مقدمة ديوان محمد باطمة " لمشاهبي " بقلم علي مفتاح :
أشهد أن محمد باطمة أزجلُ من الموت
هكذا كان ، يردد صوت ذلك السيل الجارف الذي كان يسكنه ،كان و لم يعد ، بل عاد و لم يكن عاديا كما بقية أترابه ،محمد اقتفى أثر الجمال الذي كان يسكنه حد الهوس ،مشى خلف الطفل الذي كان يركض بين ضفاف أم الربيع ، يلتقط كلمات لمعجم سيرافقه في رحلته نحو عمق الكلمة و اقتناص الدهشة بكل ألوان الإبداع، محمد كان يعي جيدا أن الطفل الذي بداخله ،و هو المشبع حد الثمالة بصور للطبيعة و الأرض الخصبتين، سيرافقه في مسيرته ،سيمشي معه وفق ايقاع الدهشة الكامن خلف ما ستلتقطه عدسة الروح قبل العين . سخي هذا المطر عندما يلتحم بالتراب ،فيمنح الطفل حق اقتناص الصور و العبارات ،يراكمها في ذاكرته بعشق المولعين ، ذاكرة ستظل مرجعا ،ينهل منه ما لذ و طاب من أجل تصوير الحياة عارية ،مجردة من ملابس الإسمنت المديني ، سخية هي الشجرة الوارفة الأغصان ،و الجسد البدين لا يسعف الطفل الذي كان لكي يجاري أخاه " اللّايْ " / العربي ،في تسلق علو المكان ، يطرق جدار مخياله ،فتشرع كل أبواب التحليق المتخيلة، إنه طفل حالم بامتياز . البادية هي المنطلق و هي المصب ،هي القصيدة التي كتبته بحبر من تراث ،فكتبها هو الآخر بمداد الروح ،أخلص إليها و هي التي منحته وسام الشاعر المتعدد المتفرد و المتجدد ،سكنته فأفرد لها جناح الشعر بكل صفاء اللغة ،و بكل عمق الخيال ، و انتقاء الصور الشعرية البديعة ،إكراما للبادية / الأم، إكراما للطفل الذي أبى أن يكبر و بأشعاره رفض أن يموت .
مواسم الهجرة إلى الحي المحمدي ،عنوان لسيرة حياة عائلة اختارت أن تنقش فوق كل الأبواب المشرعة للحي اسمها بأحرف من الإحتراق الإبداعي، من السمو بالإنسان المغربي البسيط ،و مصالحته بتراثه المتعدد و الخصب ،عائلة وجدت نفسها و بدون سابق إنذار ،ناطقة باسم كل المقصيين و المهمشين و الحالمين بفجر كرامة و إشراقة عيش كريم ، " شجرة البطمة " الوارفة الظلال ،كانت و ستظل لسان من لا لسان له ، كان العربي رفقة من أسسوا للظاهرة الغيوانية يدرك أن بالقصيدة و عبرها الكلمة الهادفة و الضاربة جذورها في عمق الذاكرة الجماعية للإنسان البسيط ، يمكن تحويلها إلى منفى روحي تتغذى منه و تنتعش كل تلك الأرواح المنكسرة، فتنبعث من رفاتها لتصبح أرواحا متمردة على الفكر الطبقي و سياسات التصنيف حسب الجنس ،العرق و المال . فما أعظم الرجال عندما يقبلون على الموت من أجل ولادة أخرى أكثر عدلا و إنصافا، و ما أعظم القصيدة التي تؤرخ لميلاد فكر يجعل من الفقر سبيلا للإرتقاء و التغيير . شجرة البطمة تعرف معنى أن تبتسم أغصانها لإشراقة فجر جديد ،تدرك أن الريح تهوى مراقصة تلك الأوراق التي ترفض السقوط ، تمشي إلى القلوب التي تستظل بظلها، و بالكلمة و لا شيء غير الكلمة ، عرفت كيف تنفذ من ثقب الألم لتجعله أملا في البقاء الخالد لا ألم الرحيل .
مبدعا كان ،
مشى ينكش في أتربة الشاوية عن لون الحرية ممزوجا بطعم خبز أمه " أمي حادة " المعجون بعرق المسافات و بالحنين للحظات بعينها ، حيث الرغيف يلبس مذاق الحياة في صفائها و بساطتها ،حيث السماء مازالت لم تتخلى بعد عن لوحاتها ، كان الحي المحمدي قبلة لكل البسطاء الذين أتوه يحملون موسوعة الفن و التراث المغربيين بكل ألوانها المتعددة الأوجه و الأشكال ،إذ أصبح بحد إكراهات الهجرة و التهجير الإرادي تارة و القسري تارة أخرى ،عاصمة فوق العادة للثقافة و الفنون ، و للمقاومة كذلك بوجهيها ،مقاومة الفقر و التهميش و مقاومة الاحتلال الفرنسي ،كانت الحياة بالحي المحمدي عبارة عن مسرح كبير، كل الطرق تؤدي إلى الفرجة بداخله ، حيث مضى الفتى بين أزقته المبلطة بالأمل الدفين ،يرسم خارطة لحلم جيل أتعبته المسافات ،جيل حمل على كاهله وزر الكلمات ، جيل ، باسم مبدأ الحضور ، نقش بنقر العظم سيرته ،باللحن و الكلمة شيد لنفسه مدينته الفاضلة، و مضى محمد باطمة يرسم بالكلمة هذا التصادم الخفي و العلني ما بين قطبين ،قطب عالم البادية البسيط في طرائق عيشه و الزاخر بنبض حياة تستمد استمراريتها من الأرض المعطاء ، و قطب عالم المدينة الإسمنتي الموحش و الغارق في أوحال الاغتراب .
مبدعا كان ،
بقلب إنسان غارق في قضايا الإنسان، تسكنه التفاصيل الدقيقة للمواقف و المشاهد الإنسانية، يستقرئ بالكلمة كما اللحن عمق المشاهد التي يصادفها كل يوم ،فيختلي بنفسه في أقصى ركن من الليل ،باحثا عن دهشة الصورة الشعرية و النغمة الراقية ،يلتقط المشهد تلوى الآخر، ينصهر في طقوس الكتابة بانفعال المصور عندما تداهمه المشاهد بكل حمولاتها الانفعالية ،أو بحكمة فيلسوف يمشي عاريا بين دروب اللغة و متاهات الفكر ،فتكسوه بتأملاتها الفكرية و الوجدانية ،محمد لم يكن يكتب القصيدة بل هي التي كانت تكتبه، كان يفرد لها جناح التحليق بداخله ،تستقرئ نبضات قلبه ،تنسل إلى أقصى ركن من روحه، تداعبها ،تستميلها إلى عوالم التوحد بالوجود الكائن و كائن الوجود .
مبدعا كان ،
يقصف الجرح بالصبر و باللجوء اللاإرادي لمنفى القصيدة ، يحمل صخرته/ صرخته الأزلية و يمشي بين دروب الحي المحمدي ، يتساءل : ما الشعر ؟ و ما دور الشعراء ؟ ينقش بخطوه سيرة الفاتحين لأرض انعتاق الإنسان من أغلال الإنسان، يشيد بالانزياح مدينة للفقراء ، و جنة للشعراء، و مرفأ لكل سفن الحرية ، يمسح دمع أطفال ضاقت صدورهم بالتمني و الرجاء، و يطرح السؤال بعفوة تارة و بذكاء خارق تارة أخرى : هل نحن فعلا شعراء ؟ و هو الذي رسم بالكلمة سماء غير السماء ،تمطر بعيدا عن دور الصفيح ، يعيد ترتيب إيقاعها و هي تغسل وجه " كاريان سانطرا " ،بالشعر و ألوانه الداكنة و الفاقعة البياض كذلك ، يعيد صباغة أرصفة " الحزام الكبير "، و يفجر ذاكرة " سينما السعادة " ليضع رفاتها بين أيدي من يهمهم الأمر ،علهم يستيقظون يوما و الأصوات القادمة من داخلها قد أجمعت على أن الحي المحمدي كان موطن الرسالات ، و محمد باطمة كان يدرك أن القصيدة رسالة ،و الكتابة للإنسان و حوله رسالة ، و الدفاع عن الجائع و المحروم رسالة ، و انتشال الكلمة من بركة الاضطهاد رسالة ، و ما بين رسالة و رسالة ،كانت سيرته أبلغ رسالة .
مبدعا كان ،
و لايزال يعصر من موته و من روحه رحيقا للأمل ضدا في اللاأمل ، يطرق باب القبر الذي اختضنه، فتأتي الأصوات اتباعا ، هنا يرقد الشاعر ،هنا النسر عندما يتلمس بريشه طريق الرجوع، هنا البحر عندما تخونه الأمواج التي كانت تحمله عريسا على الأكتاف لتضعه في حضن الارتطام ، هنا المرأة القصيدة التي كتبته بكل الوان العشق ،فانبعث من جديد يحمل ولادته بيد و باليد الأخرى يكتب سيرة للموت التي تعاهده على ألا تسلك طريق المداهمة ،بالقصيدة يغتال الموت، يطعنه بصوته فيُرديه حيا لا يرزق ، هل مات سي محمد ؟ تسأل " أمي حادة " ابنها البكر ، تطرق أبواب قبره المنفتحة على " الحال "،يرد بابتسامة مبتهج سره و أسعده اللقاء : نعم إنه هنا بمقبرة الشهداء يراكم العناق تلو العناق ، يغني للموت و معه ، يراقص أرواحا أخذت شكل الورود بألوان غير الألوان، و بمذاق هو أقرب لطعم الشعر ، نعم الذي كان يوما " أزجل مني " تخلص من الألم و أتى حيث المجال يتسع لكل انزياحاته ، سأعلمه كيف يتسلق الشجرة دون أن تعيقه بدانته، و سيعلمني كيف نكون معا أزجل من الموت .
توضيح لابد منه :
لا يمكن ،بأي حال من الأحوال، اعتبار ما كتبته مقدمة لديوان ،هو في الأصل، كان و سيظل ديوان كل المغاربة ، تغنوا به و حفظوا كلماته عن ظهر حب ،كان رفيقهم الأبدي في لحظات الفرح و الحزن ، ما كتبته ،لا يعدو أن يكون مجرد طلب تأشيرة للإقامة بمملكة تدعى مجازا ب " محمد باطمة " .
أشهد أن محمد باطمة أزجلُ من الموت
هكذا كان ، يردد صوت ذلك السيل الجارف الذي كان يسكنه ،كان و لم يعد ، بل عاد و لم يكن عاديا كما بقية أترابه ،محمد اقتفى أثر الجمال الذي كان يسكنه حد الهوس ،مشى خلف الطفل الذي كان يركض بين ضفاف أم الربيع ، يلتقط كلمات لمعجم سيرافقه في رحلته نحو عمق الكلمة و اقتناص الدهشة بكل ألوان الإبداع، محمد كان يعي جيدا أن الطفل الذي بداخله ،و هو المشبع حد الثمالة بصور للطبيعة و الأرض الخصبتين، سيرافقه في مسيرته ،سيمشي معه وفق ايقاع الدهشة الكامن خلف ما ستلتقطه عدسة الروح قبل العين . سخي هذا المطر عندما يلتحم بالتراب ،فيمنح الطفل حق اقتناص الصور و العبارات ،يراكمها في ذاكرته بعشق المولعين ، ذاكرة ستظل مرجعا ،ينهل منه ما لذ و طاب من أجل تصوير الحياة عارية ،مجردة من ملابس الإسمنت المديني ، سخية هي الشجرة الوارفة الأغصان ،و الجسد البدين لا يسعف الطفل الذي كان لكي يجاري أخاه " اللّايْ " / العربي ،في تسلق علو المكان ، يطرق جدار مخياله ،فتشرع كل أبواب التحليق المتخيلة، إنه طفل حالم بامتياز . البادية هي المنطلق و هي المصب ،هي القصيدة التي كتبته بحبر من تراث ،فكتبها هو الآخر بمداد الروح ،أخلص إليها و هي التي منحته وسام الشاعر المتعدد المتفرد و المتجدد ،سكنته فأفرد لها جناح الشعر بكل صفاء اللغة ،و بكل عمق الخيال ، و انتقاء الصور الشعرية البديعة ،إكراما للبادية / الأم، إكراما للطفل الذي أبى أن يكبر و بأشعاره رفض أن يموت .
مواسم الهجرة إلى الحي المحمدي ،عنوان لسيرة حياة عائلة اختارت أن تنقش فوق كل الأبواب المشرعة للحي اسمها بأحرف من الإحتراق الإبداعي، من السمو بالإنسان المغربي البسيط ،و مصالحته بتراثه المتعدد و الخصب ،عائلة وجدت نفسها و بدون سابق إنذار ،ناطقة باسم كل المقصيين و المهمشين و الحالمين بفجر كرامة و إشراقة عيش كريم ، " شجرة البطمة " الوارفة الظلال ،كانت و ستظل لسان من لا لسان له ، كان العربي رفقة من أسسوا للظاهرة الغيوانية يدرك أن بالقصيدة و عبرها الكلمة الهادفة و الضاربة جذورها في عمق الذاكرة الجماعية للإنسان البسيط ، يمكن تحويلها إلى منفى روحي تتغذى منه و تنتعش كل تلك الأرواح المنكسرة، فتنبعث من رفاتها لتصبح أرواحا متمردة على الفكر الطبقي و سياسات التصنيف حسب الجنس ،العرق و المال . فما أعظم الرجال عندما يقبلون على الموت من أجل ولادة أخرى أكثر عدلا و إنصافا، و ما أعظم القصيدة التي تؤرخ لميلاد فكر يجعل من الفقر سبيلا للإرتقاء و التغيير . شجرة البطمة تعرف معنى أن تبتسم أغصانها لإشراقة فجر جديد ،تدرك أن الريح تهوى مراقصة تلك الأوراق التي ترفض السقوط ، تمشي إلى القلوب التي تستظل بظلها، و بالكلمة و لا شيء غير الكلمة ، عرفت كيف تنفذ من ثقب الألم لتجعله أملا في البقاء الخالد لا ألم الرحيل .
مبدعا كان ،
مشى ينكش في أتربة الشاوية عن لون الحرية ممزوجا بطعم خبز أمه " أمي حادة " المعجون بعرق المسافات و بالحنين للحظات بعينها ، حيث الرغيف يلبس مذاق الحياة في صفائها و بساطتها ،حيث السماء مازالت لم تتخلى بعد عن لوحاتها ، كان الحي المحمدي قبلة لكل البسطاء الذين أتوه يحملون موسوعة الفن و التراث المغربيين بكل ألوانها المتعددة الأوجه و الأشكال ،إذ أصبح بحد إكراهات الهجرة و التهجير الإرادي تارة و القسري تارة أخرى ،عاصمة فوق العادة للثقافة و الفنون ، و للمقاومة كذلك بوجهيها ،مقاومة الفقر و التهميش و مقاومة الاحتلال الفرنسي ،كانت الحياة بالحي المحمدي عبارة عن مسرح كبير، كل الطرق تؤدي إلى الفرجة بداخله ، حيث مضى الفتى بين أزقته المبلطة بالأمل الدفين ،يرسم خارطة لحلم جيل أتعبته المسافات ،جيل حمل على كاهله وزر الكلمات ، جيل ، باسم مبدأ الحضور ، نقش بنقر العظم سيرته ،باللحن و الكلمة شيد لنفسه مدينته الفاضلة، و مضى محمد باطمة يرسم بالكلمة هذا التصادم الخفي و العلني ما بين قطبين ،قطب عالم البادية البسيط في طرائق عيشه و الزاخر بنبض حياة تستمد استمراريتها من الأرض المعطاء ، و قطب عالم المدينة الإسمنتي الموحش و الغارق في أوحال الاغتراب .
مبدعا كان ،
بقلب إنسان غارق في قضايا الإنسان، تسكنه التفاصيل الدقيقة للمواقف و المشاهد الإنسانية، يستقرئ بالكلمة كما اللحن عمق المشاهد التي يصادفها كل يوم ،فيختلي بنفسه في أقصى ركن من الليل ،باحثا عن دهشة الصورة الشعرية و النغمة الراقية ،يلتقط المشهد تلوى الآخر، ينصهر في طقوس الكتابة بانفعال المصور عندما تداهمه المشاهد بكل حمولاتها الانفعالية ،أو بحكمة فيلسوف يمشي عاريا بين دروب اللغة و متاهات الفكر ،فتكسوه بتأملاتها الفكرية و الوجدانية ،محمد لم يكن يكتب القصيدة بل هي التي كانت تكتبه، كان يفرد لها جناح التحليق بداخله ،تستقرئ نبضات قلبه ،تنسل إلى أقصى ركن من روحه، تداعبها ،تستميلها إلى عوالم التوحد بالوجود الكائن و كائن الوجود .
مبدعا كان ،
يقصف الجرح بالصبر و باللجوء اللاإرادي لمنفى القصيدة ، يحمل صخرته/ صرخته الأزلية و يمشي بين دروب الحي المحمدي ، يتساءل : ما الشعر ؟ و ما دور الشعراء ؟ ينقش بخطوه سيرة الفاتحين لأرض انعتاق الإنسان من أغلال الإنسان، يشيد بالانزياح مدينة للفقراء ، و جنة للشعراء، و مرفأ لكل سفن الحرية ، يمسح دمع أطفال ضاقت صدورهم بالتمني و الرجاء، و يطرح السؤال بعفوة تارة و بذكاء خارق تارة أخرى : هل نحن فعلا شعراء ؟ و هو الذي رسم بالكلمة سماء غير السماء ،تمطر بعيدا عن دور الصفيح ، يعيد ترتيب إيقاعها و هي تغسل وجه " كاريان سانطرا " ،بالشعر و ألوانه الداكنة و الفاقعة البياض كذلك ، يعيد صباغة أرصفة " الحزام الكبير "، و يفجر ذاكرة " سينما السعادة " ليضع رفاتها بين أيدي من يهمهم الأمر ،علهم يستيقظون يوما و الأصوات القادمة من داخلها قد أجمعت على أن الحي المحمدي كان موطن الرسالات ، و محمد باطمة كان يدرك أن القصيدة رسالة ،و الكتابة للإنسان و حوله رسالة ، و الدفاع عن الجائع و المحروم رسالة ، و انتشال الكلمة من بركة الاضطهاد رسالة ، و ما بين رسالة و رسالة ،كانت سيرته أبلغ رسالة .
مبدعا كان ،
و لايزال يعصر من موته و من روحه رحيقا للأمل ضدا في اللاأمل ، يطرق باب القبر الذي اختضنه، فتأتي الأصوات اتباعا ، هنا يرقد الشاعر ،هنا النسر عندما يتلمس بريشه طريق الرجوع، هنا البحر عندما تخونه الأمواج التي كانت تحمله عريسا على الأكتاف لتضعه في حضن الارتطام ، هنا المرأة القصيدة التي كتبته بكل الوان العشق ،فانبعث من جديد يحمل ولادته بيد و باليد الأخرى يكتب سيرة للموت التي تعاهده على ألا تسلك طريق المداهمة ،بالقصيدة يغتال الموت، يطعنه بصوته فيُرديه حيا لا يرزق ، هل مات سي محمد ؟ تسأل " أمي حادة " ابنها البكر ، تطرق أبواب قبره المنفتحة على " الحال "،يرد بابتسامة مبتهج سره و أسعده اللقاء : نعم إنه هنا بمقبرة الشهداء يراكم العناق تلو العناق ، يغني للموت و معه ، يراقص أرواحا أخذت شكل الورود بألوان غير الألوان، و بمذاق هو أقرب لطعم الشعر ، نعم الذي كان يوما " أزجل مني " تخلص من الألم و أتى حيث المجال يتسع لكل انزياحاته ، سأعلمه كيف يتسلق الشجرة دون أن تعيقه بدانته، و سيعلمني كيف نكون معا أزجل من الموت .
توضيح لابد منه :
لا يمكن ،بأي حال من الأحوال، اعتبار ما كتبته مقدمة لديوان ،هو في الأصل، كان و سيظل ديوان كل المغاربة ، تغنوا به و حفظوا كلماته عن ظهر حب ،كان رفيقهم الأبدي في لحظات الفرح و الحزن ، ما كتبته ،لا يعدو أن يكون مجرد طلب تأشيرة للإقامة بمملكة تدعى مجازا ب " محمد باطمة " .