مالية، و كم من خطط وبرامج واستراتيجيات، وكم من ملايير الدراهم المنفقة على هذا القطاع أو ذاك، وكم من ارتفاع في كتلة الناتج الداخلي الخام بدون جدوى، وكم من... وهموم المواطنين وقضاياهم الأساسية لا تزال قائمةً.
أي عقل حكيم ومتَّزن ومتبصِّر يقبل هذا الوضعَ؟ أين ثروات البلاد؟ من استفاد ويستفيد منها؟ شيء مؤكد : ليس المواطن الضعيف، الفقير، المتواضع والمنتمي لما يسمى خطأ الطبقة الوسطى. الجواب لا يحتاج إلى مجهر!
وأغرب ما في الغرابة من غرابة، هو أن البرلمانات والحكومات المغربية المتعاقبة على الكراسي تعرف حق المعرفة هذه الهموم والقضايا، لكنها لم توليها الاهتمامَ المطلوب الذي تفرضه عليها المواطنة وحب الصالح العام. لأنها بكل بساطة، لم تحاول ولو هنيهةً أن تتقمص الوضع الذي يعيشه المواطن الضعيف، الفقير، المتواضع والمنتمي لما يسمى خطأ الطبقة الوسطى. لقد انشغلتْ أيما انشغال بالمحافظة على الكراسي والامتيازات ولا يهمها أن يُرَتَّبَ بلدُها، الذي تتشدَّق بالانتماء إليه، في المراتب المتأخرة في مجالات التعليم والصحة والتنمية البشرية...
أيها البرلمان، إنك تعرف حق المعرفة أن المشاكل التي يعاني منها الشعب المغربي لا تزال قائمةً وهي :
-انتشار الأمية،
-رداءة التعليم،
-سوء توزيع الثروات،
-بناء الإنسان المغربي و تمتيعه بالكرامة،
-الفوارق الاجتماعية والمجالية الصارخة والوقحة (اللاعدالة الاجتماعية)،
-عدم تكافؤ الفرض (عدم الانصاف)،
-السطو على الإرادة و الحقوق،
-الرشوة و الفساد،
-الريع،
-إهمال الواجب،
-الزبونية،
-المحسوبية،
-الإفلات من المحاسبة والعقاب، الخ.
هذه هي المشاكل الاجتماعية التي، إلى حد الآن، لم تجد طريقَها إلى الحل ولم يٌعْط لها الاهتمام الكافي والصادق والنابع من إرادة سياسية قوية يحركها حب الوطن والطموح إلى رؤيته في القمم.
هذه هي المشاكل التي لم تكن، لا للبرلمانات ولا للحكومات، لا الجرأة الكافية ولا الحزم المطلوب للتصدي لها لأنها تتطلب إشهارَ تحدٍّ صارم في وجه طغيانِ وجشعِ اللوبيات الاقتصادية وإعلانَ حرب شعواء على الإفلات من العقاب وزعزعةَ ركائز الحݣرة وإعادةَ النظر في مفهوم كرامة الإنسان، والتَّمتّعَ بِمَغْرَبَةٍ Marocanité مُتساوية إطلاقا لجميع المواطنين وإبداعَ مغرب جديد عضويا وفيزيولوجيا، مغرب مُخَلَّقٍ، مغرب يملكه أبناءُه وبناتُه وليس شرذمة من الطغاة المتمخزنين الذين حرفوا السياسة والديمقراطية والمواطنة والانتخابات، الخ.
هذه هي المشاكل التي تجعل من المغرب مغربين. مغرب أول متألف من المواطنين الضعفاء، الفقراء، المتواضعين والمنتمين لما يسمى خطأ الطبقة المتوسطة وهو مغرب السواد الأعظم من المغاربة. ومغرب ثاني يتألف من الأقلية المتعجرفة المستولية على الثروة والمال والسلطة. مغرب أول لا يتذكره المغرب الثاني إلا عندما يريد الوصول إلى أماكن النفوذ و القرار والهيمنة.
أيها البرلمان لا تقل إنك تمثل الشعبَ ما دام عملُك يبتعد كل البعد عن هموم هذا الشعب. إننا عندما نتابع أشغالك عبر وسائل الإعلام، نلاحظ أنك تتقن إهدارَ الوقت في التّضخم الكلامي الذي لا يُغني ولا يُسمن من جوع. كما تتقن كذلك لغةَ التَّراشق والنّقاش السطحي والخوض في متاهات سياسوية ومحاولة تشويه سمعةَ الآخر. أضف إلى كل هذه النقائص، الغياب الواضح عن الجلسات علانيةً وضدا في القانون واستهزاءً بالمسئولية وبالأمانةِ التي ألقاها الشعب على عاتقك.
فكيف تهتم بهموم الشعب وأنت تُقيم الدنيا وتُقعِدها عندما يتعلق الأمر بتقاعدك وتعويضاتك. ماذا استفاد المواطنون المغاربة الضعفاء، الفقراء، المتواضعون والمنتمون لما يسمى خطأ الطبقة المتوسطة من وجودك؟ ما هي القيمة المضافة لكلامك، لخُطبك، لنِقاشاتك، لأحزابك؟ ما هي القوانين التي صادقتَ عليها وأحدثتْ تصدُّعا في وسط اللوبيات الاقتصادية وزعزعتْ المحتكرين لثروات البلاد وأسقطتْ رموزَ الريع وذوَّبَتْ الفوارق الاجتماعية وأنصفتْ الفقير...؟
ما هو ردك على آفات اجتماعية يندى لها الجبين ولا تليق ببلد يطمح أن يصبح مصنَّفا ضمن البلدان الصاعدة pays émergents. أتظن أن خَطابَاتك هي التى ستحل مشكل تشغيل أكثر من 247000 طفل وفي غالب الأحيان في ظروف قاسية لا تليق بهذه الفئة من المواطنين الذين تتراوخ أعمارهم بين 7 و17 سنة والذين مكانهم الطبيعي هو المدرسة؟
أتظن أن لغطك هو الذي سيقضي على الهذر المدرسي الذي يُلْقي بآلاف المتمدرسين إلى الشارع؟ أتظن أن التضخم في الكلام هو الذي سيوقِف قوارب الموت؟ أتظن أن التراشق الكلامي هو الذي سيحد من انتشار المخدرات والعنف والتَّسوُّل والانحلال الأخلاقي وفساد الإدارة...
إنك تَعِي كل الوعي أن هذه الآفات ما كانت لتحدثَ أو على الأقل لتتفاقم لو أنك انشغلتَ فعليا وقلبا وقالبا مند وجودك على أرض هذا البلد، المغرب، بهموم وقضايا الشعب المغربي السالفة الذكر؟
أن تقولَ إنك انشغلتَ وتنشغلُ بهذه الهموم والقضايا مند 1962، أي بعد مرور 56 سنة، فهذا بهتان و استهزاء بذكاء وعقول المواطنين.. فاعلم أن الشعب المغربي أصبح واعيا، و وعيُه هذا سيتزايد باستمرار. إن لم يحاسبك القانون، فهو الذي سيحابك.
إلا شيء واحد : أن تقولَ أنك تمثل الشعب
هذه المقالة تشخِّص وضعَ المشهد السياسي ببلادنا، الذي كان، من المفروض، أن يكونَ أحسن بكثير مما هو عليه اليوم. وليست على الإطلاق دعوة لعدم الاهتمام بالسياسة والعزوف عن الانتخابات.
التَّصويت حق و وأحب وطني. كلنا نحب بلادَنا ونريد لها الخيرَ كل الخير. كما نريد أن نراها في أحسن الأحوال وأن تكونَ مُعزَّزةً ومُكرَّمةً بين الأمم.