مقتطف رائد الجحافي - إمبراطورية الإخوان المسلمين وخطة السيطرة على القرار السياسي العالمي.. (الحلقة الثانية)

2-


ما هي جماعة الإخوان المسلمين؟

التعريف..
يعرف "الإخوان المسلمين* أنفسهم، رسمياً بأنهم، هيئة إسلامية جامعة، تعمل لإقامة دين الله في الأرض، وتحقيق الأغراض التي جاء من أجلها الإسلام الحنيف(1).
ويعرفون أنفسهم أيضاً بأنهم، جماعة إصلاحية شاملة تفهم الإسلام فهما شاملا وتشمل فكرتهم كل نواحي الإصلاح في الأمة، فهي دعوة سلفية، وطريقة سُنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية ثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية(2).
ويعرفها مركز مالكوم كارينغي للشرق الأوسط بأنها، جمعية الإخوان المسلمين، المعروفة أكثر باسم “الإخوان المسلمون”، هي تنظيم إسلامي تأسس في مصر على يد حسن البنّا في العام 1928 بسبب حاجة متصورة إلى نهضة إسلامية. طوال عقد الثلاثينيات من القرن الماضي، تطوّرت الفكرة إلى حركة تضمّ أبناء الطبقتين الدنيا والمتوسطة ونشرت الإسلام بوصفه أساساً للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي (3).
ويعرفها المعارضين لها، تعريف أثار حنق الإخوان المسلمين في كل دول العالم، وهو ما تطرق له الكاتب، منير اديب* عن مفهوم الإخوان المسلمين، حيث ينطلق بسرد تعريفه للجماعة بعنوان على هيئة استفسار "هل "الإخوان المسلمون"... حركة اجتماعية أم تيار ديني؟".
ويبحر بالكلام قائلاً، "هذا السؤال لا بد من أن تكون من أدبيات "الإخوان المسلمين" أنفسهم، وأحاول أن أقدم التنظيم كما أراد التنظيم لنفسه من دون زيادة أو نقصان، فقد قال المؤسس الأول حسن البنا: "نحن دعوة سلفية، وطريقه سنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، وروابط علمية ثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية".
فرغم أنه وصف دعوته بكل شيء، إلا أنه قال في مجموعة الرسائل عن الجماعة إنها ليست حزباً سياسياً، ولا جمعية خيرية، أو فرقة رياضية، ولكننا أيها الناس، وهنا يخاطب البنا أنصاره، "فكرة وعقيدة ونظام ومنهج لا يحدده موضع، ولا يقيده جنس، ولا يقف دونه حاجز جغرافي، ولا ينتهي بأمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ذلك لأنه نظام رب العالمين ومنهاج رسوله الأمين".
ويضيف الكاتب، "لا مشكلة في تعريف حسن البنا نفسه، فهو يرى أن ما طرحه على النّاس دعوة "ربانية" سوف تظل باقية، لأنها تستقي منهجها من رب العالمين ومنهاج الرسول صلى الله عليه وسلم؛ كان يتحدث عن دعوته وكأنه يتحدث عن دين جديد، فيضع أركان هذا الدين في دعوته، ويرى أنه الوحيد الذي نجح في ترميم العقيدة "الفاسدة" من وجهة نظره؛ فعودة الحياة إليها كانت مرتبطة بالإعلان عن تنظيمه!
فعلى أي صورة اختلفنا فيها مع حسن البنا، فقد لفت نظرنا أنه عندما أعلن عن جماعته عرّفها على أنها جماعة دينية ليس لها علاقة بالسياسة، فقد هرب الرجل من الاشتغال في السياسة في أول 10 سنوات، وعندما اشتد عود تنظيمه عاد إليها، وهذا دليل فطنة البنا ومكره، ثم أكد ذلك بقوله: إننا لسنا حزباً سياسياً".
ويستطرد قائلاً"هناك من يرى أن الهوى خالج البنا، فخلط عملاً صالحاً وآخر فاسداً، حتى بات الفساد عنواناً للمحتوى الذي قدمه التنظيم في حياة المؤسس وبعد مماته، وهذا مرتبط بصورة كبيرة بالتدرجية التي أعلن من خلالها أفكاره، إذ بدأ بدعوة دينية بحتة ثم أدخل عليها السياسة وانتهى بتدشين جناح عسكري للجماعة في نهاية الثلاثينات من القرن الماضي".
واضاف الكاتب منير اديب، "يرى البنا تنظيمه دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وكل هذه مفردات دينية، أتبعها بوصفها في ما بعد بأنها هيئة سياسية، وكأنه يريد أن يقول: إن "الإخوان" تيار ديني وسياسي، صعب الجمع بين التيارين، ولكنه أراد ذلك بتعريفه، وهذا ما يخالف ويناقض تماماً الطرح بأن "الإخوان" حركة اجتماعية".
ويواصل الكتابة قائلا "أنصار التنظيم "الديني" يعرفون "الإخوان" في سياق الدفاع عنه بأنه حركة سياسية، وبالتالي من حقها المشاركة السياسية باعتبارها فصيلاً سياسياً ومكوناً لا يمكن الاستغناء عنه، وسياق آخر مرتبط بوصفها حركة اجتماعية، وهنا يقصد المدافعون رفع أي تهم عنها تتعلق بالإرهاب والتطرف، فكلما وصفت التنظيم بالإرهاب رموك بالقول: إن "الإخوان" حركة اجتماعية قابلة لتصويب أفكارها ومعتقداتها، وهذا قول يجافي حقيقة التنظيم ويخالف حتى تعريف المؤسس ورؤية قادة الجماعة لتنظيمهم".
ويضيف"عندما تتأمل وصف "الإخوان المسلمين" لأنفسهم تجد أن مؤسس التنظيم ما ترك وصفاً حميداً إلا وخلعه على جماعته؛ فكل الذين يرون أن "الإخوان" دعوة دينية "ربانية" يمكن أن يروا ذلك في ما قاله البنا، وكل من يريد أن يمارس السياسة معتبراً أن الدعوة "سياسية" من الطراز الفريد يمكن أن يفعل ذلك، ويلقي به في وجوه السياسيين الذين يرون التنظيم دعوة دينية دخلت معترك السياسة وخلط كلّ منهما الآخر".
ثم يعاود التدقيق في ما تناوله حسن البنا، "العجيب أنك عندما تتأمل الجماعة من واقع تعريف مؤسسها تجدها دعوة "جهادية"، "الجهاد سبيلنا... والموت في سبيل الله أسمى أمانينا"، والهدف هنا هو إرضاء مشاعر أطياف "الإخوان" وغير "الإخوان"، فقد نجح في أن يضم إلى دعوته كل الأطياف من كل الأوساط، بهذه المراوغة، وهنا تجد داخل التنظيم من يغرق في تديّنه وتجد فيه أيضاً من يغرق في ممارسته السياسة، كما تجد من يغلو في عنفه تحت مسمى الجهاد، ورغم اختلاف هذه الطوائف بعضها عن بعض، إلا أنه يضمها سقف تنظيمي واحد".
ويؤكد الباحث أن "الإخوان المسلمون" ليسوا حركة اجتماعية، ففي المفهوم الفلسفي للحركات الاجتماعية أنها لا تمارس السياسة، وإذا كان ذلك فهي تنظيم سياسي فهمه لا بد من أن يكون من منظور اجتماعي، ولا يمكن إطلاق اللفظة نفسها عليها وهي تنظيم ديني "مغلق"؛ الحركات الاجتماعية التي تشتغل في التغيير تكون أكثر وضوحاً في تعريف نفسها، وليست مغلقة بالمفهوم الذي عرفنا عليه تنظيمات الإسلام السياسي و"الإخوان المسلمين" على وجه التحديد".
ويواصل تعرية مفهوم الجماعة بالقول ""الإخوان" يَقتلون باسم الدين ويتبرأون من القتل باسم الدين أيضاً؛ معادلة تستخدمها الجماعات الدينية وليس الحركات الاحتجاجية أو الاجتماعية أو التي يمكن حصرها في هذا النطاق، فـ"الإخوان" تنظيم ديني يرى نفسه المعبّر الحصري عن الإسلام، ولا يؤمن بمجموعات التغيير الأخرى إيماناً فعلياً. صحيح يُهادنها ولكنه لا يدخل في خلاف معها قد يخصم من رصيده.
"الإخوان" تيار ديني نجح في إقناع النّاس (البيئة المخالطة له) بأنه تيار سياسي حتى دخل غمار السياسة بالمفهوم الديني، وراوح في تعريف نفسه بين التيار الديني والسياسي؛ الحركات الاجتماعية لا تُبنى على مفاهيم دينية مغلقة ولا تمارس العنف، صحيح هي حركة اجتماعية من حيث مفهومها وفلسفتها، ولكن من حيث الممارسة هي تيار ديني "متطرف" لم يتمتع بالوضوح قدر تمتعه بالدهاء والتطرف.
يمكن أن تقبل المجتمع بكل تنوعاته الاجتماعية وطوائفه ومذاهبه، ولكنك لا يمكن أن تقبل مجتمعاً متفسخاً، لا وضع نفسه في سلة المجتمع ولا هو طائفة بالمعنى المفهوم للطائفة، هو تيار ديني مذهبي مرتبط بعقيدة صاحبه وليس بتوجهه الديني أو السياسي كما في حالة "الإخوان المسلمين"".
ثم ينهال بالسخط على الجماعة بتشبيهها بهذا التشبيه الذي تجاوز حدود أدبيات النشر ووصفهم، "الإخوان المسلمون" أشبه بالراقصة التي تدّعي الفضيلة وتتباهى بأنها نجحت في تغطية جزء كبير من جسدها، تفعل ذلك وهي تتناسى أنها كشفت أكثر مما سترت من هذا الجسد، وهنا اعتمدت على عيون الناس التي تحكمت فيها ملايين الرسائل الموجهة للتنظيم"(4).
هي منظمة اسلاموية سياسية تستخدم الدين الاسلامي ومبادئ تحقيق العدالة الاجتماعية أبرز شعاراتها التي تهدف من خلالها إلى كسب واستقطاب انصارها، تقوم على عقيدة ومبدأ السمع والطاعة لقادتها في المراكز العليا، تؤمن بوجوب طاعة المرشد العام، تنادي بالتغيير وتسعى إلى تحقيق إمبراطورية مالية قوية تستطيع من خلالها تعزيز موقعها السياسي للوصول إلى مفاصل الحكومات والسيطرة عليها على طريق تحقيق أبرز أهدافها التي تنادي بها وهي قيام الخلافة الإسلامية.
تأسست في 22 مارس 1928م في مصر من قبل حسن البنا الذي تخرج حينها من دار العلوم.
في البداية ظهرت جمعية الأخلاق الأدبية وجرى اختيار حسن البناء رئيسًا لمجلس إدارة الجمعية، ثم أنشأوا جمعية أخرى خارج نطاق مدرستهم سموها جمعية منع المحرمات، أسس صديقه محب الدين الخطيب جمعية الشبان المسلمين هدفها مقاومة التبشير الذي يقوم به الأستعمار بين المسلمين وانضمَّ حسن البنا للشبان المسلمين.
عمل حسن البنا على تكوين جماعة من الدعاة المتحمسين من طلبة دار العلوم والأزهر، وخرجوا إلى الناس في المساجد والمقاهي يرشدونهم إلى التمسك بدينهم واتباع سنة الرسول.
في عام 1927 عين البنا مدرساً بمدارس الإسماعيلية للبنين، وهناك كثف نشاطه الدعوي، وشرع ينظر الناس ماهية الاسلام الذي قال إنه بناء يقوم على أربعة أعمدة؛ الحكومة، والأمة، والأسرة، والفرد.
وهناك في الاسماعيلية أسس البنا جمعية الإخوان المسلمين.
بعدها نُقل ليعمل مدرساً في القاهرة، وهناك استطاع أن يجد لخطابه الكثير من الأنصار..
وجاء البروز الأول لجماعة الإخوان المسلمين في مارس - آذار سنة 1928، عندما زار حسن البنا في منزله كل من، حافظ عبد الحميد، أحمد الحصري، فؤاد إبراهيم، عبد الرحمن حسب الله، إسماعيل عز، وزكي المغربي، الذين تأثّروا من محاضرات البنا، وناقشوا معه الفكرة واتفقوا على تأسيس الحركة وجرت مبايعته، فتأسست مدرسة التهذيب لحفظ القرآن وشرح السور، وحفظ وشرح الأحاديث النبوية وآداب الإسلام، فصارت المدرسة مقراً للإخوان، وتخرج منها في الدفعة الأولى أكثر من سبعين طالب إخواني.
بدأ نشاط حركة الإخوان بالانتشار وانتقل إلى بناء المساجد ونشر العلوم ومساعدة المحتاجين، لذلك اتسعت شعبيتهم ووصل عددهم أكثر من نصف مليون عضو عام 1947م.
وفي عام 1948م أطلق حسن البنا نداء دعى فيه الملوك والحكام إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في شؤون الحياة، وبشر المسلمين بالدولة الإسلامية في صورة الخلافة، قائلاً: «إذا لم تقم الحكومة الإسلامية فإن جميع المسلمين آثمون».

المصادر..
1- المادة (2) من اللائحة الداخلية العالمية لجماعة الإخوان المسلمين، النسخة المعدلة 12 ابريل 1994م
2- الموقع الرسمي لجماعة الإخوان المسلمون، بعنوان، من هم جماعة الإخوان المسلمون
3- بحث حول جماعة الإخوان المسلمين، معلومات حول خلفية جماعة الإخوان المسلمين- الموقع الالكتروني لمركز مالكوم كارينغي للشرق الأوسط - 11 تشرين الأول/أكتوبر 2011م
4- منير اديب - صحيفة "النهار العربي" اللبنانية الالكترونية- مقال بعنوان، هل "الإخوان المسلمون"... حركة اجتماعية أم تيار ديني؟- 02-07-2022م

------------------
*منير اديب، باحث مصري متخصص في شؤون الحركات الإسلامية والتنظيمات المتطرفة والإرهاب الدولي، له عدة مؤلفات من بينها " خريطة الجهاد في مصر" ومؤلفات أخرى، بالإضافة إلى أبحاث ومقالات ومداخلات كثيرة عبر وسائل الإعلام الفضائية والمسموعة ومحاضرات كثيرة حول الحركات الجهادية والتطرف.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...